كيف تبقى في أفضل حالاتك عندما تعيش ظروفاً سيئة؟

لقد كان العامان الماضيان صعبين جداً على أقل تقدير؛ فمعظم الناس فقدوا وظائفهم، وأفلست شركات عديدة، وهددت الحالة الصحية العالمية حرياتنا جميعاً. صدم ذلك المجتمع صدمةً كبيرة من الصعب التكيُّف معها، لكن علَّمتنا السنتين الماضيتين أهمية المرونة على الجانب المشرق.



البقاء على قيد الحياة لا يكفي وحده، وتخطي الأيام فحسب ليس طريقةً للحياة؛ إذاً كيف يمكنك أن تتعلم أن تبقى في أفضل حالاتك عندما تحدث أمورٌ سيئة لك ولمن حولك؟ كيف يمكنك إثبات نفسك للتأكد من أنَّك في أفضل وضع يسمح لك بأن تكون ذكياً ومتوازناً عند الضرورة، وتحافظ على توافقك مع ذاتك الحقيقية أيضاً؟

هذه هي أسرار البقاء في قمة تفوقك عندما تصبح الحياة أكثر صعوبة.

ما يلزمك لتكون في أفضل حالاتك:

إنَّ أول شيء عليك القيام به عندما تواجه الصعوبات مراراً وتكراراً هو التركيز مجدداً على الأساسيات؛ لأنَّ عقلك عندما تصبح الأمور صعبة يعود إلى سلوكات التأقلم المترسخة فيه، والتي تتراوح من غير المجدية إلى الخطرة والمدمرة، من الأمثلة على ذلك قلة النوم، ومشاهدة برامج تليفزيونية كاملة في جلسة واحدة، والانعزال عن الآخرين.

يميل الناس أيضاً إلى تناول الأطعمة سريعة التحضير مثل المعكرونة بالجبن والدجاج المقلي والمثلجات التي تجعلهم يشعرون بالأمان والراحة؛ ولكنَّها لا تُغذي أجسامهم في الواقع.

من الطبيعي أن تعيش لحظات كهذه بين الفينة والأخرى، ويحتاج كلُّ إنسان إلى استراحة في بعض الأحيان، ولكن إذا أصبحت هذه آليات التأقلم الرئيسة لديك، فقد حان الوقت للعودة إلى الأساسيات؛ إذ تمتلك نظاماً عصبياً قوياً وصحياً قادراً على مساعدتك على مواجهة التوتر.

بعض السلوكات مثل تناول الطعام المغذي، والحصول على نوم مريح وكافي، والعناية الجيدة بجسمك هي عوامل هامة في مواجهة التوتر فضلاً عن الحفاظ على قدرتك على التكيف، وقد تشمل العناية بجسدك كثيراً من السلوكات المختلفة، مثل التنزه في الطبيعة قليلاً كل يوم، أو القيام بجلسات تدليك للمساعدة على التخلص من توتر عضلاتك، أو ممارسة الرياضة ليبقى جسمك قوياً بما يكفي للتعامل مع صعوبات الحياة؛ لذا انتبه إلى الأنشطة التي تجعل جسمك يشعر بالدعم واجعلها جزءاً غير قابل للتغيير من جدولك اليومي.

للانتقال إلى المرحلة التالية، اتبع بعض الممارسات التي تعتني بعقلك وتنظم طاقتك؛ إذ يؤثر عقلك في جسمك، وإذا أردت أن يعمل جسدك عملاً صحيحاً، فعليك أن تهتم بنظام التشغيل الخاص به ألا وهو عقلك، ويمكنك القيام بذلك بكتابة اليوميات والتأمل وإجراء المحادثات وسلوكات تطوير الذات وتعلم مهارات جديدة لتبقي عقلك في أفضل حالاته.

بالمثل عليك الانتباه إلى طاقتك وكيف تستهلكها، فتوجد أشياء معينة ستكلفك طاقة أكثر من غيرها حتى لو كانت تلك الأنشطة تستغرق القدر نفسه من الوقت، على سبيل المثال، قد يستغرق الأمر طاقةً أقل لقراءة كتاب لمدة ساعة ممَّا تتطلبه محادثة مع والدتك لمدة ساعة.

عندما تفهم كيف تنفق الطاقة إنفاقاً صحيحاً ستكون قادراً على تنظيم أيامك تنظيماً مدروساً أكثر حتى لا تستهلك كلَّ طاقتك في يوم واحد وتبقى منهكاً لبقية الأسبوع، وكلُّ هذه الأشياء ستقويك؛ لأنَّك عندما تسوء الأمور ستكون قادراً على التعامل معها تعاملاً أفضل.

قال السياسي البريطاني وليم قسطنطين (William Constantine): "إنَّ واقعك هو كما تتصوره، وبتغيير هذا التصور يمكننا تغيير واقعنا".

شاهد بالفديو: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسية

أوقات الطوارئ:

إنَّك بحاجة إضافةً إلى امتلاك أساس متين إلى اتباع ممارساتٍ يمكن أن تساعدك في أوقات الطوارئ، ويمكنك القيام بهذه الممارسات عندما تسوء الأمور وتحتاج إلى المساعدة، وأهم هذه الممارسات هي تمرينات المسايرة وتمرينات التنفس.

