طرق لتحسين الصحة الجسدية في بضع دقائق يومياً لمَن يعمل في وظيفة مكتبية

إن كنتَ تعمل على الحاسوب لساعات طويلة، وتعاني من التيبُّس العضلي والتعب والإجهاد بسبب ذلك، أو في حال معاناتك من الصداع المتكرر أو الشد العضليِّ أو آلام الظهر أو ضعف البصر أو الإرهاق، فلا عليكَ؛ سأقدم لك بعض الوسائل لمساعدتك، فقد عانيتُ من تلك المشكلات الصحية لسنواتٍ، لكنَّني لم أستسلِم لها على الرَّغم من عجز الأطباء عن مساعدتي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة، ومدرِّبة التنمية الشخصية "ميليكا فلادوفا" (Milica Vladova) تحدِّثُنا فيه عن أفضل السُّبل للمحافظة على صحتنا وعافيتنا فيما نلاحقُ أهدافَنا في أثناء العمل في وظيفة مكتبية.

سأشرح بالتفصيل في هذا المقال الطريقة التي تمكَّنت بها من المحافظة على صحتي الثمينة في الوقتِ نفسه الذي قمتُ فيه بالعمل يومياً على الحاسوب في سبيل الوصول إلى أهدافي، وستجد نفسَك قادراً على تحسين صحتك بصورة عظيمة في بضع دقائق يومياً.

يمكن لهذا المقال أن يكون قيِّماً للغاية لجميع الأشخاص الذين يعملون في وظائف تتطلَّب الجلوس لفترات طويلةٍ؛ مثل روَّاد الأعمال، والموظفين المستقلين، وروَّاد الأعمال المنفردين، والكُتَّاب، والوالدَين اللَّذَين يعملان من المنزل، وغيرهم كثيرون.

إليك بعض الطرائق لتحسين الصحة الجسدية في بضع دقائق يومياً لمَن يعمل في وظيفة مكتبية:

أولاً: تحسين القدرة البصرية

يُعَدُّ العمل المستمرُّ على الحاسوب أمراً حتمياً لا غنى عنه بالنسبة إلينا جميعاً في أيامنا هذه، ولكنَّ أعيُننا غالباً ما تعاني من عواقب ذلك، كما نُصاب بالشدِّ العضليِّ، والصداع المتكرر، والتعب الشديد لدرجة الدوخة أو الدوار ناهيك عن المشكلات الصحية الأخرى التي تظهر لدينا مع مرور الوقت، مثل قصر النظر، والإصابة بالتجفاف، والحكَّة، والاحمرار، إضافة إلى تدهور القدرة البصرية بصورة عامة.

يمكننا تجنُّب ذلك بسهولة بممارسة بعض تمرينات العين البسيطة التي تساعد على التخفيف من إجهاد العينَين، وتحسين القدرة البصرية بصورة سريعة؛ وكلُّ ما علينا فعلُه هو الجلوس جانباً لبضعة دقائق، وتحريك كُرتَي العينَين فقط مع تثبيت الرأس من دون تحريك الرقبة؛ إذ نحرِّك العينَين للأعلى والأسفل، يميناً ويساراً، ودائريَّاً باتجاه عقارب الساعة، وبعكس اتجاه عقارب الساعة، ونقوم برسم الرقم 8 بوساطتهما، ثمَّ رمز اللانهاية "∞".

يوجد تمرينٌ هام للغاية مفيدٌ للأشخاص المُصابين بقصر البصر، ومدِّ البصر أيضاً، ويتجلَّى بتنقيل النظر بين الأشياء القريبة والبعيدة؛ إذ نقوم بتثبيت نظرنا على أبعد نقطةٍ ممكنة، ثمَّ نقوم بنقل تركيزِنا ببطءٍ شديد إلى أقرب نقطةٍ ممكنةٍ من العينَين، ويمكن استخدام طرفي القلم لممارسة هذا التمرين.

تجدر الإشارة إلى أهمية زيادة عدد مرات إغلاق العينَين، وفتحهما بين التمرينات؛ إذ يؤدي ذلك إلى استرخاء عضلات العينَين وراحتها وترطيب العينَين.

