كيف تحافظ على موظفيك الأكثر قيمة في أثناء "موجة الاستقالات الكبيرة"؟

في ربيع عام 2020، فقد ملايين الأشخاص وظائفهم؛ حيث أدَّت الجائحة إلى توقف مجالات عمل وإغلاق قطاعات بأكملها، ولكنَّ الأفراد الذين حافظوا على وظائفهم، يطمحون إلى الحصول على الأمان الوظيفي؛ لذا فقد اضطروا إلى تصُّنع الامتنان، على أمل ألا يكونوا من بين أولئك غير المحظوظين الذين أصبحوا عاطلين عن العمل، لكن حدثت تطورات جديدة في يونيو حزيران عام 2021؛ حيث تغيَّر كل شيء، لقد تغير الوضع المأساوي الذي حدث في العام الماضي بسرعة كبيرة؛ بحيث أصبح من الصعب فهم التصاعد المذهل في توفر الوظائف.



خلال الأسبوع الثالث من شهر يونيو حزيران، بدأ نوع جديد من العناوين بالظهور على المواقع الإخبارية، بوضعٍ قد توقعه الأستاذ في جامعة تكساس إيه آند إم (Texas A&M University) أنتوني كلوتس (Anthony Klotz)؛ وهو حصول "موجة الاستقالات الكبرى"؛ حيث استقال العمال الأمريكيون من وظائفهم بأعداد لم نشهدها في السنوات العشرين الماضية، وفقاً لاستطلاعٍ أجرته وزارة العمل الأمريكية (U.S. Department of Labor)، ارتفعت فرص العمل إلى 9.3 مليون وظيفة متاحة، محطِّمةً الأرقام القياسية السابقة.

لماذا يستقيل الكثير من الناس من وظائفهم؟

أَجمَعَ كل من يبحث في هذه الظاهرة على أنَّ الناس تعلموا أنَّ الحياة هشة وقصيرة، وظهرت هذه النتائج في كل أنحاء العالم؛ حيث يُعيدُ الأفراد النظر في حياتهم، لقد شكَّلت جائحة كوفيد-19 تحديداً قضيَّة وجوديَّة بالنسبة إلى الأمريكيين، بدأ الأشخاص الذين كانوا في السابق سعيدين بحصولهم على وظيفة مستقرة بالتساؤل عما يريدون فعله لبقية حياتهم، وقبل كل شيء، أصبح لدى الأمريكيين إحساس متجدد بأهمية التوازن بين الأسرة والعمل والحياة، وبالطبع يريد الموظفون المرونة في العمل، والتي تُنتج توازن أكثر صحة بين العمل والحياة.

بصفتك صاحب عمل، عليك التأكد من أنَّ موظفيك الثمينين لديهم توازن بين العمل والحياة لجعلهم يريدون البقاء في وظائفهم.

إقرأ أيضاً: كيف نُوجِد وظائف يحتاجها الناس في ظلِّ انتشار فيروس كورونا؟

أَعِد التفكير في ثقافة العمل الأمريكية:

تعطي الثقافة الأمريكية أهمية كبيرة لساعات العمل على حساب الإنتاجية، وترى أولئك الذين يرغبون في توازن أفضل بين العمل والحياة على أنَّهم ضعفاء، قد يتردد بعض الموظفين في الحديث عما يعنيه التوازن بين العمل والحياة بالنسبة إليهم؛ لذلك، يجب عليك إلقاء نظرة دقيقة على الوضع الحالي للتوازن بين العمل والحياة داخل شركتك وتحديد التغييرات التي يجب أن تجريها، إذا كنت قد أنشأت ثقافة يخشى فيها الموظفون قضاء بعض الوقت بعيداً عن العمل، فاستعد لعدد كبير من الاستقالات إذا لم تَقُم بإجراء تغييرات بوقت قريب.

عندما تفكر في طرائق لمساعدة موظفيك على تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة، يجب عليك التحدث معهم ومعرفة ما يحتاجون إليه، وللقيام بذلك، يمكنك أن تطلب منهم ملءَ استبيان حول المجالات المختلفة للعوامل المتعلقة بالتوازن في شركتك، يجب أن تتضمن الموضوعات جدول عمل مرن ودعم الموظفين الذين لديهم أطفال أو ظروف أخرى، وضع في الحسبان أنَّ كل موظفٍ يرى التوازن بين العمل والحياة رؤية مختلفة؛ لذا فالأمر كله يتعلق بإيجاد وضع مناسب بالنسبة إليك وإليهم.

ركز على إنتاجية الموظفين، وليس على عدد الساعات التي يقضونها في العمل:

يمكن أن تكون امتيازات الموظفين التي تعطي قيمة للموظفين عاملاً هامَّاً في تحديد ما إذا كانوا سيبقون في شركتك أم لا؛ حيث يمكن عد المكافأة ذات التكلفة المنخفضة بالنسبة إليك ذات قيمة لموظفيك، على سبيل المثال، فإنَّ إحضار معالج بالتدليك إلى المكتب مرات عدة شهرياً لن يكلف الكثير، لكنَّ موظفيك سيقدرون ذلك.

كقائد، هدفك الرَّئيس هو أن يُكمل الموظفون عملهم، ربما عليك ألا تشغل نفسك بتفاصيل إنجاز المهمة طالما تم الوفاء بالمواعيد النهائية، التركيز على الإنتاجية وإنجاز المهام بدلاً من عدد الساعات التي يجلس فيها شخص ما على الكرسي سيؤدي إلى الفاعلية؛ أي شَجِّع المديرين الذين يعملون لديك على مكافأة العمل الجيد، بغض النظر عما إذا كان قد استغرق عشر دقائق أو عشر ساعات، يستمر العمل حتى الوقت المحدد لانتهائه، والنتيجة هي إذا كان الموظفون يخشون إنهاء عملهم في وقت أسرع من غيرهم، فقد يتراخون كثيراً بدلاً من العمل.

