كيف تتغلب على اللامبالاة العاطفية وتملأ حياتك بالفرح؟

لا يعدُّ الغضب نقيض الفرح، ولا الحزن كذلك أيضاً، فالأشخاص الذين يعيشون حياة ملآى بالبهجة والسعادة يمكنهم أيضاً معايشة المشاعر السلبية، ومع ذلك، فإنَّ انعدام العواطف هو الذي يمنع الفرح، فمعظمنا سمح لنفسه بالعيش في حالة اللامبالاة هذه.



نحن نتجاهل عواطفنا بعبارات مثل: "أيَّاً كان" أو "هذا هو الحال"، والمشكلة في هذا أنَّ اللامبالاة العاطفية تصبح في النهاية أمراً طبيعياً، ومن ثمَّ تمنع ظهور المشاعر السلبية التي قد يكون من الصعب التعامل معها، لكنَّها أيضاً تجعلنا غير قادرين على الشعور بأي أمر إيجابي.

الإدراك والوعي:

إذا كنت تشعر بالسوء، فقد تتهرَّب أو تتجاهل أو تتجاوز تلك المشاعر، وهذه هي الطريقة الأساسية بالنسبة إلى كثير من الناس في التعامل مع التوتر أو الغضب أو الحزن، لكنَّ هذه الأساليب ليست مفيدةً جداً، فبدلاً من إنكار مشاعرك أو محاولة الهروب من الواقع، فإنَّ مفتاح النجاح هو الاعتراف وتقدير مشاعرك ومعايشتها.

من هنا يظهر دور اليقظة الذهنية التي تعدُّ نوعاً من التأمل، ومع ذلك، بدلاً من تخيل شيء تريد حدوثه، أو تخيل نفسك في مكان مريح وهادئ، يجب أن تركِّز على اللحظة، ممَّا يعني تقييم ما تفكِّر فيه وتشعر به بالضبط دون إصدار حكم.

تعدُّ هذه الطريقة ناجحة جداً لدرجة أنَّها تسبِّب تغيرات فعلية في الدماغ تسمح للناس بالتحكم جيداً في عواطفهم، وتوجد عدة طرائق لممارسة اليقظة الذهنية، وإحدى هذه الطرائق تعتمد على التأمل التقليدي، فأنت من يحدِّد الوقت والمكان للتأمل والتركيز على تنفسك والاسترخاء.

من هنا تتغيَّر الأمور، فبمجرد أن تكون في حالة مثالية لبدء التأمل، ستركِّز على ما تشعر به من الناحية الجسدية والعاطفية، وستنتبه إلى معدل ضربات قلبك ودرجة حرارة الغرفة والأفكار التي تدور في رأسك؛ بمعنى آخر، ستكون مدركاً وواعياً.

كما توجد طريقة أخرى لممارسة اليقظة يمكن أن يطلق عليها اسم "اليقظة في أثناء العمل"، قد تكون هذه الطريقة أكثر صعوبةً قليلاً؛ لأنَّها تعني تطبيق اليقظة في الأوقات التي تصل فيها المشاعر السلبية إلى ذروتها، مثلما هو الحال عندما يقول أحد الأصدقاء كلاماً يؤذي مشاعرك.

قد يكون من الصعب في تلك اللحظة ممارسة اليقظة، ومع ذلك، فمن الأسهل بكثير أن تتجاهل الأذى والحزن بالقول أو التفكير في شيء ينمُّ عن لامبالاتك أكثر من أن تكون حاضراً وأن تعيشه، وتذكَّر، يمكنك باستخدام أساليب اليقظة وتجربة المشاعر السلبية التغلب على هذه المشاعر والتحكم بها بسهولة أكبر.

إقرأ أيضاً: 4 نصائح لاكتساب الوعي الذاتي

اكتشاف مصدر لامبالاتك:

إدراك مشاعرك لا يكفي دائماً، ففي معظم الأحيان، يوجد سبب هام لللامبالاة العاطفية، والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاكتئاب، لكن توجد أيضاً عوامل أخرى يجب مراعاتها، على سبيل المثال، يستخدم العقل أحياناً اللامبالاة بوصفها طريقة للتعامل مع مستويات عالية من القلق، ومن ثمَّ إنَّ إدراكك لمشاعرك وحالتك الجسدية سيسهل عليك تحديد مصادر اللامبالاة.

تتمثَّل إحدى طرائق اكتساب الأفكار التي تحتاج إليها لاكتشاف السبب الحقيقي لللامبالاة في استخدام أساليب اليقظة والتأمل المذكورة آنفاً، وسيساعدك ذلك على إدراك مشاعرك وتجاربك، ويمكن أن يساعد الاحتفاظ بدفتر يوميات تكتب فيه مشاعرك بطريقة مفصلة وصادقة أيضاً، لا يقتصر الأمر على تدوين اليوميات فحسب؛ بل يصبح أيضاً سجلاً مكتوباً لمشاعرك وعاداتك اليومية، يمكن أن يكون هذا مفيداً جداً عندما تحاول ربط الأمور والعثور على مصدر انعدام مشاعرك.

