كيف أحمي نفسي من الابتزاز العاطفي؟

الابتزاز العاطفي هو أحد أشكال التلاعب النفسي، ويحدث خلاله استخدام منظومة من التهديدات وأنواع مختلفة من العقاب يوقعها شخص ما على آخر قريب منه في محاولة للسيطرة على سلوكه.



ما هو الابتزاز العاطفي؟

هو سلاح يُشهَر بغرض إجبار شخص آخر على الخضوع إلى رغباتنا ومطالبنا، حيث تقول الطبيبة النفسية "سوزان فورورد" (Susan Forward) في كتابها "الابتزاز العاطفي" (Emotional Blackmail): "الابتزاز العاطفي أحد أشكال التلاعب القوية، والتي يهدد خلالها المبتَز ضحيته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إذا لم يحصل على ما يرغب فيه، حيث يكون على علم بنقاط ضعف ضحاياه وأدق أسرارهم، ويستخدمها ضدهم بغية إرضاخهم إلى حكمه؛ إذ غالباً ما يكون الأشخاص الذين يلجؤون إلى الابتزاز العاطفي من الأصدقاء والزملاء وأفراد العائلة الذين تربطنا بهم علاقات قوية، ومهما بلغ مقدار اهتمام المبتَز بضحيته، فإنَّه يستفيد من معرفته القوية به للفوز بإذعانه له".

قد يتنكر المبتَزون بصورة المعاقبين، أو الناقدين الذاتيين، أو المعانين، أو المغرين؛ فهم يعملون على تجسيد دور الضحية، وإشعار الشخص الذي يتعرَّض إلى الابتزاز العاطفي بتأنيب الضمير والشفقة على المبتَز، فيرضخ نتيجة لذلك إلى أحكامه ومتطلباته.

يسلبنا الابتزاز العاطفي كرامتنا وكبرياءنا، ويجعلنا خاضعين للمبتَز بلا إرادة؛ حيث يحاول المبتز جاهداً ترسيخ مشاعر الخوف والالتزام وتأنيب الضمير والذنب في ذاتك، والسيطرة على كيانك، والتحكم بك عاطفياً.

إقرأ أيضاً: سايكولوجيا الابتزاز العاطفي، وأهم الأساليب لمواجهته

علامات الابتزاز النفسي:

قد يتساءل كل فرد فينا، عن الطريقة التي يمكنه أن يعرف فيما إن كان خاضعاً للابتزاز النفسي أم لا، وهذا الأمر بسيط من خلال الاطلاع على النقاط الآتية التي تبين علامات الابتزاز النفسي وهي:

  1. إرغام المرء على القيام بأشياء لا يرغب تأديتها.
  2. إلقاء اللوم الدائم وإظهار عدم الرضا عن الأعمال التي يقوم بها المرء، لكي يبقى تحت الضغط.
  3. عدم تقدير أي إنجاز يحققه المرء، ومطالبته بالمزيد لإبقائه في دائرة عدم الإنجاز.
  4. إيهام المرء بوقوع أضرار وحدوث مشكلات إن لم ينفذ ما يريده الشخص المبتز.
  5. دفع المرء نحو البوح لهم بأسرار خاصة حتى يستخدمونها لاحقاً في ابتزازهم.
  6. الافتراض الدائم أنك لا تفهم، وأنك دائماً في حاجة إلى مساعدتهم، وزرع وهم عدم القدرة على الإنجاز من دونهم.
  7. استغلال عواطف الشخص ومشاعره لمصلحتهم فقط.
  8. دائماً ما يقومون باستخدام كلمات لئيمة وجارحة تؤثر في عواطف ومشاعر الإنسان المبتز نفسيًا.
  9. يحرصون على معرفة نقاط الضعف من أجل استخدامها في الابتزاز النفسي.
  10. وضع المعوقات التي تصعب على المرء بلوغ أهدافه، من أجل أن يشعر بالعجز الدائم.

شاهد بالفيديو: 6 عادات اكتسبها لتشعر بالأمان العاطفي

علامات الابتزاز العاطفي:

الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، مفعم بالعواطف والمشاعر التي تقود كثيرا من يوميات حياته، إلا أن هناك من الأناس من يدرك تأثير هذه العواطف على المرء، فيقوم باستخدامها بشكل لا أخلاقي وبطريقة مسيئة يبتز من خلالها أشخاصا آخرون، ولذا توجد مجموعة من العلامات التي ينبغي على الإنسان التنبه لها ليعرف فيما إن كان مبتز عاطفياً أم لا وهذه العلامات هي:

1. استغلال المشاعر:

إن أي علاقة إنسانية صحيحة تقوم على مبدأ الأخذ والعطاء، إلا أن في حالة الابتزاز العاطفي تقوم العلاقة على مبدأ أخذ المبتز من المبتز منه من دون أي عطاء.

2. استغلال الأخطاء:

الإنسان بطبعه كائن يقوم بارتكاب الأخطاء، نتيجة محدودية الحواس والمعرفة، وهذا أمر عادي، إلا في حالة الابتزاز العاطفي؛ إذ يقوم الطرف المبتز بإجبار الطرف الآخر على تقديم الاعتذار عن كل موقف خاطئ إلى درجة يشعر بها المرء أنه لا يقوم بفعل أي شيء صحيح.

3. الإكراه على القيام بفعل ما:

من أكثر مظاهر الابتزاز العاطفي أن يقوم المرء بتنفيذ أمور طلبت منه، لم يكن يقوم بها مطلقاً، بحيث يكون قيامه بتلك الأفعال ليس عن قناعة وإنما خشية انقطاع العلاقة وتخلي المبتز عنه.

4. الوقوع في الأخطاء:

يحرص الشخص المبتز إلى أن يجعل الطرف الآخر يكرر أخطاءه بشكل دائم حتى يشعر ذلك الشخص بعقدة الذنب الدائمة نتيجة الأخطاء التي يرتكبها.

5. عدم الاحترام والتقدير:

كل العلاقات الإنسانية الصحيحة قائمة على مبدأ الاحترام والتقدير، إلا في حالة الابتزاز العاطفي، فدائما ما يحتقر الشخص المبتز الطرف الآخر، ولا يقدر له أي نجاح أو إنجاز، بل على العكس تماما فإنه يحرص على أن يبقي ذلك الشخص في دائرة التقصير، واللوم على عدم النجاح وتحقيق الأهداف.

6. الاستغلال الشخصي:

إن العلاقة الإنسانية الصحيحة تقوم على مبدأ تحقيق الفائدة المتبادلة لأطراف العلاقة، إلا أنه في حالة الابتزاز العاطفي، فالعلاقة تقوم على استغلال الشخص المبتز لموارد وإمكانات الطرف الآخر ليحصل على ما يريد بغض النظر عن رغبات الشخص المبتز منه.

إقرأ أيضاً: الشعور بتأنيب الضمير: أسبابه وطرق التخلص منه

كيف تتعامل مع الابتزاز العاطفي؟

يشعر المبتز غالباً بمشاعر الإحباط والحرمان والاعتماد على الآخرين، فيلجأ إلى الابتزار للتخلص من تلك المشاعر ونقلها إلى شخصٍ آخر؛ كما يمكن أن يكون المبتَز قد مرَّ بصدمة عاطفية حوَّلته إلى شخص سليط عاطفياً ومبتز؛ لكن أيَّاً كان السبب الذي دفع المبتَز إلى ممارسة الابتزاز العاطفي، لا بد لمَن يتعرض إلى الابتزاز ألَّا يرضخ للمبتَز ويسمح له بتهميشه كلياً.

لذا، لكي نتحرر من المشاعر السيئة التي يخلفها الابتزاز العاطفي فينا، ينبغي ألَّا ننجرف وراء هذه المشاعر، وأن نتصدى للمبتَز، ولا نسمح له بتدميرنا عاطفياً.

إقرأ أيضاً: الابتزاز العاطفي: علاماته، وأشكاله، وكيفية مواجهته

كيف أحمي نفسي من الابتزاز العاطفي؟

يعدّ الرضوخ للابتزاز العاطفي أمراً في غاية الخطورة، كما أن التعامل مع الشخص المبتز بالغ التعقيد، لذا لا بد لأي إنسان أن تكون لديه قواعد ومعايير ثابتة يقي نفسه من الوقوع أسيرا للابتزاز العاطفي، ولكي يتجنب الإنسان مثل هذا الأمر نقدم له وصفة سحرية تحتوي مجموعة من الخطوات التي تقي المرء من شر الابتزاز العاطفي، وهذه الخطوات هي:

1. الدقة في اختيار العلاقات:

