كيف تتجنب خسارة أفضل الموظفين؟

عندما أخبرَت الموظفة الموهوبة "كورتني" (Courtney) مديرها بأنَّها ستغادر العمل، قام القادة البارزون الذين عملت معهم في المنظمة باستدعائها إلى مكتبهم متسائلين عمَّا يتطلَّبه الأمر لتغيير رأيها حيال قرارها، حتى إنَّ أحدهم قال إنَّها تستطيع "كتابة طلباتها الخاصة" وإنَّه سيحقِّق لها ذلك؛ لكنَّ الطلب الوحيد الذي أرادته "كورتني" كان الخروج من مكان العمل.



لم تكن "كورتني" مجرد واحدة من 66% من الموظفين الذين ينتمون إلى جيل الألفية، والذين أفادوا بأنَّهم يتوقعون ترك وظائفهم عند أرباب العمل بعد مرور أكثر من عام واحد، أو مجرد واحدة من 25% ممَّن يتوقعون مغادرة العمل في غضون عام.

لقد كانت "كورتني" من النوع الذي يتوق أرباب العمل للعمل معه؛ فهي نوع الموظف الذي يستثمر أرباب العمل الأذكياء مبالغ هائلة من الوقت والطاقة والمال لتوظيفهم؛ فهي لديها تجارب شخصية عديدة، وشغوفة بعملها، ومن الممتع العمل معها، كما أنَّها بارعة فيما تقوم به، ولكنَّها غادرت إلى العمل في مكان آخر في نهاية المطاف.

قصتها عبارة عن تنبيه لأرباب العمل جميعهم، ولكن بشكل خاص لأولئك الذين تعتمد الميزة التنافسية لديهم اعتماداً كبيراً على وظائف يصعب إيجاد مرشَّحين مناسبين لشغلها وذات قيمة عالية، وتتطلَّب أصحاب المهارات المعرفية؛ إذ يوفِّر الموظف المميَّز قيمة أكبر لرب العمل من ​​صاحب الأداء العادي، مثل: مطوِّر برامج أو مندوب مبيعات.

إقرأ أيضاً: 12 سبباً وراء أهمية تطوير الذات

إليكم قصة "كورتني" منذ بدايتها:

لقد بدأت "كورتني" العمل لدى مديرها السابق في قسم التسويق، وسرعان ما أصبحت خبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي، بيد أنَّ الإدارة في هذا القسم لم تُظهر أي اهتمام في تطوُّرها المهني أو العمل معها لزيادة تأثيرها، وقد قدَّرت إدارة قسم الموارد البشرية موهبتها وطلبت منها العمل معهم، وبعد فترة وجيزة، أصبحت "كورتني" المسؤولة الوحيدة في وكالة التسويق في قسم الموارد البشرية فيما يخص جميع جهود التوظيف.

عندما أصبح عملها أكثر وضوحاً في المنظمة، طلب منها القسم المعني باندماج الموظفين المساهمة في مبادراتهم، في حين أنَّها كانت تحب التوظيف، فلم يكن للاندماج التأثير نفسه المحفِّز فيها؛ لذا بدأ شغفها يتضاءل، وبدأ ينتابها الشعور بالإحباط، وبعد ستة أشهر، ودون أن تبدي رأيها بالأمر، نُقِلت إلى قسم اندماج الموظفين.

لقد أُصيبت "كورتني" بالذهول، وقالت: "ما هو المقصود من إعادة تعييني؟ لم أطلب هذا، أنا أحب قسم التوظيف"، ثم بدأت تقلق بشأن ما قد تعنيه إعادة التعيين، ثم تساءلت في قرارة نفسها فيما إذا كانوا يحاولون التخلُّص منها.

لقد عادت في الفترة الأخيرة من إجازة الأمومة، وتفاوضت للحصول على قدر من المرونة للعمل من المنزل، وكان عليها أن تكافح بشدة من أجل الحصول على ذلك، وتساءلت لماذا لم يكلِّف أحد نفسه عناء سؤالها عمَّا إذا كانت ترغب في المنصب الجديد؟ أو ما إذا كانت تشعر بأنَّ هذا المنصب هو أفضل وسيلة لتوظيف مواهبها؟ من الواضح أنَّ مساهمتها أو سلامتها لم تكن مصدر قلق كبير وشاغلاً رئيساً بالنسبة إلى مديرها.

بينما كانت تحب مديرها الجديد، إلَّا أنَّها رأت منصبها الجديد بصفتها مديرة مشروع، يكمن في الانتقال من مشروع إلى آخر، دون مسار وظيفي واضح، ولا توجد طريقة لإحداث فرق فعلياً، ولا توجد فرصة لتنمية علامتها التجارية الشخصية؛ أي عدم وجود كل الأشياء التي يقدِّرها جيل الألفية تقديراً كبيراً.

النتيجة: بدأت "كورتني" بالبحث عن عمل بنشاط:

مع هذا التطور الجديد، انتقلت "كورتني" من موظفة طموحة ملتزمة بإنجاز عملها بشغف إلى شخص يبحث عن فرصة جديدة؛ إذ بدأت بالبحث عن مدير يُبدي الاهتمام بها والاحترام لها، كما أرادت العثور على مدير يمنحها فرصة لاستثمار مواهبها على أفضل وجه، وحيث يمكنها أن تُحدث فرقاً، وهما عاملان رئيسان لتعزيز اندماج الموظف.

وعندما حصلت على عرض عمل مقابل راتب أعلى بكثير، أعلنت مغادرتها مكان العمل، وفي ذلك الوقت، عندما ناشدها عديد من القادة للبقاء ودُعِيَت "لكتابة طلباتها الخاصة"، قالت "كورتني" في قرارة نفسها: "لم يعُد أي من ذلك هام"؛ لقد فقدَت الاهتمام بالعمل مع أشخاص لم يُبدوا أي اهتمامٍ بها، ولا أي اهتمام بما تريده، أو باستثمار مواهبها بطرائق تحقق أفضل تأثير، ولم يهتمُّوا بمساعدتها على النمو مهنياً.

