كيف تتخلى عن الاحتياجات الخيالية؟

عِش حياتك كطفل؛ إذ يكون الطفل الرضيع بحاجة إلى القليل جداً من الاحتياجات ليكون سعيداً، كالملابس والطعام والحب ومكان آمن للعيش.



لدى الأطفال احتياجات قليلة جداً، ومع ذلك، فهم سعداء للغاية، وعندما لا يكونون سعداء، فعادةً ما يكون ذلك بسبب عدم تلبية أحد احتياجاتهم القليلة، لكن عندما يكبر هؤلاء الأطفال الصغار، تتضاعف احتياجاتهم بشكل سريع جداً.

نحن من يضع هذا العدد الكبير من هذه الاحتياجات؛ وذلك لمعالجة المخاوف وانعدام الأمان والمخاوف بشأن المستقبل، والأسوأ من ذلك كله، أنَّ هذه الاحتياجات لم تعد تُشبع حتى الأطفال؛ إذ بتنا نشتري المزيد من الأشياء لهم، لكن من دون أن يشعروا بالرضى، ونستثمر المزيد من وقتنا الثمين معهم، لينتهي بنا الأمر من دون فائدة، فنحن نعمل بجدية أكبر للعثور على السعادة، ولكن بدلاً من ذلك، نحمل عبئاً هائلاً على أنفسنا.

للأسف، لا يستطيع معظم الناس التعرف إلى الاحتياجات الخيالية في حياتهم؛ إذ إنَّ العدد الهائل من الاحتياجات وتأثيرها يجعلانها تبدو حقيقية للغاية، فتشق طريقها إلى عقلنا اللاواعي وتشكل الطريقة التي نرى بها العالم.

دعنا نلقي نظرة، ما إذا أصبحت أيٌّ من هذه الاحتياجات الخيالية جزءاً من حياتك:

  • الحاجة إلى الانشغال.
  • الحاجة إلى إرضاء الجميع.
  • الحاجة إلى الترفيه باستمرار.
  • الحاجة إلى مواكبة الأخبار والاتجاهات السائدة.
  • ضرورة شراء الهدايا للجميع في كل مناسبة خاصة.
  • الحاجة إلى جمع المال والممتلكات للشعور بالأمان.
  • الحاجة إلى المشاركة في جميع النشاطات.
  • الحاجة إلى أن تكون مركز الاهتمام.
  • الحاجة إلى الكمال أو الأفضل.
  • الحاجة إلى الحصول على جميع الإجابات.
  • الحاجة إلى السيطرة على المستقبل.
  • الحاجة إلى إثارة إعجاب الآخرين.
  • الحاجة إلى أن تكون على حق.

ليس التخلي بالأمر السهل؛ إذ قد يكون مؤلماً وحتى مخيفاً؛ لأنَّ عاداتنا الإيجابية والسلبية تريحنا، وتوفر مصدراً للتنبؤ في عالم فوضوي ومربك.

لكن في المقابل، إنَّ التخلي عنها هو التحرر، مثل طفل في آخر يوم من أيام المدرسة، سيكون سعيداً جداً بانتهاء العام الدراسي، وحراً في فعل ما يثيره، فلا يُثقِل الأطفال أنفسهم بالضغط من أجل التأثير أو الاستعداد أو الأداء؛ إنَّهم يعيشون بسهولة، ويحتفظون باحتياجاتهم القليلة وأفراحهم الكثيرة.

إليك دليلاً قصيراً، ولكنَّه مفيد للتخلي عن الاحتياجات الخيالية:

1. تسهيل روتينك:

يعتمد الروتين الافتراضي لنا جميعاً على الاستمرار في إضافة المزيد من الأمور إلى حياتنا؛ إذ إنَّنا نبحث باستمرار عن شيء لملء الفراغ الذي نشعر به في لحظة أو فصل معيَّن، وهكذا تصبح قائمة الأشياء التي نحتاج إلى القيام بها كل يوم أطول وأكثر تعقيداً.

لتسهيل ذلك، ابدأ بإنشاء روتين صباحي ومسائي سهل، يتضمن فحسب ما هو مطلوب تماماً أن تفعله أو مفيد لك.

إقرأ أيضاً: 9 طرق يُهَوِّن بها الروتين عليك حياتك

2. التخلص من الأشياء غير الضرورية:

الآن مع تقدمك طوال اليوم، انتبه إلى أين تتجه طاقتك العقلية، وضع قائمة بكل الأشياء التي تفعلها وتفكر فيها، فقد يستغرق الأمر بضعة أيام أو حتى أسبوعاً لجمع قائمة كاملة.

بعد ذلك، خذ هذه القائمة وأعِد إنشاءها في عمودين؛ الأشياء الضرورية والجيدة حقاً في عمود، والأشياء غير الأساسية أو التي تشتت الانتباه عمَّا هو جيد في عمود آخر، ثم حاول الآن لمدة أسبوع أن تفعل ما كتبتَه في العمود الأول فحسب.

3. التأقلم مع الملل:

إذا جربت طريقة الحياة الجديدة هذه، فستجد حتماً المزيد من الوقت بين يديك؛ إنَّه ذلك الوقت الذي اعتدت أن تقضيه في الإلهاء أو القلق أو بعض الاحتياجات غير الضرورية الأخرى، وستشعر حتماً بقليل من الملل، وسيبدو هذا الأمر مخيفاً وغير مريح، لكنَّه جزء طبيعي من عملية التكيف.

وتماماً كما هو الحال عندما تبدأ ممارسة الرياضة أول مرة بعد استراحة طويلة، فإنَّ جسمك سيشعر بالتعب وعدم الراحة، ومن الصعب تخيُّل القيام بذلك كل يوم، لكن إذا التزمت بها، فستستمتع بها مرة أخرى في النهاية.

4. تقبُّل عواطفك:

علاوة على الملل، من المحتمل أن تشعر بمشاعر صعبة أخرى، فلا تتفاجأ؛ إذ ما من خطأ فيما تفعله، ولا تيأس؛ لأنَّ الجانب الآخر من هذا التحول يستحق كل هذا العناء؛ إذ إنَّه من المحتمل أنَّك كنت تستخدم احتياجات خيالية لملء وقت الفراغ في حياتك، أو الاختباء من هذه المشاعر الصعبة أو العمل الشخصي الهام ولكن الصعب.

شاهد بالفيديو: نصائح لمساعدتك على السيطرة على عواطفك

5. حرية الاختيار:

تخيَّل أنَّك كنت تعيش على نظام غذائي سريع يحتوي على نسبة عالية من الملح والدهون والسكر، ثم يخبرك شخص ما أن تبدأ بتناول المزيد من الأطعمة الصحية، ويقدم لك شطيرة غنية بالألياف ومليئة بالخضار والأفوكادو.

قد تكون تلك الشطيرة لذيذة بالنسبة إلى بعض الناس، ولكن بالنسبة إليك، يبدو التغيير مستحيلاً وربما يكون كذلك؛ ذلك لأنَّك معتاد على نظام غذائي من الأطعمة التي تكون محفزة بشكل غير طبيعي ومحسنة بشكل مثالي من أجل المتعة، وحتى النظام الغذائي المتوازن واللذيذ سيكون طعمه بلا نكهة في البداية، ولكن لا تيأس، فهناك أمل.

يمكنك تعديل النظام الغذائي الجديد وتطويره بطريقة أسرع ممَّا تتخيل، بمجرد التخلص من الوجبات السريعة (في حالتنا، الاحتياجات الخيالية)، ومنح ذوقك وعقلك فرصة لإعادة التكيُّف، وستجد في النهاية الرضى والمتعة في حياتك، وفي الواقع ستجد على الأرجح إحساساً أعمق بكليهما.

6. الاهتمام بالأمور الهامة:

الآن وصلنا إلى الجزء الممتع؛ إذ مع تسهيل حياتك وعدم إغراقها بالاحتياجات الخيالية، يمكنك العثور على المتعة في ملذات الحياة الصغيرة مرة أخرى، فلن تحتاج بعد الآن إلى التحفيز العالي الذي تحصل عليه من الإلهاء أو القلق أو الانتباه أو أحلام اليقظة لتساعدك على المضي قدماً؛ إذ يمكنك أن تملأها بما هو مفيد وهام حقاً، كالعلاقات، والإيمان، والعمل الهادف، والطعام الشهي، والترفيه.

المصدر




مقالات مرتبطة