إقرأ أيضاً: 12 طريقة مبتكرة لتعزيز إنتاجية الموظفين

وفر خيارات العمل المرن والعمل عن بعد:

لسنوات، افترضت العديد من الشركات أنَّ الناس لن يكونوا منتجين عند العمل من المنزل، لكن حطمت جائحة كوفيد-19 تلك الأسطورة، وكانت الشركات مسرورة عندما وجدت أنَّ بعض الأشخاص أكثر فاعلية عند العمل في الخارج؛ أي من مكتب منزلي، وفي حين أنَّ هذا النوع من العمل المرن لا يصلح لكل الأعمال، فإنَّ إيجاد طرائق لمنح موظفيك المرونة التي يحتاجون إليها سيساعدك على الاحتفاظ بهم.

ومع ذلك، لا يتعلق الأمر فقط بالعمل من المنزل، ساعات العمل المرنة هي شيء يمكنك القيام به حتى إذا كنت بحاجة إلى فريقك في المكتب، على سبيل المثال، إذا كان لدى الموظف الذي لديه أطفال ظرف عائلي مثل طفل مريض، فيمكنك التفكير في منحه فرصة للعمل أياماً أو ساعات بديلة للتعويض؛ وذلك لأنَّ البشر ليسوا آلات.

بالإضافة إلى الاستراحات الضرورية؛ حيث يمكن للموظفين الاستفادة من المزيد من فترات الراحة على مدار اليوم؛ وذلك لأنَّه كما نعرف تم تصميم جسم الإنسان للحركة، وليس الجلوس والتحديق في شاشة الكمبيوتر لمدة ثماني ساعات.

كان هناك وقت في عالم الأعمال الأمريكي؛ حيث كان على الموظفين فيه إثبات إخلاصهم للشركة من خلال التخلي عن الإجازات والعطلات، ولا يزال هذا المعيار قائم عند العديد من الشركات، والذي يتضمن أسبوعين من الإجازات المدفوعة في السنة، ولكن هل هذا كافٍ؟ إذا كانت شركتك قادرة على منح موظفيك مزيداً من الوقت، فسيكون عليك القيام بذلك، وإحدى طرائق التأكد من أن يأخذ الموظفون إجازاتهم هو في اتباع سياسة "استخدمها أو ستخسرها"؛ هذا يعني أنَّهم قد يخسرونها بشكل أساسي إذا لم يستخدموا إجازتهم بحلول نهاية العام.

شاهد بالفيديو: كيف تجعل العاملين عن بعد أكثر انخراطاً في العمل؟

كن مثالاً يُحتذى وراجع أعباء العمل بانتظام:

إنَّ موظفيك سوف يحذون حذوك؛ لهذا السبب، يجب أن تكون قدوة جيدة عندما يتعلق الأمر بالتوازن الصحي، فإذا قمت بالرد على رسائل البريد الإلكتروني في عطلات نهاية الأسبوع وفي أثناء إجازتك، فسوف يتلقون رسالة مفادها أنَّه من المتوقع منهم أيضاً القيام بذلك وكذلك تحدَّث مع أعضاء فريقك بانتظام للبقاء على اطلاع بمن لديه القدرة على العمل ومن هو مشغول أو متوتر، وشجع موظفيك على مراجعة مديريهم عندما يشعرون بأنَّهم مرهقون ويحتاجون إلى بعض المساعدة.

واحدة من أكثر المواقف إرهاقاً هي أن تكون والداً عليه تحقيق التوازن بين أسرته وعمله، ليس من الغريب أن تفقد شركةٌ أعضاءَ فريق مهمين؛ وذلك لأنَّ موظفيها لا يستطيعون رعاية أسرهم بالقدر المطلوب منهم، إذا كان في إمكانك تقديم رعاية أطفال في موقع العمل، فسيكون هذا رائع، لكنَّه يتعلق بأكثر من مجرد رعاية أطفال، إنَّ توفير مزايا متساوية لإجازة الأمومة أو إجازة الأبوة أو الإجازة المشتركة بين الآباء والأمهات ينتج عنه ولاء الموظف.

لا تنسَ أولئك الذين ليسوا آباء، تجنب المشكلات من خلال تعيين موظف مؤقت ليحل محل الموظفين الذين يغادرون مؤقتاً، ويجب أن يكون لديك خطط احتياطية لحالات الغياب غير المتوقعة، عليك تَوَقُّع أنَّ زيادة عبء العمل على من هم ليسوا أباء أو أمهات في أثناء هذه الإجازات سيكون له عواقب غير مدروسة، أنت تعوق التوازن بين العمل والحياة الخاصة بهم وتخلق مشاعر قاسية في هذه العملية.

اعترف بالاختلافات:

قبل كل شيء، من الهام أن تتذكر أنَّ احتياجات كل شخص مختلفة، علاوة على ذلك، فإنَّ مفهومهم عن التوازن الصحي بين العمل والحياة سيكون مختلفاً أيضاً، فعلى سبيل المثال، سيقدر بعض الموظفين القدوم في وقت متأخر من الصباح، لكنَّهم لن يمانعوا من العمل حتى وقتٍ متأخر، قد يسعد موظف آخر بالعمل لساعات أطول طالما لم يضطر إلى العمل في عطلة نهاية الأسبوع؛ حيث تدرك الشركات التي تحتفظ بأفضل الأشخاص في فريقها أنَّ التوازن الصحي بين العمل والحياة لكل موظف مختلف عن الآخر.

المصدر




مقالات مرتبطة