فلسفة الصوم من منظور علمي

إن فلسفة الصيام مبنيّة على ترك الطعام والشراب، وتشجيع آليات الهدم والعمليات الكيميائية الحيوية أساس في عملية التمثيل الغذائي، والنهار هو الوقت الذي تزداد فيه عمليات التمثيل الغذائي، وخصوصاً عمليات الهدم لأنّه وقت النشاط والحركة واستهلاك الطاقات في أعمال المعاش، وقد هيَّأ الله سبحانه وتعالى للجسم البشري ساعة بيولوجية تنظّم هرمونات الغدد الصماء.



قد يكون هذا أحد الأسرار التي جعل الله من أجلها الصيام في النهار وقت النشاط والحركة والسعي في مناكب الأرض، ولم يجعله بالليل وقت السكون والراحة.

ومن أجل هذا يمكننا أن نقول: إنّ النشاط والحركة أثناء الصيام يوفران للجسم من الجلوكوز المصنّع أو المخزّن في الكبد، وهو الوقود المثالي لإمداد المخ وكريات الدم الحمراء ونقي العظام والجهاز العصبي بالطاقة اللازمة لتجعلها أكثر كفاءة لأداء وظائفها، كما توفّر الحركة طاقة للجسم البشري تُستخدم في عملياته الحيوية، فهي تثّبط تكوّن البروتين من الأحماض الأمينية، وتزيد من تنشيط آليات الهدم أثناء النهار، فتستهلك الطاقات المختزنة، وتنظّف المخازن من السموم التي يمكن أن تكون متماسكة أو ذائبة في المركبات الدهنية أو الأمينية.

إقرأ أيضاً: صيام رمضان... حقائق علميّة وفوائد صحيّة عظيمة

هناك من ينام أثناء النهار ويسهر ليلاً، فهل لهذا تأثير؟

النوم أثناء النهار والسهر طوال ليل رمضان يؤدّي إلى اضطراب عمل الساعة البيولوجية في الجسم، وهو ما يكون له أثر سيء على التمثيل الغذائي داخل الخلايا.

ولقد أجريت دراسة أثبتت هذا الاضطراب على هرمون الكورتيزول، قام بها الدكتور "محمد الحضرامي" في كلية الطب بجامعة الملك بن عبد العزيز، وقد أجرى الدراسة على عشرة أشخاص أصحاء مقيمين خارج المستشفي، وأظهرت الدراسة أنّ أربعة منهم حصل عندهم اضطراب في دورة الكورتيزول اليومية، وذلك خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر رمضان مع انقلاب النسب المعهودة في الصباح وفي منتصف الليل، فقد لوحظ أن المستوى الصباحي قد انخفض والمستوى المسائي قد ارتفع، وهذا على عكس الوضع الاعتيادي اليومي.

إقرأ أيضاً: 6 عادات صحية يجب الالتزام بها خلال شهر رمضان

وقد عزا الباحث هذا الاضطراب إلى تغيّر العادات السلوكية عند هؤلاء الصائمين الذين يقضون النهار في النوم والليل في السهر، وقد عاد الوضع الطبيعي للكورتيزول بعد 4 أسابيع من نهاية شهر الصيام، وبعد أن استقر نظام النوم ليلاً والنشاط نهاراً عند هؤلاء الأشخاص.

من أجل هذا كان الرسول صلّى الله عليه وسلم وصحبه والمسلمون الأولون يفرقون في الأعمال بين أيام الصيام وغيرها، بل قد يعقدون أولوية الحرب ويخوضونها صائمين متعبدين، فهل يتحرّر المسلمون من أوهام الخوف من الحركة والعمل أثناء الصيام؟ وهل يهبون قائمين لله عاملين ومنتجين ومجاهدين مقتدين بنبيهم صلّى الله عليه وسلم، وسلفهم الصالح رضوان الله عليهم.




مقالات مرتبطة