صناعة السعادة (الجزء 2): اكتساب الثقة

نسعى جميعاً إلى الشعور بالسعادة، فيحصل بعضنا عليها من عوامل خارجية كالأشخاص، وهي النقطة التي تطرَّقنا إليها في الجزء الأول من سلسلة مقالاتنا هذه، بينما يحصل عليها بعضنا الآخر من ذواتهم؛ إذ سنناقش في الجزء الثاني من المقال تأثير اكتساب الثقة في تعزيز شعور السعادة والرضى الداخلي.



ما هي الثقة وما هي علاقتها بالسعادة؟

هل سبق أن شعرت بعدم الارتياح مع ذاتك؟ كما في أثناء وجودك في حفلةٍ عامة مثلاً؛ فبينما تلاحظ السرور مرتسماً على وجوه الجميع، تشعر أنَّك في المكان الخاطئ، أو لربما قدَّمت عرضاً تقديمياً لمشروعٍ ما وشعرت بثقل نظرات الأعين المحدِّقة إليك؛ وهذا ما زاد من توترك وقلقك.

على الرغم من معرفتنا التامة بصفاتنا ومؤهلاتنا، إلا أنَّ قلةً من الناس يتقبلونها كما هي، وغالباً ما نفتقر إلى الثقة والتقدير الذاتي؛ لذا نهرع لتقليد الآخرين لنشعر بالقيمة الذاتية والانتماء، وهكذا تصبح قيمتنا الشخصية رهناً بيد الآخرين، وفق معايير متغيرة حسب رأي الأشخاص بجدارتنا.

وينطبق نفس الشيء على إحساسنا بالسعادة؛ إذ إنَّنا لن نشعر بالسعادة ما لم نحب أنفسنا، لكنَّنا وبشكلٍ خاطئ نحجم عن تقبُّل ميزاتنا وعيوبنا إن لم يحبنا مَن حولنا؛ وذلك لأنَّنا نفتقر إلى الثقة بالنفس؛ إذ يحتاج انعدام الأمن الداخلي لدينا إلى أن يُملأ بشيء آخر إذا لم تكن لدينا الثقة لملئه؛ لذا نسعى إلى الثناء، ونحاول جاهدين أن نكون محبوبين، حتى إن طمسنا هويتنا وقيَمَنا لنيل تقدير الآخرين.

إقرأ أيضاً: السعادة: "الغاية التي ينشدها الجميع"، كيف نصل إليها؟

 تخيل أثر الثقة في الرضى الذاتي:

  • لن تتأثر بآراء الناس وأفكارهم من حولك.
  • ستتعايش مع عاداتك وقيمك ومبادئك.
  • ستسعى وراء أحلامك من دون خوفٍ من الفشل.

لهذا السبب، ترتبط الثقة بالنفس بالسعادة الداخلية؛ إذ ستشعرك الثقة بالنفس بأريحية التعامل مع مواقف الحياة كما لو كنت في بيتك، فكيف نبني ونجني ثمار الثقة بالنفس في تعزيز السعادة الداخلية؟

شاهد بالفيديو: 10 أشياء عليك التخلّي عنها حتى تزيد من سعادتك

كيف تكتسب الثقة بالنفس؟

ليست الثقة أمراً تمتلكه أو لا تمتلكه؛ بل هي أمر تحصِّله بتجاربك تدريجياً، وقد يزيد أو ينقص حسب ما تمارسه، فقد تثق بمهاراتك في لعب كرة القدم، لكنَّك لا تثق بمهاراتك الحسابية؛ إذ تتمحور الثقة غالباً حول هوية الشخص ونظرته إلى نفسه، وليس حول كفاءته ومهاراته كما يظن أغلب الناس.

فكِّر، هل تثق بشخصيتك الأساسية؟ طبعاً من الرائع أن تكون واثقاً بما تفعله، لكنَّ العامل الأهم لتعزيز شعور السعادة ينبثق من ثقتك وفخرك بما أنت عليه.

ونقول لمَن يحاول اكتساب الثقة، سواء كانت الثقة بالمهارة أم الثقة بالهوية، إنَّ مفتاح اكتساب الثقة هو تغيير العقلية؛ وذلك لأنَّ الثقة ما هي إلا طريقة تفكير معيَّنة تنعكس على الأفعال، فما عليك سوى تغيير تفكيرك عن نفسك لاكتساب مزيد من الثقة؛ إذاً، كيف تفعل ذلك؟

إقرأ أيضاً: 9 نصائح لتنجح في تحقيق السعادة النفسيّة

إليك بعض النصائح لتوجيه التفكير وتغيير السلوكات:

  1. كن مدركاً لمستوى ثقتك بنفسك، وحدد منطقة الراحة والظروف التي تشعِرك بالراحة مع نفسك.
  2. دوِّن خواطرك عندما تغادر منطقة الراحة وتشعر بالتردد أو الغرابة؛ ماذا تقول لنفسك؟ على سبيل المثال "لست جيداً بما يكفي"، "أنا ممل جداً"، "أنا لا أستحق الحب"، وغيرها.
  3. حدد مصدر هذه الأفكار سواء كان تجربةً أم شخصاً بعينه، فلا يُعقَل أن تظهر هذه الأفكار من العدم، وما قسوتنا على أنفسنا إلا بسبب تجارب الماضي، وقد تساعد هذه الخطوة على إدراك مصدر هذه الأفكار للنأي بالنفس عنها.
  4. اكتب قائمة بنقاط القوة والضعف، ثم وضِّح نقاط الضعف وركز على نقاط القوة؛ إذ يمكنك استخدام تحليل "سوات" (SWOT) لتحديد نقاط القوة والضعف والفرص المتاحة والتهديدات.
  5. ارسم خطة للنمو المطلوب وحدد أهدافك؛ فهل يوجد عامل محدد سيجعلك تتقبل ذاتك الحقيقية؟ وهل توجد مهارة محددة تريد أن تصبح أكثر ثقة فيها؟
  6. ابحث عن طرائق لقياس مقدار نموك واحتفِ بكل تقدُّم، فاحتفِ بنفسك، وبشجاعتك بالعمل على تطوير نفسك، وبأنَّك تحقق خطوات جادة حثيثة لتغيير نفسك.
  7. تذكَّر أن تنظر إلى الوراء بين الحين والآخر وترى مقدار تقدمك.

توجد فكرة عظيمة أخرى لدعم نفسك في أثناء رحلتك؛ وذلك من خلال بناء شبكة علاقات داعمة، ممَّن يقدِّرونك ويعملون مثلك على اكتساب الثقة بالنفس، فاحتفوا بنجاحات بعضكم بعضاً، وعزِّزوا دوافع بعضكم.

إذا كنت ما زلت مهتماً بتعزيز سعادتك، فننصحك بقراءة الجزء الثالث من سلسلة مقالات "صناعة السعادة"، الذي سنتحدث فيه عن دور الإنتاجية في إسعادنا.

المصدر




مقالات مرتبطة