صفات المريض النفسي وكيفية علاجه

يتعرض الإنسان في حياته للكثير من الضغوطات في مجال عمله أو حياته الشخصية أو الصحية، وكل ذلك قد يؤدي إلى إصابته بأمراض نفسية تختلف باختلاف الأسباب المؤدية للإصابة بها.



من الطبيعي أيضاً أن نقابل في حياتنا أشخاصاً يعانون من أمراض نفسية، لكن كيف يمكنك التعرُّف إلى المريض النفسي والتعامل معه وعلاجه؟ هذا ما سنعرفه في المقال الآتي.

تعريف المرض النفسي:

هو مرض يصيب تفكير ومشاعر وسلوك الإنسان، وينعكس سلباً على حالته النفسية، ومن ثمَّ يعوق المرض النفسي ممارسة الإنسان لحياته الطبيعية سواء على الصعيد الشخصي أم المهني أم الدراسي، ولا توجد فترة محددة للإصابة بالمرض، فقد يصيب جميع الأعمار وقد يبقى لأشهر أو سنوات عدة أو مدى الحياة؛ وذلك بحسب كيفية التعامل معه.

أسباب المرض النفسي:

توجد عدة أسباب تؤدي إلى إصابة الإنسان بمرض نفسي، ومنها ما يأتي:

1. عوامل وراثية وبيولوجية:

تؤدي الجينات دوراً كبيراً في ذلك، فقد ينتقل المرض النفسي بالجينات من جيل إلى آخر؛ لذلك احتمال إصابتك بمرض نفسي كبير إن كان لديك قريب من الدرجة الأولى يعاني منه، وقد يحدث خلل في بعض النواقل العصبية التي يكون دورها نقل إشارات المخ إلى جميع أنحاء جسم الإنسان؛ أي يتم نقل الإشارات التي تحتوي على الأوامر المرسلة لكل أعضاء الجسم عن طريقها.

2. عوامل اجتماعية:

وهي من أبرز أسباب الإصابة بمرض نفسي؛ إذ تشكل الظروف الاجتماعية التي يتربى في جوِّها الإنسان جزءاً كبيراً من صفات المريض النفسي، فعندما يتعرَّض الإنسان في طفولته إلى الإهمال أو التحرش أو العنف أو غيرها من المشكلات لن يزول أثرها السلبي؛ بل سيبقى مرافقاً له طيلة حياته.

3. الصدمات والظروف الصعبة:

فقد يعيش الإنسان حياة طبيعية ومريحة نوعاً ما ثم يتعرض فجأة لظروف تجعل منه مريضاً نفسياً، ومن هذه الظروف نذكر ما يأتي:

  • التعرض لحادث خطير.
  • خسارة المنزل الذي عاش فيه طيلة حياته.
  • وفاة شخص عزيز جداً.
  • الحروب.
  • حدوث كارثة طبيعية كالزلازل.
  • الإصابة بأمراض خطيرة وقد تكون مميتة.

شاهد بالفديو: 6 عادات خاطئة تقضي على صحتك النفسيّة

صفات المريض النفسي:

للمريض النفسي صفات يمكن اكتشافها من خلال التعامل معه تجعله غريباً عن باقي البشر ويمكن تمييزه، ولا يمكن حصر هذه الصفات؛ إذ إنَّ للأمراض النفسية أنواعاً ولكل نوع أعراض معينة، لكن سنذكر أكثر الأعراض شيوعاً بين المرضى النفسيين كي تتمكن من معرفتهم:

1. الحزن طويل الأمد:

فجميعنا تصيبنا حالة الحزن ليوم أو أيام عدة بحسب السبب المؤدي إلى الحزن، ولكنَّ المريض النفسي يسيطر الحزن عليه بشكل دائم وخاصةً إن كان مدركاً لإصابته بمرض نفسي ولتأثر حياته به.

2. التقلبات المزاجية:

لا يمكنك معرفة ما يجعله بحالة من الرضى، فقد تجده تارةً يشعر بالإثارة تجاه بعض الأشياء وتارةً يشعر بالكره واليأس تجاهها، وتختلف التقلبات بحسب نوع المرض النفسي الذي يعاني منه.

3. القلق:

غالباً يشعر المريض النفسي بخوف من بعض الأشياء أو قلق غير مبرر، أو خوف ناتج عن إدراكه لحالته النفسية وتأثيرها في المحيطين به وخاصةً إن ارتبطت حالته بنوبات مفاجئة ولا يدرك ما الذي يمكن أن يستثيرها.

4. رغبة في الانعزال:

يشعر المريض النفسي بعدم قدرته على الانخراط الطبيعي في المجتمع، ويشعر بعدم رغبة الآخرين في التعامل معه نتيجة خوفهم منه في بعض الأحيان، وقد يصفه بعضهم بالمجنون ويبتعدوا عنه؛ لذلك يفضِّل الانسحاب الاجتماعي للحدِّ من المعاملة السيئة.

5. اضطرابات في النوم:

يعاني المريض النفسي من عدم القدرة على النوم الطبيعي، فإما أن ينام بشكل زائد عن الحد الطبيعي أو أن يعاني من الأرق وعدم القدرة على النوم المتواصل.

إقرأ أيضاً: اضطرابات النوم وأهم النصائح للحصول على نوم هادئ

6. اضطرابات في الأكل:

لا يأكل المريض النفسي بشكل طبيعي، فإما أن يأكل بشكل زائد عن الحد الطبيعي بوصفه نوعاً من أنواع تفريغ الطاقة السلبية التي يشعر بها، أو أن يعاني من فقدان للشهية بشكل دائم، فيؤثر ذلك في وزنه، فيكتسب الوزن أو يفقده فجأة.

7. انخفاض في أداء المهام:

فغالباً ما ينعكس المرض النفسي على أداء المريض لمهامه المعتادة، فنلاحظ تراجعاً ملحوظاً في دراسته إن كان طالباً أو تراجعاً في أدائه المهني إن كان لديه عمل ما.

8. الاكتئاب:

يرتبط الشعور بالاكتئاب ارتباطاً وثيقاً بالمرض النفسي فلا يجد المريض ما يعيد طاقته الإيجابية بالحياة وما يعيد التفاؤل إليه، فقد يرى كل الأشياء دون جدوى ولا ضرورة للقيام بأي عمل، فيكون أقل صموداً أمام مصاعب الحياة.

9. التفكير المشوش:

لا يمكن للمريض النفسي التفكير بشكل سليم ومنطقي واتخاذ قرارات مصيرية فغالباً ذهنه مشوش وذاكرته غير حاضرة وخاصةً إن كان يعاني من اضطرابات في تركيب مواد المخ.

10. الغضب غير المبرر:

فقد يغضب المريض النفسي من أبسط الأشياء وقد لا تعجبه تصرفات المحيطين به على الرغم من كونها طبيعية جداً وكان قد اعتاد عليها.

11. الهلوسة:

يشعر المريض النفسي بهلوسات سواء كانت بصرية أم سمعية وأوهام دائماً، وتكثر عندما يكون مصاباً بأحد اضطرابات الذهان.

12. الصداع:

لا يمكن أن يرجع الصداع إلى أسباب نفسية فقط، لكن يُعَدُّ الصداع من أبرز الأعراض التي تظهر على المريض النفسي.

13. مشكلات في الجهاز الهضمي:

يتأثر الجهاز الهضمي كثيراً بالحالة النفسية للإنسان، وغالباً تحدث اضطرابات في المعدة بالتزامن مع سوء الحالة النفسية، بالإضافة إلى الإسهال أو الإمساك أو القيء أو الغثيان.

14. الشكوى من آلام جسدية مختلفة:

فقد يعاني المريض النفسي من أمراض مزمنة بشكل متكرر ولا يوجد مبرر طبي لها إلا المرض النفسي.

15. الابتعاد عن الواقع:

لا يمكن للمريض قراءة الواقع قراءة طبيعية أو فهم المحيطين به سواء زملاء العمل أم الأقرباء أم الشركاء العاطفيين؛ وذلك بسبب تشوش رؤيته؛ إذ يغلب على تفكيره الأفكار الوسواسية أو القهرية أو الانتحارية.

16. تعاطي الكحول أو المخدرات:

يلجأ المريض النفسي إلى شيء يعيد إليه السعادة أو النشاط أو ينسيه ما مرَّ به من ظروف صعبة، فيندفع لشرب الكحول بكثرة أو لتعاطي المخدرات وطبعاً بعد إيجاده للبيئة التي تناسبه.

17. احتقار الذات:

غالباً يشعر المريض النفسي بعدم الاحترام لذاته ولومها المستمر على كل ما حدث معه سابقاً حتى إن لم يكن سبباً في ظروفه السيئة.

إقرأ أيضاً: 11 طريقة بسيطة لاكتساب تقدير الذات

كيفية علاج المريض النفسي:

توجد أشكال عدة لعلاج المريض النفسي، لكن لا يمكن القيام بأي شكل منها قبل فحص المريض وتشخيص حالته بدقة من قِبل أطباء متخصصين، وإليك أشكال علاج المرض النفسي:

1. العلاج بالأدوية:

ويقتصر دور الأدوية على التخلص من الأعراض التي ترافق المرض النفسي أو التخفيف منها وليس التخلص من المرض النفسي، ولكل عرض أو اضطراب نوع مخصص له؛ إذ تشمل الأدوية ما يأتي:

  • أدوية مضادة للاكتئاب: ودور هذه الأدوية التخلص من اضطرابات نفسية، مثل القلق والاكتئاب واليأس وقلة التركيز وانعدام الطاقة، وهذه الأدوية آمنة لا تسبب الإدمان للمريض.
  • أدوية مضادة للقلق: تعمل على علاج اضطرابات القلق العام أو نوبات الهلع، ولكنَّ قسماً منها قد يسبب الإدمان للمريض.
  • الأدوية التي تحسن المزاج: ودور هذه الأدوية علاج الاضطرابات التي تتعلق بالمزاج مثل اضطرابات ثنائي القطب.
  • الأدوية المضادة للذهان: ودور هذه الأدوية علاج اضطرابات الذهان مثل انفصام الشخصية.

