صناعة السعادة (الجزء 4): العثور على الهدف والغاية من الحياة

لقد تحدَّثنا في الأجزاء الثلاثة السابقة من مقالنا عن ثلاثة عناصر هامة لتعزيز السعادة، وهي: الناس من حولنا، والثقة بالنفس، والإنتاجية والمتعة، أمَّا الآن، فسنتطرق إلى عنصر رابع وهو الشعور بالهدف، والذي يُعَدُّ أحد المصادر الشائعة الداخلية للسعادة؛ إذ إنَّ العمل لتحقيق غايةٍ عليا ورؤيةٍ كبيرة، يغذي عقلنا بمليون طريقة مبتكرة لتخطِّي أحلك الأوقات.



العثور على غاية وجودك:

من الجميل أن نظن جميعاً أنَّنا لم نُولَد عبثاً، لكن مع ذلك، لا يدرك معظمنا غاية وجودهم؛ إذ يفقد أغلبنا بوصلة هدفه، فنتعثر في الحياة، ضائعين بين ما نريد ممارسته، وما نظن أنَّنا قد نرغب في فعله، وما يجب علينا فعله، فنُصاب بالارتباك، ونعتمد على آراء الآخرين وتقاليد ثقافتنا لإرشادنا.

إنَّ المضي في رحلة حياتك من دون معرفة اتجاهك، أو من دون السعي إلى الوصول إلى هدفٍ ما، يجعل الحياة عبثية؛ الأمر الذي يصعِّب علينا تنظيم الطاقة والوقت، ويزيد فوضى الحياة؛ لذلك من الهام أن يبحث الإنسان عن معنىً، وعن إحساسٍ داخلي يقوده نحو الهدف، لمعرفة شغفه الذي سينذُر حياته لتحقيقه.

إقرأ أيضاً: كيف تحصل على السعادة والسلام الداخلي

بعض الأسئلة للعثور على غاية وجودك:

كيف سنجد شغفنا ما دمنا نُحاصَر بالآراء المختلفة طول الوقت؟ وكيف يمكننا التسلل عبر ضجيج الآراء والإنصات إلى ما تريده النفس؟ يمكنك البدء باستكشاف شغفك من خلال الإجابة عن الأسئلة الآتية، التي تحتاج منك إلى تفكير عميق:

  1. إن امتلكت عصا سحرية، فماذا ستغير في العالم؟
  2. إن امتلكت مالاً وفيراً، فما الذي ستقضي وقتك في فعله؟
  3. إن استطعت تحديد أمرٍ يتذكرك الناس به، فما هو؟

يمكنك أن تجيب عن هذه الأسئلة بالكتابة أو الرسم أو بالحديث مع صديق أو منتور، وفي حال واجهت صعوبة بإيجاد الإجابات، أو لم تظهر الإجابة على الفور، يمكنك الاستعانة بطريقة الكتابة الحرة للمشاعر، عندها ستبرز الإجابة من تلقاء نفسها.

إليك كلمات قد تلهمك في استكشاف غاية وجودك: "سرُّ الوجود البشري ليس بالبقاء على قيد الحياة فحسب، لكن بالعمل والعثور على غاية الحياة" - الكاتب الروسي "فيودور دوستويفسكي" (Fyodor Dostoyevsky).

شاهد بالفيديو: 10 طرق مثبتة علمياً تجعلك أكثر سعادة

العيش بهدف:

بعد أن تعرف هدفك الأسمى، ستكون مستعداً لبدء نهجٍ جديدٍ لكامل حياتك، بمعنى أعمق وسعادة أعظم؛ إذ إنَّ وجود الهدف لن يقلل من تحديات الحياة أو يخفف وعورتها؛ وإنَّما سيتيح لك التغلب عليها بسهولة؛ لأنَّك تملك الآن منظوراً أوسع للحياة.

وهذا لن يتم إلا بتذكير نفسك بشكلٍ مستمرٍ بغاية وجودك والهدف من أفعالك، وهو ما يجب أن يكون حاضراً في كل وقتٍ وعند اتخاذ كل قرار، وقد يبدو ذلك مبالغاً فيه، لكنَّك لن تشعر بقيمته إلا في أحلك الظروف، حينما تتساءل ما هو الهدف ممَّا أفعله؛ وهذا ما يعطينا نوعاً من التوجيه لحياتنا، ويبعث شعوراً بالأمان؛ على سبيل المثال، إذا لم تكن متأكداً من مجالك الدراسي أو المهني، يمكنك أن تسأل نفسك ما الذي قد يقربك من تحقيق هدفك.

إقرأ أيضاً: 10 طرق تساعد على زيادة هرمون السعادة

مزايا الحياة الهادفة:

عندما تُمضي حياتك واضعاً هدفك نصب عينيك، يمكنك:

  1. الاستيقاظ متحفزاً وإنهاء اليوم برضىً.
  2. تحديد التهديدات والعقبات خلال مسيرة حياتك.
  3. تقليل التشويش وتحسين تركيزك.

وهذا ما سيعزز شعور السعادة والرضى العميقين.

نسعى جميعاً إلى السعادة، إلى جانب السعي الدؤوب إلى اكتشاف غاية وجودنا، وإيجاد هدفنا وغايتنا العليا التي ستوصلنا إلى كلا الوجهتين؛ لذا اعثر على غاية وجودك من منظورك الشخصي، وافتح بوابة السعادة الحقيقية في حياتك.

لم يتبقَّ في جعبتنا سوى مصدر من مصادر السعادة، وهو تحديد وتحقيق أهدافك، الذي سنتطرق إليه في الجزء الخامس والأخير من سلسلة مقالاتنا، لتكتمل بذلك سعادتك.

المصدر




مقالات مرتبطة