قد تحب الوحدة بعد قراءة هذا المقال

إنَّ منح نفسك الوقت وحدك يعني أنَّك تستطيع استكشاف الأشياء دون التأثر بالضغوطات والأحكام التي قد يفرضها الآخرون؛ إذ يُعَدُّ قضاء بعض الوقت مع ذاتك أمراً بالغ الأهمية لتطوير ذاتك وامتلاك مهارات المحاكمة العقلية، وبدلاً من القلق بشأن التقييمات والأحكام والآراء التي قد يبديها الآخرون في قراراتك الشخصية، يتيح لك قضاء بعض الوقت وحدك التركيز على نفسك.



لماذا من الأفضل أن تكون وحيداً؟

تمنحك الوحدة الوقت الكافي للتركيز على اهتماماتك، وأن تكون وحيداً لبعض الوقت هو جزء هام من تطوير الذات؛ وذلك لأنَّه يسمح لك بالتعرف إلى ذاتك ومعرفة اتجاهاتها وميولها الفكرية والجسدية والنفسية، وبخلاف ذلك عندما تكون محاطاً بالناس، قد تضع أفكارك وشغفك جانباً سواء بشكل واعٍ أم غير واعٍ من أجل إرضاء رغبات واحتياجات الأصدقاء أو العائلة.

هل الوجود وحدك طوال الوقت أمر صحي؟

تُظهر الأبحاث والدراسات الحديثة أنَّ البقاء وحدك فترة طويلة من الزمن قد يكون له تأثير كبير في صحتك الجسدية والنفسية، وقد تشير بعض الدراسات إلى احتمالية وجود علاقة بين الشعور بالوحدة وزيادة خطر الإصابة بالخرف أو ألزهايمر.

الوحدة تعني اكتئاباً أقل:

يمكن أن يساعدك البقاء وحدك على بناء القوة والمرونة العقلية والنفسية؛ إذ تشير الدراسات إلى أنَّ القدرة على إمضاء الوقت وحيداً ارتبطت بزيادة السعادة وتحسين الرضى عن الحياة والتعامل مع الضغط النفسي بشكل أفضل، وخلصت هذه الدراسات إلى أنَّ الأشخاص الذين يستمتعون بوقتهم وحدهم لديهم احتمالية أقل للإصابة بالاكتئاب.

الوحدة تحسن علاقاتك الاجتماعية:

عندما تقضي وقتاً ممتعاً وحدك ستكون أقل قبولاً للمعاملة السيئة من قِبل الآخرين؛ وذلك لأنَّك تعرف تماماً من تجربتك الشخصية أنَّ الوحدة أفضل بكثير وأكثر متعة من أن تكون مع شخص يجعلك تشعر بالملل أو الدونية أو الإحباط، لذلك فإنَّك تختار الأصدقاء الذين يعاملونك معاملةً جيدةً ويضيفون إلى حياتك شيئاً جميلاً، وهذا يحسن علاقاتك الاجتماعية.

أيهما أفضل أن تكون وحيداً وسعيداً أو أن تكون غير وحيد وغير سعيد؟

يقول خبراء علم النفس من الأفضل أن تكون وحيداً على أن تكون طرفاً في علاقة سيئة أو سامة، فقد وجدت إحدى الدراسات أنَّ الوقوع في علاقة غير سعيدة يضر بصحة الشخص، وسيكون من الأفضل أن يبقى وحده، وخلص الباحثون إلى أنَّ الأمر يزداد سوءاً كلما طالت مدة العلاقة؛ لذا من الأفضل إنهاؤها حين لا تؤدي إلى أيَّة نتيجة.

شاهد: 10 أشياء إيجابيَّة تحدث لك عندما تبقى وحيداً

هل من الطبيعي ألا يكون لديك أصدقاء مقربون؟

يجب عليك أن تعرف أنَّه من الطبيعي ألا يكون لديك أصدقاء، فإنَّه ليس أمراً نادراً كما تتصور؛ بل هو أمر شائع؛ إذ تشير إحدى الدراسات إلى أنَّ 1 من كل 5 أشخاص ليس لديه صديق مقرب، فتخيل أنَّ كل شخص من خمسة تقابلهم في حياتك ليس لديه صديق واحد مقرب، ولا داعي من التخيل كثيراً فهذا هو الواقع وهذه هي الحقيقة، وهذا ما يساعدنا على الشعور بأنَّنا أقل غرابة، وإذا اقتنعت في أعماقك بهذه الفكرة فلن تشعر بالوحدة أبداً حتى لو كنت وحيداً.

