قوة الرفض ودوره في تنظيم الحياة

لقد اكتشفتُ كثيراً من الأمور عن شخصيتي عبر تدوين يومياتي طوال السنين الماضية؛ إذ تساهم كتابة الخواطر في تنظيمها والتخلص من مشكلة تشتت الأفكار، فيقضي الفرد حياته ما بين المسؤوليات والالتزامات العملية والفعاليات الاجتماعية، لكن ماذا لو قرر أن يلتزم بعدد أقل من الواجبات والمسؤوليات، بدل أن يضغط نفسه طوال الوقت؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (Erin Falconer)، وتُحدِّثنا فيه عن قوة الرفض وأهميته في تنظيم الحياة وزيادة الإنتاجية على الأمد الطويل.

قوة الأفكار:

لم أكن متفائلة وإيجابية كثيراً فيما مضى؛ لكنَّني تغيرت بعد قراءة كتاب "فكِّر فتصبح غنياً" (Think and Grow Rich) للكاتب "نابليون هيل" (Napoleon Hill)؛ إذ أستطيع أن ألخص الكتاب في عبارة واحدة كما يأتي: "حياة الإنسان وإنجازاته نِتاج أفكاره".

يوضح اقتباس الشاعر الألماني "يوهان فولفغانغ فون غوته" (Johann Wolfgang von Goethe) الآتي الفكرة بأسلوب جميل وبليغ: "عندما تتعامل مع الإنسان على أساس قدراته وإمكاناته الحالية دون أن تتوقع منه الكثير فإنَّه سيتأخر بدل أن يتقدم، لكن عندما تتوقع منه المزيد فإنَّك تشجعه وتُحفِّزه على بلوغ كامل إمكاناته".

صرتُ أفهم الحياة أكثر بعد أن اطلعتُ على هذا الاقتباس، وأدركت حينها أنَّ التغيير خيار متاح طوال الوقت وهو رهن إرادتنا وعملنا، ولطالما حلمت بقضاء كامل وقتي في الكتابة، واحتساء القهوة دون أن أضطر إلى تفقُّد بريدي الإلكتروني والعمل على البرامج الحاسوبية والالتزام ببقية المهام.

لكنَّني في الواقع أشعر بالقلق عندما أكتب طوال اليوم، وأتفقد هاتفي الجوال وبريدي الإلكتروني، وأطلع على الأخبار، وأراجع قائمة المهام خوفاً من أن أنسى إحداها؛ إذ تراودني أفكار كثيرة حينها، وأبدأ بالتشكيك بمدى التزامي، وأتساءل فيما إذا قصَّرت في أداء واجباتي أم أنَّني بذلت جهوداً كافية، فينتابني شعور بأنَّني أُفوِّت التزاماً أو أمراً ما.

قوة الرفض:

تلقيت دعوة لحضور إحدى الفعاليات في بلدتي قبل أيام عدة، نظمت مثل هذه الفعاليات مسبقاً وهي تندرج ضمن اهتماماتي؛ لكنَّني احترت هذه المرة بشأن الحضور، ولم يكن اتخاذ القرار هيناً، ففكرت جيداً وقررت أن ألازم البيت ولا أحضر الفعالية، ثم اتصلت بزوجي وأخبرته بقراري فسألني عن السبب، وأجبته حينها: "أنا لا أرغب في الذهاب من صميم قلبي، وخوفي من أن أُفوِّت الحدث هو الذي يدفعني إلى الحضور".

ينطبق المفهوم نفسه على عملي؛ إذ قررت قبل بضعة أشهر أن أركز على كتابة المحتوى بدل استلام مشاريع التكنولوجيا؛ لكنَّني لم أنفذ قراري بعد؛ لذا قررت أن أخفِّف الضغوطات المترتبة عليَّ وأعيش ببساطة، وقد استخدمت الاستراتالرريجية نفسها لأرفض كثيراً من الالتزامات والأعمال مؤخراً:

  • لن أستلم مزيداً من المشاريع التكنولوجية بعد الآن، حتى أتفرغ للكتابة.
  • سوف أمتنع عن قيادة السيارة ما لم يكن الموضوع مُلِحاً وضرورياً، حفاظاً على سلامة البيئة، مع الحرص على استخدام الهاتف الجوال والتكنولوجيا الحديثة للتواصل وإجراء الاجتماعات إذا أمكن.
  • إذا قررت الكتابة طوال النهار، فإنَّني أخصِّص المساء للتواصل الاجتماعي مع أشخاص هامين، وأقضي معظم أمسياتي مع عائلتي، وأختار رفقتي جيداً في باقي الأمسيات.

يتناسب النجاح في الحياة طرداً مع استعدادك لإجراء محادثات مُحرجة، ستضطر إلى إجراء محادثات مُحرِجة عندما ترفض الطلبات ودعوات حضور الفعاليات، وقد يبدو الموقف مُحرِجاً بعض الشيء؛ لكنَّ النتائج تستحق العناء.

شاهد بالفديو: 6 طرق لتجنّب إحراج قول كلمة لا في العمل

القرارات:

قرارات الحاضر تؤثِّر في قرارات المستقبل، وفيما يأتي أمثلة من حياتي الشخصية:

  • عندما أرفض استلام عدد من المشاريع في الوقت الحالي، فإنَّ حياتي ستكون أكثر هدوء وسيتسنى لي أن أركز أكثر في عملي.
  • سوف تتحسن مهاراتي في الكتابة في غضون سنة إذا عقدت العزم على كتابة 1000 كلمة كل يوم.
  • إذا خصَّصت بعض الوقت لتقوية علاقتي مع 5 أصدقاء، فإنَّهم سيعرِّفونني إلى أشخاص جدد يشاطرونني اهتماماتي وأهدافي في غضون مدة قصيرة.
  • إذا أعطيت الأولوية لعائلتي، فإنَّني سأحظى بحياة أُسرية هانئة في السنوات المقبلة.
  • إذا مارست التمرينات الرياضية 4 أيام كل أسبوع في الفترات الصباحية، فإنَّني سأعتاد عليها وستتحسن صحتي بمرور الوقت.
إقرأ أيضاً: 6 طرق تُمكنك من قول 'لا' لطلبات الآخرين

في الختام:

قد تبدو هذه الأمثلة بسيطة بالنسبة إليك؛ لكنَّها معقدة جداً؛ إذ يجب أن تركز وتبذل جهدك في التفكير بالنقاط الآتية:

  1. أهدافك في الحياة.
  2. الأمور التي تودُّ أن تنقطع عن ممارستها.
  3. الندم الذي ستشعر به في المستقبل إذا لم تفعل ما يلزم في الوقت الحالي.



مقالات مرتبطة