قصة نجاح ليوناردو ديل فيكيو امبراطور صناعة النظارات الإيطالي

"لطالما فكرت فيما أود تحقيقه غداً، وفي كيفية إتقانه، متجاهلاً أي صعوبات أو ظروف كنت سببها أو لم أكن، وهذا ما جعلني أفكر بشكل مختلف وإتقان عالٍ".



هذا ما قاله إمبراطور صناعة النظارات "ليوناردو ديل فيكيو" عندما سُئِل عن سر نجاحه في بناء إمبراطوريته؛ ولكن، كيف كانت نشأته؟ وكيف أمضى أيام طفولته؟ وكيف استطاع التربع على عرش الثراء؟ وما هي قصة نجاحه والتحديات والصعوبات التي واجهته؟

نقدم لكم كل ذلك أعزاءنا القراء في السطور القليلة القادمة، فتابعوا القراءة.

النشأة والتحصيل العلمي لليوناردو ديل فيكيو:

ليوناردو ديل فيكيو

وُلِد "ليوناردو ديل فيكيو" (Leonardo Del Vecchio) في مدينة ميلانو الإيطالية، وذلك في تاريخ 22 مايو من عام 1938م، وهو الولد الأصغر في عائلته المكونة من 5 أولاد.

لقد توفي والد ليوناردو قبل ولادته بخمسة أشهر، وكانت عائلته تعاني الفقر المدقع، حيث لم تستطع والدته العناية به، وأعطته لدار أيتام لتتكفل برعايته عندما كان عمره سبع سنوات فقط؛ ممَّا دفعه إلى تعلم الاعتماد على نفسه والصبر.

غادر  ليونارد دار الأيتام في عمر أربعة عشر عاماً، وبقيت كلمات الوداع التي سمعها من إحدى معلماته راسخة في ذهنه، حيث قالت له: "أنت لم تختر والديك وماضيك، لكنَّك مسؤول عن مستقبلك؛ لذا افتح صفحة جديدة مع نفسك، وانطلق في الحياة"؛ وبالفعل، انطلق ليوناردو ليخط أروع قصة نجاح، حيث بدأ رحلة البحث عن عمل، فعمل أولاً في مصنع لقطع السيارات، وبعدها عمل في مصنع مكونات معدنية صغيرة للنظارات، وقد بُتِر طرف إصبعه بآلة التقطيع بسبب خطأ في تقطيع أجزاء النظارات، وما زالت آثار هذا الحادث موجودة إلى الآن. 

إلى جانب عمله، كان طالباً في المعهد الصناعي للتصميم لدراسة نحت القطع الصلبة، وقد عانى جداً من مشقة العمل والدراسة، فقد كان يقضي يومياً 14 ساعة بينهما؛ ولكن رغم ذلك، استطاع الحصول على دبلوم في النقش من أكاديمية بريرا للفنون عام 1958م، وبدأ مسيرته العملية كمتدرب في مدينة ميلانو، ولكنَّه استطاع أن يصنع أجزاء رائعة التصميم.

إقرأ أيضاً: قصة نجاح فرديناند بورشيه الرائد في مجال تصنيع السيارات

المسيرة المهنية لليوناردو ديل فيكيو وقصة نجاحه:

ليوناردو ديل فيكيو

اتخذ ليوناردو قراراً بالانتقال إلى قرية أغوردو بعد ثلاث سنوات من تخرجه، وهي قرية صغيرة تقع في مقاطعة بيلونو في مدينة البندقية الإيطالية، وتُعدُّ مركز صناعة النظارات في إيطاليا، خاصة زجاج العدسات.

لقد بذل ليوناردو قصارى جهده لتعلم كل ما يتعلق بهذه الصناعة، بدءاً من التصميم واحتراف صناعة كل جزء من أجزاء النظارات، وانتهاءً بالتسويق؛ وقد ساعدته محبته وشغفه بالنظارات وهياكلها على التميز في هذا المجال؛ وأُتِيحت له فيما بعد فرصة للعمل في أحد مصانع الميداليات والأوسمة، حيث أصبح مديراً فنياً فيه.

لقد كان ليوناردو على ثقة مطلقة بأنَّ الفرص الجيدة تأتي لجميع الناس، لذلك كان حريصاً على توفير بعض المال استعداداً لهذه الفرصة، وكانت نقطة التحول الحاسمة في حياته عندما قرر جعل النظارات التي كانت تُلبَس لدواعي طبية فحسب جزءاً من الموضة، ويقول: "كان مطربو الروك والفنانون الأمريكيون يزورون إيطاليا وهم يرتدون الجينز والقمصان الضيقة، وكنت أتأملهم جيداً وهم يجوبون الشواطئ، فخطرت في ذهني فكرة أن تكون النظارات جزءاً من الموضة كما هي الملابس والأحذية".

بالفعل، أنشأ ليوناردو مصنعاً صغيراً في منزله لتصنيع أجزاء النظارات، وبقي يعمل فيه مع زوجته إلى أن وظَّف 14 عاملاً، وكان يعمل بشكل متواصل، وكانت ساعات عمله تصل إلى 20 ساعة يومياً؛ وذلك بهدف كسب ثقة المصانع بجودة إنتاجه.

استمرَّ ليوناردو على هذا الحال لست سنوات، ثمَّ أسس بعد ذلك مصنعاً أكبر سمَّاه "لوكسوتيكا" (Luxottica) بهدف عرض إنتاجه وخدماته على كبار مصممي الموضة والأزياء في العالم بهدف إقناعهم بإنتاج النظارات كجزء من الموضة، وأن يتولى مصنعه مَهمَّة تصنيع هذه النظارات.

