شائعات وحقائق عن عالم المساعدة الذاتية

تتمثَّل أعظم مشكلات قطاع المساعدة الذاتية بالمستهلكين والعاملين فيه، فبالنسبة إلى المستهلكين، تراهم يراوحون مكانهم من دون تقدُّم رغم الجهود التي يبذلونها، فهم يريدون تنمية أنفسهم في الوقت الذي لا يسمحون فيه لما تعلموه واطلعوا عليه مسبقاً أن يترسَّخ ويصبح عادة مكتسبة، ناهيك عن أنَّهم يتوقفون إذا لم يحصلوا على نتائج فورية.



تتمثل مشكلة أنَّ المستهلك يلجأ إلى قطاع المساعدة الذاتية ظناً منه بوجود خلل فيه، وأنَّ هذا الكتاب أو المنتج أو الدورة التدريبية قادرة على إصلاحه.

إليك فيما يأتي بعض الحقائق عن علم المساعدة الذاتية:

1. ليست كل مواد المساعدة الذاتية المطروحة حالياً صادقة وموثوقة:

تفتقر أغلب مواد المساعدة الذاتية المنتشرة في السوق حالياً إلى الصدق والموثوقية؛ لأنَّ معظم علوم الفلسفة التقليدية متاحة للعامة حالياً، وبوسع أيِّ شخص الاطلاع عليها وشرحها وفقاً لأهوائه وأسلوبه، ثم تلقينها للعامة على أساس أنَّها مواد جديدة ومبتكرة.

تُقدَّم هذه المواد على أنَّها أحدث التقنيات المستخدمة في مساعدتك على الارتقاء بنفسك لتصبح الشخص الذي لطالما أردت أن تكونه، وتبقى الحقيقة أنَّهم يسرقون حرفياً من كتب الفلسفة وعلم النفس القديمة، ممَّا يجعلها قائمة على التلاعب والاحتيال والتضليل.

تركز أساليب المساعدة الذاتية هذه على النقص ولا تساعد المستهلك، ويوجد نوع من الدجالين يستخدمون فلسفة الكاتبة إستر هيكس (Esther Hicks)، والتي جعلت قانون الجذب عالمياً، لجعل الناس يعتقدون بأنَّهم سحرة أو شيء من هذا القبيل، فإذا شعرت برغبة في جذب شيء ما؛ فهذا يعني أنَّك تدرك بأنَّك تفتقر إلى نقص في داخلك.

يُفضَّل أن يفتتح العاملون في مجال المساعدة الذاتية عملهم عن طريق إخبار عملائهم بأنَّهم يملكون بالفعل كل ما يحتاجون إليه، ثم يطلعوهم على كيفية الوصول إلى إمكاناتهم بدلاً من إعداد طقوسهم السحرية.

إقرأ أيضاً: 4 طرائق يمكن من خلالها لقصتك الشخصية أن تغير حياتك

2. يدَّعي من يصفون أنفسهم بالقادة في مجال المساعدة الذاتية امتلاكهم لفلسفة مبتكرة:

يُحبِط وينهك هؤلاء الذين يصفون أنفسهم بالقادة عملاءهم بفلسفتهم "الجديدة والمبتكرة"، ويساهمون في بإنشاء كيان معرفي لتبادل ومشاركة هذه المعارف الشبيهة باجتماعات السحر والشعوذة.

أمَّا الأتباع، فتراهم يغالون في الاقتباس من هؤلاء الأشخاص أو ينزعون للتحدث مثلهم والتطبع بهم وبفلسفتهم في الحياة؛ إذ جعل أحد أشهر هؤلاء القادة المزعومين، والذي تصدرت كتبه قائمة أكثر الكتب مبيعاً وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز ذات مرة أتباعه يشربون عصير الكرفس، ويمارسون نوعاً وهميَّاً من أنواع اليوغا؛ بل إنَّه ذهب أبعد من ذلك وأخبرهم أن يستخدموا التقنيات التي علَّمهم إيَّاها في تقديم الكوتشينغ للآخرين، وهكذا أصبح لدينا 1.5 مليون كوتش مزعوم لتدريبات نهاية الأسبوع يحاولون امتهان الصحة النفسية.

شاهد بالفيديو: 20 قول رائع في تحفيز وتطوير الذات

3. يستخدم القادة المزعومون المساعدة الذاتية سلاحاً لجني الأموال:

استخدم هؤلاء القادة المزعومون المساعدة الذاتية سلاحاً لجني الأموال؛ إذ شهدنا حالات بث شعور الذنب في نفوس العملاء لحملهم على إنفاق مزيد من المال على دورات تدريبية مغلوطة بالأساس، وفي حال رُفض العميل يُحرج.

لقد أخبر أحد كوتشز الحياة على تطبيق فيسبوك أحد عملائه: "سيحدث ما لا يُحمد عقباه إذا لم تشترك في الدورة التدريبية، وقد ترهن منزلك مرَّةً ثانية".

4. يعتمد القادة المزعومون في تقديم أفكارهم على سرد القصص:

يعتمد "القادة" في تقديم أفكارهم "الجديدة والمبتكرة" كلياً على سرد القصص القديمة والتجارب الشخصية دون دعمها بالبيانات والدراسات المنهجية الموثقة، وإنَّ نجاح هذه التقنيات مع بضعة أشخاص لا يجعل منها ناجحةً عامة.

لم تثبت أيُّ دراسة بحثية صحة ادعاءاتهم، وقد يجادل أحدهم بأنَّ برنامج الاثني عشر خطوة المستخدَم استخداماً رئيساً في علاج الإدمان يعمل بالطريقة نفسها؛ لكنَّ البرنامج يعتمد على أبحاثٍ نُشرَت في كتب عدة مهَّدت وسمحت باستمراره لما يزيد عن 50 سنة.

إقرأ أيضاً: أهمية الدورات التدريبية في تطوير الذات

في الختام: إلى عملاء المساعدة الذاتية

من الجيد طلب المساعدة، لكن من الهام أن تناقشوا أنفسكم وتستفسروا عن سبب احتياجكم إليها حتى تتبينوا ممَّن ينبغي أن تطلبوا هذه المساعدة، والتفكير بهذه الطريقة اليقظة والمدروسة قادر على إحراز نتائج أكثر فاعلية وموثوقية.




مقالات مرتبطة