إقرأ أيضاً: دور تطوير الذات في النجاح المهني

فقدان الثقة:

نظراً لحقيقة أنَّ "كورتني" دُعيت "لكتابة شروطها الخاصة" وكان لديها العديد من كبار القادة الذين يناشدونها بالبقاء، فقد يشكُّ المرء في أنَّها كانت ستفكِّر وتقول: "أظن أنَّهم يهتمُّون بي ويقدِّرونني"، ثم تطلب زيادة كبرى على راتبها، ومنصباً بمسؤوليات تسمح لها بالاستفادة من مواهبها على أفضل وجه، لكنَّها لم تفعل ذلك؛ ويعود ذلك إلى أنَّها لم تعد تثق بالقيادة؛ وذلك لأنَّه قبل انتقالها من فريق التوظيف إلى فريق الاندماج دون أن يكون لها رأي في ذلك، أكَّدت القيادة أنَّ التغييرات التنظيمية التي تُنفَّذ لن تؤثر في فريق التوظيف؛ إذ لم تكن هناك مبرِّرات أو اعتذار عن التراجع عن كلمتهم.

عندما يتعلَّق الأمر بإدارة الموظفين، فإنَّ كل شيء يهم؛ كل قرار، وتفاعل، وحالة ضعف تواصل لها تأثير في اندماج الموظف وولائه وفيما يظنه الموظفون عن القيادة والمدير.

لقد كان لكذب القيادة ونقص التواصل المتعلق بسبب عكس موقفهم تأثير كبير في رد فعل "كورتني" على مناشداتهم لها بالبقاء، إلى جانب الجهد الذي اضطرت إلى بذله للحصول على بعض المرونة في العمل في المنزل خلال نهاية حملها الصعب وبعد ولادة طفلها؛ وهذا جعلها تخشى أنَّها إذا بقيت - بعد أن يعرفوا أنَّهم "أخضعوها" - فسوف يتراجعون عن الاتفاق، ومع وجود طفل عليها الاهتمام به، لن يكون لديها خيار.

كيف يمكن تجنُّب هذا الأمر؟

شاهد بالفديو: 8 طرق لتحقيق التنمية الذاتية باستمرار

فيما يأتي بعض أهم الأشياء التي كان يمكن للإدارة أن تقوم بها لتجنُّب هذه الخسارة غير المرغوب فيها وغير الضرورية في المواهب:

1. دمج الموظفين - لا سيَّما أولئك الذين ينجزون المهام الهامة ويصعب استبدالهم - في المحادثات الجارية حول:

  • كم هم سعداء بوظائفهم.
  • إذا كانوا يظنون أنَّ مواهبهم مُعززة إلى أقصى حد.
  • اهتماماتهم في التطوير المهني وكيف يمكنكم العمل معاً لتحقيق ذلك.
  • الاهتمام بهم بصفتهم بشراً وأفراداً؛ اهتماماتهم وهواياتهم وحياتهم الشخصية - ضمن حدود - وآمالهم وأحلامهم؛ فهذا أمرٌ هام جداً بالنسبة إلى جيل الألفية.

2. التواصل وإثبات - من خلال الأفعال - أنَّ القيادة على جميع المستويات تريد وتحتاج إلى تغذية الموظفين الراجعة وآرائهم الصريحة عن:

  • كم هم سعداء بوظائفهم.
  • ما يفعله مديرهم بطريقة تساعد على إبراز أفضل ما لديهم.
  • ما يمكن أن يفعله مديرهم بشكل مختلف من شأنه أن يساعد على إبراز أفضل ما لديهم.
  • العقبات التي تحول دون أدائهم الأفضل.
  • الاستثمار في التدريب على مهارات التواصل حتى يفهم المديرون كيف يمكن أن يؤثر هذا الأمر نفسياً في الأشخاص الأقل نفوذاً في المنظمة ويشعرهم بالأمان، وكيف يؤثر في موظفيهم المباشرين من أجل التحدث والتعامل مع الأمر.

3. إشراك الموظفين في القرارات التي تؤثر في عملهم اليومي:

خاصةً عندما يتضمَّن ذلك تغيير عملهم من خلال تعيينهم في وظيفة جديدة.

4. إظهار اهتمام فعَّال بسلامة الموظف والتنمية المهنية:

  • جعل هذا جزءاً منتظماً من محادثاتك الدائمة.
  • العمل معهم لإيجاد فرص للحصول على أنواع الخبرات التي ستمكِّنهم من تنمية سجل مهاراتهم بالطرائق التي يرغبون فيها، وبطرائق تساعدهم على تقديم مزيدٍ من قيمة عملهم.
  • إظهار اهتمام حقيقي بهم بوصفهم أشخاصاً كاملين؛ فهواياتنا واهتماماتنا وحياتنا الشخصية أمرٌ هام للغاية للجميع، فعندما يُبدي الآخرون اهتماماً بنا - وليس فقط بما ننتجه - فمن المرجَّح أن نهتمَّ بهم وبما يفكِّرون فيه وبما يريدون.

5. إذا تغيَّرت المواقف واحتجت إلى التراجع عن وعد أو موقف، فلا تتجاهل حقيقة أنَّك تراجعت عن وعدك:

  • التعبير الصادق والصريح عن ندمك، والسماح للموظفين برؤية أنَّك لم تفعل ذلك باستخفاف.
  • شرح السبب الذي دفعك للتراجع عن وعدك.

المصدر




مقالات مرتبطة