كيف أصبح سرد القصص مصدر إلهام لي وللآخرين

هل تعلم أنَّك جوهرة؟ نعم، إنَّك جوهرةٌ ثمينة ومتلألئة ومبهرة، فلو عرفت فقط مدى روعتك وآمنت بذلك، لتغيَّرت حياتك في لحظة، فنحن جميعاً أشخاص رائعون؛ إذ إنَّ تكوينك بصفتك فرداً، من أعضاء جسمك إلى الشخصية الفريدة التي تتَّسم بها أنت فقط، ليس أقل من سحر.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المُدوِّنة "إرين فالكونر" (Erin Falconer)، وتروي لنا فيه قصة حياتها، وكيف أصبحت الكتابة مصدر إلهامها.

تتجلَّى موهبتي في القدرة على إلهام الناس ليصبحوا أشخاصاً أفضل، ويعملوا خيراً لأنفسهم وللآخرين؛ وذلك من خلال فن التواصل البشري، والتحدث وجهاً لوجه، والخطابات التحفيزية، إضافةً إلى سرد القصص بأشكال مختلفة وعبر وسائط متعددة.

لقد شهدت بنفسي قوة سرد القصص بصفتي مراسلةً تلفزيونيةً سابقة، ومضيفةً في برنامج "بي بي إس" (PBS)، ومؤسسة "غو غو إنسباير" (Go Inspire Go)، وهي منظمة خيرية تحتوي أيضاً على منصة إعلامية تروي من خلالها قصصاً واقعية عن أبطال من حياتنا اليومية، وتشاركها مع العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هدفنا في هذه المؤسسة هو إلهام البطل الذي في داخلك للعمل، من خلال رؤية نضالات الآخرين وانتصاراتهم.

لقد تشرَّفت بالتعرف إلى قصص أشخاص من جميع مناحي الحياة، كرجل أعمال ناجح تبرَّع بمنزله لمدة عام لعائلة مشردة، وسائق حافلة مدرسية يُعدُّ ويقدِّم وجبات الطعام للمحتاجين بعد انتهاء نوبته اليومية، وأمٍّ لثلاثة أطفال تصنع قبعات عليها صور الأبطال الخارقين وتهديها للأطفال الذين يتلقون العلاج، من بين أشياء أخرى كثيرة، فإنَّ مشاركة هذه القصص تُلهم عشرات الآلاف من الأشخاص لاكتشاف البطل في داخلهم وعمل الخير بأشكال مختلفة، كبيرة وصغيرة.

إقرأ أيضاً: 3 طرق تستمدُّ الإلهام منها

هؤلاء الأشخاص جميعهم يشتركون في شيء واحد، سواء كنت أُجري مقابلةً مع مالك منتجع، أم شخص بلا مأوى، أم مراهق حاول الانتحار؛ إذ إنَّهم يريدون أن يراهم الناس ويسمعونهم ويتفهمونهم، فكل إنسان يريد أن يشعر أنَّه هام، لكنَّ معظم الأشخاص الذين قابلتهم لا يظنون أنَّهم هامُّون في نظر الآخرين، وكان هذا هو الحال بالنسبة إلي.

قصة حياتي:

تبدأ قصتي في جنوب شرق آسيا، عندما كان عمري ثمانية أشهر، هربت مع عائلتي من "فيتنام" بعد سقوط الجزء الجنوبي من البلاد، وسافرنا إلى الولايات المتحدة بحثاً عن الحلم الأمريكي، هبطنا في جنوب مدينة "ساكرامنتو" (Sacramento)، في ولاية "كاليفورنيا" (California)، وقد عشنا نحن العشرة جميعاً في منزل متنقِّل، ولم يكن في جعبتنا سوى أربعة دولارات، عندما سمعت عن المشاهير وغيرهم من الأشخاص الناجحين، لم أكن أظنُّ أنَّني سأتمكن من مقارنة قصتي بهم، أو أنَّني قد أرقى يوماً إلى مستواهم.

ثمَّ كبرت وبدأت في شق طريقي بنفسي، لكنَّني شعرت بالذنب؛ لأنَّني لم أكن متحمسة للمهن التي كان والداي يتمنَّانها لي، كانت أمي تكرِّر بلهجتها اللطيفة المكسورة "عليكِ أن تصبحي طبيبةً أو محاميةً أو مهندسة"، لكنَّ هذه المجالات لم تكن مناسبة لي؛ بل شعرت بأنَّني شغوفة جداً بالتواصل؛ إذ أُحِبُّ القراءة والكتابة والتحدث، وفي أثناء قراءة الكتب، كنت أتظاهر بأنَّني شخصية في الكتاب، وأُغيِّر صوتي في أثناء قراءة القصص بصوت عالٍ.

كان أول شخص أدرك ولعي بالتواصل هو "كارولين ويبر" (Carolyn Weber)، الأستاذة المتعلمة في "جامعة أكسفورد" (Oxford University)، وكانت تُدرِّس في جامعتي "جامعة سان فرانسيسكو" (The University of San Francisco)، بعد تسليم بحثي الأول بعنوان "لمحة من تجربة غيرت حياتي إلى الأبد".

شاهد بالفيديو: ما هي مهارات التواصل الفعال؟

لقد تحدَّثتُ بالتفصيل عن نشأتي بصفتي مهاجرة فقيرة، وقد أردتُ التغيُّب عن دروسها ظنَّاً مني أنَّني لن أرقى إلى معاييرها، وأنَّها ستمزِّق بحثي، لكن في الأسبوع التالي، أعادت إليَّ الورقة بابتسامة لطيفة، وقالت بلهجتها البريطانية: "عملٌ جميل"، ثمَّ هرعت لقراءة تعليقاتها؛ إذ كتبت: "إنَّك كاتبة موهوبة ونشيطة، وأتمنى أن تستغلي هذه الموهبة"، وفي ذلك اليوم، تغيَّرت حياتي إلى الأبد، فلقد هزَّت هذه الكلمات كياني، كما لو أنَّ أحدهم قال: "إنَّني أراك وأشعر بوجودك".

لم أشعر أبداً أنَّ قصتي هامَّة، فقد كنت مجرد طفلة فقيرة غريبة الأطوار ومولعةً بالقصص، لكنَّها كانت هامَّة، وما زالت كذلك اليوم، وبعد مرور 20 عاماً، كم أتمنى لو يمكنني أن أقول لتلك الطفلة الخائفة أنَّها كانت أقوى ممَّا تظن، وأنَّ كلماتها ستلهم الناس وتغيِّر حياتهم وتشفيهم وتجعل العالم مكاناً أفضل.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح هامة لتقوية حس الإلهام

في الختام:

سوف نعاني خلال رحلتنا في الحياة من مصاعب كثيرة، وبعضنا قد يخفق تماماً، كالأحجار النفيسة التي تُدفن في الوحل قبل أن يكتشفها أحد، لكن فقط عندما نبقى صادقين مع أنفسنا، ونستكشف قوتنا، ونشاركها مع الآخرين، يمكننا إيجاد السعادة الحقيقية في الحياة، فعندما يسطع نورك، فإنَّك ستلهم الآخرين أيضاً ليروا القوة والجمال في داخلهم.




مقالات مرتبطة