فوائد الشروع بالعمل قبل أن تكون جاهزاً

لقد فقدت وظيفتي فجأة قبل عامين كمحررة لمجلة بدوام كامل في دالاس (Dallas)، وكنت أعلم أنَّني سأنتقل إلى شيكاغو (Chicago) خلال ستة أشهر؛ لذلك كنت أواجه موقفاً صعباً، فقد كان الوقت ضيقاً جداً بالنسبة إليَّ للعثور على وظيفة جديدة في دالاس، ولم يحن الوقت بعد لأبدأ البحث عن وظائف في شيكاغو.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة جيمي فريدلاندر (Jamie Friedlander)، والتي تحدثنا فيه عن تجربتها الشخصية في البدء بعمل ما قبل أن تكون مستعدة له.

كان عمري 28 سنة، وكنت أتخيل دائماً أنَّني سأحقق حلمي في أن أصبح في يومٍ ما كاتبة مستقلة بدوام كامل، لكنَّني تصورت أنَّني سأفعل ذلك في سن 35 أو حتى 40 عاماً، بمجرد أن أمتلك أساساً مالياً متيناً وشبكة تواصل أكبر؛ ورغم تلبك المعدة الشديد والخوف المترافق بتسارع دقات القلب اللذَينِ شعرت بهما في أثناء بحثي عن هذا الحلم قبل أن أكون جاهزة، فقد كان أفضل خيار عمليٍّ كنت قد اتخذته في ذلك الوقت، حيث شجعني زوجي وأصدقائي، واكتشفت أنَّ أسوأ شيء قد يحدث هو الفشل بعد ستة أشهر ثم العثور على وظيفة بدوام كامل في شيكاغو.

بعد عامين تقريباً، ما زلت أعمل بشكل حر ودوام كامل، وأنا لا أشعر بسعادة كبيرة بفضل الجدول الزمني المرن وقدرتي على تولي المشاريع التي أريدها فحسب، وإنَّما لأنَّني أجني أكثر ممَّا حققته كمحررة.

عندما يتعلق الأمر بالأحلام والأهداف والطموحات الكبيرة، يخطط معظمنا لكل التفاصيل النهائية حتى نشعر أنَّنا مستعدون لتحقيق النجاح؛ لكن في كثير من الأحيان، يكون التخطيط المفرط وسيلة لحماية أنفسنا من الفشل ومنعنا من اتخاذ أي إجراء؛ لكن بغض النظر عن مقدار التخطيط الذي تقوم به، فلن تشعر أبداً أنَّك جاهز تماماً لاتخاذ أي خطوة لا تكون واثقاً من نجاحها؛ فإذا لم تكن قصتي كافية لتؤثر فيك لتحقيق حلمك، أقدم إليكَ فيما يأتي قصص بعض رواد الأعمال المخضرمين الذين بدؤوا العمل على أحلامهم وأفكارهم قبل أن يكونوا مستعدين لها.

إقرأ أيضاً: قصص نجاح مُلهمة لـ 10 من أشهر رواد الأعمال

عندما تزوجت "جينيفر تشياو" (Jennifer Qiao)، عانت في إيجاد طراز حديث من "شيونغسام" (cheongsam)، وهو فستان زفاف صيني تقليدي، ومن هنا وُلِدت الفكرة.

لم تكن هي ولا "فيفيان تشان" (Vivian Chan) -المؤسسة المشاركة لها- خبيرتَين في الموضة أو ريادة الأعمال، ولم تعرفا ما إذا كان هناك سوق لمنتجاتهم في الولايات المتحدة، لذا أنشأتا ذات ليلة صفحة إلكترونية مجانية لاختبار فكرتهما، ولاقى هذا بعض الاهتمام؛ ثم صممتا فستاناً واحداً خلال عطلة نهاية الأسبوع، وحصلتا بعد شهر واحد على أول عميل.

"على الرغم من أنَّنا لم نكن واثقتين تماماً من أنَّنا سنكون قادرتين على جعل هذا الأمر واقعياً، إلَّا أنَّنا قررنا أن نبدأ بفكرة صغيرة ونجربها بسرعة. لم نشعر قط أنَّنا مستعدون للبدء بعمل تجاري، فكيف بصناعة فساتين زفاف مخصصة؛ ومع ذلك، تمكَّنا من خلال الكثير من العمل الجاد والتجريب والأخطاء من توسيع فريقنا وزيادة عائدات شركتنا السنوية ومساعدة مئات العرائس في جميع أنحاء العالم على الاحتفال بتراثهن بأسلوب أنيق" - "فيفيان تشان" (Vivian Chan)، المؤسس المشاركة لشركة (East Meets Dress) لفساتين زفاف.

ذهب "نيك غراي" (Nick Gray) في عام 2013 إلى موعد في متحف "متروبوليتان" (Metropolitan) للفنون في مدينة نيويورك (New York)، وأحب المكان على الفور، وبدأ الإشراف على جولات إلى المتحف مع أصدقائه، وواصل العمل في وظيفته اليومية في بيع المعدات الكهربائية للطائرات، وكان يقيم جولاته في عطلة نهاية الأسبوع.

انتشرت الكثير من الأخبار عن جولاته، وتحدثت عنها مدونة محلية، وأرسل أكثر من 1000 شخص بريداً إلكترونياً إلى "نيك غراي" يعربون عن رغبتهم في الانضمام إلى جولاته، لذا استقال "غراي" بعد عام رسمياً من وظيفته اليومية وبدأ العمل بدوام كامل، وأسس شركة "ميوزيوم هاك" (Museum Hack) التي تقوم اليوم بأكثر من 30 جولة عامة أسبوعية، والتي باعها مؤخراً بمبلغٍ كبير.

"عندما بدأت إدارة الجولات في متحف متروبوليتان رفقة أصدقائي، لم أكن أعرف أنَّه سيصبح عملي الرئيس، ولكنَّنا امتلكنا الزخم والدافع، حيث واصل الأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء القدوم إلى الجولات، ثم بدأ الناس في العثور على موقعنا الإلكتروني، وبدأ العمل بالازدهار" - "نيك غراي"، مؤسس "ميوزيوم هاك" (Museum Hack).

شاهد بالفيديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع

كانت جيمي لاكي (Jamie Lackey) التي تعمل عاملة اجتماعية لمدة عقدين من الزمن، تكافح قبل خمس سنوات لتقرر فيما إذا كانت ستواصل العمل أم البقاء في المنزل مع طفليها، ثم اتضح لها أنَّ الأمهات اللاتي عملن معها لم يكنَّ يمتلكن هذا الخيار؛ فغالباً ما عملوا في وظائف متعددة إلى جانب الاهتمام بأطفالهم وتحضير الطعام للعائلة.

لقد أسست لاكي مؤسسة هيلبينغ مامز (Helping Mamas) خارج مرآبها، وبدأت مشروعاً صغيراً لتجمع مستلزمات الأطفال من الولادة حتى سن 12 عاماً، وتوسع نطاق هذا المشروع وأصبح منظمة غير ربحية خدمت أكثر من 50000 طفل وتبرعت بأكثر من مليون قطعة للنساء والأطفال من ذوي الدخل المنخفض في جورجيا (Georgia).

"أنا لا أخاطر أبداً، لقد بدأت هذا العمل وأنا أشعر بالخوف الشديد، لكنَّني سمعت أحدهم يقول ذات مرة: قد تحصل في حياتك على فكرة جيدة واحدة فقط كبيرة بالفعل، ويجب عليك أن تتصرف على أساسها لأنَّها قد لا تحدث معك مرة أخرى؛ وهذا ما حدث معي، فقد اتخذت خطوة غير متأكدة من نجاحها، وواجهت مخاوفي وتجاوزتها، وكان الوقت مناسباً حتى لو لم أكن مستعدة لذلك، لكن كل شيء كان مهيئاً لنجاح الفكرة" - جيمي لاكي (Jamie Lackey)، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمؤسسة "هيلبينغ مامز" (Helping Mamas).

إقرأ أيضاً: 8 نصائح ذهبية لتطوير قدراتك الشخصية

هل ما زلت غير مستعد للبدء بما تحلم به؟

نقدم لك فيما يأتي جميع النصائح والحيل للشروع في العمل قبل أن تكون جاهزاً:

1. أجرِ اختباراً لمدة 10 سنوات:

هذه الاستراتيجية واحدة من الاستراتيجيات المجربة والواقعية التي تتبعها "ماري فورليو" (Marie Forleo) للتطوير الشخصي، وما عليك إلَّا أن تسأل نفسك: هل سأندم على عدم القيام بذلك خلال 10 سنوات؟ إذا كان الجواب نعم، فقد حان وقت الشروع بالعمل.

2. احذر من الإفراط في التخطيط:

لقد شعرت أنَّني غير مستعدة للبدء بعملي الخاص لأنَّني لم أخطط لكل شيء؛ كيف يمكنني العثور على مهمات جديدة؟ كيف سأدفع للعملاء؟ متى سأدفع الضرائب خاصتي؟ ظننت أنَّه يجب أن أكتشف كل وجهات النظر المرتبطة بالعمل قبل أن أتمكن من متابعة أي شيء.

لقد بدأت العمل مع عميلين وليس لدي أي فكرة عن الجانب التجاري المتعلق بالأعمال الحرة؛ ولكن الآن بعد عامين، غالباً ما يكون لديَّ عمل أكثر ممَّا يمكنني إدارته، كما أنَّني أمتلك اطلاعاً واسعاً بالجانب المالي لإدارة الأعمال، وقد تعلَّمت حكمة مفادها أنَّه من الهام تحديد أساسيات خطتك، ولكن عليك ملاحظة ما إذا كان الإفراط في التخطيط يعيقك عن اتخاذ الإجراءات".

3. تجاهل ما يخبرك به عقلك، والذي يجعلك تشكك في نفسك:

هذا أمر طبيعي تماماً، والحل هو أن تكون قادراً على تجاهل هذا الصوت بدلاً من الاستسلام له.

كتبت فورليو في كتابها "كل شيء ممكن" (Everything is figureoutable): "يجب أن ترفض بشدة الصوت الذي يخبرك أنَّك غير مستعد للبدء بعد، هذا الصوت الذي يخبرك باستمرار عن عدم استعدادك وعدم رغبتك في القيام بهذا الأمر أو ذاك، وعدم قدرتك وعجزك وعدم كفاءتك؛ هذا الصوت ليس أنت، وليس صحيحاً".

4. اخطُ خطوة صغيرة:

يجب أن يوجد توازن دقيق بين البدء بشيء تهتم به وتطبيقه عملياً، فمثلاً: ربما لا يجب عليك ترك عملك بدوام كامل لمجرد أنَّك تمتلك فكرة رائعة، فبدلاً من الشروع بالعمل، فكر في اتخاذ خطوات صغيرة، وحاول أن تبدأ بهذه الفكرة الجديدة مع الاحتفاظ بوظيفتك بدوام كامل؛ ثم إذا نجحت فكرتك وأصبحت كبيرة بما فيه الكفاية، يمكنك ترك عملك اليومي.

المصدر




مقالات مرتبطة