كيف تحب نفسك وتشعر بالرضا؟

عملتُ على مدى السنوات الخمس الماضية مع آلاف الأشخاص بهدف تغيير عاداتهم، فقد أدركتُ أنَّ عدم الرضا عن النفس ظاهرة منتشرة على نطاق واسع جداً؛ إذ إنَّ معظمنا يشعر بعدم الرضا عما نحن عليه. وعلى الرغم من أنَّ سببه قد يكون أحياناً أشياء بسيطة، إلَّا أنَّ السبب غالباً يكون أشياء أساسية في شخصيتنا.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "ليو باباوتا" (Leo Babauta)، والذي يُحدِّثُنا فيه عن تأثير الحب الذي نمنحه لأنفسنا في علاقاتنا ونجاحاتنا وشعورنا بالسعادة، ويُقدِّم طريقة للتخلص من شعور عدم الرضا عن أنفسنا.

كثيراً ما نشك بأنفسنا ونشعر بعدم كفاءتنا أو عدم الرضا عن مظهرنا وننتقد إخفاقاتنا بشدة ونشك فيما إذا كنا جديرين بالثناء أم الحب؛ والنتيجة هي القلق والتسويف وعدم القدرة على تغيير عاداتنا، ولقد رأيتُ الكثير من الأشخاص العاجزين عن الالتزام ببرنامج تمرينات أو نظام غذاء صحي؛ والسبب في ذلك أنَّهم لا يؤمنون بأنفسهم، أمَّا السبب الجوهري لفشلهم في إجراء تغييرات إيجابية في حياتهم، هو شعورهم العميق بعدم الجدارة أو الكفاءة.

في كل مرة نخفق فيها، نرى أنَّ إخفاقنا هو دليل يثبت أنَّنا فاشلون، وفي كل مرة تكون فيها الأمور غير مثالية؛ فإنَّنا نلوم أنفسنا أو نلقي اللوم على الآخرين، ولكن من المستحيل أن نكون سعداء إذا كنَّا لا نحب أنفسنا ولا نثق بقدراتنا ونرى أنفسنا غير جديرين بالحب.

بدلاً من لوم أنفسنا أو الآخرين يجب أن نتقبل ما حدث ونتَّخِذَ الإجراء المناسب؛ حيث يجب أن نَعُدَّ ما حدث هو فرصة لنرى أنفسنا بشراً طيبين بالفطرة؛ إذ إنَّ الاستياء من أنفسنا لا يُلحِق الضرر بعاداتنا الصحية؛ بل أيضاً بإنتاجيتنا وقدرتنا على التركيز في عمل مثمر.

فعندما نشك بقدرتنا على إنجاز مهمة صعبة، فإنَّنا نختار التهرب منها من خلال الراحة أو تضييع الوقت بدلاً من الإيمان بأنَّنا على مستوى التحدي.

تتضرر علاقاتنا أيضاً بسبب عدم الرضا عن أنفسنا، فعندما نفقد إيماننا بأنفسنا فإنَّنا نشعر بعدم الأمان في علاقاتنا ويمكن أن يؤدي ذلك إلى الغيرة والغضب والخوف من فقدان شخص ما ومعاملة الشخص الآخر بنوع من عدم الثقة.

إقرأ أيضاً: 3 طرق تعزز بها ثقتك بنفسك عندما لا يثق أحد بقدراتك

من المؤكد أنَّ هذه المشاعر لا تصنع علاقات جيدة، وعلاوةً على ذلك عندما تتزعزع العلاقة فإنَّنا غالباً ما نلوم الشخص الآخر أو نرى ما حدث على أنَّه دليل إضافي يثبت أنَّنا فاشلون.

تتعكر سعادتنا بسبب استيائنا من أنفسنا، فمن المستحيل أن نكون سعداء إذا كنا لا نحب أنفسنا ولا نرى أنَّنا نستحق الحب وأيضاً لا نثق بأنفسنا، وهكذا فإنَّ كل لحظة نعيشها يملؤها عدم الرضا وقلة الثقة وأيضاً الرغبة في تغيير أنفسنا.

ما ذكرناه حتى الآن هو بعض الجوانب التي يؤثر فيها عدم الرضا، ولكن في الواقع، فإنَّ هذا الشعور يؤثر في جميع جوانب حياتنا بدءاً بعملنا ومروراً بوضعنا المادي وليس انتهاءً بوضعنا كآباء وأمهات.

هذه الطريقة التي تجعلك تحب نفسك:

ما نريد أن نحققه هو على النقيض من المشاعر المؤذية المُتمثلة بشعورنا بالنقص؛ بمعنى أن نشعر بالرضا عن أنفسنا وأن نحب أنفسنا.

يمكننا أن نستبدل المشاعر السلبية بمشاعر الثقة بالنفس والإيمان بقيمتنا الحقيقية وإدراك أنَّنا بخير حتى لو لم تَسِر الأمور كما نتمنى، وفوق ذلك، يمكننا أن نؤمن بأنَّنا بشر مُحِبُّون ولطيفون وصالحون بالفطرة.

عندما نمتلك هذه المشاعر والأفكار الإيجابية فإنَّ كل شيء سيتغير؛ حيث سنتمتع بثقة أكبر على صعيد العلاقات وسنقلل من التسويف؛ وذلك لأنَّنا أصبحنا نعرف أنَّه بمقدورنا التعامل مع الأوضاع المجهولة، والتي تتطلب جهداً، وسنصبح أكثر صحة؛ لأنَّنا سنرى الطعام الصحي والتمرينات الرياضية أموراً جيدة نستحق أن نمنحها لأنفسنا.

سنغدو سعداء لأنَّنا نحب الآخرين ونريد أن نغير العالم نحو الأفضل من خلال عمل هادف، وحتى عندما لا نكون في أفضل حالاتنا، فإنَّنا سنكون قادرين على إيجاد الرضا وسط المشقة والعناء.

يبدأ الأمر بشيء بسيط؛ وهو الرغبة في أن تمنح نفسك الحب وأن ترى نفسك جديراً بالحب، وطبعاً الحديث عن ذلك أسهل بكثيرٍ من تطبيقه على أرض الواقع؛ وذلك لأنَّنا اعتدنا على مدى سنوات كثيرة أن نكره أنفسنا لدرجة أنَّنا أصبحنا نرى أنَّه من المستحيل أن نحب أنفسنا، لكن يجب أن تمتلك الإيمان بقدرتك على فعل ذلك.

إقرأ أيضاً: 15 حقيقة عن حب الذات يجب على الجميع أن يتذكرها

بمجرد أن تمتلك هذه النية المُتمثلة بمنح نفسك الحب، يمكنك أن تعقد جلسة يومية مع نفسك وتتذكر الأشياء التي تُشعِركَ بالامتنان لكونك تتمتع بها.

ثم يمكنك أن ترى الخير الكامن في كل ما تفعله، حتى لو كانت أفعالك غير مثالية، فأنت كباقي البشر ولكنَّك تبقى قادراً على رؤية الخير في كل فعل من أفعالك حتى أفعالك الضارة، وبعدها سترى الخير في أفعال الآخرين، وهذا هو التدريب الذي يتطلب منك الكثير من الممارسة، ولكنَّه سيجعلك تحب نفسك وسيكون هذا أهم مشروع قمتَ به على الإطلاق؛ لأنَّه سيغير عالمك نحو الأفضل.

المصدر




مقالات مرتبطة