كيف تحدد الأهداف بفاعلية وتستمر في التطور؟

تعدُّ القدرة على تحديد الأهداف من أكثر أدوات الإنتاجية المُتاحة لك أهميةً، إذ يصعب السير في أيِّ اتجاهٍ دون أهداف، ناهيك عن أنَّ نقصها يُفقِدك السيطرة على حياتك.



لعلَّكَ قد تعرف كلَّ ذلك بالفعل، ولكن ما لا تعرفه هو أنَّه ليس كلُّ الأهداف بالأهمية نفسها؛ وفي حين قد يكون تحديدها أمراً سهلاً للغاية، لكن لا يزال الكثير من الناس يعانون من أجل تحديد أهدافهم بفاعلية.

يتسرَّع الناس في التفكير في الأفكار الكبيرة، أو استخدام طرائق يستخدمها الآخرون في تحديد الأهداف؛ ولكن بعد بضع أسابيع أو أشهر، لا يدنو هؤلاء من تحقيق أهدافهم، وقد يستسلم بعضهم حتَّى.

لا يجب أن تقع في هذا المأزق أبداً؛ لذا وللمساعدة في هذا، سنقدِّم بعض الخطوات البسيطة حول كيفية تحديد الأهداف بفاعليةٍ وتحقيقها.

لماذا يعاني الناس بسبب الأهداف؟

تحتاج لفهم سبب إعطاء هذه الطرائق، إلى فهم سبب كونك عالقاً في مشكلةٍ مع الأهداف في المقام الأول.

وفي حين تطول قائمة الأسباب التي تجعل الناس يعانون بسبب الأهداف، يكون لهذه المعاناة -في معظم الحالات- علاقةٌ كبيرةٌ بما يحدث في داخلهم. إليكَ بعض الأمثلة المحدَّدة على ذلك:

  • لديك شكٌّ في الهدف، أو في قدراتك التي يتطلَّبها هذا الهدف.
  • أهدافك واهنة للغاية؛ لأنَّها ليست هامَّةً بما فيه الكفاية.
  • وجود احتمالٍ ضئيلٍ لحدوث انتكاساتٍ كبيرةٍ إذا استسلمت أو توقَّفت.
  • ترى أهدافك كنتيجةٍ نهائية، لا كبدايةٍ لشيءٍ جديد، ولا تستمتع بالعملية، وتفقد الحافز مع مرور الوقت.

ما يهم هو أنَّه يمكن معالجة هذه المشاكل إذا كنت تعرف كيفية تحديد الأهداف بفاعليةٍ عالية.

كيف نُحدِّد الأهداف بفاعلية؟

إذا كنت قد تعبت من تحديد الأهداف وعدم تحقيقها، أو من خسارة الزخم؛ فإليك بعض الخطوات حول كيفية تحديد وإنجاز الأهداف بفاعلية:

1. تدوين قيمك الأساسية وتطويرها:

وهي ما تُعرَف أيضاً باسم "القيم الشخصية"، والتي يعدُّ فهمها هامَّاً لتحديد الأهداف، إذ يبني ما هو أكثر قيمةً بالنسبة إليك عاداتك وأساليبك والأهداف التي حدَّدتها.

في حال عدم مواءمتك وقيمك الأساسية، فمن المحتمل ألَّا تملك الحماسة لتحقيقها بأيِّ طريقةٍ كانت، حتَّى لو كانت جيدةً في جوهرها بالنسبة إليك، مثل فقدان الوزن، أو أن تكون شريكاً أفضل؛ فإذا لم يكن لديك قيمٌ أساسيةٌ في تلك المجالات، فقد لا تكون الرغبة في التحسُّن كبيرةً حينئذٍ.

لا بأس في ذلك؛ لأنَّ هذا يعني أنَّك أكثر تركيزاً على أشياء أخرى أكثر أهميةً بالنسبة إليك، ولن تعرف ما هذه الأشياء حتَّى تدرك قيمك الأساسية.

هناك العديد من الأمثلة عن القيم الأساسية، إليكَ بعضها:

  • السلطة.
  • الكفاءة.
  • التصميم.
  • القيادة.
  • الحب.
  • وغيرها الكثير.

