سلم العادات: كيف تنشئ روتيناً وتلتزم به؟

هذا المقال مأخوذ عن "تايلر تيرفورين" (Tyler tervooren) مؤسس شركة "ريسكولوجي" (Riskology)، ويحدثنا فيه عن تجربته في إيجاد عاداتٍ جيدة والالتزام بها.



بالكاد أستطيع أن أتذكَّر كيف تبدو صباحاتي هذه الأيام؛ لقد استغرق الأمر سنوات والكثير من التجارب والأخطاء، ولكن لدي الآن روتين لا يحتاج إلى التفكير لإكماله؛ فكل عمل طوال الصباح أقوم به بحكم العادة؛ إذ أستيقظ وأرتدي ملابس الجري؛ وبعد الجري لمسافة 3 كم أستحم وأتناول وجبة الإفطار، ومن ثمَّ أنطلق إلى أهم مهمة لي في اليوم. يحدث الشيء نفسه، وبالتوقيت نفسه، كل يوم.

ما قمت ببنائه - ومعظم الناس، وربما أنت أيضاً - هو ما أحب أن أسمِّيه سلم العادات، وهو نظام آلي يحوِّلك بسرعة إلى إنسان منتج، ومع ذلك، فإنَّ روتين الصباح هو مجرد مثال واحد عن سلُّم العادات؛ يمكن تطبيق نفس المفهوم في كل جانب من جوانب حياتك لجعل الإجراءات الهامة التي تريد اتخاذها سريعةً وغير متعبة؛ والحيلة لا تكمن في ماهية الأشياء التي تفعلها؛ بل في ترتيب فعلك لها.

كيف تعمل العادات؟

لماذا تقضم أظافرك دون تفكير؟ هل يتشتَّت انتباهك عن عمل هام؟ هل تتناول طعاماً غير صحي؟ لماذا تمارس الرياضة دون أدنى احتجاج؟ هل تنجز أصعب أعمالك أولاً؟ هل تنظف ما بين أسنانك بالخيط كل يوم؟

الإجابة هي أنَّك قمت ببناء عادة، وهي نظام صغير لا تعود لتفكِّر فيه بمجرد أن تُنشئه؛ إنَّها طريقة عقلك في التنظيم لإنجاز المهام خلال اليوم، وقد اكتشف كثير من الباحثين الأذكياء - ولا سيما مجموعة من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (MIT) - كيف يكوِّن دماغك عادةً ما؛ إذ يسمُّونه حلقة العادة، وهي تعمل كالآتي:

خذ خيط تنظيف الأسنان، على سبيل المثال؛ وهي عادة نفذتها بعد التوبيخ الخامس والعشرين من قِبل طبيب الأسنان، ففي بداية كل عادة توجد إشارة، هذا هو الشيء الذي يخبر عقلك: "حسناً، حان الوقت لبدء حلقة العادة هذه".

بالنسبة إليَّ، إنَّ الإشارة إلى أنَّ وقت استخدام الخيط قد حان هو عند انتهائي من تنظيف أسناني بالفرشاة، بمجرد أن يُلاحظ عقلك إشارة، يوجِّهك إلى العمل التلقائي؛ فأنت موجَّه بروتينك، وليس بالتفكير الواعي، فأنتقل مباشرة من تنظيف أسناني بالفرشاة إلى لف خيط مشمع حول أصابعي دون توقف.

وتنتهي كل عادة بمكافأة، وهي السبب الذي يجعلك موجهاً بالإشارة والروتين في المقام الأول؛ إذ يشرح الصحفي "تشارلز دوهيغ" (Charles Duhigg) خصوصيات وعموميات حلقة العادات بالتفصيل في كتابه الأكثر مبيعاً "قوة العادة" (The Power of Habit).

سيساعدك فهم ذلك على تحديد عاداتك الحالية وتغييرها، ولكن هناك أداة أخرى يمكنك استخدامها لمساعدتك على إنشاء عادات جديدة بطريقة أسرع.

إقرأ أيضاً: 5 محفزات تجعل العادات الجديدة تدوم

سلم العادات: تكديس عاداتك لتحقيق نتائج أفضل

من الصعب ترسيخ عادة جديدة، لكن ربما لديك القليل منها طبيعياً؛ لذا ألقِ نظرةً فاحصةً على تلك العادات السهلة، واسأل نفسك: "ما الذي جعل من السهل جداً اكتسابها؟"؛ فأنا عندما أنظر إلى روتين الصباح الخاص بي، يكون الأمر واضحاً جداً؛ تأتي كل عادة بسهولة لأنَّ بداية إحدى العادات تنطلق من نهاية أخرى، كالآتي:

  1. عندما أستيقظ، تكون تلك إشارة إلى ارتداء الملابس.
  2. اخترت أن أرتدي ملابس الجري، بدلاً من ملابس العمل، وهذا هي إشارتي بالخروج والبدء في الجري.
  3. عندما أنتهي من الجري، أشعر بالتعرق، وهذا يشير إلى الاستحمام، وبحلول الوقت الذي أخرج فيه من الحمام، أكون نهماً لتناول الإفطار، وتلك هي إشارتي لتناول الطعام.
  4. منذ أن مارست الرياضة، أصبح جسدي يريد وجبة صحية، بدلاً من حبوب الإفطار المليئة بالسكر، لذلك أتناول وجبة صحية.
  5. تعطيني الطاقة المستمدة من الإفطار والإندورفين من الجري ما أحتاجه بالضبط إلى التعامل مع أصعب الأعمال التي أقوم بها في الصباح الباكر.

يُسمَّى هذا سلُّم العادات، لأنَّه ومن وقت استيقاظي حتى الانتهاء من أول مهمة عمل لي في اليوم، يسمح لي بتسلُّق درجة تلو الأخرى؛ فكل خطوةٍ جديدة يُتوصَّل إليها بسبب سابقتها.

لاحظ من المثال الخاص بي؛ ليست المكافأة من حلقة العادة هي التي تؤدي دوماً إلى إطلاق العادة اللاحقة، ففي بعض الأحيان تكون نتيجة عرضية؛ فالمكافأة من الجري ليست "القيام بعمل أفضل"، بل الشعور بالإنجاز فيما يخص صحتي، ولكنَّ السعادة التي أحصل عليها من الجري ترفع معنوياتي خلال تلك الساعات القليلة من العمل في الصباح الباكر.

إذ لا ينطبق سلُّم العادات فقط على روتين الصباح، أو حتى على يوم واحد فقط؛ أنا أستخدمه أيضاً في مهام الكتابة الخاصة بي؛ إذ إنَّ كل مهمةٍ أكملها لإنهاء مقالٍ ما تحفِّزني على البدء بالمهمة التالية، ويمكنك أيضاً استخدامه لإعداد نفسك في وقت مبكِّر من الأسبوع للإجراءات التي تعرف أنَّك سترغب في تأديتها لاحقاً، ولكنَّها سترهقك إن لم تحدد المحفزات مسبقاً.

شاهد بالفديو: كيف يمكن تكوين وترسيخ عادات جديدة في حياتك؟

في الختام:

إذا كنت تعمل على ترسيخ عاداتٍ جديدة، ولكنَّك تواجه صعوبة في ذلك، قد لا يكون لذلك علاقة بالعادات نفسها، بل يتعلَّق أكثر بكيفية ترتيبها؛ حاول النظر إلى كل منها من منظور حلقة العادة - الإشارات، والروتين، والمكافأة - وابحث عن فرص لإعادة ترتيبها بحيث تساعد المكافأة - أو النتيجة العرضية - من عادةٍ ما على إنشاء إشارة إلى العادة اللاحقة.

يصبح النجاح هكذا تلقائياً طوال اليوم.

المصدر




مقالات مرتبطة