كيف تتعرف على ذاتك الحقيقية وتعبِّر عمَّا في نفسك؟

كَثُر الحديث في المدة الأخيرة عن موضوع محبة الذات ومدى أهميته في حياة الفرد، فحبُّ الذات هو القبول الكامل وغير المشروط لذاتك وطبيعتك الحقيقية، وكيانك المتفرد والتعبير عن السمات التي تشكِّل صميم وجودك.



هذا يعني أنَّ حب الذات ليس أمراً هيناً على الإطلاق، ويتعرض الإنسان عندما يعبِّر عن ذاته الحقيقية المختلفة لنظرات الناس المتسائلة والساخرة في بعض الأحيان؛ بل إنَّ بعضهم سيعدُّه غريب أطوار أو معتوه، أو أنَّه يعاني خطباً أو اضطراباً معيناً، وقد يسخرون منه أيضاً.

يصعب على الإنسان أن يتعامل مع ردود الفعل القاسية الصادرة عن الأصدقاء، وأفراد العائلة وزملاء العمل وغيرهم، فيضطر إلى إخفاء طبيعته الحقيقية، وتزييف شخصيته، وتقليد سلوكات وتصرفات جميع الأفراد في محيطه.

إخفاء حقيقة الذات:

إنَّ الثمن الذي يدفعه الإنسان لقاء تزييف شخصيته وعدم محبة ذاته باهظ جداً، فعندما يخفي الفرد ذاته الحقيقية التي وهبها الله له، ويمتنع عن التعبير عن شخصيته وطبائعه، فإنَّه يحرم نفسه من سيل المحبة الذي ينبع بصورة طبيعية وتلقائية من صميم كيانه.

عندما تقل محبة الإنسان الطبيعية لنفسه، فإنَّ مستوى البهجة والمتعة والحماسة وشعور الحرية المطلقة في الحياة سيقل بدوره؛ لأنَّ هذه الأحاسيس ترتبط مع بعضها، وتتكوَّن في المصدر نفسه.

تقوم الحياة على المحبة؛ ما يعني أنَّ الإنسان الذي يوقف سيل المحبة النابع من أعماقه، لن يعيش حياته على أكمل وجه، ولن يبلغ أقصى إمكاناته.

سرعان ما يعتاد الإنسان على شعور النقص في حياته، ويظن أنَّ الوضع طبيعي، ويتكيف معه، وهذا الموقف خاطئ تماماً؛ إذ يُفترَض بالإنسان أن يعيش حياته على أكمل وجه، وهذا يشترط قبول نفسه كما هي دون فرض قيود، ولا يتحقق هذا القبول ما لم يحب الإنسان نفسه.

شاهد بالفيديو: خطوات التعرف على الذات

محبة الذات:

تصبح الحياة وردية وواعدة حالما يحب الإنسان نفسه، وعند هذه المرحلة يبدأ الإنسان باختبار مشاعر المتعة والسعادة والحماسة كما لم يعهدها من قبل، ولا يُفترَض أن تكون هذه المشاعر خارجة عن المألوف؛ لأنَّها تُعدُّ التعبير الطبيعي عن صميم الحياة.

ليس عليك أن تبذل أي مجهود، أو تقوم بممارسات أو تتبع أساليب خاصة حتى تشعر بلذة عيش الحياة على أكمل وجه؛ بل يكفي ببساطة أن تتصرف على طبيعتك، وتطلق العنان لذاتك الحقيقية.

لا مثيل للشعور الذي ينتاب المرء عندما يطلق العنان لذاته الحقيقية ويتقبَّلها، ويتكيف مع ما حوله، ويشعر بالراحة معها، ويستمتع ويستلذ باكتشافها، ويجرؤ على التعبير عن طبيعته التي وُلِد بها، ويجب أن تسمح للمحبة والمتعة والسعادة بالتدفق إلى حياتك بصورة مستمرة وطبيعية.

يكمن المصدر الأساسي للمحبة ولذة العيش والحرية المطلقة في صميم الكيان الإنساني؛ لكنَّك عندما تقمع وتكبت طبيعتك الحقيقية، وتقلد سلوكات الأفراد في محيطك وأفعالهم، أو تجبر نفسك على الامتثال للمعايير الزائفة التي يفرضها المجتمع، فكأنَّك ترفض شخصيتك الحقيقية، أو تعدُّها غير سوية، وبالنتيجة تحرم نفسك من مصدر المحبة والمتعة المتمركز ضمن ذاتك، وتمنع التدفق الطبيعي لهذه المشاعر الإيجابية.

يتضح مما سبق أنَّ النتائج السلبية المترتبة على كبت الذات وخيمة جداً، ولا تُقارَن بالسخرية التي يتعرض لها الإنسان من محيطه عندما يطلق العنان لشخصيته الحقيقية، لذا كن على طبيعتك وحسب لتصبح حياتك حافلة بالبهجة والحكمة والحماسة الكامنة في صميم ذاتك.

قد يبدو الأمر غير واقعي نتيجة فرط بساطته؛ لكنَّك باختصار يجب أن تكون على طبيعتك، وتكشف ذاتك الحقيقية للعالم حتى تعيش حياة ملؤها البهجة والضحك والسعادة.

إقرأ أيضاً: 11 طريقة بسيطة لاكتساب تقدير الذات

الكشف عن الذات الحقيقية:

أنت على وشك خوض المغامرة الكبرى في حياتك، وإنَّ تحرير الذات الحقيقية عملية متكاملة تستغرق بعض الوقت ولا تتم بين عشية وضحاها، ويجب أن تخلِّص نفسك في البداية من الأوهام والقناعات التي تقيدك، وتثير الشجاعة والقوة التي تحتاج إليها لتبرز شخصيتك الحقيقية، وتتغلب على العقبات التي ستعترضك خلال العملية.

لا بأس ببعض الجهد لأنَّ النتيجة النهائية مجزية ومثمرة وتستحق العناء، وتكمن الفائدة الرئيسة في مراحل العملية بحد ذاتها؛ وذلك بسبب مشاعر الحماسة والبهجة والنشاط المرافقة لخطوات عملية الكشف والتعبير عن الذات الحقيقية المتفردة للإنسان.

يجب أن تخصص الوقت الذي تحتاج إليه لاستكشاف نفسك، ويجب أن تجلس في مكان هادئ وتستشعر بصمت شخصيتك الحقيقية، وتتقبَّل نفسك، وتتخلص من القناعات والمعايير المفروضة عليك، وتطلق العنان لذاتك الحقيقية، وتستمتع بوجودها، وتكشف عنها تدريجياً بين الحين والآخر.

يجب أن تفصح عن مشاعرك وتتصرف بما يتوافق مع شخصيتك الحقيقية، وتتخلص من المعتقدات والقناعات المفروضة عليك من قِبل المحيط، وتوسِّع آفاقك الفكرية، وتتبنى قناعات جديدة تأخذ في حسبانها طبيعتك الحقيقية التي خُلِقت عليها، وإياك أن تخجل من حقيقتك أو تحاول أن تخفيها بعد الآن، ولا أن تكون مغروراً ومتكبراً ولا متواضعاً؛ بل عليك بالاعتدال.

إقرأ أيضاً: أهمية حب الذات لتحقيق النجاح

في الختام:

أصبح الآن بإمكانك أن تعيش حياتك على أكمل وجه، وتعبِّر عن ذاتك الحقيقية، وتتصرف وفقها حتى لو كانت تتعارض مع معايير أو توقعات الآخرين؛ لأنَّ غرضك الوجودي يكمن في عيش حياتك على أكمل وجه، وقبول شخصيتك الحقيقية، والفريدة والأصيلة.




مقالات مرتبطة