ويمكنك القيام بذلك بطريقتين:

  • كتابة أهدافك، والعثور على القيم الأساسية بعدها.
  • العثور على القيم الأساسية التي تتناسب معك، وتحديد الأهداف التي تتمحور حولها.
إقرأ أيضاً: كيف تُنشِئ قائمة بالأمور التي تمتلك شغفاً نحوها لتطوير حياتك

2. إلغاء الأهداف الضعيفة (أهدافٌ لا بأس بها):

المقصود بهذا هو: الأهداف التي تجعلك تشعر بالرضا، ولكنَّها لا تدفعك إلى العمل على تحقيقها.

أحد الأمثلة على ذلك هو: كيف يتصرف معظم الناس مع أحلامهم وآمالهم. يتسرَّع الناس في تجميع الأحلام الكبيرة وملئها بكلِّ أنواع الأهداف، ورغم أنَّها قد تخلق شعوراً جيداً؛ إلَّا أنَّ الكثير منها مليءٌ بالأشياء التي يمكن أن تكون لطيفة، ولكنَّها ليست بالاحتياجات الفعلية؛ والمقصود هنا هو اعتبار أنَّ المنازل الضخمة و"السيارات باهظة الثمن" نوعٌ من الأهداف.

هذه أهدافٌ جيدة؛ لأنَّها تحثُّك على كسب مزيدٍ من المال، وعلى العمل الجاد والذكي؛ لكنَّها ومع ذلك، تشتِّتُ انتباهك عن الأهداف التي تلعب دوراً أكبر في حياتك، فكلَّما كثرت أهدافك، ازدادت فرص الإلهاء.

تحديد الأهداف هام، إلَّا أنَّ الأهمَّ منه أن يكون تركيزك على الأهداف التي وضعتها، وتركيزك الأكبر على الأهداف التي تعمل عليها، وإحدى طرائق مساعدتك في التركيز على الأهداف: إنشاء قائمةٍ أخرى بعد تدوين قائمتك. يجب أن تحتوي إحدى القوائم على أهمِّ خمسة أهدافٍ لك في هذه اللحظة، وأن تحتوي القائمة الثانية على أيِّ أهداف أخرى قد تكون لديك أو تتبادر إلى ذهنك.

إقرأ أيضاً: استراتيجية وارن بافيت: كيف تعزز تركيزك وتحدد أولويات أهدافك؟

3. الاستمتاع بعملية تحقيق الأهداف:

ذكرنا في وقتٍ سابقٍ أنَّ الأهداف ليست النهاية، بل هي البداية فقط، وهذه حقيقة؛ حيث تُعدُّ هذه الخطوة بالذات أساسيةً لاستكمال الأهداف وتوفير الحافز الذي تحتاجه للمُضِيِّ قُدُمَاً.

عندما تركِّز على المتعة في خضمّ العملية، ستؤمن بنفسك وقدراتك أكثر؛ بمعنى أنَّ أهدافك تصبح ممتعة، ممَّا ينتج عنه العديد من الفوائد.

في حين أنَّ هناك محفِّزاتٌ أخرى كبيرة لاستكمال الأهداف، إلَّا أنَّ الهدف يجب أن يكون ممتعاً، وشيئاً تريد تحقيقه؛ فإنَّه إذا كان ممتعاً، ستجد معالجته أسهل.

4. امتلاك خطَّة عمل:

يُعدُّ تحضير نفسك للاستمتاع بالعملية أمراً جيداً؛ لكن ومع ذلك، فإنَّه يدفعك إلى اتجاهاتٍ أخرى، غير كتابة الهدف فحسب.

يصنع تدوين الأهداف العجائب، ولكنَّ التخطيط لأهدافك أمرٌ هامٌّ للغاية أيضاً، إذ تسمح لك خطة العمل بتجزئة أهدافك إلى أجزاء أصغر؛ لأنَّ الناس أحياناً يشعرون بالإرهاق عند النظر إلى هدفٍ كبير، ويتحمَّسون أكثر إذا كانت المَهمَّة أصغر.

على سبيل المثال: ما الذي يبدو أسهل للعمل عليه: فقدان 10 كيلوغرامات من وزنك في ثلاثة أشهر، أم ممارسة الرياضة في صالة الألعاب الرياضية لمدة ثلاث ساعاتٍ في الأسبوع؟

سيختار الأغلبية الخيار الثاني؛ لأنَّه يبني عادة، ويمكنك وضعه في خطة عملك وجدولته في روتينك اليومي.

