كيف تحافظ على مشاركة موظفيك؟

دعنا نتخيل أنَّك وظَّفت موظفاً مثالياً مؤخراً، يقدِّم أقصى إمكاناته لقيادة المنظمة إلى مستويات جديدة، ومن ثم يكون السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي ستفعله لتمنعه من تقديم استقالته؟



ينبغي عليك معرفة ما الذي يحفز موظفيك بصفتك قائداً؛ وذلك لأنَّنا نقضي وقتاً طويلاً في العمل، ونريد أن يكون ذلك العمل هادفاً، ولنحقق التوازن بين الوظيفة التي تؤمِّن لنا المال لدفع فواتيرنا وبين أحلامنا الكبيرة وأمانينا، وبذلك تكون وظيفتك، بصفتك قائداً، أن تساعد على تحقيق هذا؛ فعندما يشعر الموظفون بأنَّهم يبتعدون عن طموحاتهم، فإنَّهم لن يهتموا بعملهم أيضاً؛ ولذا فإنَّ الخطوة الأولى لإشراك الموظفين تبدأ بطرح سؤال واحد بالغ الأهمية وهو: لماذا هم على هذا الحال؟

إذا كان عملك يضيف قيمة ومعنى للحياة في نهاية المطاف؛ فينبغي أن يكون الموظفون على دراية بالسبب؛ لأنَّ ذلك يساعد على دفع الموظفين على المشاركة على نطاق أوسع؛ فإذا كنت تريد تجنُّب عدم تفاعل الموظفين، فعليك أن تكون قادراً على تحديد دافع شركتك وربطه بدوافع فريقك؛ أي هل توضِّح لهم القيم الأساسية لشركتك منذ أول يوم يبدؤون فيه العمل؟ وهل الدافع هو مَن يقف خلف قراراتك؟ عليك أن تتأكد من توافق دوافع أعضاء الفريق مع دوافعك الكبرى؛ وذلك لأنَّها الوسيلة الوحيدة للحفاظ على مشاركتهم.

النظر إلى المرؤوسين كأشخاص، وليس مجرد موظفين:

يبدأ هذا الجزء من العمل بمعرفة حقيقة بسيطة: لا تقتصر شخصية الموظفين على مهاراتهم في المنصب الذي تولُّوه؛ ولذا عليك أن ترى الشخص بكامله وليس الوصف الوظيفي فقط؛ كما عليك أن تسمح لهم بأن يكونوا على سجيتهم لا أن يقوموا بما يتطلَّبه الدور منهم، وذلك لصب الاهتمام على الموظفين شخصياً.

يقع المديرون في الفخ عندما ينظرون إلى سيرة الموظف الذاتية، متوقعين منه أن يكرر النجاحات التي حققها سابقاً، وهذا يتجاهل السياق الذي حقق فيه هذا الموظف نجاحه السابق، إلا أنَّ عليك أن تفكر كيف كان فريقه؟ وهل مُنِح حرية التفكير خارج الصندوق والابتكار في شركته السابقة؟ وهل ستقدِّم له الدعم ذاته في منظمتك؟ فقد تكون إنجازاته السابقة كبيرة، لكن كيف تطوَّر منذ ذلك الحين؟ وهل المنصب الذي تريد أن يشغله يتوافق مع نموه الوظيفي؟ أو هل يمكن أن يستثمر مواهبه على أفضل وجه بصفة أخرى داخل المنظمة؟ والأهم من ذلك كله ما الذي يرغب فيه؟

يتمتع الموظفون بمهارات مختلفة، ولكلٍّ منهم شغف وطموح؛ وأسهل طريقة لتفقد مشاركة الموظفين في عملهم هو أن تُسند إليهم مهاماً خارج وصف وظائفهم؛ ولذا ينظر القادة الحقيقيون إلى موظفيهم على أنَّهم أفراد معقدون؛ كما يتوقعون من أعضاء فريقهم أن يؤدوا عملهم على أكمل وجه دون أن ينسوا الاهتمامات الفريدة لموظفيهم، ويسعون جاهدين إلى استثمار هذه الاهتمامات في سياق المهام المسندة إليهم.