بمجرد معرفة السبب، يمكنك البدء في وضع خطة للتعامل مع المشكلات التي حددتها.

شاهد بالفيديو: أقوال وحكم رائعة عن التفاؤل في الحياة

التعرف إلى فرص الفرح وإنشاؤها:

تأكد من أنَّ خطتك تتضمَّن طرائق وفرصاً مختلفةً تجعلك سعيداً، فربما قيل لك خلال حياتك بأنَّ السعادة قرار يتخذه الناس، وهذا الأمر صحيح، فالأشخاص السعداء لا ينتظرون فقط حدوث الأمور الجيدة لهم؛ وإنَّما يبحثون عنها؛ إذ يمارسون النشاطات التي تجعلهم يشعرون بالرضى.

على سبيل المثال، الذهاب إلى السينما وقراءة الكتب وغيرها من الأمور التي تُحسِّن مزاجهم وتوقعاتهم للحياة، كما أنَّهم يتبنون الفرص لتجربة أمور جديدة، ويضعون الخطط، فحاول أن تفعل شيئاً لم تفعله من قبل، مثل البدء بعمل جديد حتى لو كان بسيطاً مثل إعطاء الدروس الخصوصية.

يمكن أن يكون تطبيق ذلك بسيطاً، مثل ممارسة هوايات جديدة (أو قديمة)، ومعرفة الأحداث في مجتمعك وحضورها، ومقاومة الرغبة في رفض الدعوات، فليس كل ما تحاول تجربته سيكون بحسب رغبتك، لكن عندما تتصرف بطريقة إيجابية ستجد بعض الأمور التي تستمتع بها حقاً.

التواصل مع الآخرين:

ضع في حسبانك أنَّ احتمال حصولك على فرص لتجربة ممتعة يعتمد كثيراً على علاقاتك مع الآخرين؛ إذ يميل الأشخاص الذين لديهم الكثير من العلاقات الإيجابية إلى أن يكونوا أكثر سعادةً عموماً، بصرف النظر عمَّا يحدث في حياتهم، كما أنَّهم يكونون أكثر مرونةً عندما يواجهون مواقف سلبيةً، إضافة إلى ذلك، فإنَّ الاندماج في المجتمع، وتطوير هواياتك، وإظهار ذاتك، والالتزام بخطتك للقضاء على اللامبالاة سيكون أسهل بكثير عندما يكون لديك أصدقاء من حولك.

الصداقات والعلاقات هامَّة بالتأكيد؛ لذلك ضع في حسبانك أنَّهم ليسوا خياراتك الوحيدة للتواصل مع الآخرين، فكِّر في القيام بعمل تطوعي بصفته طريقة لمنح نفسك فرصاً جديدة لتكوين علاقات من الناس.

إقرأ أيضاً: كيفية تكوين علاقات اجتماعية ناجحة

التأكد من أنَّ أفعالك لها هدف:

تؤدي اللامبالاة إلى عدم إظهار مشاعرنا، وطريقة تجنب ذلك هي القيام بأمور نشطة وفعَّالة.

ألقِ نظرةً على الأشخاص السعداء حقاً من حولك، فإذا سألتهم كيف يقضون وقتهم، ستجد أنَّهم لا يفعلون شيئاً سوى الجلوس أو ممارسة نشاطات عادية، يمكن أن تسأل نفسك ماذا فعلت البارحة؟ إذا كنت غير قادر على تذكُّر الكثير، فقد يكون الوقت قد حان لتقييم أفعالك.

لن تحصل على كثير من السعادة في قضاء الوقت مع الأصدقاء أو عدم القيام بأي شيء على الإطلاق، إذا كنت لا تتذكَّر ما فعلته، فلن تتمكَّن من القيام بأمور لا تُنسى، ومن ثمَّ فإنَّ هذا يعيدنا إلى فكرة أنَّه يجب علينا وضع خطة لملء حياتنا بنشاطات مختلفة.

في الختام:

كل شخص لديه القدرة على أن يعيش حياةً سعيدةً، فإذا فكَّرت في الأمر، فإنَّ الأشخاص الذين يعانون من إعاقات مدمرة، والأشخاص الذين نجوا من أحداث مأساوية، وحتى أولئك الذين يواجهون مرضاً عضال، قد وجدوا طرائق لعيش حياة نشطة وسعيدة.

قال الكاتب "ليونارد كوهين" (Leonard Cohen) ذات مرة: "نحن نشعر دائماً بالفرح أو الحزن، ولكن يكبت كثير من الناس مشاعرهم، لذا على المرء أحياناً كبت ما بداخله ليتمكَّن من جمع شتات نفسه".

كلماته منطقية جداً، فالأشخاص القادرون على فعل ذلك، لن يجدوا صعوبةً مع اللامبالاة العاطفية، ويتطلَّب هذا الأمر وعياً بالذات، واستعداداً للتصرف بناءً على ما تعلمته عن نفسك، والاستعداد للبحث عن السعادة.




مقالات مرتبطة