2. العلاج النفسي:

ويوجد للعلاج النفسي أنواع عدة:

العلاج النفسي الديناميكي:

ويتم اعتماد هذا النوع من العلاج عند وجود مشكلات مرتبطة بمشاعر المريض نابعة من طفولته، ويستمر هذا العلاج من عدة أشهر لعدة سنوات يتم فيها التحدث إلى المريض عما مرَّ به من تجارب.

العلاج النفسي الشخصي:

ويتم اعتماد هذا النوع من العلاج عند فقدان المريض لشخص عزيز أو حدوث تغيرات مفاجئة وسيئة في حياته؛ إذ يهدف إلى تحسين علاقته مع المحيط من عائلة أو أصدقاء واستعادة ثقته بنفسه وطاقته، ويستغرق هذا العلاج مدة لا تقل عن 3 أشهر، وقد يتم استخدامه مع العلاج النفسي الديناميكي.

العلاج السلوكي المعرفي:

ويهدف إلى تحديد مفهوم الصح والخطأ عند المريض النفسي؛ وذلك من أجل تغيير أفكاره ونظرته عن نفسه وعن المحيطين به.

3. علاج تحفيز الدماغ:

ويتم اعتماد هذا النوع من العلاج بعد الفشل في علاج المريض النفسي بالأدوية أو بالعلاج النفسي؛ إذ يتم فيه تعريض المريض لصدمات كهربائية أو لتحفيز أعصاب الدماغ.

4. العلاج في المستشفى النفسي:

يتم اللجوء إلى المستشفيات النفسية عندما يعاني المريض النفسي من نوبات واضطرابات يصعب السيطرة عليها فيصبح خطراً على نفسه وعلى الموجودين معه في المنزل، فقد يؤذيهم دون وعيه لذلك.

5. علاج التعاطي:

كما قلنا آنفاً، ففي كثير من الأحيان يترافق المرض النفسي مع تعاطي الكحول أو مخدرات، ولا يمكن علاج المرض النفسي إن لم يتم التخلص من الإدمان أولاً، ويتم ذلك في مراكز متخصصة.

6. علاجات أخرى:

توجد عدة طرائق تُدمَج مع العلاجات السابقة لتحسين حالة المريض منها ما يأتي:

  • العلاج بمساعدة الحيوانات الأليفة كالكلاب والقطط التي قد تحسن من حالة بعض المرضى؛ إذ تساعده على التواصل مع الآخرين بشكل أفضل.
  • اللجوء إلى الفنون الإبداعية مثل الشعر أو الرسم أو العزف مثلاً.
  • العلاج باللعب الذي يحقق فائدة لدى الأطفال؛ وذلك لأنَّه يساعدهم على التعبير عن مشاعرهم وعواطفهم إن كانوا يعانون من صعوبة في ذلك.

شاهد بالفديو: 5 طرق للوصول إلى أفضل طبيب نفسي مناسب لشخصيتك

إرشادات لزيادة كفاءة العلاج:

بعد إدراك المريض لحالته النفسية يجب عليه الالتزام بخطة العلاج الموضوعة من قِبل الطبيب المتخصص، بالإضافة إلى اتباع عدة نقاط تزيد من كفاءة العلاج، منها ما يأتي:

  1. الالتزام بحضور الجلسات العلاجية والالتزام بتناول الدواء في موعده المحدد وبالجرعة المحددة وعدم إيقافه في حال الشعور بالتحسن أو الشعور بأعراض جانبية للدواء دون العودة إلى الطبيب المتخصص.
  2. تنظيم الوقت جيداً وتحديد الأولويات في الحياة.
  3. القيام بنشاطات بدنية تساعد على التخفيف من الاضطرابات النفسية مثل القلق والتوتر كالمشي أو السباحة أو ممارسة التمرينات الرياضية يومياً.
  4. اتباع نظام غذائي صحي لمد الجسم بكافة العناصر والمعادن التي يحتاج إليها، ومن ثمَّ الحصول على جسد سليم إضافة إلى تنظيم النوم والحصول على ساعات كافية.
  5. عدم اتخاذ قرارات هامة أو مصيرية في الحياة؛ وذلك لأنَّها غالباً سوف تكون قرارات خاطئة.
  6. طلب الدعم من الآخرين؛ وذلك لأنَّ الدعم النفسي يساعدك على الالتزام بالعلاج وعدم التراجع، وسوف يعطيك القوة التي تحتاج إليها لتجاوز هذه المرحلة.
إقرأ أيضاً: 9 نصائح للصحة النفسية

في الختام:

جميعنا معرضون للإصابة بأمراض نفسية؛ لذلك لا يجب الخجل؛ إنَّما يجب المسارعة إلى بدء العلاج المناسب قبل فوات الأوان.

المصادر:1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة