كابوس الفطام من الرضاعة الطبيعية: كيف نجعله يمر بسلام؟

تُعَدُّ الرضاعة الطبيعية إحدى أصعب مراحل الطفولة التي تؤرِّق أغلب الأمهات وخاصة الأمهات اللاتي يعشن تجربة الأمومة لأول مرة، وهي علاقة عاطفية تجمع الطفل بأمه؛ لذا عندما يحين موعد إنهائها بالفطام، لا يكون الأمر سهلاً؛ بل يحتاج الأمر إلى اتباع خطوات وتطبيق نصائح حتى تمر هذه المرحلة بكل أمان وسلام على الطفل والأم.



ما هو الفِطام من الرضاعة الطبيعية؟

يُقصَد بالفطام إيقاف عملية الرضاعة الطبيعية للطفل؛ أي منعه من الرضاعة من ثدي أمه، وهو عملية تحويل الطفل من الرضاعة الطبيعية إلى تناول الطعام الصلب أو تناول الحليب من الكوب أو الزجاجة الصناعية، وهو من التجارب الصعبة على الطفل، كونه اعتاد منذ ولادته على الرضاعة وعلى حضن أمه، وعلى مشاعر الحب والحنان التي يعيشها في علاقة الرضاعة الطبيعية، وقد يترافق الفطام بحالة حزن وبكاء، وعصبية واحتجاج من قِبل الطفل، وارتفاع درجة حرارته ونزول وزنه، وهي أعراض طبيعية سرعان ما تزول بعد الفطام.

ما هو العمر المناسب للفطام؟

حسب رأي الأطباء فإنَّ العمر المناسب للفطام يكون بعد بلوغ الطفل العام والنصف أو العامين من عمره؛ وذلك لضمان حصوله على الكمية اللازمة له، من العناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن والأجسام المضادة الموجودة في حليب الأم، كما ويزيد حليب الأم الطبيعي من معدل ذكاء الطفل، ويعزز مناعته.

ما هي المدة المطلوبة للفطام؟

لا توجد مدة محددة للفطام؛ إذ يختلف الأمر من طفل لآخر حسب رد فعله وقدرته على التأقلم؛ فقد نجد طفلاً يتكيَّف مع الوضع الجديد بكل سهولة، بينما نجد طفلاً آخر يُحوِّل الأمر إلى كارثة حقيقية؛ لذا عليكِ بصفتكِ أماً أن تتحلي بالصبر، إن كان طفلك من النوع الصعب، وألا تقارنيه بغيره من الأطفال.

أنواع الفطام من الرضاعة الطبيعية:

هناك أنواع عدة للفطام، وهي:

1. الفطام الحاد:

هو من أصعب وأخطر أساليب الفطام على الطفل، كونه يحدث بشكل مفاجئ دون أيَّة مقدمات أو تهيئة مسبقة، ولا يُنصَح باتباعه مع الطفل إلا في الحالات الطارئة أو الخارجة عن إرادة الأم؛ مثل معاناتها من مشكلات في إدرار الحليب، أو من ألم في ثدييها، أو أيَّة مشكلة صحية تمنعها من الرضاعة الطبيعية.

2. الفطام المتدرج:

هو أفضل أساليب الفطام الذي يحدث بشكل تدريجي؛ وذلك بتقليل الرضاعة الطبيعية على مدار أسابيع وشهور؛ إذ تبدأ الأم بتحضير الطفل للفطام من شهره السادس، من خلال تعويده على الطعام الصلب والحليب الصناعي؛ وهذا يُسهِّل الأمر عليه.

3. الفطام بشكل جزئي:

يتشابه الفطام الجزئي مع الفطام المتدرج، إلا أنَّه أكثر حسماً منه؛ إذ تُقلِّل الأم فيه عدد الرضعات إلى مرتين في اليوم فقط ودون تدرج في ذلك، وتقوم باستبدال الرضاعة الطبيعية بالطعام الصلب.

4. الفطام المتأخر والطبيعي:

هو أن تترك الأم طفلها ليتوقف هو من تلقاء نفسه عن الرضاعة الطبيعية، ولو كان ذلك بعد سنوات طويلة من عمره.

شاهد بالفديو: 8 فوائد لحليب الأم تميزه عن الحليب الصناعي

كيفية فطام طفلك عن الرضاعة الطبيعية:

يجب أن تتم عملية الفطام بالتدريج على مدار أسابيع وشهور، وإليكِ أهم الطرائق لفطام الطفل:

  • تقليل عدد مرات الرضاعة الطبيعية في اليوم، بالإضافة إلى تقليل وقت الرضعة؛ مثلاً إنقاص مدتها من 10 دقائق إلى 5 دقائق، حتى لو لم يشبع الطفل، وإلحاقها بالحليب الصناعي أو وجبة طعام خفيفة حتى يشبع، ثم جعلها مرتين في اليوم خلال الأسبوع الأول، ثم مرة في اليوم لمدة ثلاثة أيام، وهكذا إلى أن يتم إيقافها بشكل نهائي.
  • الإبقاء مبدئياً على الرضعة الليلية قبل النوم؛ كونها تُهدئ الطفل وتساعده على النوم، ثم استبدالها بزجاجة الحليب الصناعية أو وجبة طعام خفيفة، حتى لا يشعر بالجوع في الليل، ثم محاولة تعويده على عادات أخرى تساعد على النوم؛ مثل حمام دافئ، أو تدليك وفرك ظهره أو بطنه بحركات تجعله ينام.
  • يُنصَح بتعاون الأب أو الجدة معكِ في فطام الطفل، ويُفضَّل أن تغيبي عنه بعض الوقت خلال الفطام وتتركيه مع أحدهما، فأضمن طريقة لقبول الطفل لزجاجة الحليب الصناعي هي تقديمها له من قِبل شخص غير أمه.
  • الانتباه إلى وضع سرير الطفل من جهة الزوج، حتى لا يشم طفلك رائحتك أو رائحة حليبك.
  • يُنصَح بعدم فطام الطفل في فصل الصيف؛ وذلك لحمايته من الإصابة بالإنتانات المعوية التي تحدث بسبب تخمر الأطعمة في الصيف، فكما هو معروف يتناول الطفل جزءاً من الطعام ويرفض البقية، وغالباً ما تحتفظ الأم بالباقي لتُعاود إطعامه إياه في وقت لاحق.
  • من الأمور الهامة التي يجب مراعاتها عند فطام الطفل هي أن تكون صحته جيدة، ولا يعاني من أيَّة أمراض، أو وجود تغييرات صحية مزعجة له كالتسنين؛ إذ يكون الفطام أصعب عليه إن كان مُتعباً أو موجوعاً، أو في حالة نفسية غير جيدة.
  • عليكِ أن تتجنَّبي ارتداء الملابس المفتوحة من الصدر؛ وذلك لمساعدة الطفل على نسيان الرضاعة.
  • يضر التوقف المفاجئ عن الرضاعة الطبيعية بصحتكِ أيضاً؛ إذ يُسبب احتقان ثدييك، والإصابة بالتهابات مؤلمة، أما التدرج في تقليل الرضعات يُنقِص إدرار الحليب ويمنع الاحتقان لديك، وفي حال حدوث الاحتقان، يُنصَح باستخدام كمادات الثلج الباردة، والباراسيتامول، أو شفط الحليب بشفاطة مضمونة خاصة بك.
  • تشتيت انتباه الطفل عن الرضاعة، بتقديم الألعاب الجديدة له، وإدخاله في نشاطات جديدة؛ مثل اصطحابه في نزهة في موعد رضاعته المعتاد.
  • إحدى النصائح المفيدة في الفطام هي تغيير المنزل لمدة ثلاثة أو أربعة أيام؛ فالمنزل حلقة من الذكريات المرتبطة بالرضاعة لدى الطفل؛ لذا يُفضَّل اصطحابه إلى مكان جديد يتيح له اللعب والاستمتاع ونسيان الرضاعة.
  • عليكِ تحمُّل مقاومة طفلك للفطام واحتجاجه بالبكاء، والتماسك أمام بكائه، وعدم الضعف والاستسلام له أو إعطائه مراده بالسماح له بالرضاعة الطبيعية، فعلامات حزن الطفل هذه طبيعية ومؤقتة، وسرعان ما ينساها لاحقاً؛ إذ تشير الأبحاث إلى استقرار حالة الطفل النفسية والجسدية بعد ثلاثة أيام من منعه من الرضاعة الطبيعية.
  • الحرص على استمرار منح حنانك لطفلك؛ وذلك باحتضانه بين الحين والآخر، حتى لا يفتقد مشاعر الحنان والأمان التي كان يمنحها له الاتصال الجسدي الوثيق بينكما في أثناء الرضاعة، ولا يشعر بالإهمال وبعدك عنه.
  • تجنُّب استخدام الرضاعة الطبيعية كأسلوب لمواساة طفلك؛ فكثيراً ما تُخطئ الأمهات في استخدام الرضاعة الطبيعية وسيلة لتهدئة الطفل وإسكات بكائه وليس لتغذيته عند الجوع؛ وهذا يُصعِّب عملية الفطام.
  • إدخال الرضاعة الصناعية في روتين الطفل، واستبدالها بالرضاعة الطبيعية تدريجياً.
  • إدخال الأطعمة الصلبة إلى طعام الطفل من عمر الـ 6 أشهر حتى يخف اهتمام الطفل بالرضاعة الطبيعية.
  • من الأخطاء الشائعة والمتوارثة عبر الأجيال هي ترك الأم لطفلها مع أشخاص آخرين من العائلة، واختفائها كلياً عنه؛ مثل إرساله إلى بيت الجدة بحيث لا يرى أمه بتاتاً لأيام عدة؛ وهذا يُدخل الطفل في دوامة من البكاء المتواصل، كونه وُضِع في تجربة قاسية جداً دون أي تمهيد مُسبق، فهو لا يواجه فقط حرمانه من الرضاعة الطبيعية التي اعتاد عليها؛ بل حرمانه من أمه أيضاً؛ وهذا يُشكِّل عليه ضغطاً نفسياً مضاعفاً؛ لذا يجب عليكِ أن تكوني بقربه أغلب الوقت.
  • من بعض الحيل المستخدمة في الفطام هي جعل الطفل ينفر من ثدي الأم؛ وذلك بدهنه "خاصة الحلمة" بمادة طعمها غير مقبول بالنسبة إلى الطفل، كعصير الصبار أو القهوة، أو الثوم، حتى يشم الطفل رائحة كريهة، ويتذوق نكهة لا تعجبه، ويرفض الرضاعة من تلقاء نفسه ويُفطَم ذاتياً.
إقرأ أيضاً: هل تزيد الرِّضاعة الطَّبيعية من مُعدَّل ذكاء طفلك؟

