كيف تحسن مهاراتك البصرية - المكانية؟

عندما أفكر في المهارات البصرية - المكانية، أفكر في اختبار القدرات الذي أجريته في المدرسة الثانوية؛ حيث كان عليَّ تحليل أشكال مختلفة ومعرفة ما ستبدو عليه إذا تمَّ قلبها بهذه الطريقة أو تلك، لم أفكر في الأمر ملياً في ذلك الوقت، لكن تزداد أهمية المهارات البصرية - المكانية في عالم اليوم بصورة مضطردة.



ملاحظة: "هذا المقال مأخوذ عن الكاتب كلاي درينكو (Clay Drinko) والذي يحدِّثنا فيه عن تجربته في "تحسين المهارات البصرية والمكانية".

نظرية الذكاءات المتعددة لمبتكرها هاورد غاردنر (Howard Gardner):

الذكاء البصري - المكاني هو أحد أنواع الذكاءات المتعددة التي تحدث عنها هاورد غاردنر "Howard Gardner"، حيث توسَّعت نظرية غاردنر بشرح مفهوم الذكاء المتعارف عليه؛ فبدلاً من الاقتصار على الذكاء الأكاديمي أو الذكاء الدراسي، وسَّعت للآخرين المجال للإبداع في مجالات متعددة.

حيث تشمل نظرية غاردنر للذكاء المتعدد: الذكاء الموسيقي، والذكاء اللغوي - اللفظي، والذكاء المنطقي - الرياضي، والذكاء الجسدي - الحركي، وذكاء التعامل مع الآخرين، والذكاء الطبيعي، وذكاء التعامل مع الذات، والذكاء الوجودي، والذكاء البصري - المكاني.

إقرأ أيضاً: ما هي أنواع الذكاء؟ وكيف تعرف نوع ذكائك؟

الذكاء البصري - المكاني:

وهو القدرة على تصوُّر مواضع الأشياء وشكلها وحركتها وعلاقتها مع الأشياء المحيطة بها.

بالنسبة لي، لإدراك الذكاء البصري - المكاني، أفكر بأمرين:

  • اختبار القدرات الذي أجريته في المدرسة الثانوية؛ فقد توجب عليَّ تقليب الأمور بذهني رأساً على عقب وتحريكها لتحليلها ذهنياً حتى أتمكن من الإجابة عن الأسئلة إجابة صحيحة.
  • أثاث إيكيا "Ikea furniture"، وهي مخزن لبيع الأثاث القابل للتجميع من قبل المُستهلك. يتمثل العمل الأساسي للشركة في تصميم الأثاث وتصنيعه وبيعه، فلا شيء جعلني أفكر بالذكاء البصري - المكاني (أو الافتقار إليه) مثل تجميع بعض قطع أثاث إيكيا.

ففي إحدى المرات، بدأت زوجتي بتركيب الخزانة وعندما نزلتُ للطابق السفلي لاحظت أنَّه ينبغي قلب أحد الأرفف وتدويره ليتناسب مع الإطار بشكل صحيح، ذلك هو الذكاء البصري؛ أي القدرة على تخيل كيف ستبدو الأشياء ذهنياً عند تحريكها وكيف سيغير ذلك علاقتها بالأشياء الأُخرى.

كيف تحسِّن ذكاءك البصري - المكاني؟

قد يمنحك التفكير بالذكاء البصري - المكاني انطباعاً بأنَّه ذكاء فطري؛ بمعنى أنَّك إما وُلِدت به أو لا، ولكن ذلك غير صحيح إطلاقاً. 

أنا أحد أكبر المعجبين بنظرية كارول دويك (Carol Dweck) حول العقليات، وأعتقد أنَّها أفضل طريقة للتفكير بالمهارات البصرية - المكانية كذلك؛ حيث تتمحور عقلية النمو حول إدراك أنَّ مهاراتك وقدراتك مرنة؛ أي أنَّ بإمكانك تطويرها وتحسينها بمرور الوقت.

في حين، تتعلق العقلية الثابتة بالاعتقاد أنَّ المهارات والقدرات، مثل الذكاء البصري - المكاني ثابتة تماماً؛ أي أنَّك تمتلكها بالفطرة ولا تستطيع اكتسابها أبداً؛ لذا عندما يتعلق الأمر بالمهارات البصرية - المكانية، من الهام أن تمتلك عقلية النَّمو.

حيث توجد تمارين ونشاطات يمكنك القيام بها يومياً لتحسين قدرتك على تصور الأشياء وعلاقتها بما يحيط بها وموقعها في الفراغ، وسنقدم إليك فيما يلي بعض النصائح:

1. حرِّك جسدك:

إحدى الطرائق لتحسين مهاراتك البصرية - المكانية أن تكون أنت أحد تلك الأشياء المتحركة؛ أي أن تحرِّك جسمك ببساطة.

حيث يتضمن الذكاء البصري - المكاني القدرة على تَصُّورعلاقة جسمك بالأشياء الأخرى ضمن الحيِّز الفراغي؛ لذا فإنَّ الحركة التي تتطلب هذا النوع من الذكاء الجسدي يمكن أن تُعزِز مهارتك البصرية - المكانية. 

يمكنك التفكير في ممارسة الرقص وفنون الدفاع عن النفس؛ فعندما تُفكر في كل خطوة ستقوم بها في أثناء الرقص مثلاً، من المحتمل أنَّك تعزز مهاراتك البصرية - المكانية وتمرن جسمك في الوقت نفسه.

يمكنك أيضاً، عند قيامك بنزهة في الخارج، الانتباه إلى أشكال الأشياء وأحجامها وعلاقتها بالأشياء الأخرى، ادرس المشهد وافحص مواضع هذه الأشياء مع كل ما حولها، على سبيل المثال: ماذا يوجد في المقدمة؟ ماذا يوجد في الخلفية؟ كم تبعد الشجرة عن الجدول؟

شاهد بالفديو: 10 نصائح لتطوير الذات وتنميتها

2. لوِّن لوحة صغيرة جميلة:

يمكن أن تساعدك الفنون الجميلة على تحسين قدراتك البصرية - المكانية؛ أتذكر بوضوح عندما كنت صغيراً، أنَّني شاهدت رساماً يدعى بوب روس "Bob Ross" يرسم أشجاره الصغيرة الجميلة، كنت أشاهده لساعات؛ وذلك لأنَّني كنت مفتوناً بالطَّريقة التي يمكنه بها توضيح مثل هذا العمق والأبعاد في لوحاته.

عندما كنت أرسم، كان كلَّ شيء يبدو على مستوىً واحد، بينما كانت لوحات روس تحتوي عناصر ذات علاقة مع عناصر أخرى؛ حيث توجد الجبال في الخلفية والأشجار أمام الجبال وكانت الطيور تُحلِّق هنا وهناك متنقلة بين الجبال والأشجار، من الأمام والخلف، فما من طريقة أفضل لتعزيز قدراتك البشرية سوى أن تستخدم فرشاة الرسم ببراعة وتبدأ برسم أشجارك الصغيرة السعيدة.

3. تخلص من نظام تعقب المواقع (GPS):

بينما أنت في مرحلة تطوير قدراتك البصرية - المكانية، فربما من الأفضل أن تتخلَّص من نظام تعقب المواقع (GPS) في أثناء قيادتك السيارة أو قيامك بنزهة على القدمين في مكان ما.

حيث لا يخدمنا نظام تعقب المواقع (GPS) فيما يتعلق بالمهارات البصرية - المكانية، فعندما نستخدمه، لا نحتاج أن نولي انتباهنا لمكان تواجدنا وكيفية الوصول إلى وجهتنا المحددة، لذلك أطفئ هاتفك الخليوي وارسم خارطتك بنفسك.

وقبل قيامك بمغامرة تالية، ارسم خارطتك وتصوَّر خريطة المكان ذهنياً لتنتقل من النقطة (أ) إلى النقطة (ب)، حيث تُعَد دراسة الخرائط طريقة جيدة لتعزيز القدرات البصرية - المكانية.

4. العب ألعاب الفيديو:

يعد اللعب بألعاب الفيديو طريقة أخرى لتعمل على تحسين مهاراتك البصرية - المكانية، قد أبدو بأنِّي أحنُّ إلى الماضي، لكن تعد هذه الألعاب طريقة رائعة لتصوُّر شكل الأشياء وحجمها وعلاقتها بالأشياء الأخرى.

إنَّها أيضاً طريقة رائعة لتصور كيفية تأثير الأشياء على ما حولها عندما تتحرك بالفراغ.

5. جرب الألغاز ثلاثية الأبعاد:

يوجد أيضاً مجموعة من الألغاز ثلاثية الأبعاد التي بإمكانك تجربتها؛ إذ توجد خيارات لا حصر لها حقاً، وحتى الألغاز العادية تُعد طريقة جيدة لتدريب مهاراتك البصرية - المكانية؛ حيث يتوجب عليك تخيُّل الشكل الذي ستبدو عليه القطع عند قلبها أو تدويرها؛ لذلك ابحث عن لغز واسترخِ وعَزِّز مهاراتك البصرية - المكانية.

