كيف تبني مهارات التفكير الاستراتيجي للقيادة الناجحة؟

هل فكرت يوماً كيف يمكنك أن تفكِّر بصورة أكثر استراتيجية خلال هذه الأوقات المضطربة؟ هل أطاحت جائحة كورونا بجميع خططك ومبادراتك التي حدَّدتها بعناية؟



في الواقع، أنت لست وحدك؛ إذ نريد كلنا بعض الاستقرار في وظائفنا وفِرَقنا خلال هذا الوباء المُدمِّر، ولكنَّ هذا يتطلَّب جهداً أكبر من ذي قبل؛ إذ يتطلب النجاح في هذه المرحلة أكثر من مجرد البقاء على قيد الحياة، ومن الضروري تبنِّي بعض مهارات التفكير الاستراتيجي الجاد والحفاظ على عقلية حازمة.

هل توجد طريقة للنجاح رغم هذه الاضطرابات؟

نعم، ينبغي علينا الاستعداد لبذل مزيد من الجهد، إذ يجب على كل قائد تطوير مهارات التفكير الاستراتيجي حتى يتمكَّن من تحسين أداء الفريق عموماً وتعزيز نجاح شركته؛ ولكن ماذا يعني بالضبط أن تكون "شخصاً استراتيجياً" في ظل هذه الظروف التي نعيشها؟

إذا كنت في منصب قيادي في مؤسستك الآن، فمن المرجح أنَّك تعمل في وضع محفوف بالمخاطر نظراً إلى الاضطرابات التي تسبِّبها جائحة كورونا، وأنَّك تشعر بالضغط والتوتر أكثر من ذي قبل لأنَّ أفعالك وقراراتك ستخلِّف تأثيراً أكبر بكثير عليك وعلى الأشخاص الآخرين في فريقك.

رغم أهمية تسليط الضوء على مزايا التفكير الاستراتيجي قبل جائحة كورونا، يوجد الآن شيء أهم، وهو أنَّ هذا الوباء قد جعل التفكير الاستراتيجي ليس مجرد خيار فحسب، بل ضرورة حتمية.

قد يتطلب تقييم الخطط وإنشاؤها من منظور الاستراتيجية الجيدة الكثير من الجهد في البداية؛ ومع ذلك، قد تشعر بالارتياح لمعرفة أنَّ المكافآت ستفوق بكثير الجهد المبذول، وسترى ذلك قريباً بعد اتباع النصائح الاستراتيجية الثمانية أدناه.

إقرأ أيضاً: الخطوات الخمس الأولى على طريق النجاح

8 نصائح للتفكير الاستراتيجي:

مع تطوُّر الأحداث خلال هذه الأوقات العصيبة، فإنَّه لمن المؤكد أنَّك تشعر بالاضطراب من حين إلى آخر؛ إذ يعني كونك قائداً خلال هذا الوباء الاستعداد لمزيد من التغيير لأجلك وأجل مصلحة فريقك أيضاً.

بينما يمرُّ العالم بدورة من فرض الحظر وإلغائه، يمرُّ الموظفون بسلسلة من المشاعر الإنسانية بسرعة مذهلة، وكثيراً ما سيُطلَب منك تقديم رؤية ثاقبة وتحقيق الاستقرار لفريقك ومكان عملك.

يدور التفكير الاستراتيجي حول التوقع والاستعداد للمستقبل؛ فبدلاً من بذل جهدك لمجرد مساعدة شركتك على المواصلة والنجاة في سوق العمل المحموم هذا، يمكنك تخصيص الوقت وإحسان استغلاله من خلال وضع خطة قويَّة تحميك وشركتك، وتساعدكما على النجاح؛ لذلك اتبع النصائح الآتية لإنشاء مبادرات قوية وتنفيذ مشروعات ناجحة:

1. ألقِ نظرة فاحصة:

