علاج الإنهاك بعد الجائحة

بعد عام ونصف من الجائحة والخوف والعزلة والاضطراب، يشعر جميع الناس بالإنهاك ويسعون إلى الخلاص.



الحقيقة هي أنَّ الكثير منا في حالة إجهاد ما بعد الصدمة (PTS)، ونحن على هذا الحال منذ بعض الوقت، ولكنَّ كثيراً من الناس لا يدركون هذا؛ وذلك لأنَّهم يعتقدون أنَّ إجهاد ما بعد الصدمة يقتصر فقط على الصدمات الشديدة، لكنَّه أكثر شيوعاً مما نعتقد.

يستجيب كل شخصٍ لإجهاد ما بعد الصدمة استجابةً مختلفةً، فقد نشعر بالاكتئاب والوحدة والإحباط والغضب، وتشير مجلة ذا جورنال أوف أميركان ميديسين (The Journal of American Medicine) إلى زيادة كبيرة في استخدام الكحول المرتبط بالجائحة، مما قد يؤدي إلى تفاقم مشكلات الصحة العقلية مثل القلق والاكتئاب.

يمارس بعض الأشخاص سلوكاتٍ للهروب من الواقع مثل مشاهدة المسلسلات التي لا نهاية لها على خدمات البث، أو قراءة الكتب، أو ممارسة الرياضة البدنية، ويمارس آخرون أعمالاً إبداعية، مثل صناعة المعجنات، أو التجديد المعماري، أو الحياكة، أو الحرف اليدوية، أو الكتابة، لكل منا طريقته الخاصة في محاولة التأقلم.

الفكرة هي أنَّ العديد من الطرائق التي نحاول التعامل بها مع المشكلة تتجنب النظر مباشرة إلى المشكلة ومن ثم تبقى من دون حل، ونحن نزيد هرمون التوتر "الكورتيزول" الذي قد يؤثر في ذاكرتنا تأثيراً كبيراً، حتى عند التعرض إلى أدنى حد من الإجهاد، وقد يؤدي على الأمد الطويل إلى أمراض القلب وعدد من المشكلات الأخرى.

إقرأ أيضاً: 7 طرق تساعدك على التكيّف مع متغيرات الحياة

النتيجة:

نحن بحاجة إلى مواجهة ضغوطاتِنا وإدارتها، حتى نتمكن من الخروج من حالة إجهاد ما بعد الصدمة والمضي قدماً في عيش حياتنا بفرح ورضا.

تعد اليقظة الذهنية - كشكل من أشكال الرعاية الذاتية - حلاً رائعاً للحد من آثار كل هذا التوتر، فعندما نكون يقظين، ونركز اهتمامنا على اللحظة الراهنة، نحصل على فرصة للابتعاد عن التوتر وتغيير المنظور، لنرى بأعين جديدة.

تركيز الاهتمام على اللحظة الحالية:

لقد ثبت أنَّ تركيز الاهتمام على اللحظة الحالية يساعد على تقليل التوتر عموماً، من خلال المساعدة على تخفيف علاقتنا مع التهرب والتفكير السلبي للإجهاد الناتج عن الصدمة.

عندما نركز اهتمامنا على اللحظة الحالية، فإنَّنا لا نسترجع ذكريات الماضي ولا نشعر بالقلق بشأن المستقبل؛ وذلك لأنَّنا عندما ننشغل بالتفكير في الماضي، يمكننا تكوين فكرة محددة عما سيحدث، مما يمنعنا من الحصول على التجربة الفعلية الفريدة لتلك اللحظة بالذات.

إقرأ أيضاً: 5 أسباب كي تعيش اللحظة الحالية وتتوقف عن المبالغة في التخطيط

التنفس:

عندما نشعر بالقلق، تتشنج أجسادنا وتصبح أكثر صلابة، وقد تنقبض أيدينا، وتصبح أذهاننا أقل مرونة، وربما يصبح تنفسنا قصيراً ولا يملأ الرئتين بالكامل، ما يؤدي إلى نقص الأوكسجين في أجسادنا.

توقف لحظة لملاحظة التوتر في جسدك وكيف تتعامل معه، هل تَحُدُّ نفسك أو تحبسه؟ هل توجد مناطق شد أو تقييد؟ هل تضغط على فكيك أو يديك؟

ركز على أنفاسك وتنفس بعمق، ولاحظ كيف تشعر بهذا التنفس؛ يرتفع صدرك ويتوسع بطنك وينقبض، ما هو أكثر جزء تشعر به؟ كيف تشعر عندما تملأ رئتيك بالهواء؟ الآن مارس الزفير مع نفس طويل بطيء، واشعر باسترخاء جسدك في أثناء الزفير وتخيل التوتر يغادر مع الهواء، فغالباً ما يؤدي نفس واحد أو اثنان بهذه الطريقة إلى تهدئة أعصابك وتنشيط الجهاز العصبي اللاودي، مما يساعد على تهدئة واسترخاء جسدك وعقلك.

عندما نبادر لرعاية ذاتنا، نشعر بقوة الإرادة، ونحن لدينا القدرة على التحكم بعقليتنا وعواطفنا، وهذا فعَّال بصورة مذهلة.

هذه الإجراءات الصغيرة هي جرعات صغيرة من اليقظة الذهنية، تساعدك تدريجياً على أن تكون أكثر حضوراً واهتماماً وسعادة في حياتك، فكلَّما زاد عدد الجرعات الصغيرة التي تستمتع بها، أصبحت أكثر يقظة طوال اليوم، وأكثر قدرة على التعامل مع الضغوطات في الحياة.

المصدر




مقالات مرتبطة