توقف ليوناردو عن تصنيع إطارات النظارات لعلامات تجارية أخرى في عام 1971م، وأطلق العلامة التجارية الخاصة بمصنعه؛ ولأنَّه كان مقتنعاً تماماً بالحاجة إلى التكامل الرأسمالي، قرر الاستحواذ على شركة توزيع تُدعَى "Scarrone" في عام 1974م، وذلك بهدف تطوير مبيعات الشركة؛ كما أنَّه تمكَّن من افتتاح أول فرع له في ألمانيا عام 1981م، ومن توقيع صفقة ترخيص مع المصمم جورجيو أرماني في عام 1988م، كما استطاع أن يصبح صاحب أول سلسلة متاجر في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1995م.  

لقد أُدرِجت شركة "Luxottica" في بورصة نيويورك في عام 1990م، كما أُدرِجت في بورصة ميلانو في شهر ديسمبر من عام 2000م، وانضمت إلى مؤشر "S&P/MIB" في شهر سبتمبر من عام 2003م؛ وقد عزز ذلك من قدرتها على الاستحواذ على علامات تجارية إيطالية وعالمية شهيرة، حيث استحوذت على كلٍّ من "Persol" و"Vogue" في عام 1990م، ثمَّ استحوذت على "lens Crafters" في عام 1995م، كما تمكَّنت من الاستحواذ على العلامة الأمريكية الأكثر شهرة "Ray Ban" في عام 1999م، وعلى شركة "Sunglass Hut" في عام 2001م، وعلى "OPSM" في سيدني في عام 2003م، وعلى كلٍّ من "Pearle Vision" و"Cole National" في عام 2004م، وعلى "Surfeyes" في عام 2006م؛ كما استطاعت "Luxottica" أن تخترق عالم الرياضة عندما تمكنت من شراء العلامة التجارية الأمريكية المتخصصة في صناعة الأدوات الرياضية "Oakley" مقابل 2.1 مليار دولار أمريكي، وذلك في شهر نوفمبر من عام 2007م.

تُنتِج (Luxottica) نحو 90% من النظارات في العالم، وذلك بالتعاون مع أبرز العلامات التجارية، ومنها: "Versace"، و"Ralph Lauren"، و"Armani"، و"Chanel"، و"DKNY"، و"Ferragamo"، و"Prada"؛ كما تمكَّنت من مشاركة شركة "google" في تطوير (google glass) ودمجها في نظاراتها، وذلك في شهر مارس من عام 2014م.

استطاع فيكيو في عام 2018م دمج "Luxottica" الإيطالية لصناعة النظارات مع "Essilor" الفرنسية الشهيرة لصناعة العدسات؛ كما تمكَّنت "Luxottica" من الاستحواذ على مجموعة من متاجر التجزئة الأمريكية الخاصة بالألبسة "Brooks Brothers".

إنَّ شركة (Luxottica) الأم حريصة على وضع ملصق "صُنِع في إيطاليا" على منتجاتها، الأمر الذي يساعد على الترويج لعلامتها التجارية؛ ومن الإنجازات التي حققتها (Luxottica) أيضاً أنَّها تنتج نحو 65 ألف منتج، وتعرض أكثر من ألف تصميم سنوياً؛ كما أنَّها تضم 6 مصانع و77734 موظف لإنتاج ما يزيد عن 100 ألف نظارة في اليوم الواحد، و7000 متجر في مختلف أنحاء العالم.

شاهد بالفيديو: تعلم كيف تغتنم الفرص بـ 10 خطوات

حياة ليوناردو ديل فيكيو الشخصية:

ليوناردو متزوج من "نيكوليتا زامبيلو" (Nicoletta Zampillo، ولديه أربعة أبناء هم: "كلاوديو، وليوناردو ماريا، ولوكا، وكليمنتي"، وابنتان هما: "ماريسا، وباولا"، وحفيدان هما: "كريستيان، وأنجيليكا".

أُدرِج اسم ليوناردو ضمن قائمة أثرياء العالم التابعة لمجلة فوربس في عام 2014م ليحتل المرتبة 47، وبثروة تجاوزت 21.9 مليار دولار؛ كما أنَّه يُعدُّ ثاني أثرياء إيطاليا.

يتصف ليوناردو برجاحة العقل وتقديره اللامتناهي لموظفيه، حيث جمع مئات الآلاف من الموظفين تحت جناحه كعائلة واحدة، وقال عن ذلك: "لدي فعلاً شعور بأنَّنا عائلة واحدة".

في الذكرى الخمسين لتأسيس الشركة، وتحديداً في عام 2011م، وزَّع 314 ألف سهم على موظفي مجموعته في إيطاليا، وقرر عند بلوغه سن الثمانين تقديم أسهم بمقدار 9 ملايين يورو لموظفيه، حيث قدم من ثروته الشخصية 140 ألف سهم إلى نحو ثمانية آلاف موظف، وقال: "تأتي خطوتي هذه تقديراً لجهود موظفي المجموعة في إيطاليا الذين هم في قلب نجاح Luxottica".

وختاماً، من الأقوال الأكثر شهرة لليوناردو: "القيم هي الأهم في الحياة، وأنا الدليل على إمكانية أن تكون صادقاً وتكسب المال في إيطاليا".

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة