كيف تتعامل مع الفشل وتتابع نجاحك دون توقف؟

غالباً ما يُنظَر إلى الفشل في مجتمعاتنا التي تقدس التفوق على أنَّه أسوأ موقف يمكن أن يتعرض إليه الإنسان؛ وبدلاً من تقبله كفرصة للتعلم والتطور والنمو، غالباً ما يرى الأشخاص الذين يفشلون في بعض جوانب حياتهم الفشل عائقاً ثابتاً، مؤكدين لأنفسهم أنَّهم غير قادرين على التغلب على نقاط ضعفهم.



لكنَّ الحقيقة أنَّ الفشل لا يُعدُّ نهاية كل شيء، وإنَّما مؤشراً على وجود بعض الجوانب من أنفسنا وحياتنا التي تحتاج إلى بذل مزيد من الجهد لتحسينها من أجل تحقيق النتائج المرجوة.

هل تعاني من أجل التغلب على الفشل وتجاوزه والبحث عن طريق النجاح؟ بالنسبة إلى الأشخاص الذين يسعون إلى التغلب على الإخفاقات السابقة، نقدم إليكم هذه المقالة لتعلُّم طريقة التعامل مع الفشل والعودة إلى طريق النجاح.

دماغنا بين الفشل والنجاح:

تعدُّ مشاعر الخوف من الفشل والإثارة أو السعادة المتعلقة بالنجاح، مثلها مثل أي مشاعر أخرى؛ فهي تثير ردود أفعال داخل أجزاء معينة من دماغنا البشري، ممَّا يساعد على المساهمة في التعلم الشامل وتنمية القدرات والمهارات.

أجرت الدكتورة كارول دويك (Dr. Carol Dweck) -أستاذة علم النفس في جامعة ستانفورد (Stanford University)- بحثاً مكثفاً حول الفشل وطريقة تأثيره داخل الدماغ لتحقيق نتائج مختلفة بناءً على اختلاف العقليات؛ حيث كشفت في بحثها الاختلاف بين الأشخاص غير الخائفين من فكرة الفشل والأشخاص الذين لا يستطيعون تجاوز فشلهم.

لقد أظهرت المجموعة الأولى من الأشخاص الذين خضعوا إلى الاختبار وكانوا في مجموعة "عقلية النمو" تحسناً كبيراً عند مواجهة الفشل بسبب حالة التركيز المحسنة التي نُشِّطت بعد وقت قصير من فشل المَهمَّة، ممَّا أجبرهم على التعلم والتطور؛ في حين أظهر الأشخاص الذين كانوا في مجموعة "العقلية الثابتة" تحسناً ضئيلاً أو معدوماً، ولم يتغيروا بسبب الفشل الذي واجهوه.

كما توجد نقطة أخرى مثيرة للاهتمام عندما يتعلق الأمر بالنجاح والفشل وتأثيرهما في الدماغ، حيث أظهرت دراسة نُشِرت في مجلة هارفارد بزنس ريفيو (Harvard Business Review) أنَّ للنجاح تأثيراً كبيراً في اللدونة العصبية في الدماغ، ويساعدنا على التعلم؛ كما أظهرت أنَّ للفشل تأثيراً أيضاً في تعلمنا.

كما أخضعت دراسة أجراها إيرل ميللر (Earl Miller) مجموعة من القرود إلى مهام تعليمية بسيطة، حيث يتوجب أن توجِّه القرود نظرها في اتجاه معين عند عرض صورة واحدة من أصل صورتين، وقد كُوفِئ القردة الذين نجحوا في النظر في الاتجاه الذي وُضِعت فيه الصورة بقطرة من العصير، ولم يتلقَّ الذين فشلوا في ذلك شيئاً.

لقد زاد نشاط الدماغ لدى القردة التي نجحت مع تخزينها المعلومات الجديدة وتعلمها من نجاحها؛ في حين أظهرت القرود التي فشلت زيادة طفيفة أو معدومة في نشاط الدماغ بعد أن فشلت في أداء المَهمَّة.

ما النتائج المستخلصة من هذه الدراسات؟

تعدُّ أهم النتائج المستخلصة من هذه الدراسات أنَّ النجاح يتحدد بالعقلية والدافع، وأنَّ الاستسلام للفشل لا ينتج عنه أي نتائج إيجابية على الإطلاق، وأنَّ النجاح يُولِّد نجاحاً متزايداً ومستمراً.

إقرأ أيضاً: 10 طرق للحفاظ على القوة الذهنية

كيف تتعامل مع الفشل وتنهض مجدداً؟

الآن، وبعد أن أصبح لديك إدراك أفضل لبعض آليات الفشل والنجاح، ومدى تأثيرها فينا نفسياً؛ فلنتعمق في بعض النصائح التي يمكنك من خلالها التعامل بفاعلية مع الفشل والاستمرار في التقدم نحو النجاح الذي تسعى إلى تحقيقه.

1. اعترف بالفشل؛ لكن لا تشغل بالك جداً أو تتعامل مع الأمر بشكل شخصي:

إنَّه لمن الهام جداً الاعتراف بالفشل في حياتك عند حدوثه، حيث سيساعدك هذا على تحديد الأمور التي عليك التركيز عليها حتى تتمكن من التعامل مع المواقف بطريقة جديدة وتحقيق النجاح في المستقبل.

كما من الهام الاعتراف بالفشل، ولكن لا تفرط في التفكير فيه أو الحديث عنه أو التعامل معه بشكل شخصي؛ إذ إنَّك عندما تحصر تفكيرك بالفشل أو تربط نفسك به لأنَّك فشلت في القيام بشيء ما بشكل صحيح، يؤثر ذلك سلباً في مزاجك وطريقة تفكيرك لتحقيق النجاح.

2. تعامل مع الفشل كفرصة للتعلم واستخلاص العبر:

يعدُّ الفشل شعوراً منهكاً لكوننا نربطه بالخسارة والعجز، ويعدُّ ذلك اعتقاداً خاطئاً؛ إذ لا يعني الفشل أنَّك خسرت، وأنَّ عليك التوقف عن التقدم والتطور؛ لذا غيِّر وجهة نظرك تلك، واعتبر الفشل فرصة للتطور والتعلم.

بمجرد أن تقوم بذلك، يمكنك التعامل مع الفشل بعقلية مختلفة، بحيث تساعدك على تحويل أفعالك بسرعة إلى مسار يقودك إلى النجاح.

شاهد بالفيديو: 6 دروس يجب أن تتعلمها من الفشل.

3. ضع خطة تساعدك في تحويل الفشل إلى نجاح:

عندما نواجه الفشل، قد يكون من الصعب أن نقنع أنفسنا بالتقدم؛ ينطبق هذا الأمر في حال كان الفشل الذي نواجهه كبيراً، ويتطلب منَّا الكثير من العمل لتغيير طريقتنا ومسارنا إلى آخر يقودنا إلى النجاح.

بغض النظر عن حجم فشلك، لا تخف من العودة إلى نقطة البداية وإعادة تخطيط كل قرار من قراراتك، واسأل نفسك: "أيُّ القرارات نجح؟ وأيٌّ منها لم ينجح؟"؛ وبمجرد تحديد القرارات غير الناجحة، يمكنك استبدال إجراءاتك بأخرى أفضل منها، بحيث تساعدك على النجاح.

4. تقبَّل مسؤولية دورك في الفشل:

سيساعدك تحمل مسؤولية الأشياء الخاطئة التي ارتكبتها على الأمد الطويل؛ فعندما تواجه الفشل، قد يكون انطباعك الأول ربطه بسبب آخر؛ فعلى سبيل المثال: عندما تفشل، قد تلقي اللوم على عامل خارجي أو على شخص آخر.

رغم أنَّ هذا الأمر سيساعدك على الشعور بالتحسن لمدة قصيرة وإبعاد الخوف الناتج عن الفشل، إلَّا أنَّه لن يساعدك على معرفة دورك فيه؛ إذ ستتمكن من خلال إدراك دورك في الفشل من تحديد نقاط ضعفك والقيام بعمل أفضل في المرة القادمة.

5. ذكِّر نفسك بالإخفاقات والنجاحات السابقة عندما تواجه فشلاً كبيراً:

قد يكون هناك بعض الإخفاقات في حياتك، والتي تبدو أكبر من أن تتغلب عليها؛ وقد يجعلك الفشل تشعر بالإرهاق ويخفِّض تحفيزك، ومن الهام في مثل هذا الوقت أن نتذكر أنَّ الفشل ليس نهاية العالم.

فكِّر في نجاحاتك السابقة لتذكِّر نفسك بأنَّك قادر على تحقيق أي شيء تسعى إليه، ولا تنسَ أن تفكر في إخفاقاتك أيضاً وطريقة تغلبك عليها ليساعدك ذلك على استعادة الثقة بنفسك من أجل التقدم والتطور؛ فبغض النظر عمَّا تواجهه، فأنت دائماً أقوى من الفشل.

إقرأ أيضاً: 10 وسائل بسيطة لتحفيز نفسك والوصول إلى النجاح

فكرة أخيرة:

قد يكون الفشل أمراً مرهقاً، ولكن عليك ألَّا تسمح له بأن يتغلب عليك؛ فأنت قادر دائماً على تقبُّل فشلك وتحويله إلى نجاح إذا تعاملت معه بالطريقة الصحيحة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة