زيادة التفاؤل: 6 أمور يقوم بها المتفائلون بشكل مختلف

يجب عليك الكف عن مراقبة حيوات وإنجازات الآخرين، وإجراء مقارنات مؤذية والشكوى من الأمور التي لا تحظى بها في حياتك، والمباشرة في بذل قصارى جهدك لتحقيق مزيدٍ من التقدُّم والإنجازات في حياتك.



يمكنك التغلُّب على الضغوطات اليومية من خلال اختيار الفكرة أو الاستجابة الإيجابية في المواقف والأحداث التي نتعرض لها باستمرار عندما تكون خياراً مطروحاً.

يجب تدريب العقل على ملاحظة الجوانب الطيبة في شتى الظروف مثل المواقف العصيبة، لأنَّ السلام والسعادة التي تنعم بهما في حياتك ما هما إلَّا نتاج لجودة أفكارك واستجاباتك اليومية، والتفاؤل ليس حكراً على أحد أو سمة فطرية بل هو خيار يمكنك اعتماده اليوم ومهارة يمكن تعلُّمها وصقلها.

نقدِّم فيما يأتي إرشادات صغيرة يجب القيام بها بشكل مختلف لزيادة التفاؤل في الحياة؛ وذلك اعتماداً على الملاحظات المستخلصة من تجارب حياتية حقيقية:

1. يحقق المتفائلون الاستفادة القصوى من الخيارات المتاحة:

ينفر معظم الناس من الأشخاص الذين تبدو عليهم أمارات فرط التفاؤل، ويحدث هذا غالباً نتيجة الخلط بين مفهومي التفاؤل والمثالية، ولا يعدو المتفائل كونه شخصاً واقعياً إيجابياً بعيداً عن السذاجة أو العيش بحالة نكران أو غفلة عن الظروف الواقعية في الحياة.

يعتمد سلوك المتفائل اعتماداً رئيساً على الاستفادة القصوى من جميع الخيارات المتاحة بصرف النظر عن ضيق الأحوال، ومن ثم يتميز بقدرته على الإحاطة بكافة جوانب وأبعاد المواقف، وإدراك وإدارة جميع الاحتمالات الممكنة بدقة.

يركِّز المثالي من ناحية أخرى على الجوانب المثالية المطلقة في جميع المواقف، في حين لا يلحظ المتشائم أي احتمالات إيجابية على الإطلاق، والمتفائل يبذل جهده في دراسة جميع الاحتمالات الممكنة حتى يستطيع العثور على الخيار الأمثل بينها.

لنفترض وجود شجرة ليمون ونراقب سلوك الشخصيات الثلاث: سيتناول المثالي الثمرة الأكثر نضوجاً ويتوقَّع أن تكون الأشهى، وسيكتفي المتشائم بحبَّة الليمون الأقرب إليه، أمَّا المتفائل فإنَّه سيقطف جميع الحبَّات في مجال رؤيته ويصنع منها عصير الليمون.

إقرأ أيضاً: التفاؤل الواقعي: استجابة القادة لمتحورات كورونا ومتغيراته المستقبلية

2. يحترم المتفائلون أنفسهم:

لنتأمَّل سلوك الطفل الصغير الذي يواصل إبهار وإلهام نفسه بصورة يومية، فتراه يركض ويغنِّي ويرقص بحريَّة دون الاكتراث بالعالم أو القلق حيال آراء الآخرين، مترفِّعاً عن حاجة نيل استحسان جميع من حوله لأنَّه يعرف في أعماقه أنَّه طفل مدهش.

مع التقدُّم بالسن والوصول لسن الرشد تبدأ ضغوطات الأقران ووسائل الإعلام الشهيرة والمجتمع بإثقال كاهله، ويشرع بمقارنة نفسه مع جميع من حوله ومحاكمة وتقييم جسده ونمط حياته ومهنته وعلاقاته مع الآخرين، وسيشعر بالمرارة ويتوقف عن تقدير النعم في حياته عندما يدرك الجوانب الطيبة التي يحظى بها الآخرون وهو لا يملكها.

يحمي المتفائل نفسه من النَّقد الذاتي بواسطة طريقتين أساسيتين، تقوم الأولى على الثقة بحدسه الذاتي عندما يتعلَّق الأمر بنشاطاته اليومية، ويمتنع عن طلب موافقة الآخرين ويقوم بالأفعال الصائبة بالنسبة إليه، وتفيد الثانية بأنَّ المتفائل لا يحكم على نفسه بناءً على مثاليات الآخرين غير المنطقية، بل يبتعد عن هذه المثاليات ويتمسك بالإيمان بكفاءته وأهليته وفق طبيعته الحقيقية مع نضوجه ونمائه الشخصي وازدياد قوَّته وحكمته بمرور الوقت.

3. يفصل المتفائل السعادة عن تحقيق الإنجازات:

يتطلَّب تحقيق التفاؤل رضى الفرد عن حياته، والذي يتطلَّب بدوره البحث داخل النفس لأنَّ السعادة تنبع من الداخل، وفي حال بحثت عن السعادة خارج نفسك عن طريق ربطها بتحقيق إنجاز تفرضه على نفسك مثلاً، فإنَّك تضع نفسك أمام مشكلتين:

شاهد بالفيديو: أقوال وحكم رائعة عن التفاؤل في الحياة

1. قد لا يتسنَّى لك تحقيق النجاح:

في حال اكتشفت وجود مشكلة تستدعي المعالجة في حياتك لكنَّك تجد نفسك باستمرار عاجزاً عن إصلاحها، فإنَّك ستدخل في حلقة مفرغة يزداد شعورك فيها بالسوء في كل مرة تفشل فيها عملية الإصلاح، حتى تصل لقناعة عجزك عن النجاح وتعلن فشلك النهائي.

2. قد تنجح وترغب في تحقيق مزيدٍ من النجاح:

في حال اكتشفت وجود خطب ما في حياتك وعزمت على إصلاحه ونجحت عملية الإصلاح، فإنَّك ستعثر على مشكلة أخرى تتطلب المعالجة أيضاً، لنقل إنَّك فقدت بعض الوزن لكنَّك تريد الآن الحصول على عضلات مشدودة، أو أنَّك سددت ديونك لكنَّك ترغب الآن في فتح حساب بنكي وتضع فيه كثيراً من الأموال، وهكذا دواليك في حلقة لا تنتهي طوال الحياة، لن تصل إلى مبتغاك بهذه الطريقة لأنَّك تبحث دائماً عن السعادة في الإنجازات الخارجية لعجزك عن إدراكها داخلك.

يفصل المتفائلون بين الإنجازات والسعادة ويسمحون لأنفسهم بالشعور بالسعادة في كل لحظة دون فرض أي شروط؛ ولا تعني حالة الرضى التي يعيش فيها المتفائل أنَّه يتقاعس عن بذل جهوده للتقدُّم في حياته، بل إنَّه يحدِّد أهدافه ويعمل بجد ويساعد الآخرين ويحرز تقدُّماً، لكنَّه يتعلم في الوقت نفسه الاستمتاع برحلة الإنجاز ولا يربط سعادته بتحقيق الهدف النهائي.

4. يحافظ المتفائلون على الصحبة الصالحة:

ترتبط راحتك النفسية ارتباطاً مباشراً بالرفقة التي تحيط بها نفسك، والشخص البائس يحب صحبة الآخرين وأنت بغنى عنه، ثمَّة احتمال كبير أنَّك لن تجد السعادة عند قضاء كثيرٍ من الوقت مع أشخاص سلبيين؛ لذلك عليك أن تعمل على تجنُّبهم وإحاطة نفسك بأصدقاء إيجابيين وداعمين عاطفياً وتمضي وقتك معهم بالقيام بالنشاطات التي تزيد مستويات سعادتك.

التفاؤل عادة مكتسبة ومُعدية مما يستدعي ضرورة صحبة أناس ينقلون إليك عدوى الإيجابية، لتقوم بدورك بنقل مزاجك الجيد إلى صديق أو شخص غريب من خلال بعض الكلمات أو الأفعال الطيبة، كالثناء على مظهر صديقك أو أن تسمح لأحدهم بالحصول على مكان معين في موقف السيارات مثلاً، وسيساعدك القيام بأفعال لطيفة وبسيطة للأشخاص في حياتك على إنشاء محيط اجتماعي إيجابي حولك لتتفاعل معه.

أي باختصار إنَّ الحياة أعذب وأقصر من أن تهدرها برفقة أشخاص لا يحسنون معاملتك؛ لذلك عليك أن تحيط نفسك بأشخاص يرفعون معنوياتك في لحظات الإحباط ثم تردَّ لهم الجميل في أقرب فرصة سانحة.

إقرأ أيضاً: 10 خطوات بسيطة لنشر التفاؤل والطاقة الإيجابية

5. يتقبَّل المتفائلون نجاحات وإحباطات الحياة على حدٍّ سواء:

لا يعني كونك متفائلاً أنَّك لن تواجه أوقاتاً عصيبة؛ ستتعرض لظروف قاسية في الواقع، فالحياة لن تكون وردية ومبهجة على الدوام، ويساعد اعتماد الواقعية على الإحاطة بكافة جوانب وأبعاد الموقف دون تضخيمه.

يجب أن تتصالح مع حقيقة أنَّ النجاحات والإخفاقات أجزاء أساسية من الحياة يستدعي كل منها وجود الآخر على حدٍّ سواء، وليس من المنطق أن تتوقع من الحياة أن تكون طيبة على الدوام؛ أي باختصار عليك أن تستعد للتجارب الفاشلة، فيجعلك هذا السلوك إنساناً عقلانياً، وأن تستفيد من النجاحات في تعزيز تفاؤلك.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لرسم الابتسامة على وجهك

6. يستخدم المتفائلون إشارات ولغة إيجابية:

أحياناً تكون طريقة سردك وتعبيرك عن المواقف أشد تأثيراً في حالتك المزاجية من وقوع الحدث بحدِّ ذاته؛ فإذا أحرز شخص متفائل أحد النجاحات يمكن أن يقول: "لقد توقعت حدوث هذا النجاح فقد درست بجدٍّ وأثمر اجتهادي"، في حين سيقول المتشائم: "لا بدَّ أنَّ الحظ ساعدني على الحصول على علامات جيدة في ذاك الاختبار"، دون أن ينسب لنفسه الفضل في إحراز هذا النجاح.

في حال واجه شخص متفائل صعوبات في مشروع يعمل عليه فعلى الأرجح سيقول: "إما أنَّ التعليمات التي أتبعها غير واضحة، أو أنَّ المشروع يتطلب مجهوداً أكثر مما توقعت، أو ربما أواجه يوماً عصيباً وحسب"؛ أي إنَّ المتفائل يعتمد حواراً ذاتياً إيجابياً للإبقاء على الصراع خارجه "التعليمات"، وتحديده "مجهود إضافي"، وتأكيد أنَّه مؤقت "يوم عصيب"، في حين أنَّ المتشائم سينتقد نفسه ويعدُّ الصراع داخلياً ودائماً ومستفحلاً بحيث يعجز عن تحديد سببه الأساسي.

في الختام:

عليك أن تحذو حذو الإنسان المتفائل عبر اعتماد حوار داخلي إيجابي في أوقات النجاح والفشل على حدٍّ سواء حتى تصبح أكثر تفاؤلاً.

تعدُّ لغة الجسد هامة أيضاً، فتؤثر ابتسامتك فعلياً في مزاجك بصورة إيجابية؛ لذا عندما تشعر بالإحباط ينقل الدماغ شعور الحزن إلى عضلات وجهك التي تترجمه بدورها إلى العبوس الذي ينقل شعور البؤس مجدداً إلى الدماغ، ويمكن أن يساعدك الابتسام على عكس عملية التفاعل الداخلي وإرسال رسالة مختلفة للدماغ تبيِّن أنَّك سعيد، وبناءً عليه سيستجيب لها الدماغ عبر تغيير حالتك المزاجية تدريجياً.




مقالات مرتبطة