6. مارس بعض الألعاب الذهنية:

يمكنك أيضاً العثور على ألعاب ذهنية تحفيزية تُذكرنا باختبار الكفاءة في المدرسة الثانوية الذي أجريتَه، فهذه مجرد أسئلة بصرية حول الأشكال المعروضة لتشكيل نموذج ما، وكيف سيبدو هذا النموذج في حال قُلِب أو تمَّ تدويره، حيث تُشكل هذه الألعاب مُتعة حقيقة للأطفال والكبار على حد سواء.

إقرأ أيضاً: ألعاب العقل: 12 تمريناً ذهنياً سريعاً ومسلياً

7. ابنِ الأشياء:

لنفترض أنَّك قد مارست بعض الألعاب الذهنية وحللت الألغاز ولكنَّك ما زلت تتطلع إلى المزيد لتعزيز مهاراتك البصرية - المكانية.

عندما كنت طفلاً شاركت في تحدٍّ ممتعٍ حيث كان علينا بناء هيكل من الخشب، كان يجب أن يكون الهيكل قوياً للغاية ويتحمل الأوزان والاصطدامات؛ لذا كانت عملية تصميم وبناء هذا الهيكل الخفيف الوزن والقوي تتطلب مهارات بصرية - مكانية مُكثفة بالإضافة إلى مهارات حلِّ المشكلات.

الآن، ليس عليك بناء هيكل من الخشب لتعزيز مهاراتك البصرية - المكانية؛ حيث يمكنك أن تصنع مثلاً أداة غريبة لحماية بيضة نيئة من التحطم في أثناء السقوط، أو يمكنك بناء حظيرة للدجاج، أو يمكنك حتى صنع أثاث يُشبه أثاث إيكيا، الأمر عائد لك، لكن إذا أردت تحسين مهاراتك حقاً، فما عليك سوى بناء شيء ما.

8. اقرأ:

يمكنك أيضاً تعزيز قدراتك البصرية - المكانية من خلال القراءة؛ حيث يساعد أي كتاب يتضمن عناصر (بما في ذلك الأشخاص) على تحسين مهاراتك.

إنَّها طريقة أفضل من مشاهدة فيلم؛ ذلك لأنَّه عليك أن تتصورالحدث في عقلك، وهذا ما تدور حوله المهارات البصرية - المكانية؛ تصوَّر الأشياء فقط وستتحسن مهاراتك بكل تأكيد.

إقرأ أيضاً: أهم فوائد القراءة

9. اعزف على آلة موسيقية:

أظهرت الدراسات أيضاً أنَّ العزف على آلات موسيقية يشحذ المهارات البصرية - المكانية. ومجدداً، هذا له علاقة بالتصور والتخيل؛ حيث يتوجب عليك تخيل كيفية تحريك أصابعك أو يديك للعزف على آلة موسيقية.

لذلك في المرة القادمة التي تنغمس فيها بالعزف على البيانو، يمكنك تشجيع نفسك بالقول إنَّه على الرغم من أنَّك لست أفضل عازف بيانو، لكنَّك على الاقل تشحذ مهاراتك البصرية - المكانية.

إقرأ أيضاً: الذكاء البصري المكاني: أهميته، وسمات أصحابه، وأهم طرق تنميته

لماذا تعد المهارات البصرية - المكانية هامة؟

تتطلب الكثير من الوظائف مهارات بصرية - مكانية؛ فقد كانت هذه المهارات في السابق حكراً على المهندسين المعماريين والمصممين، ولكن الآن هناك قدر متزايد من وظائف البرمجة والحوسبة والتكنولوجيا التي تتطلب أيضاً أن يكون الناس قادرين على التلاعب عقلياً بالأشياء في الفراغ، فأنت بحاجة إلى مهارات بصرية - مكانية لتكون قادراً على التفكير تفكيراً تجريدياً وفهم كيفية توافق التفاصيل معاً لإنشاء الصورة الكبيرة.

لذا سواء كنت تقوم بالرسم أم اللعب أم البناء أم التنقل، فإنَّ النتائج هي نفسها؛ عزز مهاراتك البصرية - المكانية لفهم العالم بشكل أفضل وتعزيز مكانك فيه ولتتمكن أخيراً من تجميع خزانة في منزلك وحدك.

المصدر




مقالات مرتبطة