ماذا لو اكتشفت أنَّ الدوافع الخفية لموظفك تقع خارج نطاق مهامه؛ أي أنَّه يريد مثلاً أن يفتتح مدرسة للأطفال في دول نامية في نهاية المطاف؟ والجواب هو أنَّه لا زال في إمكانك استثمار هذه المعلومات وربطها بالعمل الذي يقوم به من أجل منظمتكم، فإذا كانت تلك رغبته حقاً، وذكرَ أنَّه يحتاج إلى خبرة في الإشراف على الأمور الإدارية؛ فقد تستطيع مساعدته، وذلك بأن تتذكره عندما تكون هناك فرصة ملائمة تظهر أمامك؛ فقد تستطيع إخباره عن منصب سيخدم رغبته في تعزيز قدراته الإدارية، مما سيجعله ممتناً ومتحفزاً للقيام بعمل رائع؛ وذلك لأنَّك أظهرت اهتمامك برغباته، ولأنَّه استطاع أن يرى كيف يمكن للعمل الذي يقوم به الآن أن يساعده على الحصول على ما يتمناه في النهاية.

إقرأ أيضاً: كيف تعزز وتحفز مشاركة الموظفين في العمل؟

دفع الموظفين إلى المشاركة من خلال تبنِّي عقلية النمو:

هل تتبنى شركتك عقلية النمو أم أنَّها تلتزم بعقلية ثابتة؟ حيث تميل الشركات ذات العقلية الثابتة إلى مكافأة قلة مختارة ممن يؤدون عملاً تقليدياً بالترقيات والمكافآت؛ ولذا يخاف الموظفون الذين لا ينُظَر إليهم على أنَّهم قادة محتملون من المجازفة؛ وذلك لأنَّهم يشعرون بأنَّ الإدارة لا تدعمهم، ومن ثم يلتزمون بالعمل بنسبة أقل مقارنة بمن يعملون في شركات تتبنَّى عقلية النمو؛ كما وتنظر المنظمات التي تتبنى عقلية النمو إلى المواهب نظرةً مختلفة؛ حيث يميل مديروهم إلى التحدُّث بإيجابية عن مرؤوسيهم، ويتخذون من التعاون معياراً لذلك؛ لذا فمن المتوقع أن يبحث الموظفون في جميع أنحاء المنظمة عن حلول خارج الصندوق، ويسعون إلى تطوير مهارات جديدة في أثناء وجودهم في الشركة.

نحن جميعاً نمتلك مهارات أكثر من الوظيفة التي نشغلها، ونريد بيئة عمل تدفعنا إلى بذل أقصى جهد بكامل إرادتنا ووعينا دون نسيان أنَّ لنا احتياجات وحياة خارج العمل؛ حيث إنَّه لا يقبل أحد بوظيفة ما دون أن يلقي بالاً إلى الطريقة التي قد تؤثر بها في مجالات حياتنا الأخرى، فقد يكون لأحدنا طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن ثم سيسعى إلى الحصول على وظيفة ذات فوائد صحية لهذا الطفل، أو ربما يرغب أحدنا في القيام برحلات سير على الأقدام، ومن ثم يسعى إلى وظيفة تعطيه عطلة نهاية الأسبوع.

إقرأ أيضاً: كيف نشجع عقلية النمو؟

لا تحتاج إلى معرفة كل تفاصيل الحياة الشخصية لموظفيك، ولكن كونك قائداً فهذا يتطلب منك أن تولي اهتماماً بموظفيك؛ ويعني كذلك أن تكون منفتحاً بشأن حياتك الخاصة، أي أن تخبرهم بالسبب لعدم كونك على طبيعتك مثلاً بقولك: "إنَّني أقضي وقتاً عصيباً؛ وذلك لأنَّ ابني كان يبكي كثيراً طوال الليل؛ لذا سامحوني إذا كنت غير مركز إلى حد ما اليوم"؛ حيث يتطلب اعتراف بسيط كهذا قدراً معيناً من إظهار الضعف، ويذكِّر الآخرين أنَّك إنسان أيضاً، وكل هذا جزء لا يتجزأ من عقلية النمو، وله دور في مساعدتك على تحقيق مستويات أعلى من مشاركة الموظفين.

 

المصدر




مقالات مرتبطة