كيف تحدد أهداف الموظفين لتساعدهم على النمو؟

يستعد الموظفون لمواجهة تحديات جديدة مع بداية عودة الشركات حول العالم إلى العمل داخل المكاتب، ويُعَدُّ تحفيز الموظفين خلال هذا الانتقال أمراً بالغ الأهمية للنمو المستمر للمؤسسة؛ لذا كيف نضمن أنَّ تحفيز الموظفين يسير سيراً فعالاً؟ يبدأ هذا بتحديد أهداف الموظفين، ولكن قبل أن نتعمق في استراتيجيات تحديد هذه الأهداف تحديداً فعالاً، دعنا نلقي نظرةً فاحصة على السبب الذي يجعل تحديد أهداف الموظفين بانتظام أمراً ضرورياً لا غنى عنه.



أهمية تحديد أهداف الموظفين:

من المؤكد أنَّ تدوين الأهداف يزيد من احتمالية تحقيقها؛ حيث يساعد هذا الفعل البسيط المتمثل بتدوين هدف ما على الورق على حفظ هذا الهدف في ذهنك؛ لذلك من المرجح أن يزيد نشاطك تجاه تحقيقه.

تمنح الأهداف الواضحة للموظفين في مكان العمل وسيلةً لقياس تقدُّمهم بموضوعية، وبناءً على ذلك، إذا لم تسِر المهمة أو المشروع بالسرعة الكافية، فيمكن للموظف أن يتراجع لتحديد كيفية العودة إلى المسار الصحيح وإذا لزم الأمر، يمكن للإدارة أن تتدخل.

ولكن قد تتساءل: لماذا يُعَدُّ تحفيز الموظفين أمراً بالغ الأهمية الآن؟

لقد كان عام 2020 عاماً مضطرباً على أقل تقدير؛ حيث يعاني العديد من الأشخاص في الآونة الأخيرة مما يسميه الكاتب "آدم غرانت" (Adam Grant) بـ "الفتور"؛ أي الشعور بالركود والفراغ، فتشعر أنَّك عالق بمكانك لا تتراجع ولا تزدهر أيضاً.

وكما أوضح "غرانت" في مجلة "تايمز" (Times): "يؤدي الفتور إلى إضعاف الحافز وقدرتك على التركيز ويضاعف احتمالات انخفاض وتيرة العمل ثلاث مرات".

تلوح في الأفق مخاطر انخفاض الحافز في مكان العمل أكثر من أي وقت مضى، ويمكن أن يعني هذا بالنسبة إلى شركتك ارتفاع معدل دوران العمالة وانخفاض مشاركة الموظفين وهبوط في الإنتاجية، مع وضع هذه الأمور في الحسبان، وإليك بعض الاستراتيجيات المدعومة من قِبل الخبيرين لتحديد أهداف الموظفين وتعزيز الدوافع:

1. ربط الموظفين بالمهمة الأكبر:

تُعَدُّ فكرة أنَّ تركيزنا يزداد على مهامنا بحيث ننسى أن نتوقف ونلقي نظرةً شاملة على العمل ككل مألوفةً خاصةً في المنظمات سريعة النمو، وفي الواقع، نادراً ما تتدخل الإدارة لتُذكِّرنا بكيفية مساهمة عملنا في المهمة الأكبر في أثناء العمل.

يفقد الموظفون المنعزلون والمنهمكون في مهامهم الشخصية الإحساس بالهدف، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض حوافزهم للعمل، ولكن من ناحية أخرى، عندما يدرك الموظفون كيف أنَّ عملهم اليومي يساهم في المهمة الأكبر للمؤسسة، فإنَّ دوافعهم للمساعدة على تحقيق هذه المهمة تتجدد باستمرار، وهذا بدوره يساعد المؤسسة بأكملها على النمو وتحقيق معايير جديدة؛ لذلك كيف يمكن للمسؤولين ربط النقاط الهامة ببعضها؟

ناقِش أهداف المؤسسة باستمرار، ووضِّح كيف تساهم أهداف الموظفين في تحديد أهداف المؤسسة، وكما تقول الكاتبة "آمي جالو" (Amy Gallo) لمجلة "هارفارد بزنس ريفيو" (Harvard Business Review): " لا يهم ما هو المنصب الذي يشغله الموظف؛ إذ عليه أن يكون قادراً على توضيح أنَّ جهوده تساهم في استراتيجية الشركة الأكبر".

ينبغي أن تحرص على الاستمرار في فعل ذلك؛ وذلك لأنَّه مع نمو شركتك وتغيُّر احتياجات عملك، ستتطور أهداف شركتك حتماً بالتوازي مع ذلك.

شاهد بالفديو: 6 أمور تبيّن أهمية التحفيز في عالم الأعمال

2. تحديد أهداف الموظفين قبل منحهم الاستقلالية:

يتحدث القادة غالباً عن اتباع نهج عدم التدخل في عملهم؛ أي منح الموظفين الاستقلالية لاكتشاف كيفية تحقيق أهدافهم، وعلى الرغم من صحة ذلك - فقد أظهرَت الأبحاث أنَّ الاستقلالية تزيد من المشاركة - إلا أنَّ هناك طريقة لجعل هذه الاستراتيجية أكثر فاعليةً، وهي تحديد أهداف الموظفين بوضوح، ثمَّ منحهم الاستقلالية.

