قوة تغيير قناعاتك الشخصية

كان تغيير قناعاتي الشخصية أحد أعظم التغييرات التي قمت بها على الإطلاق؛ أي تغيير الهوية التي اتَّخذتها لنفسي. لم يتم هذا الأمر بين عشية وضحاها، وطال نواحيَ عدة من حياتي.



لقد أقلعتُ عن التدخين، وعندما فعلت ذلك، توقفت عن التفكير في التدخين بوصفه عادة أقوم بها عندما أكون متوتراً. كما توقفت عن تناول اللحوم، وأصبحت نباتياً. حذفت اللحوم من قائمة طعامي حرفياً، وبذلك لم يخطر لي حتى تناولها.

كنت أنظر إلى نفسي بصفتي عدَّاءً في سباقات الماراثون، ولاحقاً أصبحت شخصاً يمارس الرياضة بانتظام للحفاظ على صحته ولياقته الجسدية؛ وذلك كان يعني من دون شك أنَّه يجب عليَّ ممارسة التمرينات الرياضية دائماً، حتى لو تقاعست عنها بسبب بعض العراقيل.

كما بدأت أمارس التأمل؛ وهذا يعني أنَّه حتى لو توقفت عن التأمل لفترة وجيزة، سأعود إليه دائماً. وأصبحت كاتباً. كنت قد مارست الكتابة في الحقيقة قبل هذا التغيير ولكن لم تكن تلك الممارسة يومية.

أصبحت شخصاً يكتفي بالحد الأدنى من كل شيء. في الواقع، قبل أن أقرر أن أعطي نفسي سمة الشخص "المكتفي بالحدِّ الأدنى من كل شيء"، لم تكن تلك التسمية قد أُطلِقَت على شخص آخر. سمح لي هذا التغيير الهادف في الهوية بتحرير نفسي من الفوضى والاستمتاع بأصغر الأمور.

هناك العشرات من الأمثلة الأخرى: بصفتي أباً، وشخصاً من عادته الاستيقاظ باكراً وقارئاً أو مُدرِّساً ومُتحدِّثاً ورائدَ أعمال، وشخصاً يولي عناية فائقة لشؤونه المالية، في كل مرة غيَّرت تغييراً جذرياً أو طفيفاً في حياتي لازمني لفترة لاحقة. كنت أغير شخصيتي. إنَّه أمر أعظم مما يدركه معظم الناس، وهو قابل للتنفيذ كذلك.

فوائد تغيير الشخصية:

مع أنَّ الأمر يتطلب بذل القليل من الجهد، فإذا كان في إمكانك تغيير نظرتك إلى نفسك، فسيعود ذلك عليك بالكثير من الفوائد، ومن ذلك تغيير سلوكاتك.

الأفعال التي تُدخِلُك في نزاع مع نفسك من أجل تحقيقها كالاستيقاظ باكراً أو عدم تناول الأطعمة الجاهزة، تصبح من الأمور المسلَّم بها؛ وهذا ما يوفر كثيراً من طاقتك العقلية بدل أن يتحول لمسألة كفاح يومي.

أما التغيير الدقيق فهو تغيير المعتقدات الراسخة عن نفسك. عادة ما تكون هذه معتقدات مقيِّدة مثل "لا يمكنك فعل هذا، أو أنت لا تجيد هذا، أو هذا العمل يفوق قدراتك". إذا لم تكن في مصلحتك، فتجاهلها.

وبفضل هذا النهج تتكون لديك عقلية جديدة تؤمن من خلالها أنَّك في إمكانك تغيير أي شيء. أنت لست رهناً للأساليب القديمة، ولكنَّك شخص يمكنه أن ينمو ويتطور ويصبح إنساناً جديداً مفعماً بالإمكانات.

شاهد بالفيديو: كيف تصنع التغيير في حياتك من خلال تغيير عاداتك؟

كيف تغيِّر شخصيتك؟

لسوء الحظ فإنَّ تغيير نفسك ليس بسهولة ضغطة زر. ومع ذلك، يمكنك فعل ذلك. يمكن القيام بذلك بمليون طريقة مختلفة، ولكن إليك بعض النقاط التي اكتشفتُ أنَّها هامة:

1. فعلُ ذلك بوعي:

يمكننا تغيير شخصيتنا دون القيام بذلك بتعمُّد، لكنَّني وجدت أنَّ ذلك يكون أفضل إذا قمت به عمداً. إنَّ القيام بذلك على أنَّه فعل عرضي، يشبه التعثر الأعمى بشيء مذهل، ولكنَّ هذا ليس بالشيء المؤكد. بدلاً من ذلك، انظر إلى الأمر على أنَّه نية لتغيير شخصيتك تغييراً واعياً في هذا المنحى.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات لتغيير عاداتك السيئة

2. التفكير فيما تريد أن تكون عليه:

هل تريد أن تكون شخصاً يكتب كل صباح؟ أو شخصاً يأكل الأطعمة النباتية فقط؟ أو شخصاً يشتري من الأشياء القليل جداً؟ اكتب جميع هذه الأمور، مثل: "أنا شخص أكتب كل صباح".

3. بدء القيام بالأعمال عمداً:

اضبط رسائل تذكير مرئية وهاتفية، أو أياً كان ما تريد القيام به، ولكن ابدأ بفعل الأشياء التي كنت ستفعلها إذا كنت أنت تلك النسخة الجديدة من نفسك. فإذا كنت عداءً، فاذهب للجري.

4. تقبُّل النسخة الجديدة منك:

قد تبدأ بالعمل وتطبيق العادات الجديدة، لكنَّك قد تفعل ذلك وفكرة أنَّ الأمر لا يعكس شخصيتك، تدور في ذهنك. بدلاً من ذلك، نفِّذ الأمر كما لو كنت هذا الشخص. وانظر إلى نفسك على أنَّك العدَّاء، أو شخص ينهض باكراً، أو نباتياً. واشعر به في كيانك.

5. تقدير نفسك:

خذ دقيقة من وقتك كل يوم للنظر إلى الوراء، وشاهد ما فعلتَ وقدِّر قيمته. تأكد من أنَّك تتغير. نحن نميل للتركيز على العقبات بدلاً من تركيزنا على التقدُّم الذي نحققه.

6. التفكير فيما ستفعله هذه النسخة الجديدة منك عند التعثر:

لاحظ أنَّني قلت "عند التعثر" وليس "إذا تعثرت". هذا جزء من الحياة، فنحن لا ننجز الأشياء دائماً "على نحو مثالي"، ولكنَّك لن تستسلم بتلك السهولة إذا ما فاتك يوم. لا تتخذ العراقيل بوصفها إثباتاً على أنَّك لست جيداً فيما تقوم به.

إقرأ أيضاً: كيف نكتسب عادة جديدة ونستمر عليها؟

7. تجنُّب التزمُّت:

من الهام أن تلاحظ أنَّ ابتكار هوية جديدة لنفسك - رؤية نفسك رؤية جديدة - يمكن أن يرافقه بعض العثرات. ومن أكبرها أنَّك قد تبتدع نظرة ثابتة ومتزمِّتة عن نفسك. على سبيل المثال، إذا ابتدعتَ هوية جديدة لنفسك بأنَّك شخص يستيقظ باكراً، فقد يصاحب ذلك نوع من التشدد بأنَّك لن تسهر أبداً، أو تنام أقل من المعتاد. وإذا كان هناك اجتماع للعائلة في وقت لاحق من المساء، فربما ستفوِّت حضوره، ليس لأنَّه سيؤثر في أي شيء هام؛ بل لنظرتك المتزمتة إلى نفسك.

لا يجب لتصوراتنا تجاه أنفسنا أن تقيِّدنا؛ فبعض الحدود المفروضة مفيدة إذا ما اختِيرَت بوعي، كالحدِّ من تناول الأطعمة المصنَّعة مثلاً. قد لا تعود الحدود الأخرى بالنفع علينا، إذا لم تسمح لنا بفعل ما يصب في مصلحتنا في موقف ما.

ومع أنَّ تغيير قناعاتك الشخصية يمكن أن يكون مفيداً، فإنَّني أشجِّعك على ألا تكون متزمِّتاً جداً. فكِّر في قناعاتك الشخصية على أنَّها متقلِّبة، شيء يمكنك تغييره بوعي حسب الحاجة.

المصدر.




مقالات مرتبطة