حتى لا يضطر أي إنسان للرضوخ إلى الابتزاز العاطفي، عليه أن يكون دقيقاً في اختيار الأشخاص الذين يريد أن يُنشِئ معهم العلاقات، فعلى المرء أن يَعي تماماً أنّ له الحق الكامل في إنهاء العلاقة أو استمرارها مهما كان نوعها، وعليه أيضاً َن يكون حريصاً على سريّة أموره الخصوصية، فلا يطلع عليها أحد، وعليه أن يتمتع بالثقة الكاملة فيما لو اضطر إلى اللجوء نحو قطع هذه العلاقة؛ إذ إن قطع العلاقة أفضل بكثير من الوقوع تحت سيطرة الشخص المبتزّ.

2. فصل العواطف:

قد يضطر الإنسان أحياناً إلى أن يفصل عواطفه حتى لا يقع ضحية الابتزاز العاطفي، وقد يصل الأمر إلى حد فصل عواطفه حتى تجاه الأقارب والأصدقاء المقربين، وتعد هذه الطريقة فعالة في التعامل مع الصراعات والمواقف العاطفية المشحونة.

3. التعاطف بوعي:

ويعني ذلك عدم ربط مشاعر السعادة أو الحزن بأشخاص، فلا يسعد الإنسان لإرضاء شخص ما، ولا يحزن لقطيعة آخر، وهذه الطريقة تقي المرء من الوقوع في الابتزاز العاطفي من قبل الآخرين.

4. استخدام كلمة "لا":

من الضروري جداً أن يعي المرء حقيقة أنه يجب أحياناً أن تكون لديه الجرأة في قول كلمة "لا"؛ إذ إن استخدام هذه الكلمة في المواقف الصحيحة تقي المرء من الوقوع في الابتزاز العاطفي، وعلى المرء أن يستخدم هذه الكلمة في كل موقف لا يتناغم مع حالته النفسية والجسدية.

5. لا تستسلم للموقف:

على المرء ألا يراهن على تغيير المبتز لسلوكه، بل يجب أن يكون رهانه على ألا يستسلم لموقفه الواقع تحت الابتزاز، وعليه أن يغير ذلك الموقف بتغيير تفاعله وسلوكه مع الشخص المبتز له.

6. التحلي بالشجاعة:

على المرء ألا يقف على عتبة الانتظار لتهبط عليه الشجاعة من السماء، بل عليه أن يستجمع قواه وأن يظهر شجاعته فيما لو وقع تحت تهديد الابتزاز، وأن يظهر القوة للشخص المبتز، لأن ذلك سيؤثر فيه حتماً.

7. حيادية المشاعر:

على المرء أن يتعلم كيف ينفصل عن مشاعره، وأن يتعلم متى يجب أن يفصل مشاعره عما يدور حوله من أحداث، إذ إن انفصال المشاعر هي التي تقي المرء من الانجرار وراء المبتز الذي يستخدم أساسا أسلوب تجييش المشاعر بطريقة غير أخلاقية.

شاهد بالفيديو: ما هي أسباب الفراغ العاطفي؟

8. استخدام الكلمات المناسبة:

من أهم ما يقي المرء من الابتزاز العاطفي، هو عدم الانخراط في حديث عاطفي مع المبتز؛ إذ على المرء أن يعرف كيف يختار كلماته بدقة بطريقة تمكنه من إظهار قوته وشجاعته، وعدم استجدائه للشخص المبتز له.

9. لا تتردد في طلب الدعم والمساعدة:

إن كان لدى الشخص أناس ثقات يمكنه الاعتماد عليهم، فمن الضروري أن يلجأ إليهم طلباً للمساعدة للخروج من حالة الابتزاز العاطفي الخاضع لها، وخاصة أن أولئك الأشخاص يقومون بدور مراقب خارجي للحدث، الأمر الذي يمكنهم من تقديم المساعدة بطريقة فعالة ومجدية.

10. لا ترضخ للمبتز:

عند اتخاذ قرار إنهاء علاقة الابتزاز العاطفي، قد يلجأ الشخص المبتز إلى زيادة الضغط وزيادة التهديدات، من أجل الاستمرار في ممارسة ابتزازه، والحل الأمثل في هذه الحالة هو عدم الرضوخ له، فهما كانت مخاطر عدم الرضوخ له، فهي بكل تأكيد ستكون أقل بكثير من مخاطر الرضوخ له.

المصدر: برينيكور




مقالات مرتبطة