هل الوحدة تضر بصحتك؟

الكثير من الوحدة يضر بصحتنا الجسدية والنفسية أيضاً، ولقد وجدت الدراسات أنَّ العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة يمكن أن يزيدا من احتمالية الوفاة بنسبة تصل إلى 30%، لكن هذه النسبة ترتفع بشدة في حال كنت في علاقة سامة أو أصدقاء غير مريحين.

كيف تستمتع بوحدتك؟

1. ضع وقتاً للوحدة في جدولك اليومي:

من الجيد أن تكون جزءاً من مجتمع تعرف فيه الناس ويعرفونك، لكن في بعض الأحيان تحتاج إلى أن تكون وحيداً، فحافظ على التوازن من خلال تضمين العزلة في جدولك اليومي، فأن تكون وحيداً هو جلسة شفاء ذاتي يمكن أن تساعدك على حل المشكلات وتجاوز الصعوبات التي قد تعترض طريقك ومعرفة نفسك بشكل أفضل وتعطيك فرصة للاسترخاء وتجديد أفكارك والخروج بحلول إبداعية.

2. مارِس النشاطات التي تحبها:

أحد الأساليب المفيدة لبناء عادة الوحدة هي البدء بنشاط ما يجلب لك المتعة والرضى؛ إذ تُعَدُّ الوحدة مصدر إلهام وتساعدك على أن تكون مبدعاً وقادراً على إنجاز عملك بدقة، كما يمنحك إنجاز المهام إحساساً بالأهمية والنجاح.

تشمل النشاطات التي يمكنك البدء بها ما يأتي:

  1. الاشتراك في كورس للرسم عبر الإنترنت.
  2. الاشتراك في دورة النجارة.
  3. تنسيق الحدائق.
  4. تحضير الغداء.
  5. ركوب الدراجة.
  6. الذهاب إلى المتحف.

3. تأكد من الحفاظ على الروتين:

تأكد من الحفاظ على روتين من أجل الاستفادة من الوحدة؛ وذلك لأنَّ وجود روتين معين يخفف من التوتر ويجعل الحياة أكثر هدوءاً واستقراراً، فقد تشعر بأنَّك أناني أو مشغول جداً لتخصيص وقت لتكون وحيداً، ولا تفرط في حجز وقتك للآخرين لدرجة عدم تخصيص وقت لنفسك، فأنت بحاجة إلى فترة كافية من الوحدة للتعويض والحصول على استراحة ذهنية من حياتك المزدحمة، وتأكد من تحديد موعد كل أسبوع من أجل:

  1. الذهاب إلى الفراش في الوقت المحدد كل يوم.
  2. أن يكون لديك الوقت الكافي للاسترخاء.
  3. تخصيص الوقت الكافي لقراءة كتاب أو ممارسة هواية تحبها.
  4. تنظيم المهام مثل تنظيف المنزل أو أداء المهام أو القيام بالأعمال المنزلية الأخرى.

4. لا تسمح لأفكارك بالانزلاق إلى هاوية السلبية:

عندما تمر بأوقات من الوحدة لا تسمح لأفكارك بالانزلاق إلى هاوية السلبية، ولا تدع تفكيرك يتجول بين المواقف السيئة التي حدثت لك، وتجنب إعادة تخيل المواقف السيئة أو الأشياء التي تزعجك مثل الجدال بينك وبين ابنك المراهق أو التعليق الوقح من جارك.

بالطبع تساعدك الوحدة على حل المشكلات، لكن إذا تحول الوقت إلى حالة سلبية فيجب عليك تحويل تركيزك إلى أشياء أخرى أكثر إيجابية، وإذا لم تتمكن من ذلك فمارس نشاطاً ما داخل منزلك أو اذهب إلى الخارج للحفر في الحديقة.

5. خصص وقتاً للوحدة حتى في ذروة انشغالك:

الحياة مزدحمة بشكل دائم ومن الصعب الاستمرار في الكفاح والعمل دون الحصول على الراحة من وقت إلى آخر، فقد تكون لديك مسؤوليات عائلية وأعمال منزلية والتزامات مجتمعية، وحتى خلال ذروة انشغالك وعملك من الضروري أن تخصص وقتاً تقضيه وحيداً مع ذاتك، فقد تعتقد أنَّك تستطيع مواصلة العمل دون أوقات الوحدة هذه، ولكنَّك لن تكون في أفضل حالاتك، ومن المحتمل أن تكون غاضباً أو متعباً، وهذا قد يؤدي إلى الإرهاق.

إذا كنت من النوع الذي لا يتوقف عن العمل، فقد يكون الوقت قد حان لأخذ استراحة قصيرة، فلست بحاجة إلى أخذ فترات راحة طويلة، فقد تساعدك عشرون دقيقة كل يوم وحدك مع فنجان من القهوة على سطح منزلك على إعادة تجميع قواك والسماح لتفكيرك بالاسترخاء.

6. اخرج في الطبيعة:

يصفِّي الخروج في الطبيعة ذهنك ويخفف من ضغط الدم ويحسن الصحة العقلية؛ إذ يساعد استنشاق الهواء النقي والتعرض لأشعة الشمس على تحسين جودة نومك، كما وجدت العديد من الدراسات والأبحاث الحديثة وجود علاقة بين الخروج في الطبيعة وانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؛ وهذا لأنَّك تصبح أكثر نشاطاً عندما تكون في أحضان الطبيعة، وهذا بدوره يقلل من الضغط والتوتر ويقلل العبء على عضلتك القلبية، ويُعَدُّ أي نشاط خارجي مفيداً سواء على الشاطئ أم في الغابة أم تسلق الجبال.

شاهد أيضاً: كيف تتغلَّب على الخوف من الوحدة؟

ما هي فوائد الوحدة؟

1. تساعدك الوحدة على زيادة الشعور بإحساس الآخرين:

عندما يكون لديك وقت تقضيه مع نفسك، تصبح قادراً على الاسترخاء والتخلي عن كل أفكارك السلبية والتغلب على الصعوبات التي تزعجك، على سبيل المثال، يمنحك تنظيف المنزل وحيداً قدرةً أفضل على التعاطف مع الآخرين، وبالطبع يوجد خيط رفيع بين الأنانية والتعاطف مع الآخرين، ولكنَّ الوحدة ليست أنانية؛ بل هي طريقة صحية لتضع نفسك في مكان جيد تستطيع فيه مساعدة الآخرين.

2. تزيد الوحدة من إنتاجيتك:

ترتفع إنتاجيتك عندما تقضي فترات زمنية وحيداً مع نفسك، ويساعدك القليل من الخصوصية والوحدة على إنجاز المهام، كما تتيح لك الوحدة أن تكون أكثر إبداعاً عندما تكون هادئاً ووحيداً؛ وذلك لأنَّك تعدل من أفكارك وتراجعها باستمرار.

3. تعزز الوحدة الإبداع:

عندما تقضي بعض الوقت وحدك دون أن يعكر صفو ذهنك أي شيء، فهذا يسمح لعقلك بالتخلص من التوتر، فلقد تركت كل أفكارك المتضاربة ومهامك وأنت جالس بجوار البحيرة أو على أريكة مريحة في بيتك الريفي الهادئ والمعزول.

كما تمنح الوحدة عقلك فرصةً غنية للتجول بين الأفكار والمشاعر والخيالات وكأنَّك تعيش تجارب جديدة وأنت جالس على أريكتك أو تطعم بط البحيرة، ويمكنك أيضاً أن تتخيل نفسك في إجازة جديدة أو تؤلف كتاباً، وتخيَّل أي شيء تريد فعله وحدك.

إقرأ أيضاً: 7 أمور مذهلة تحدث عندما تمضي وقتك وحيداً

4. تزيد الوحدة قوَّتك الذهنية:

لا شك في أنَّ البشر بطبيعتهم كائنات اجتماعية، حتى إذا كانت لديك روابط قوية مع أصدقائك وأقاربك فما تزال بحاجة إلى قضاء بعض الوقت وحدك دون التواصل مع أحد سواء على أرض الواقع أم على مواقع التواصل الاجتماعي، فستشعر بسعادة أكبر وستشعر أنَّ لديك تركيزاً أعلى وذهناً متقداً عندما تحدد ساعتين في الأسبوع تقضيهما وحدك.

إقرأ أيضاً: ماذا ستفعل إن كنت وحيداً بلا أصدقاء؟

في الختام:

الوحدة هي قرارك الشخصي ولن يقوم شخص آخر باتخاذه نيابة عنك، فلا يُعَدُّ الاستماع لأفكارك والاستمتاع بقليل من السلام رفاهية عندما تكون الحياة مزدحمة، وهو أمر ضروري جداً؛ لذا يجب أن تُعلِّم نفسك أهمية الوحدة وكم هي ضرورية لصحتك العقلية والجسدية، فلا تخصص وقتاً للوحدة إذا كنت لا تقدِّرها.




مقالات مرتبطة