سيكولوجيا اكتساب العادات: ما هي؟ وكيف تكتشف أسرارها؟

مع أنَّ عاداتنا تبدو خارج نطاق سيطرتنا، إلَّا أنَّها تحدد مدى نجاحنا؛ وسواء كنت تتحدث عن التخلص من العادة أم اكتسابها، فلا يُعَدُّ كلا الأمرين هيِّناً.



يساعدنا فهم السيكولوجيا الكامنة وراء اكتساب العادات على اتباع عادات جديدة والتخلص من العادات السيئة، ويمكِّننا من السيطرة على ما اعتدنا القيام به في الحياة؛ وللاطلاع أكثر على هذا الموضوع وتعلُّم كيفية تطبيق هذه المعلومات في حياتك لما فيه منفعتك، تابع معنا قراءة هذا المقال.

كيف تتشكل العادات؟

تُصنَّف العادات على أنَّها جيدة أو سيئة، ولا يفكر الناس فيما وراء هذه الفئات؛ لهذا لا يستطيعون التعرف على قوة العادات الحقيقية.

تلعب عاداتنا دوراً حيوياً في حياتنا؛ حيث تحدد معظم النتائج التي نحققها في الحياة، بدءاً من أعمالنا اليومية الروتينية، ووصولاً إلى معدل النجاح؛ ونحن مع الأسف نميل إلى الاعتقاد أنَّنا نتحكم بعاداتنا، رغم كون العكس هو الصحيح.

حلقة العادة:

هذا هو السبب في أنَّه من الهام جداً معرفة كيفية اكتساب العادات، وتُسمَّى هذه العملية بحلقة العادة، وتتألف من ثلاثة مكونات رئيسة تعمل معاً على تشكيل العادة، وهي: الإشارة والروتين والمكافأة.

  • الإشارة: هي المحفز الذي يشجعك على القيام بالسلوك التالي، وأي شيء حولك يذكرك بالعادة أو يجعلك ترغب في القيام بها، ويمكن أن يكون شيئاً أو شخصاً أو شعوراً أو حدثاً أو رائحة أو أيَّ شيء على الإطلاق.
  • الروتين: إنَّ العادات ليست مجرد عمل واحد منفصل عن بقية أفعالك، فما يأتي قبل وبعد السلوك المعتاد جزء من العادة، وهذا هو الروتين. ستبدأ بروتينك المحدد الذي طوره عقلك حالما تحفز إحدى الإشارات عادتك، وتبقى سلسلة الإجراءات بأكملها على حالها أو متشابهة للغاية في كل مرة تقوم فيها بهذه العادة بعفوية.
  • المكافأة: هي أي نتيجة تحققها، فمثلاً: إذا كانت عادتك تساعدك على الشعور بتحسُّن عاطفي، فهذه هي مكافأتك؛ وهذا شيء يعدُّه عقلك نتيجة إيجابية، ويجعلك ترغب لا شعورياً في تكرار هذه العادة مراراً لتحصل على المكافأة المُرضِية.
إقرأ أيضاً: الدليل الكامل لتكوين عادات راسخة

كيف تتخلص من العادات السيئة؟

تتشكَّل كل العادات بالطريقة نفسها، وحلقة العادة هي المذنب الذي يتسبب بالعادات السيئة، ولكنَّ الفضل يعود إليها في اكتساب العادات الجيدة أيضاً؛ ونظراً إلى كونك على دراية بالعملية الآن، يمكنك في كلتا الحالتين استثمارها لتحقيق النتائج التي ترغب فيها.

رغم حدوث العادات لا إرادياً، إلَّا أنَّه يمكنك التخلص من السيئة منها إذا ركزت على العملية؛ ولحسن الحظ، تستطيع بقليل من الجهد أن تتجنب البقاء تحت رحمة العادات السيئة مدى الحياة، وستساعدك النصائح التالية على كسر الحلقة التي تشكِّل العادة السيئة:

1. اخطُ خطوات صغيرة:

يمكن للحافز الذي يدفعك إلى التخلص من العادات السيئة أن يجعلك ترغب في التخلص من كل شيء سلبي دفعة واحدة، وقد تعتقد أنَّ لديك كل الطاقة اللازمة لذلك، لكنَّ هذا ليس ممكناً ولا صحياً.

لا يُعدُّ التخلص من العادات السيئة مَهمَّة تستغرق يوماً واحداً أو محاولة لمرة واحدة، بل إنَّها عملية تستغرق وقتاً وتحتاج صبراً كثيراً، وعليك أن تبدأ بخطوات بسيطة ومستدامة.

تخلص من الأشياء التي تؤدي إلى العادات السيئة، واضبط نمط حياتك ببطء؛ ذلك لأنَّ الصدمة الفورية قد تخلصك من عادة سيئة واحدة، ولكنَّها قد تحفز مزيداً منها.

2. ركِّز على المحفِّزات:

تزداد عاداتك السيئة قوة عندما تتكرر، وأفضل طريقة لتجنب القيام بذلك هي التحكم بها منذ البداية؛ لهذا يجب السيطرة على ما يُحفّز قيامك بها؛ ذلك لأنَّك تستطيع منع سيطرة العادة السيئة في حياتك إذا استطعت منع عقلك من الشروع في العمل على وضع العادة في موضع التنفيذ.

سيستغرق الأمر بعض الوقت لمعرفة المحفزات تماماً؛ لذلك راقب الظروف التي تدفعك إلى وضع العادة السيئة موضع التنفيذ، ثم ابدأ اتخاذ خطوات للسيطرة على هذه المحفزات أو القضاء على إمكانية تواجد هذه الإشارات في روتينك، وسيساعد هذا على منع تشكُّل العادة السلبية.

3. قم بعادةٍ واحدة في كل مرة:

لدى الكثيرين منا عادات سيئة كثيرة نريد التخلص منها، وقد تكون الرغبة في التخلص منها جميعاً دفعةً واحدة أمراً مُبرَّراً.

يحتاج التخلص من العادة السيئة إلى الوقت والصبر ومزيد من المثابرة والجهد؛ ولتحقيق معدل نجاح أعلى، ركز على عادة سيئة واحدة في كل مرة لتجنب الإجهاد العقلي.

4. استخدم البدائل:

تحتل العادات مساحة كبيرة من حياتك وعقلك؛ لذلك لا تترك فراغاً مكان العادة التي تحاول التخلص منها، واستبدلها بشيء أفضل؛ حيث ينجح هذا في التخلص من عادة سيئة واكتساب عادة جيدة في الوقت نفسه.

شاهد بالفيديو: 6 طرق مثبتة علميَّاً للتخلص من العادات السيئة

كيف تطور عادات جديدة؟

النتيجة الطبيعية لفكرة أنَّ العادات تتشكل بطريقة "لا شعورية" هي أنَّ محاولة تشكيل عادات جديدة بطريقة "شعورية" واعية لن تفيدك كثيراً.

توجد بعض الطرائق السهلة التي يمكنك القيام بها لخداع عقلك، وهذه هي الأشياء التي ستذكِّرك بتحفيز عادات أفضل دون الحاجة إلى بذل جهود مباشرة، وقد يطوِّر هذا عادات جديدة جيدة.

فيما يأتي بعض النصائح التي يمكنك من خلالها تطوير عادات جيدة:

1. حدد عادات جيدة:

نحنُ نرغب جميعاً في أن تكون لدينا عادات جيدة، لكن لكلٍّ منا رؤية مختلفة لماهية هذه العادات؛ لذلك حدد هدفك قبل أن تبدأ النضال من أجل تطوير عادات جيدة، واسأل: ما العادات التي تظن أنَّها مفيدة لك وتساعدك في حياتك ويمكنك أن تستمتع بها على الأمد الطويل؟ ستساعدك قائمة العادات هذه في البقاء على المسار الصحيح عند محاولة الاعتياد عليها.

2. عزز قوة إرادتك:

أن تقرر ببساطة أنَّك تريد اكتساب عادات أفضل هو أسهل جزء من العملية؛ لهذا تحتاج إلى إرادة أقوى لمواصلتها حتى النهاية.

افعل كل ما في وسعك للحفاظ على آمالك ودوافعك في أفضل مستوياتها؛ ذلك لأنَّك ستحتاجها للالتزام بهدفك المتعلق ببناء عادات جديدة، ومن ثمَّ الحفاظ عليها.

لا تُعدُّ العملية سهلة، حيث ستواجهك عقبات متعددة؛ إلَّا أنَّ قوة إرادتك تدفعك إلى المحاولة مرة تلو الأخرى رغم الفشل المتكرر.

إقرأ أيضاً: 3 طرائق بسيطة وفعالة لتعزيز قوة الإرادة

3. أحِط نفسك بالأشخاص الإيجابيين:

الطريقة الواعية الأفضل لحثِّ عقلك على الاعتياد على الأشياء لاشعورياً هي أن يكون لديك صُحبة جيدة؛ حيث يكون للناس الذين تحيط نفسك بهم تأثير رئيس في عاداتك.

كذلك أبقِ حولك الأشخاص الذين تريد تبنِّي عاداتهم؛ ذلك لأنَّ هؤلاء يشجعونك على الاستمرار في النضال من أجل أن تكون شخصاً أفضل عندما تفقد الدافع والأمل؛ إذ من الطبيعي أنَّ الصُحبة الإيجابية تقوي ذهنك، ممَّا يسمح لك ببذل مزيد من الجهد في الاتجاه الصحيح وتشكيل العادات الإيجابية.

4. طوِّر روتيناً:

إذا فكرت في حلقة العادات، فستجد ثلاثة مكونات؛ فالإشارة والمكافأة مكوِّنان لا يمكنك السيطرة عليهما حقاً، إذ بينما يقرر الدماغ ما الذي يحركه، يشعر العقل كذلك بالمكافأة من تلقاء نفسه أيضاً.

الشيء الوحيد الذي يمكنك التحكم فيه في عملية تطوير عادات جديدة هو الروتين نفسه الذي يُتبَع في كل مرة تُثار فيها هذه العادة الجديدة، حيث تسمح لعقلك بالتعود على اتباع روتين محدد يعزز العادات الجيدة التي تريد تطويرها؛ فمثلاً: إذا كنت تريد أن تجعل من قراءة الكتب قبل النوم عادة، فعليك بذل جهد واعٍ لفترة من الوقت؛ ولتحقيق هذا، ابدأ وضع هاتفك الذكي جانباً حتى لا تشتت انتباهك، ثم أشعل مصباح القراءة بجانب السرير وأطفئ جميع الأضواء الأخرى، وضع الكتاب في متناول يدك حتى لا تنسى قراءته كل يوم.

يتعيَّن عليك اتباع هذا الروتين عدة مرات قبل أن يعتاد عقلك على التعلق به، ثم ستعتاد بالتدريج على القراءة قبل النوم، ويصبح من المستحيل بعد بضعة أسابيع (أحياناً أشهر) أن تغفو دون قراءة بضع صفحات.

في الختام:

إذا كنت تسعى إلى تحقيق النجاح ولكنَّك قد فشلت في مساعيك مراراً وتكراراً، فقد حان الوقت لتحويل تركيزك؛ فربَّما ألقيت اللائمة في هذا على العوامل الخارجية والتعامل مع الجوانب الخاطئة في حياتك، لكن ما يجب أن تطوره هو عاداتك، بحيث يمكنك العمل باستمرار من أجل مستقبل أفضل، حتى مع اتباع سلوكات لا واعية.

سيساعدك فهم سيكولوجيا تشكيل العادة على عيش حياة أكثر صحة وإيجابية وناجحة للغاية؛ لذا، ابدأ استخدام هذه النصائح في حياتك اليومية للتحكم بعاداتك.   

 

المصدر                                             




مقالات مرتبطة