طعام الطفل في أثناء وبعد الفطام:

طعام الطفل في أثناء وبعد الفطام

يجب الاهتمام بطعام الطفل في أثناء الفطام وبعده، وإدخال الأطعمة الصلبة فيه، والتنويع في الطعام وتقديمه في أطباق ذات أشكال مُحبَّبة له، أو ترتيبه بشكل كرتوني يجذبه.

من الأطعمة المفضل تقديمها في أثناء الفطام:

  • الفواكه: كالتفاح والموز المهروس؛ إذ تُعَدُّ وجبة الموز والتفاح المهروس من الوجبات المُحببة للطفل؛ وذلك بسبب رائحة الموز الجذابة وقوامه اللين، وهو غني بالبوتاسيوم، كما يُسلق التفاح وتُنزع قشرته، ثم يُهرس مع الموز جيداً.
  • الخضار المسلوقة.
  • حساء العدس بالخضار والدجاج مضروباً في الخلاط.
  • النشويات مثل: الأرز والمعكرونة والبسكويت غير المملح.
  • الدجاج واللحوم والأسماك المطبوخة.
  • منتجات الألبان والأجبان كاملة الدسم.
  • البقوليات والفول والحمص والعدس والبازلاء.
  • الزبادي من أهم أطعمة الطفل في أثناء فترة الفطام وبعده؛ كونها لينة وغير صلبة وغنية بالكالسيوم والفيتامينات والمعادن التي يحتاجها بناء العظام، ويمكن إضافة العسل إليها أو الفواكه.
  • وجبة البسكويت المطحون مع الحليب الدافئ، وهي من أفضل الوجبات التي تُقدَّم للطفل قبل النوم؛ إذ تساعده على الشعور بالنعاس والراحة.
  • الجزر المسلوق غني بالزنك والمعادن والحديد والبوتاسيوم، ويحمي العين من ضعف الإبصار.
  • الشوفان من الأطعمة المُشبعة للطفل وخاصة في فترة الفطام، فيمكن إضافته إلى الحليب وتقديمه له.
  • البطاطا المسلوقة أو المشوية، وهي من الأطعمة المفضلة للطفل.
  • العصائر الطازجة ويمكن تحليتها بالعسل.
إقرأ أيضاً: الغذاء الصحي للأطفال

في الختام، التدرج بالفطام هو الحل لفطام سهل:

نؤكِّد لكِ أنَّ الفطام ليس بحجم الصعوبة التي تُشاع عنه، فالحل بيدكِ وهو التدرج، واحذري أشد الحذر من فطام طفلك بشكل مفاجئ، ومنعه من الرضاعة الطبيعية دون تمهيد؛ لما يحدثه ذلك من آثار نفسية وجسمانية سلبية فيه، وإيَّاكِ الاختفاء عنه؛ بل كوني بجانبه في هذه المرحلة الحرجة، ولا تزيدي الطين بلة عليه فهو في أشد الأوقات إليكِ حاجة.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة