كيف تبني الثقة مع الفِرق العاملة عن بعد؟

الثقة هي حجر الأساس لأيَّة علاقة قوية، وهذا ينطبق على كل جانب من جوانب حياتك ولا سيما في مكان العمل؛ إذ وُجِد أنَّ الموظفين الذين يعملون في بيئات تسودها الثقة:



  • ازداد تفاعلهم بمقدار 76%.
  • قَلَّ الإجهاد لديهم بمقدار 74%.
  • ازداد توافقهم مع أهداف شركاتهم بمقدار 70% مقارنةً مع الموظفين الذين يعملون في بيئاتٍ تنخفض فيها الثقة.
  • ازدادت الإنتاجية لديهم بمقدار 50%.

علاوة على ذلك، وجدَت العديد من الدراسات أنَّ الثقة أمر بالغ الأهمية لنجاح الفريق، وهذا صحيح تماماً؛ وذلك لأنَّ مديري الفِرق العاملة عن بُعد عانوا من مشكلات الثقة في أثناء جائحة كوفيد-19 (COVID-19)، ولحسن الحظ، يمكنك استخدام الاستراتيجيات السبع التالية لتغيير هذا الوضع:

1. التخفيف من ضغوطات فريقك:

وفقاً للمؤلِّف وخبير الثقة بول زاك (Paul Zak)، فإنَّ الإجهاد هو أحد أكثر مثبطات الأوكسيتوسين قوة، والخطير في ذلك أنَّ الأوكسيتوسين هو الهرمون المسؤول عن الترابط الاجتماعي والرومانسي؛ لذا فهذه المادة الكيميائية هامة نوعاً ما عند بناء الثقة مع فريقك - على وجه التحديد - يساعد هذا الهرمون الفِرق على العمل والنمو معاً، وهذا يمكن أن يُغيِّر مكان العمل تماماً للأفضل.

كتبَ "زاك": "وجدتُ في بحثي أنَّ بناء ثقافة الثقة هو ما يصنع فارقاً ملموساً، فالموظفون في المنظمات عالية الثقة أكثر إنتاجية، ولديهم طاقة أكبر في العمل، ويتعاونون بشكل أفضل مع زملائهم ويبقون مع أرباب العمل فترةً أطول مقارنةً بالموظفين الذي يعملون في منظمات تنخفض فيها الثقة، كما أنَّهم يعانون أيضاً من ضغوط مزمنة أقل ويكونون أكثر سعادة في حياتهم، وهذه العوامل تُعزِّز قوة الأداء"، وهذا أمرٌ منطقي، ولكن كيف يمكنك بالضبط تقليل الضغط في مكان العمل؟

بدايةً، توقَّف عن إدارة الفريق إدارةً تفصيلية، وبدلاً من ذلك، امنحهم الاستقلالية عن طريق السماح لهم بالعمل كيفما وأينما يريدون، فنظراً لأنَّهم يعملون من المنزل، يُعَدُّ هذا أمراً أساسياً؛ وذلك لأنَّه يمكن أن يجعل التكامل بين العمل والحياة أسهل، مثل التوفيق بين العمل والتعليم المنزلي لأطفالهم.

بالإضافة إلى ذلك، تأكَّد من التواصل معهم بانتظام، سواءً عن طريق مكالمة هاتفية سريعة، أم اجتماع أسبوعي على منصة "زووم" (Zoom) أم منصة "سلاك" (Slack)، فإنَّ هذا يمنحك فرصة لتقديرهم أو معالجة أيَّة مخاوف يواجهونها.

علاوة على ذلك، يجب أن تكون متاحاً حتى تتمكن من تقديم التوجيه، على سبيل المثال: إذا كانوا يجدون صعوبة في إدارة الوقت، وهو عامل ضغط يواجهه 46% من الموظفين، فقدِّم لهم النصائح حول كيفية حل هذه المشكلة.

يجب عليك أيضاً تشجيعهم على أخذ إجازة واحترام حدودهم، فهذا يعني عدم إرسال الرسائل إليهم عندما لا يعملون، ومنحهم إمكانية الوصول إلى تطبيقات اليقظة الذهنية مثل "كالم" (Calm).

2. تقديم التغذية الراجعة:

يُعَدُّ نَسبُ الفضل إلى من يستحقه طريقة مثبتة لبناء الثقة في مكان العمل، وفي الواقع، وجدَت دراسة أجرتها شركة "غلوبوفورس" (Globoforce) أنَّ أولئك الذين حصلوا على تقدير قادتهم مؤخراً، كانوا أكثر ميلاً إلى الثقة بهم 82% مقابل 48%.

لكنَّ الثناء على الفريق يفقد معناه في النهاية؛ حيث تُظهِر الدراسات في الواقع أنَّ التعليقات "السلبية" - إذا قُدِّمت بشكل مناسب - تكون أكثر فائدة من كلمات الإطراء الإيجابية؛ والسبب أنَّ الموظفين يريدون التعلُّم والنمو، ويريدون مواجهة التحديات وليس نَيل الثناء فقط.

من أبسط الطرائق لتقديم كِلا النوعَين من التغذية الراجعة اتِّباع أسلوب الشطيرة، وهنا ستقدم التغذية الراجعة على النحو التالي: إيجابية، بنَّاءة، إيجابية، وهذا مناسب؛ وذلك لأنَّك تبدأ وتنتهي من تعليقاتك بشكل إيجابي، وفي الوقت نفسه أنت تقدم أيضاً ملاحظات صادقة وبنَّاءة.

إقرأ أيضاً: نافذة جوهاري، بناء الوعي الذاتي والثقة في الفريق

3. التعرُّف إلى أعضاء الفريق ولو بشكل افتراضي:

إنَّ حجر الزاوية في تقوية أيَّة علاقة هو التعرُّف إلى الشخص الآخر، وبهذا - أعني التعرُّف إليهم خارج مكان العمل - حتى لو كان ذلك يعني الاجتماع معهم شخصياً بشكل منتظم، أو إجراء محادثات متكررة وغير رسمية معهم عبر الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني أو اجتماعات "احتساء القهوة" من خلال منصة "زووم" (Zoom).

يمكنك أن تسألهم عن أحوالهم دون تَطَفُّل، فاستفسر عن هواياتهم أو شغفهم أو أحوال أسرهم؛ حيث يبدو الأمر بسيطاً، لكنَّ قضاء دقيقتين كل أسبوع في التعرُّف إلى كل عضو في الفريق يساعدك على اكتشاف الاهتمامات المشتركة مع إظهار أنَّك تهتم حقاً بهم كأشخاص.

4. التأكُّد من أنَّ أهدافك وأغراضك ونواياك واضحة تماماً:

هذا من أساسيات القيادة، فتأكَّد دائماً من القيام بذلك من البداية، على سبيل المثال: لنفترض أنَّه عندما يُكمِل أحد أعضاء الفريق الجزء الخاص به من المشروع، يجب عليه أن يُذكِّرَ مدير المشروع، فقد لا يبدو ذلك أمراً جللاً، ولكن ما هي الأداة المفضَّلة هنا؟ إذا كان ذلك من خلال رسالة عبر تطبيق "سلاك" (Slack)، لكنَّهم أرسلوا بريداً إلكترونياً، فقد يتسبب ذلك في الكثير من المشكلات.

باختصار، تأكَّد من مشاركة أهدافك وأغراضك ونواياك مع فريقك، والأهم من ذلك تحقَّق جيداً من أنَّهم يفهمونها حتى تكونوا جميعاً متوافقين.

5. إظهار الكفاءة والتواضع:

كتبَت الكوتش التنفيذية "دينا دينهام سميث" (Dina Denham Smith): "تستند الثقة في القيادة أيضاً إلى إظهار القائد الخبرة والقدرة في أثناء العمل، ففي الفِرق العاملة عن بعد؛ حيث يمكن أن يشعر الأشخاص بالانعزال، يُعَدُّ التواصل القوي مهارة قيادية بالغة الأهمية، فمن خلالها يُحكَم على كفاءتك وقدرتك على بناء الثقة".

لا يجب عليك بالتأكيد التسبب في الإغراق المعلوماتي، ولكنَّ التواصل مهما كَثُر لا يمكن أن يكون مبالغاً فيه، وتضيف "سميث" قائلةً: "إذا لم تتواصل بشكل متكرر وواضح، فسوف يؤوِّل الموظفون الأمور مثلما يشاؤون، وعادةً ما يكون هذا أسوأ ما قد يحدث، وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون منفتحاً بشأن توقعاتك وأن تكون شفافاً بشأن اتجاه الشركة وسياساتها وإجراءاتها، بما في ذلك عملية صنع القرار".

في الوقت نفسه، اعترِِف أنَّه ليس لديك كل الإجابات، ويجب عليك حتى الاعتراف بأخطائك، وإذا كنت بحاجة إلى المساعدة، فاطلبها، وتضيف "دينهام هيل" (Denham Hill): "في حين أنَّه قد يبدو هذا غير منطقي، فإنَّ القادة الذين يطلبون المساعدة يجذبون الآخرين إليهم من خلال إظهار إنسانيتهم، ويُلهِمون الآخرين بجعلهم يشعرون بالحاجة إليهم ويكسبون الثقة والولاء".

6. إضفاء التجديد على الفعاليات والاجتماعات الافتراضية:

على الرغم من أنَّ الاجتماعات الافتراضية كانت موجودة منذ سنوات، إلَّا أنَّها أصبحَت ضرورية وسائدة جداً بسبب جائحة كوفيد-19 (COVID-19)، وفي حين أنَّها طريقة مناسبة للبقاء على تواصل وبناء العلاقات، إلَّا أنَّها مرهقة أيضاً، ومع ذلك يمكنك تنظيم الاجتماعات تنظيماً يعزز الثقة والروح المعنوية أيضاً.

إذا كنتَ بحاجة إلى بعض الأفكار، فإليك النصائح التالية التي طرحها "جون هول" (John Hall) المؤسِّس المشارك لتطبيق "كالندر" (Calender):

  • ابدأ الثناء على إنجازات الفريق أو مشاركة دعابة.
  • استضِف الأحداث ذات الطابع الخاص، مثل حفلة العطلة أو وجبات الغداء الافتراضية؛ حيث يشارك المشاركون وصفاتهم المفضلة.
  • أجرِ اجتماعات أسبوعية للحديث عن آخر المستجدات أو اسأل عن أحوال الجميع.
  • اتَّبِع دائماً آداب الاجتماعات الافتراضية، مثل كتم صوت الميكروفون عند عدم التحدث.
  • شجِّع جلسات العصف الذهني الصامت.
  • نظِّم نشاطات افتراضية لبناء الفريق، مثل تحديات اللياقة البدنية.
  • حافِظ على تفاعلهم من خلال تحدِّيهم، على سبيل المثال: يمكنك أن تسأل كيف تغلبوا على مشكلة ما في الماضي.
  • اجعل الاجتماعات ممتعة من حين إلى آخر؛ وذلك من خلال مفاجأتهم عن طريق القيام برحلة ميدانية افتراضية مثلاً أو دعوة مُتحدِّث ضيف.
  • حدِّد وقت الاجتماعات في الأوقات الأفضل لفريقك، بينما لن تجد أبداً الوقت والتاريخ المثاليَّين، يمكنك استطلاع رأيهم لمعرفة ما هو الأفضل بالنسبة إلى الأغلبية.
  • أَنْهِ كل اجتماع بطريقة سعيدة ممتعة، على سبيل المثال: يمكنك طرح أسئلة إيجابية مثل: "ما الذي وجدتَه أكثر قيمة في هذا الاجتماع؟".

شاهد بالفديو: 10 نصائح للعمل من المنزل

7. الحفاظ على الاتِّساق:

وفقاً للمدير التنفيذي لـ "جاك زينجر" (Jack Zenger) ورائد الأعمال "جوزيف فولكمان" (Joseph Folkman)، هناك ثلاثة عناصر للثقة: العلاقات الإيجابية، والقرارات أو التجارب الجيدة، والاتِّساق، وأعتقد أنَّه لديك فكرة عن أول عنصرين؛ لذا دعنا نستعرض ما يعنيه الاتِّساق.

الاتِّساق هو مدى التزام القادة بأقوالهم؛ إذ يُصنِّف الناس القائد بدرجة عالية من الثقة إذا:

  • كان مثالاً يُحتذى به وقدوة حسنة.
  • التزم بأقواله.
  • احترم الالتزامات وأوفى بالوعود.
  • كان على استعداد للقيام بأكثر مما هو مطلوب منه.

في حين أنَّ هذا قد لا يكون العنصر الأكثر أهمية، إلا أنَّه لا يزال ضرورياً، على سبيل المثال: لنفترض أنَّك حددتَ اجتماعاً مع شخص ما يوم الخميس الساعة 3 مساءً، وكانت لديك حالة طوارئ عائلية ولم تُعلِم عضو الفريق بأنَّه يتعين عليك تأجيل الاجتماع.

يصل عضو فريقك في الوقت المحدد وينتظرون بصبر، وبعد مرور بعض الوقت يرسلون إليك بريداً إلكترونياً، وترد بأنَّه عليك إلغاء الاجتماع، فهذا ليس عدم احترام لوقتهم فقط؛ بل يُظهر لهم أنَّه لا يمكن الوثوق بك.

المصدر




مقالات مرتبطة