يُعَدُّ تمرين راحة اليد تمريناً ممتازاً أيضاً لمَن يعمل ساعات طويلة على الكمبيوتر؛ ويتمثَّل بتدليك راحتَي اليدَين فوق بعضهما بعضاً لتدفئتهما، وزيادة الجريان الدموي في أوعيتهما، ومن ثمَّ وضعهما على العينَين المُغلقتَين والاسترخاء، وأخذ الأنفاس العميقة، وإرخاء عضلات العينَين شعورياً، وبصورة واعية خلال ذلك، ممَّا يمنح شبكية العين - وهي الطبقة الأعمق والأكثر حساسية للضوء من العين؛ إذ يتشكل عليها خيال للأجسام المرئية على هيئة صورة ثنائية الأبعاد، ثمَّ تُترجَم تلك الصورة إلى نبضات عصبية كهربائية تُرسَل إلى الدماغ الذي يفسِّر، ويُدرِك عندَها الجسم المرئي - الوقتَ اللازم للراحة والاسترخاء التام.

أمَّا بالنسبة إلى التشميس؛ فهو أحد التمرينات الهامة أيضاً، والذي يساعد شبكية العين على التعافي من التعرُّض المستمر للضوء الأزرق المُنبعِث من الأجهزة المختلفة؛ ويتجلَّى بإطفاء جميع الأضواء في المنزل مساءً حين يحلُّ الظلام، وإضاءة شمعة ووضعِها بمستوى العين، ومن ثمَّ تركيز النظر على لهيبِها، وعندَها نقوم بتدوير الرأس إلى الأيمن والأيسر من دون إشاحة نظرِنا عن اللهيب المنبعِث منها.

ينبغي التنويه إلى ضرورة تخفيض سطوع الشاشة عند العمل على الحاسوب في المساء؛ مما يقلِّل من التعرُّض للضوء الأزرق المُنبعِث من شاشة الحاسوب، ويخفِّف من الشدِّ والألم في عضلات العينَين وشبكيَّتها، ويحسِّن من نوعيَّة النوم التي سنحظى بها ليلاً، وتوجد أداة مجانية يمكن استخدامها للقيام بذلك تلقائياً تُدعَى "آيريس" (Iris).

شاهد: 7 أشياء عليك الإبتعاد عنها لتتخلص من آلام أسفل الظّهر

ثانياً: التخفيف من آلام الظهر

يُعَدُّ الظهر المنطقةَ الرئيسة الأخرى - إلى جوار العينَين - التي تتضرَّر كثيراً من أسلوب الحياة قليل الحركة؛ إذ نعاني من التيبُّس والألم والخَدَر فيه، وقد تؤدي الأمراض التي تصيب العمود الفقري إلى مشكلات أكثر خطورةً، مثل المناقير أو المهاميز العظمية - وهي عبارة عن بروزات عظمية تنمو من السطوح العظمية ضمن الأجواف المفصلية بين العظام غالباً، وهي ليست مؤلمة بحدِّ ذاتها، ولكنَّها تسبب آلاماً وأعراضاً أخرى عند احتكاكها مع الأعصاب، والعظام المُجاوِرة - والانقراص الفقري - وهي حالة تظهر بسبب حدوث مشكلة ضمن أحد الوسائد المطاطية أو الأقراص التي تفصل فقرات العمود الفقري عن بعضها، فمع وجود الضغط الكافي تندفع النواة اللبية الهلامية للقرص نحو الخارج مسببة ما يُدعى بانفتاق النواة اللبية، والتي تؤدي بدورها إلى كثير من المشكلات العصبية - والصداع، وكذلك تدهور القدرة البصرية بآليَّة مختلِفة تتجلَّى بضعف الجريان الدموي نحو الرأس.

لحُسن الحظ، يمكننا الوقاية من الإصابة بالأعراض السابقة، وكذلك علاجُها عند حدوثها عن طريق القيام ببعض تمرينات اليوغا البسيطة والسهلة؛ إذ يمكن لعدَّة دقائق يومياً من هذه الوضعيَّات والتمرينات أن تحسِّن بصورة كبيرة من مرونة الجسم.

قائمةً بأشدِّ التمرينات قوةً:

1. وضعية القطة:

وتُدعى "مارجارياسانا" (Marjaryasana) في اللُّغة السنسكريتيَّة، ووضعية البقرة؛ وتُدعَى "بيتالاسانا" (Bitilasana) وهي تمرينات ممتازة للمبتدئين، وضعية القطة هي وضعية ركوع مُستخدمة في اليوغا الحديثة، ووضعية البقرة هي الوضعيَّة المُعاكِسة لها، وتتمثَّل إحدى التمرينات الشهيرة بالتبديل بينهما بصورة متكررة.