أحد الأشياء التي يخطئ فيها القادة خلال محاولتهم هو توقُّع أنَّ التفكير الاستراتيجي مجرد بند في قائمة المهمات، والواقع أنَّ عليك إلقاء نظرة فاحصة وشاملة على الصورة العامَّة قبل أي شيء آخر، ويعني هذا تحديد الأولويات بصورة حاسمة والابتعاد عن المهمات التي يمكن تفويضها للآخرين؛ لذا صَفِّ جدولك الزمني حتى تتمكَّن من التركيز على المهمات الضرورية التي تعمل عليها، ثم تابع استكشاف الأمور والأهداف الاستراتيجية للمشروع أو المبادرة التي تخطِّط لإنشائها أو تنفيذها، واسأل نفسك عن سبب حاجتك إلى بدء مشروع معين والوقت المناسب للقيام بذلك.

كما عليك تحديد جدول زمني خلال 6 أشهر إلى 5 سنوات، مع الأخذ في الاعتبار أنَّ توقعاتك ستتدهور كلَّما انخرطت في خطط طويلة الأمد؛ لذا أضف مزيداً من الموارد والمرونة إذا كان جدولك الزمني طويل الأمد.

شاهد بالفديو: عناصر التفكير الاستراتيجي

2. ضع قائمة بخبراء موثوقين:

ضع قائمة بأسماء الأشخاص الموثوق بهم الذين يمكنهم المساهمة في تقديم رؤى وتغذية راجعة فعالة لمبادرتك، وقد تتضمَّن هذه القائمة أصحاب المصلحة الرئيسين، والخبراء المتخصصين، والمنتورز، وحتى الزملاء الذين خططوا وطرحوا مشروعات مماثلة مُسبقاً.

تواصَل مع الأشخاص المدرجين في هذه القائمة بانتظام في أثناء العمل على الخطوات للاستفادة من وجهات النظر المتنوعة في عملية التخطيط هذه، وستتمكَّن بهذه الطريقة من التعامل مع أي مشكلة تواجهها؛ كما يؤدي إشراك أصحاب المصلحة الرئيسين في هذه العملية الأولية إلى إظهار استعدادك للإصغاء إليهم والتعاطف مع مشكلاتهم، ممَّا يؤدي بدوره إلى تكوين الثقة، وتمهيد الطريق لتنفيذ مزيد من المشروعات في المستقبل القريب.

3. تنبَّأ بالمستقبل:

بعد تحديد أهدافك وجمع التغذية الراجعة، حان الوقت للتفكير في الشكل الذي سيبدو عليه المستقبل إذا سارت الأمور كما تتوقعها؛ لذا حدِّد نوع وكمية الموارد اللازمة لتحقيق ما تتوقعه، كالمال والوقت ورأس المال الاجتماعي.

4. أجرِ عصفاً ذهنياً حول المشكلات الداخلية والخارجية المحتمَلة:

فكِّر في الصورة الذي سيبدو عليها المستقبل إذا واجهت مشكلات غير متوقعة نتيجة عوامل داخلية أو خارجية قد تعرِّض رؤيتك المستقبلية المتوقَّعة إلى الخطر، ثم اكتب نوع المشكلات المحتمَلة التي قد تواجهها، بما فيها المشكلات ذات الاحتمالية المنخفضة.

قيِّم احتمالية مواجهة كل مشكلة، واضرب الاحتمالية بعدد الموارد اللازمة لمعالجة المشكلة بغية تحسين القياس، وحاول تحويل الموارد إلى مصادر مالية إن أمكن لتحصل على وحدة قياس واحدة؛ ثم فكِّر في الخطوات التي يمكنك اتخاذها لمعالجة هذه المشكلات قبل حدوثها، ودوِّن كم تتوقع أن تكلفك هذه الخطوات؛ وأخيراً، أضِف جميع الموارد الإضافية التي قد تكون مطلوبة لمواجهة المشكلات المحتمَلة المختلفة وجميع الخطوات التي التزمت باتخاذها لمعالجة هذه المشكلات مسبقاً.

5. حدِّد الفرص المحتملة (الداخلية والخارجية):

تخَّيل كيف ستبدو خطتك إذا ظهرت فرص غير متوقعة، سيكون مصدر معظم هذه الفرص خارجياً؛ ولكن ضع في اعتبارك الفرص الداخلية المحتملة أيضاً، ثم قِس احتمالية كل سيناريو وعدد الموارد التي قد تحتاجها للاستفادة من كل فرصة، ولا تنسَ تحويل الموارد إلى أموال إن أمكن ذلك؛ ثم فكِّر في الخطوات التي يمكنك اتخاذها مسبقاً للاستفادة من الفرص المحتملة، واكتب التكلفة التي قد تتطلبها هذه الخطوات؛ وأخيراً، أضفِ جميع الموارد الإضافية التي تلزم لاستغلال هذه الفرص المختلفة غير المتوقعة، وجميع الخطوات التي التزمت باتخاذها لمعالجتها مسبقاً.

شاهد بالفديو: تعلم كيف تغتنم الفرص بـ 10 خطوات

6. تحقَّق من الانحيازات المعرفية:

تحقَّق من الانحيازات المعرفية المحتملة المرتبطة بك شخصياً أو بالمنظمة ككل، وعدِّل الموارد والخطط لمعالجة مثل هذه الأخطاء، واحرص على الأقل من التحقق من تفادي الخسارة، والانحياز للوضع الراهن، والانحياز التأكيدي، والانحياز المتعمَّد، والثقة المُفرِطة، وانحياز التفاؤل والتشاؤم، وتأثير الهالة، وتأثير القرن.

7. ضع المجهول في اعتبارك:

للحصول على استراتيجية أكثر فاعلية، عليك أن تفكِّر في نظرية البجعة السوداء أيضاً؛ أي التفكير في الأحداث التي لا يمكنك التنبؤ بها، والتي قد يكون لها عواقب وخيمة.

لأخذ هذه الأحداث في الحسبان، أضِف 40% إلى الموارد التي تتوقعها، وفكِّر أيضاً في طرائق لجعل خططك أكثر مرونة وأماناً ممَّا تشعر أنَّك بحاجة إليه.

8. تواصَل ونفِّذ هذه الخطوات:

بلِّغ أصحاب المصلحة بالخطة، وأخبِرهم بالموارد الإضافية المطلوبة، ثم اتَّخذ هذه الخطوات لمعالجة المشكلات غير المتوقعة والاستفادة من الفرص التي حددتها من خلال تحسين خططك، فضلاً عن تخصيص الموارد ووضع احتياطي لها.

وأخيراً، انتبه إلى وجود حالات ستحتاج فيها إلى الرجوع إلى هذه الخطوات ذهاباً وإياباً لإجراء التحسينات، وأعِد مراجعة استراتيجيتك والتواصل مع الخبراء المُدرَجين في القائمة عند كل مرحلة.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن للقادة التفكير والتخطيط استراتيجياً؟

في الختام:

يُعدُّ التنبؤ بالعقبات ووضع خطة محكمة لتخطِّيها أحد الطرائق الرائعة للتعامل مع مشاعر الاضطراب التي نعيشها في ظل هذا الوباء، وممارسة التفكير الاستراتيجي هي الطريقة المؤكَّدة للقيام بذلك.

يتعيَّن عليك في الأشهر والسنوات المقبلة مواصلة العمل حتى في الأوقات العصيبة والظروف المجهولة لتتمكَّن من قيادة فريقك إلى نقطة آمنة، ويضمن لك القيام بهذه الخطوات من أجل التفكير الاستراتيجي الاستعداد والتكيُّف مع التغييرات القادمة مع اكتساب الوضوح والمنظور والكفاءة اللازمة لمواجهة جميع المصاعب.

 

المصدر




مقالات مرتبطة