قوة التغييرات الصغيرة

أنا مهووسة في البستنة، وأحب الخروج في فصل الربيع لأرى النباتات التي تنمو في الأرض الرطبة التي ما تزال متجمدة؛ فبالنسبة ليَّ ليس هناك ما هو أفضل من رؤية زهرة جديدة تنمو من نبتة أهتُمَّ بها بعناية أو خضروات ناضجة للقطف في الحديقة العامة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المُدوِّنة "لين جافي" (Lynn Jaffee)، والتي تُحدِّثُنا فيه عن تجربتها مع قوة التغييرات الصغيرة.

عندما انتقلت قبل بضع سنوات ورثت حديقة صغيرة ظليلة تقع تحت شجرة صنوبر تبدو صحية، وكانت الحديقة مُهملة لسنوات عدَّة؛ إذ كانت عبارة عن فوضى عارمة، وفي بداية الأمر، كان مجرد التفكير فيها أمراً محبطاً، ولكنَّ استراتيجيتي في اختيار ما يمكنني القيام به ببطء في فترات زمنية صغيرة كانت تؤتي ثمارها.

لقد بدأتُ إزالة الأعشاب الضارة التي تغطي الأرض، ومن ثم رششت الحديقة ببعض نبات الهوستا والسراخس المحبة للظل، وأخيراً كان من دواعي سروري أن أزرع بعض أنواع النباتات الملونة في مقدمة الحديقة من أجل مظهرها الخارجي؛ إذ استغرق الأمر مني بضع سنوات، ولكن الآن عندما أنظر من باب منزلي الخلفي، أرى مساحة جذابة يُدخِل لونها وملمسها السرور إلى القلب.

لماذا أكتب عن البستنة في منتصف فصل الشتاء؟ نعم، يعتقد الصينيون أنَّ الانقلاب الشتوي هو أساس بداية الربيع، ولكنَّ هذا ليس كل شيء؛ ذلك لأنَّ الجزء الأعمق من فصل الشتاء يكون بطبيعته بارداً ومظلماً ومغذياً ومنغلقاً، وليس هذا هو الوقت المناسب للتفكير والتخيُّل؛ وإنَّما هذا الوقت من العام الذي يجبرنا على تقييم حياتنا والتفكير في التغيير؛ إنَّها الأمور التي تتعلق بقرارات السنة الجديدة.

شاهد: كيف تصنع التغيير في حياتك من خلال تغيير عاداتك؟

من المؤسف أنَّ معظم الأشخاص الذين يتعهدون بإجراء تغييرات في هذا الوقت من العام إمَّا لا يلتزمون بوعودهم أو يلتزمون بالنظام الجديد الذي يضعونه لفترة قصيرة فقط.

وكدليل على ذلك، ما عليك سوى أن تلقي نظرة على موقف السيارات المزدحم في النادي الرياضي الصحي المحلي خلال الأسبوع الأول من شهر كانون الثاني، وبعد شهر ستختفي العديد من هذه السيارات؛ وهذا يدلُّ على شعور الناس بالإحباط والتوقف عن تنفيذ القرارات التي اتخذوها في السنة الجديدة.

كما هو الحال مع حديقتي أقترحُ اتِّباع استراتيجية مختلفة كي تبدو الحديقة بحال أفضل؛ إذ إنَّها خطة لإجراء تغييرات صغيرة ببطء، وقد يكون إصلاح نمط الحياة الذي تتبعه حالياً أمراً مُرهقاً ويصعب الحفاظ عليه، ولكنَّ العديد من التغييرات الصغيرة مع مرور الوقت يمكن أن تسفر عن نتائج كبيرة، وهذا أمرٌ مدعوم بمجموعة كبيرة من الأبحاث؛ إذ تشير بعض الدراسات إلى أنَّ القيام بتعديلات صغيرة يمكن في الواقع أن يُطيل حياتك لسنوات.

إنَّ استراتيجية التغييرات الصغيرة تمنحك فرصة أفضل للنجاح لأسباب عدَّة: أولاً، إنَّ الفرص الأفضل للنجاح أمرٌ واقعي؛ فأنت لا تحاول إصلاح نظامك الغذائي وممارسة التمرينات الرياضية يومياً والقيام بشيء لتخفيف التوتر والإقلاع عن التدخين دفعة واحدة.

إقرأ أيضاً: كيف تغير حياتك نحو الأفضل؟

ثانياً، حتى القيام بتغيير صغير واحد يمكن أن يكون له تأثير؛ ولقد وثَّقت الأبحاث أنَّه حتى التعديلات الصغيرة في نظامك الغذائي لها تأثير حقيقي وإيجابي للغاية في صحتك، أخيراً، من خلال تغيير الأمور بطريقة صغيرة والالتزام بها، فإنَّك تكتسب إحساساً بالكفاءة الذاتية، وهي المعرفة بأنَّك تستطيع فعل ذلك.

بدعم الاختصاصيين والوكالات ذات الصلة، فإنَّ استراتيجية التغيير الصغيرة قد توفر بشكل جيد الطريق لتحسين صحة الناس بشكل جماعي في جميع أنحاء العالم. وإذا كنت ترغب في التمتع بصحة أفضل، ففكِّر في اتخاذ خطوات صغيرة وإجراء تغييرات صغيرة ببطء واحد تلو الآخر.

المصدر




مقالات مرتبطة