دور الموارد البشرية في تعزيز تفاعل الموظفين

ألقت صحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times) في معرِض حديثها عن موقع أمازون الضوءَ على كيفية استخدام المؤسسات تكنولوجيا الموارد البشرية لمعاقبة الموظفين بدلاً من تشجيعهم على التفاعل.



أصبح مفهوم "التفاعل" مصطلحاً شائعاً نسبياً؛ نظراً لأنَّ أرباب الأعمال يدركون أنَّ دوافع الجيل إكس وجيل الألفية - وقريباً الجيل زد - تختلف عن دوافع الأجيال التي تسبقها.

يوجد لدى بعضهم خلط بين مفهوم التفاعل وبين رضى الموظف. وفي الواقع، إنَّ هذا ليس صحيحاً على الدوام؛ وذلك لأنَّه حتى لو كان الموظف سعيداً وراضياً بعمله فإنَّ هذا لا يعني أنَّه يقدِّم لرب عمله الجهود التقديرية بصفته شخصاً يسعى بشغف إلى أمر قيِّم ومستَحق، ولا يعني أنَّ مهاراته ومواهبه قد تمت مواءمتهما مع المهام التي يتطلبها الوصول إلى أهداف المؤسسة.

تعريف التفاعل في مكان العمل:

يعرِّف "جون غيبنز" (John Gibbons) - وهو مدير ذو خبرة 15 عاماً في الموارد البشرية - التفاعل على أنَّه "ارتباط عاطفي قوي يشعر به الموظف تجاه مؤسسته، ويدفعه لبذل جهود تقديرية أكثر في عمله".

ويذكر "كريستوفر توماس" (Christopher Thomas) - وهو مستشار في تأمين بيئة عمل صحية لتفاعل الموظفين - شرحاً مشابهاً؛ إذ يصفه على أنَّه "حالة من توافر الدافع والحماسة، مرتبطة بنتائج السلوكات والمواقف".

بالطبع، لا بد من ذكر عالم النفس الهنغاري - الأمريكي "ميهالي تشيكسنتميهالي" (Mihaly Csikszentmihalyi) الذي ابتكر مصطلح "التدفق" (Flow)، الذي يصف ما يحدث للمرء عندما يكون منهمكاً في نشاط ما رغبة فيه ولا شيء سواه.

يربط آخرون التفاعل بمقدار اهتمام الناس وشغفهم بما يفعلونه. وفي الواقع، لا تُربَط قوة المرء بإتقانه لعمله؛ بل إنَّ قوَّته تأتي مما يحب فعله؛ إذ يظهر التفاعل الحقيقي في أنماط عدة من السلوك والنتائج، ويمكن قياس بعضها بسهولة، في حين يصعب قياس بعضها الآخر.

بالإضافة إلى بعض الأدلة التي رواها الناس عن التفاعل، توجد بيانات محددة يجب أن تصل المؤسسات؛ وذلك من أجل فهمٍ أكبر لتفاعل الموظف، على المستوى الفردي والمؤسساتي. وفي الواقع، إنَّ كثيراً من هذه البيانات يمكن جمعها وتعقُّبها من خلال برامج رئيسة.

إقرأ أيضاً: كيف تعزز وتحفز مشاركة الموظفين في العمل؟

بيانات أخرى تشير لازدياد التفاعل:

على سبيل المثال، اتجهت معظم المؤسسات إلى أتمتة بيانات الوقت والحضور؛ ولذلك أصبح من السهل النظر في أمورٍ كعدد أيام الغياب غير المبرر ومقدار التأخر عن العمل، وهذه بداية جيدة.

الكميات الكثيرة من الوقت الإضافي - ويمكن تعقُّبه في عمليات دفع الأجور - يمكن أن تكون بمنزلة بوادر للاحتراق الوظيفي وترك العمل في النهاية؛ لذا ستكون برامج تنظيم مواعيد العمل بمنزلة تحذير لكل مَن لا يمتثل لمواعيد العمل، مثل أن تحتاج إلى العمل في عطلة نهاية الأسبوع.

يزوِّد نظام إدارة التعلم أيضاً شفافية بخصوص أي تدريب أو تطوير يُطلَب من الموظفين؛ فهل أكملوا التدريب، وفهموا المواد التي تدربوا عليها؟ وهل قاموا بذلك ضمن إطار الوقت المطلوب؟

انظر أيضاً إلى المجموعات الأخرى للبيانات؛ هل يُزكي الموظفون المؤسسة عندما تعلن عن فرص عمل؟ وهل يشاركون في برامج العافية وغيرها من مبادرات المؤسسة؟ يجب تقييم المشاركة الفعالة في هذه الأشياء عند البحث عن دليل على التفاعل.

تُعَدُّ أدوات تقييم الأداء نقطة بيانات واضحة تستخدمها معظم المؤسسات لتعقُّب وقياس أداء الأفراد ضمن المؤسسة، ويمكن أن تكون التقييمات المتدنية أو سنوات عدة من النتائج متوسطة الجودة مؤشراً على ضعف التفاعل.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لتحفيز الموظفين من دون اللجوء إلى المال

هل يقدِّرون أقرانهم أيضاً؟

تتضمن معظم هذه الأدوات عنصر "التقييم الذاتي"، وعندما يكون التقييم الذاتي للفرد مختلفاً اختلافاً كلياً عن تقييم مديره، فهو إشارة واضحة إلى الفشل في تحقيق المتوقع؛ لذا تجعل بعض المؤسسات تقييم الأفراد ممكناً من خلال أدوات على الشبكة تجعل الوصول إليه واستخدامها سهلاً جداً، وسوف يحرص الموظفون المتفاعلون على تقدير أقرانهم.

توجد مقاييس على نطاق المؤسسة لتزويد المؤسسات بفهم كلي للعافية المؤسساتية؛ إذ يكون معدل دوران القوى العاملة مقياساً ملموساً لحسن سير العمل في المؤسسة، وما يجدر ملاحظته أنَّ كثيراً من المؤسسات تركز على دوران القوى العاملة الطوعي؛ أي الأفراد الذين لم يكن من المتوقع منهم أن يغادروا، والدوران غير الطوعي؛ أي الأفراد المغادرون بسبب أدائهم الضعيف أو غير ذلك. وما تفشل تلك المؤسسات في ملاحظته هو أنَّ تجنُّب الدوران غير الطوعي يبدأ بمرحلة التوظيف.

إنَّ فهم ما تعنيه الثقافة الملائمة للمرشَّح، وما يملكه من مهارات، وطموحات وظيفية، وخصال شخصية، ومواطن قوة، وضعف، ومن ثمَّ مقارنتها مع المنصب الملائم في المؤسسة سيساعد على تجنُّب المشكلات فيما بعد.

إقرأ أيضاً: بناء التفاعل من خلال الثقة وتبني نهج يمنح الأولوية للموظفين

الصلة بين الاحتفاظ بالموظفين ومرحلة إعداد الموظفين الجدد:

تميل المشكلات المتعلقة بالتفاعل للظهور عندما ينخفض المعدل السنوي للاحتفاظ بالموظفين؛ إذ إنَّ عدم القدرة على الاحتفاظ بالموظفين الجدد يمكن أن يدل على الحاجة إلى معالجة أنظمة إعداد الموظفين الجدد وتوجيههم.

تضع مؤسسات عدة الكثير من الخطط وللعمل في الأسابيع الأولى من التوظيف، وتستثمر كمَّاً كبيراً من التعليم والتدريب لجعلهم يباشرون العمل بسرعة، ولكن بعد شهور عدة يُتخلَّى عن هؤلاء الموظفين أنفسهم دون أن يُسألوا: "كيف كان الدور مختلفاً عما توقعته؟"، أو "ما الذي يمكن فعله لمساعدتك على متابعة التأقلم مع مؤسستنا؟".

لسوء لحظ كثيرٍ من المؤسسات، إنَّ نشاطات التفاعل ومبادرات مشابهة تميل لتبدأ بشدة وحماسة كبيرة، إلى أن تتلاشى بعيداً عندما تبدأ المسؤوليات اليومية لذلك العمل. وبدلاً من تحميل المديرين الذين يعانون من الاحتراق الوظيفي عبئاً إضافياً، يجب على مسؤولي الموارد البشرية أن يجمعوا البيانات، ومن ثمَّ يحللوها إلى معلومات يمكن أن يزودوا بها المديرين لمساعدتهم على معرفة الموظفين المتفاعلين وغير المتفاعلين، وما يمكن فعله حيال ذلك.

المصدر: 1.




مقالات مرتبطة