قانونا الندرة والوفرة

هل سبق أن قرأت كتاب "قانون الجذب" (The Law of Attraction)؟ أو شاهدت الفيلم؟ في حال لم تفعل ذلك، فإنَّ قانون الجذب هو المصطلح الذي يُطلَق على المبدأ القائل إنَّ: "الأشياء المتماثلة تتجاذب"، وعند التركيز في الأفكار الإيجابية أو السلبية، يمكن للمرء أن يحقق نتائج إيجابية أو سلبية.



يبدو قانون الجذب منطقياً في جوهره، فما تتركه من أثر في هذا العالم يعود إليك عشرة أضعاف، لكن إذا كنت قد قرأت الكتاب أو شاهدت الفيلم، فأنت تعرف أنَّ قانون الجذب يُصوَّر على أنَّه قوة روحانية، وأنَّه إذا كنتَ تفكر بإيجابية، فسوف تحصل على كل الأشياء الجيدة التي تريدها في الحياة.

فالأمر هو أن تفكر بإيجابية، ومن ثم تعثر على مال على الأرض، أو تتخيل سيارة تريدها ثم ترى شخصاً ما يرمي لك المفاتيح ويقول: "تفضَّل أعتقد أنَّك تستحقها، إنَّها لك!"، في هذا الصدد فإنَّ قانون الجذب غير منطقي، وبكل أسف فإنَّ التفكير الإيجابي وحده لن يجعلك ناجحاً، ولكنَّه على الرغم من ذلك سيعطيك قاعدة لاتخاذ إجراءات إيجابية، والتي - مع مرور الوقت - سوف تقدم لك فرصاً يمكنك الاستفادة منها.

لا يجذب التفكير الإيجابي النجاح؛ بل هو الذي يدفعك إلى اتخاذ إجراءات إيجابية تتيح أمامك فرصاً إيجابية وتمنحك نتائج إيجابية، فإذا كنتَ تتمنى باستمرار الحصول على سيارة جديدة، فهذا لا يعني أنَّها من حيث لا تَحتَسِب؛ وإنَّما إن وجهَّت تركيزك إلى أن تتوصل إلى خطة ما، ومن ثم تتخذ خطوات قابلة للتنفيذ بشكل منهجي لتحقيق هدف شراء السيارة الجديدة؛ فحيث ينصب تركيزك تنصب أفعالك، وهذا ما يعنيه قانون الجذب؛ وبهذا المعنى، فلا ينبغي لقانون الجذب أن يثير اهتمامك؛ بل ما يثيره هو قانونا الندرة والوفرة.

ويَنُصُّ قانون الندرة والوفرة على ما يأتي:

عندما تبدأ لأول مرة بالتحرك نحو هدف ما، فأنت تمتلك عقلية الندرة؛ فلديك الحد الأدنى من الفرص وأنت تبحث عن أي شيء ليدفعك في اتجاه هدفك، وعندما تركز في هدفك النهائي، تبدأ باتخاذ الإجراءات، وعندها تتحمس كلما اقتربت منه أكثر فأكثر، ثم وبمجرد تحقيق هدفك، تنتقل من الندرة إلى الوفرة، ومن خلال العمل الإيجابي الذي قمت به والثقة والوعي الذاتي الذي اكتسبته من نجاحك الأول، ستبدأ عندها بجذب المزيد من الفرص.

من خلال الثقة بالنفس والإيجابية المكتسبة في الوفرة، يمكنك أن تخبر العالم بأنَّك تستحق أكثر من ذلك، والناس ستؤمن بك وتتصرف وفقاً لذلك؛ إذاً، كيف يمكنك تجاوز عقلية الندرة والانتقال إلى عقلية الوفرة والحصول على الفوائد مدى الحياة جراء ذلك؟

إقرأ أيضاً: 10 قواعد للعقلية الناجحة!

عقلية الندرة:

بصرف النظر عما تحاول البدء به، وسواء كان عملاً تجارياً جديداً أم اكتساب مهارات اجتماعية جديدة، فستبدأ بالندرة؛ إذ سيكون فهمك لما يتطلبه النجاح محدوداً بسبب افتقارك إلى الخبرة، وستَصُب تركيزك على النجاح؛ وهذا سيجعلك حريصاً جداً.

سمات عقلية الندرة:

  1. نقص الخبرة والمعرفة.
  2. عدم توفر الفرص.
  3. الحرص المبالغ به.
  4. الاعتقاد بأنَّك ضحية للظروف.

إذا كانت أيٌّ من هذه الصفات تصفك، فلا تقلق فالجميع يبدأ بالندرة؛ إذ إنَّ نقص الخبرة لديك يسبب نقص الفرص؛ وهذا يجعلك تفرط في العمل في المواقف التي يمكنك فيها الشعور بفرصة؛ وهذا يجعلك تسعى إليها وتفشل؛ وهذا بدوره يؤدي إلى اعتقادك بأنَّك ضحية وأنَّ ما يحدث ليس خطأك.

هنا يكمن الاختلاف بين قانونَي الندرة والوفرة وقانون الجذب؛ ففي قانون الجذب ليس عليك سوى أن تحافظ على التفكير الإيجابي، وسيحقق العالم جميع رغباتك، ولكنَّ هذا ليس ما يحدث في الواقع، ولتتخلص من عقلية الندرة، عليك ألَّا تركز في الجذب؛ بل في الوفرة.

شاهد بالفديو: 10 طرق لجعل التفكير الإيجابي عادة من عاداتك

عقلية الوفرة:

الوفرة هي مفتاح النجاح، فكما ذُكِر آنفاً، سواء كنت تبحث عن شريك الحياة أم عن مشروع تجاري مربح، يمكن للعالم أن يلاحظ عندما تتمتع بعقلية الوفرة، وبعد أن تكون كذلك، سوف تتحقق كل رغباتك، والمنطق وراء ذلك هو أنَّه من خلال عقلية الوفرة يمكنك أن تعزز ثقتك بنفسك؛ فعندما يشعر الناس بأنَّك شخص متماسك وإيجابي وواثق من نفسك، سيتلهفون إلى مساعدتك وأنت لمساعدتهم، لكن لتحقيق ذلك، تحتاج إلى الثقة من خلال عقلية الوفرة.

سمات عقلية الوفرة:

  1. سلوك طيب بالفطرة.
  2. ثقة بالنفس تتيح للفرصة تقديم نفسها، بدلاً من أن تبحث عنها.
  3. وجود مجموعة صارمة من القيم التي تبقيك متماسكاً، بصرف النظر عن الوضع.
  4. الإيمان بأنَّك دائماً ذو قيمة، وإذا تجاهل الناس قيمتك، فهم الخاسرون.
  5. التركيز في الرحلة، والثقة بأنَّ رحلتك ستنتهي وقد حققت كل إمكاناتك.

تغيير العقلية من الندرة إلى الوفرة:

إذا كانت الوفرة أساس النجاح، إذاً فتغيير عقليتك من الندرة إلى الوفرة هو أهم ما في الأمر، لكن كيف يمكننا التخلص من عقلية الندرة؟ يبدو أنَّ الندرة بمنزلة حلقة مفرغة؛ إذ يؤدي افتقارك إلى الخبرة والمعرفة إلى شعورك كضحية؛ وهذا يعزز افتقارك إلى الخبرة والمعرفة.

صحيح، لكنَّ الأمر ليس دائماً على هذا النحو، فتحديد أنَّك تمتلك عقلية الندرة هو الخطوة الأولى لتخطيها، فهل تتصف بأيٍّ من سمات الندرة الأربع التي ذُكرَت؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنت عالق - جزئياً على الأقل - في حلقة الندرة، ولكسر هذه الحلقة؛ الخطوة الأولى هي أن تكوِّن الخبرات في المجال الذي يكمن فيه هدفك، فإذا كان هدفك هو بدء شركة، فقم بذلك، أو إنشاء مدونة أو منصة أعمال استشارية أو حتى كشك لبيع عصير الليمون.

أو إذا كنت ترغب في العثور على شريك الحياة، فاخرج وقابل الناس، واعمل على المهارات الاجتماعية الخاصة بك عن طريق وضع نفسك في المواقف التي تتطلب اتخاذ القرارات؛ إذ لعلَّك ستفشل في البداية، لكن من خلال هذه التجارب، سوف تبدأ باكتساب خبرات محددة ستضاف إلى معرفتك.

ستتعلم كيفية التصرف في حالات معينة، وسيجعلك هذا أكثر ثقة؛ وهذا سيؤدي إلى تقبُّل الناس لك بشكل أكثر إيجابية؛ وهذا بدوره سيتيح أمامك المزيد من الفرص، وسيشعر الناس بهذا الوضع الجديد، وسيعاملونك بشكل إيجابي؛ وهذا سيزيد من ثقتك، وبعد ذلك، سيؤدي إلى المزيد من الفرص، وهكذا.

إقرأ أيضاً: 12 استراتيجية لعقلية سعيدة

في الختام:

من خلال المزيد من الثقة، ستصبح أكثر اطمئناناً لقيمك وقيمتك وإمكاناتك، وقبل أن تدرك الأمر، ستكون قد تمتعت بعقلية الوفرة؛ لذا كن واثقاً من نفسك؛ فاخرُج وطوِّر الخبرات التي من شأنها أن توجهك نحو هدفك.

المصدر




مقالات مرتبطة