إذا لم تكن قد تعلمت التنفس تعلماً إرادياً، فمن المحتمل أنَّ تنفسك سطحي؛ يعني ذلك أنَّك تتنفس في صدرك دون أن تستنشق بعمقٍ كافٍ، ويدخل التنفس السليم بعمقٍ في البطن ممَّا يجعل الحجاب الحاجز يتحرك، وبهذه الطريقة يتزود الدم والجسم والدماغ بالأوكسجين تزوداً صحيحاً.

إنَّ هذا هام لأنَّ التنفس العميق يساعدك في الواقع على التخلص من التوتر، ممَّا يقوي جهاز المناعة، وإنَّ تمرينات التنفس مثل الاستلقاء على ظهرك، ووضع يديك على أسفل بطنك، والتنفس في يديك لدفعهما بعيداً عنك مع العد حتى الثمانية عند الشهيق، وحبس النفس لمدة أربعة ثوانٍ، ثمَّ الزفير مع العد حتى ثمانية ستساعدك على تطوير عادة التنفس الأعمق.

تمرينات المسايرة رائعة أيضاً في حالات الطوارئ، ويمكن للناس في أوقات الصدمة أو التوتر أن ينفصلوا عن أجسادهم؛ هذا يعني أنَّ العالم قد يبدو غير حقيقيٍّ بالنسبة إليك، وقد يبدو كما لو كنت خارج جسدك أو قد لا تعيش الواقع كما هو بالفعل بسبب الانفصال عن مشاعر جسدك، ويمكن أن تصبح الأشياء فارغة ويمكن لعقلك أن يرفض التركيز.

إذا كنت تعاني هذه الأشياء قد تساعدك تمرينات التأريض بإعادة الوعي إلى جسمك؛ وذلك هامٌ خاصة عندما تجد نفسك في حاجةٍ لاتخاذ قرار هام، ويمنحك جسدك إشاراتٍ بواسطة مشاعرك، وإذا انفصلت عن جسدك قد يصبح من الصعب قراءة تلك العلامات، ممَّا قد يؤدي إلى اتخاذ خيارات غير متوازنة أو امتلاك آراءٍ خاطئة، ويمكنك من خلال مسايرة جسدك إعادة التواصل مع إشاراته ويمكنك اتخاذ قراراتٍ أفضل أيضاً.

يتضمن أحد تمرينات المسايرة الجلوس جلوساً مريحاً، وكلُّ جزء من جسمك يلامس الأرض، تخيل أنَّ الجذور تمتد منه عميقاً في الأرض، وتخيل أنَّ هذه الجذور تمتص المغذيات والطاقة من نبض الأرض بينما تنتبه بوعيٍ إلى أنفاسك.

اشعر وكأنَّك تتنفس بعمق في بطنك، وانتبه إلى توسع القفص الصدري، ثم تخلص من أيِّ توتر تشعر به في قدميك، ثم ركبتيك، ثم فخذيك، ثمَّ باقي أعضاء جسدك كاملة، وستعيد نفسك إلى اللحظة الحالية، وستُشبع طاقتك بتركيزك على جسدك.

من الهام أن تتذكر أنَّه ليس كلُّ شيء يحتاج إلى استجابة فورية؛ فالتصرف بهدوءٍ أفضل من التصرف بدافع الخوف أو الغضب، وإذا بدأت عواطفك تنقلب بهذه الطريقة فهذه تمرينات فعالة يجب عليك تعلمها.

إقرأ أيضاً: 10 عادات سيئة عليك إلغاؤها من روتينك اليومي

الممارسة اليومية التي يتجاهلها الجميع:

توجد طرائق قوية لتحويل طاقتك وتوجيهها، فمن أكثر الممارسات التي يتغاضى الناس عنها والتي يمكنك تنفيذها هي قوة الكلمة المنطوقة.

صوتك له رنينه، ممَّا يعني أنَّك تستطيع توجيه طاقتك لتُركز بطريقةٍ معينة باستخدام صوتك؛ فتذكَّر أنَّ عقلك هو العامل الميسر لصحة الجسم؛ لذلك عندما تقضي وقتاً في يومك لتحوِّل أفكارك إلى كلمات منطوقة لتوجيه الطاقة يمكنك إحداث تغيير حقيقي.

على سبيل المثال، إذا شعرت بالتعب يمكنك أن تأمر الطاقة لإعادة ملء مستويات الطاقة لديك، وإذا كنت تشعر أنَّ لديك طاقة سلبية في داخلك يمكنك أن تطلب من هذه الطاقة أن تغادر، وأن يمتلئ كيانك بالنعيم والسلام، وضع في حسبانك أنَّه يجب أن تؤمن بما تقوله حتى تتمكن من تغيير واقعك.

يستغرق ذلك وقتاً وممارسة ولا بأس بذلك؛ فالنتائج تتحقق بالعمل الدؤوب، وإنَّ طاقة الكلمة المنطوقة ستحقق نتائج أفضل كلَّما استخدمتها أكثر.




مقالات مرتبطة