يوضِّح المؤلفون في مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (HBR): "يعني هذا أنَّنا بحاجة أن نكون صريحين للغاية مع الموظفين بشأن كيفية قياس النجاح والمقاييس التي تسيِّر العمل".

يوصي مؤلفو مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (HBR) للنجاح في هذا الأمر بتشجيع الاستكشاف والتجريب والمخاطرة والتواصل؛ لذلك أنشِئ مكاناً للعمل حيث يتفاعل فيه الموظفون ويتبادلون الأفكار بانتظام.

فعلى سبيل المثال: لتشجيع الاستكشاف، قد يشيِّد القائد بالفشل ويبرز الأمور التي يمكن أن يتعلم منها الموظفون، فهذا لا يعني أنَّ العمل السيئ مقبول، ولكن في بعض الأحيان يمنحنا الفشل الصادر عن حسن النية دروساً ثمينة.

قال "مارك زوكربيرج" (Mark ZUckerberg)، مؤسِّس منصة "فيس بوك" (Facebook): "حسناً، هل سيؤدي هذا الأمر إلى دمار الشركة؟ ذلك لأنَّه إذا لم يكن الأمر كذلك، فدعهم يختبرونه".

تستطيع لتشجيع التواصل، أن تعيد تصميم المكتب لجعله أكثر ملاءمةً للتفاعلات غير الرسمية مثل تصميم مكتب مفتوح، فمن المرجح أن يجد الموظفون من خلال الاستكشاف والتواصل حلولاً إبداعية لتحقيق أهدافهم.

3. فرض المساءلة:

عندما يقصر الموظفون في تحقيق أهدافهم، من الهام توضيح وتحديد الأمر الذي أخفقوا فيه، تقول "ليندا هيل" (Linda Hill)، الأستاذة في إدارة الأعمال في "والاس بريت دونهام" في كلية "هارفارد للأعمال": احرص على مساءلة الموظفين، فلا يمكنك أن تقول عن عمل إنَّه سيئ، قبل ترك الموظفين يكتشفون أخطاءهم وأسبابها"، فمن الهام أن يدرك الموظفون أنَّ هناك مخاطر تؤثر في تحديد الأهداف.

إقرأ أيضاً: 4 أدوار تلعبها المساءلة في شركتك

4. النظر في إعادة صياغة الأهداف:

قد يبدو الأمر مفاجئاً، لكنَّ التغييرات الطفيفة في الطريقة التي نوضح بها هدفاً ما يمكن أن يكون لها تأثير كبير، ووفقاً لبحث حديث، يمكن أن تؤثر طريقة صياغة الهدف في احتمالية تحقيقه.

وعلى وجه التحديد، يمكن أن تؤدي صياغة الهدف صياغةً تبدو غير متوافقة معه إلى تحديد أهداف أكثر طموحاً.

لنفترض أنَّ الموظف يريد تقليل العوامل التي تشتت انتباهه في العمل، فسوف تكون صياغة الهدف على الشكل التالي: "لن أتصفح الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي" أكثر فاعليةً من قول: "سأعمل لمدة ست ساعات كاملة اليوم دون تشتيت"، واتضح أنَّ المشاعر السلبية مثل الشعور بالذنب والعار المرتبطة بالفشل في الالتزام بالعمل المُصاغ بصورة متوافقة مع الهدف هي أكثر فاعليةً من صياغتها بطريقة متوافقة معه، وسيدفع هذا بالنهاية الموظف إلى تحديد أهداف أسمى.

علاوة على ذلك: نعلم أنَّ الموظفين مسؤولون عن إنشاء أهدافهم الخاصة، ولكن يمكن للمديرين أن يبادروا في مساعدتهم في مرحلة وضع الهدف.

5. تحديد الأهداف الهامة التي حُقِّقَت:

في حين أنَّه سيكون من المستحيل على القادة تقديم الثناء على كل هدف يتم تحقيقه، فإنَّ الإنجازات التي تؤثر إيجاباً في شركتك كالدخول في سوق عمل جديد، وتحقيق هدف مبيعات جديد، وما إلى ذلك، تستحق التقدير، ووفقاً لـ "نيراج رانجان رووت" (Niraj Ranjan Rout) مؤسس شركة "هيفر" (Hiver)، يجب على القادة نشر التغذيات الراجعة التي يقدِّمها الموظفون والاعتراف بجهودهم، بدلاً من إغداق موظف "مميز" واحد بالثناء.

يعني هذا مكافأة الجميع من المتدربين إلى كبار القادة، كما أنَّ تقدير الموظفين لا يتطلب إعداد مأدبة رسمية أيضاً، فحتى تهنئة موظف عبر النشرة الإعلامية الخاصة بالشركة أو الثناء على موظف أمام زملائه في أثناء إجراء اجتماع، يمكن أن يمنحه دفعةً تحفيزية هو بأمسِّ الحاجة إليها.

إقرأ أيضاً: تقدير الموظف: أفضل الطرق لإظهار التقدير للموظفين

في الختام:

لا يساعد تحديد الأهداف الموظفين فحسب؛ بل يساعد الشركة بأكملها أيضاً، كما يُعَدُّ تحفيز الموظفين قوةً دافعة نحو نجاح الشركة، وهذا بالضبط الهدفُ من تحديد الأهداف، ونأمل أن تساعد هذه الاستراتيجيات موظفيك على تحديد وتحقيق الأهداف التي تعزز الدعم للمؤسسة بأكملها.

المصدر




مقالات مرتبطة