2. وضعيَّة الجلوس مع الانحناء للأمام:

وتُدعى "باشيوم أوتاناسانا" (Paschimottanasana) في اللُّغة السنسكريتيَّة، وتحتاج هذه الوضعية إلى مزيد من التدريب للحصول على فوائدها الكاملة، لكنَّ الأمر الجيد في اليوغا هو أنَّ عملية التدريب والهدفَ النهائيَّ الذي نصلُ إليه بعدَه، يمتلكان نفس القدر من الفاعلية.

3. وضعية الوقوف مع الانحناء للأمام:

وتُدعى "باداهاستاسانا" (Padahastasana) في اللُّغة السنسكريتيَّة، وهي وضعية مفيدة للغاية لتأمين جريان الدم المُلائم إلى داخل الرأس، ممَّا يُفيد في تقوية القدرة البصريَّة.

4. وضعيَّة الكوبرا:

المُلقَّبة بِـ "بهوجان غازانا" (Bhujangasana) وهي وضعيَّة الاستلقاء على البطن مع ثني الظهر للخلف لأقصى درجة، ووضعيَّة الكلب المُتَّجه للأعلى المُلقَّبة بِـ "أردفا موخا سفاناسانا" (Urdhva Mukha Svanasana) في اللُّغة السنسكريتيَّة؛ إذ تبدو هاتان الوضعيتان متشابهتان، ولكنَّهما مختلفتان تماماً، وتُعَدُّ هاتان الوضعيتان كلتاهما مفيدتين للغاية، وبنفس الدرجة لتقوية عضلات الظهر، ويمكن اختيار إحداهما لممارستها أو القيام بهما معاً لزيادة الفاعلية.

5. وضعيَّة الجرادة:

وتُدعى "سالابهاسانا" (Salabhasana)، ووضعيَّة القوس المُلقَّبة بِـ "دانيوراسانا" (Dhanurasana) في اللُّغة السنسكريتيَّة، وهما وضعيَّتان صعبتان للغاية، ولكنَّهما أساسيَّتان وجوهريَّتان لتقوية عضلات الظهر، وقد يصعُب المحافظة على الوضعية في البداية، لكنَّ الجسم يبدأ بالاعتياد عليها مع التدريب، ومع الإشارة إلى وجوب الإنصات إلى الجسد وعدم المُبالَغة في القيام بهذه الوضعيات.

6. وضعية نِصف الجمل:

وهي وضعية انثناء للخلف لأقصى درجة في أثناء الركوع مع وضع اليدَين إمَّا على الوركَين أو على الكعبَين، وتُدعى "آردها أستراسانا" في اللُّغة السنسكريتيَّة؛ وتُعَدُّ وضعية الجمل الكاملة صعبةً للغاية؛ لذا أنصحُ بالبدء بوضعية نصف الجمل عند المبتدئين؛ إذ نقوم بها على الجانبَين كليهما، ومن ثمَّ المحافظة عليها طالما نشعرُ بالراحة، مع الحرص على وضع وسادة إضافية أسفلَ الرُّكبتَين لمنع أذيَّتهما.

7. وضعية الجلوس مع تدوير العمود الفقري نصف دورة لإحدى الجهتين:

وتُدعى "آردها ماتسين دراسانا" (Ardha Matsyendrasana) في اللُّغة السنسكريتيَّة؛ وهي ممتازة للعمود الفقري، كما أنَّها تقوي وتدعم الكبد.

شاهد أيضاً: 8 نصائح لتخفيف مخاطر الأعمال المكتبية الطويلة

ثالثا: معالجة التوتُّر والإجهاد

يواجه روَّاد الأعمال، والموظفون المستقلون، وغيرهم كثيراً من التوتُّر والقلق والهموم والإرهاق وانعدام الثقة بالنفس وغيرِها من المشاعر السلبية، وهو ما لا نتمنَّاه بالتأكيد؛ بل نرغبُ في أن نشعرَ بالحرية والاطمئنان وصفاء الذهن والتفاؤل؛ لذا سأشاركُكم بعض وسائل التخلُّص من التوتر، والتي يمكنكم تجربتها حالاً، وهي أساليب بسيطة للغاية، ويمكن تطبيقُها لمدة 15 دقيقة فقط يومياً:

1. التنفُّس البطني:

هو أحد أفضل التمرينات لتقليل التوتُّر والتخلُّص من القلق، ويتبعه ممارسو اليوغا لتخفيف حدَّة التوتر والإجهاد في الجسم والعقل؛ ونبدأ به بالتركيز على عضلات البطن، ثمَّ البدء بالتنفُّس عبر الأنف عن طريق توسيع البطن، مع المحافظة على ثبات الكتفَين والصَّدر من دون تحريكهما على الإطلاق، مع إمكانية وضع إحدى اليدَين على الصدر والأخرى على البطن؛ إذ ينبغي أن تتحرَّك اليدُ الموضوعة على الجزء السفلي من الجسم فقط في أثناء التنفُّس، ثمَّ يمكن تكراره بالقَدر الذي نريدُه يومياً طالما نشعر بالراحة.

2. التأمُّل:

يمكن لعدَّة دقائق من تهدئة العقل وإشاعة السكينة فيه أن تنشِّط وتدعم القدرة الذهنية بصورة عظيمة، وتخفِّف من التوتُّر والإرهاق الذي ينتابُنا؛ إذ ينبغي لنا ببساطة تهدئة عقولنا، ومحاولة التركيز على أنفاسِنا، وتخيُّل الطريق الذي يسلكه الهواء داخلَنا انطلاقاً من الأنف وصولاً إلى الرئتَين، وإن خطرَت لنا أيَّة أفكار، ما علينا سوى إعادة تركيزنا وانتباهنا بلُطفٍ نحو تنفُّسنا، وسنجد أنفسَنا أفضلَ في هذا التمرين عند التدرُّب عليه مع مرور الوقت، ويمكننا حتَّى أن نجمعَ تقنية التنفُّس البطني مع هذه الطريقة البسيطة للتأمُّل.

إقرأ أيضاً: ما هي أفضل التمرينات الرياضية لمعالجة آلام الظهر؟

3. الزيوت الأساسية:

تُعَدُّ هذه الزيوت مثاليةً لتهدئة القلق والتوتُّر، وما علينا سوى وضعُ بضع قطراتٍ من زيت الخُزامى، أو زيت نَجيل الهند، أو زيت خشب الصندل، أو زيت السيج؛ وهو زيت أصفر أو أخضر اللون يُصنَّع من أوراق المريَميَّة، ويتمتع برائحة فوَّاحة، أو زيت البتشول، أو زيت اللِّبان، أو زيت زهر البرتقال؛ والذي يُصنَّع من أزهار شجرة البرتقال المُرَّة، أو زيوت الأزهار الأساسية في المصباح العِطريّ أو أدوات رش الرذاذ، والاستمتاع بآثارِها الباعثة على الاسترخاء، وتُعَدُّ هذه الزيوت إضافةً مثاليةً لتمرينات التنفُّس أو التأمُّل اليومية.

4. المغنزيوم:

يُعد المغنزيوم العنصر الغذائيَّ الأسمى للجهاز العصبي؛ إذ يُعاني معظم المرضى المُصابين بالاكتئاب والقلق والتقلُّبات المزاجيَّة من عِوَزٍ في المغنزيوم؛ لذا فإنَّ إدخالَ هذا المعدن في ممارساتنا الصحية اليومية المُعتادة، هو أمر حتميٌّ لا بدَّ منه للحفاظ على الجهازَين العصبي والقلبي الوعائي في حالة مثاليَّة.

أفضل طريقة للقيام بذلك هي عبرَ الجلد عن طريق تدليك الجلد بزيت المغنزيوم، فأفضل طريق لامتصاص المغنزيوم هو الطريق الموضعي، وكذلك يمكن إضافة ملعقة أو ملعقتَي طعام كبيرة من ملح الإبسوم أو الملح الإنكليزي إلى حوض الاستحمام.

إقرأ أيضاً: 17 نصيحة لتخفيف مخاطر الأعمال المكتبية الطويلة

في الختام:

هذه اقتراحاتي لإدراج عادات صحية بسيطة ضمن أسلوب حياتنا الاعتيادي، وذلك لتحسين صحَّتنا بهدوءٍ وفاعلية؛ إذ تُعَدُّ الصحة والسلامة والنشاط والحيوية والسعادة، جزءاً هاماً من نجاحِنا في جميع مجالات الحياة، وآمل أن يساعدكَ هذا المقال على تحقيق أحلامك والوصول إلى أهدافك من دون التضحية والتفريط بصحَّتك الثمينة.

إن وجدْتَ المعلومات السابقة مفيدةً، شارِكْها مع أصدقائك وعائلتك وزملائك، وساعِدهم كي يُصبِحوا أكثر صحةً وسعادة، فقد تكون هذه المعلومات ما يحتاجونَه الآن بالضبط في طريقهم لتحسين حياتهم.

المصدر




مقالات مرتبطة