يمكنك وضع خطة عملٍ بالطريقة التي ترغبها، لكنَّها يجب أن تحدِّد الإجراءات التي يمكنك القيام بها كلَّ يوم؛ فإذا سجَّلت إجراءاتٍ يومية، فيجب الأخذ في الاعتبار أنَّ الأهداف عاداتٌ يجب العمل عليها بانتظام.

5. إيجاد بيئةٍ تجعل العمل أسهل:

بمجرَّد أن يكون كلُّ شيءٍ في مكانه، ستكون الخطوة التالية هي التأكُّد من أنَّ لديك بيئة مواتية للعمل على أهدافك؛ وقد تحتاج في بعض الحالات إلى بعض أدوات الإنتاجية، أو ربَّما تحتاج إلى العثور على موقعٍ آخر أفضل بالنسبة إليك.

حدِّد ما يجب القيام به، واتخذ الخطوات اللازمة لتحقيقه، إذ يجب أن تكون بيئتك مُوجَّهةً نحو العمل الذي تريد القيام به. قد يعني هذا وجود الأدوات المناسبة هناك، وتخفيف عوامل الإلهاء قدر الإمكان.

6. طلبُ المساعدة:

أنت تقرأ هذا المقال لأنَّك تعاني بطريقةٍ ما من أجل الوصول إلى بعض أهدافك وتحتاج إلى المساعدة، ولا بأس في هذا. قد تُثار لديك الشكوك، وتبتعد أكثر عن تحقيق هدفك عندما تكون عالقاً فيه، أو قد تشعر بانعدام الثقة بشأن شيءٍ ما؛ لذا عليك بذل جهدٍ في البحث عن المساعدة بدلاً من الرضوخ إليه.

لا تستسلم، وانتقل بدلاً من ذلك إلى مقالاتٍ أخرى مثل هذه في موقعنا "النجاح نت"، وتواصل مع الناس، واطرح الأسئلة عليهم أو اطلب توجيهات منهم.

يرفض الكثير من الناس القيام بشيءٍ مثل هذا؛ لأنَّه قد يكون مسألة كرامةٍ في نظرهم؛ ومع ذلك، فإنَّ كلَّ شخصٍ حقَّق إنجازاً ما قد تمكَّن من فعل ذلك بفضل دعم شخصٍ آخر في حياته.

إذا كنت تريد تحقيق أيّ هدف، فاطلب المساعدة؛ إذ يعني معرفة كيفية تحديد الأهداف بفعاليةٍ معرفة متى عليك طلب المساعدة من الآخرين أيضاً.

إقرأ أيضاً: كيف تتواصل مع الناجحين دون أن تتطفل عليهم؟

7. قيِّم التقدُّم كثيراً:

تعمل خطة العمل وأهدافك بفعاليةٍ كلَّما تحقَّقت من الأمر بنفسك، فإذا كنت لا تنظر إلى تقدُّمك، فقد تشعر وكأنَّك ستحتاج وقتاً طويلاً قبل تحقيق هدفك.

يدفعنا التحفيز والإلهام إلى تحقيق الأهداف والنظر في تقدُّمنا، ويمكِّننا من رؤية إلى أيِّ مدى وصلنا؛ كما يمكِّننا -إذا لم يكن التقدُّم حسب رغبتنا- من تغيير خطة عملنا.

يمكن القول أنَّ الأهداف اختبارٌ ضخمٌ، فلا تخف من التعديل ومعرفة متى يجب إجراء التغييرات اللازمة.

أفكارٌ أخيرة:

تتلخَّص عملية تعلُّم كيفية تحديد الأهداف بفاعليةٍ في تحقيق التوازن بين الأهداف العظيمة، وإيجاد الحافز لإكمالها؛ لذا فأنت تريد إزالة عوامل الإلهاء من حولك، ومن نظام تحديد أهدافك.

يعاني كثير من الناس لتحقيق أهدافهم؛ لكن تتيح لك استراتيجية إدارة المحفِّزات الداخلية والتأثير في عالمك من حولك، تحديد وتحقيق أهدافٍ أفضل.

 

المصدر




مقالات مرتبطة