دور التواصل والصورة المهنية في بناء شبكة العلاقات

يعتقد الأشخاص الناجحون أنَّ نجاحهم مرتبط بالمهارات التقنية أو المعرفة العملية، حيث يشكل تواصلك مع الآخرين والصورة التي تُقدّمها لهم عن نفسك انطباعهم الأول – والدائم غالباً – عنك. هل تريد أن تظهر بصورةٍ أكثر مهنية؟ وكيف تقدم نفسك خلال المراحل الأولى من عملية بناء تلك الشبكة من العلاقات ذات المنفعة المتبادلة؟

لقد أظهرت الدراسات التي أُجريت على الأشخاص في أثناء الاجتماعات أنَّ معظمهم يحكمون على أيِّ شخصٍ جديد خلال الفترة المُمتدة بين الثلاثين والمئة وعشرين ثانية الأولى من الاجتماع. وهذا لا يترك لك مجالاً كبيراً لترك انطباعٍ جيِّدٍ لديهم.



فقد أظهرت دراسةٌ أجراها الدكتور "ألبرت ميهرابيان" (Dr. Albert Mehrabian) من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس أنَّنا عندما نحاول إيصال رسائل تحمل معاني معينة خلال تواصلنا مع الآخرين، فإنَّ أغلب هذه الرسائل لا يجري إيصالها كلامياً بل من خلال نبرة الصوت وتعابير الوجه. كما أظهرت دراسته وفقاً للعديد من مستشاري التواصل أنَّ حوالي 37% من الانطباعات الأولى تعتمد على نبرة صوت المتكلم، أما في المحادثات الهاتفية فترتفع النسبة إلى 80% أو أكثر. دعنا نلقي نظرةً على هذه المجالات الأربعة التي تؤثر بشكلٍ كبير في صورتك وفي طريقة تقديمك لنفسك على الصعيد المهني:

  • المظهر.
  • التفاعل الشخصي.
  • التفاعل الكتابي.
  • شبكة العلاقات.

1- من المهم أن تظهر بمظهرٍ مهني:

لقد كانت النصيحة الأساسية التي يقدمها المنتورز والمديرون على الدوام إلى الأشخاص الذين يرغبون في تحقيق التقدم على الصعيد المهني هي ارتداء الثياب التي تناسب العمل الذي يتطلعون إليه لا العمل الذي يقومون به في الوقت الحالي. حتى في أيامنا هذه التي أصبح فيها ارتداء الثياب غير الرسمية في العمل أمراً اعتيادياً بشكلٍ أكبر، فإنَّ صورتك المهنية ستساعدك بشكلٍ كبير عندما يكون ثمَّة ترقياتٌ، وتنقلات، وتوزيعٌ للمهام، كما أنَّها ستؤثِّر بشكلٍ كبير في بروزك على مستوى القسم، حيث يميزك المظهر المهني عن الزملاء الآخرين غير المهتمين بتأسيس صورة ناجحةٍ ومهنيةٍ عن أنفسهم.

2- تحدَّث أمام الجمهور لتحسِّن صورتك:

هل تعلم أنَّ الدراسات أظهرت أنَّ الكثير من الناس يقولون أنَّهم يخافون من الحديث أمام الجمهور أكثر ممَّا يخافون من الموت؟ ولكنَّ الحديث أمام الجمهور، وتقديم العروض في أثناء الاجتماعات، والتحدث بطلاقة ضمن المجموعات الصغيرة يمكن أن يساعدك على البروز على الصعيد المهني أكثر من أيِّ شيءٍ آخر. فالموظفون القادرون على التواصل شخصياً بشكلٍ فعال تزداد فرصهم في الحصول على الترقيات بشكلٍ أكبر.

3- دع كتاباتك تقدم صورةً مهنية عنك:

يُعَدّ التعبير عن الذات من خلال التقارير المكتوبة، ورسائل البريد الإلكتروني، والمراسلات، وغير ذلك من أشكال التواصل الكتابي واجهتك التي تُعرض بشكلٍ دائم في مكان العمل أو على مجتمعك المهني. إنَّ الأسلوب السائد في مراسلات البريد الإلكتروني، والرسائل الفورية، والرسائل النصية، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي هو عادةً الأسلوب غير الرسمي، وهذا يُعَدُّ إساءةً لصورتك المهنية. كما أنَّ أدوات التواصل المُستخدمة في العمل هي أدواتٌ رسميةٌ وهي أدوات تواصلٍ مهني وبالتالي فإنَّها يجب أن تكون وسائل تواصلٍ رسمية. ففي رسائل البريد الإلكتروني على سبيل المثال، ابدأ الرسالة بـ (عزيزتي ميري) وانهها بـ (مع أفضل التمنيات)، وليكن ثمَّة ملف توقيع (signature file) يُظهر من أنت، ولقبك، وقسمك، وعنوان عملك، ورقم هاتفك. إذا كنت تبحث عن تعليماتٍ عامة فيما يتعلق بالكتابة زُر هذا الموقع (https://owl.english.purdue.edu/) فهو يُعَدُّ مرجعاً غنيَّاً. ويمكنك الاستعانة بالموقع نفسه أيضاً بالنسبة إلى الكتابة الاحترافية والكتابة المتعلقة بمجال الأعمال. سيوجهك الفهرس نحو مواضيع من بينها القضايا المتعلقة بالكتابة في مجال العمل بشكلٍ عام، والرسائل، والمذكرات، والتقارير، والعينات، والنماذج. تستحق منك جميع هذه المواضيع تخصيص وقتٍ للاطلاع عليها.

4- شبكة العلاقات طريقك للنجاح:

ستحظى صورتك المهنية الناجحة، والتي تُعزّزها عبر حديثك، ولقاءاتك، وطريقتك في الكتابة، ومظهرك، بفرصٍ أكبر للبروز من خلال بناء شبكة من العلاقات، فشبكات العلاقات هي عبارة عن علاقات مهنيةٍ ذات منفعة مشتركة تهدف إلى مساعدة جميع الأطراف على تحقيق أهدافها. يعود أصل هذه المصطلح إلى التعريف الموجود في قاموس "ميريام ويبستر" (Merriam-Webster): "نظام مؤلَّفٌ من عناصر تتقاطع مع بعضها مثلما تتقاطع خيوط الشبكة". فالصورة التي تبنيها لنفسك وأسلوب تواصلك عنصران أساسيان لتحقيق النجاح في بناء شبكة علاقاتك. لقد اعتاد الناس دائماً على بناء شبكات العلاقات المهنية بشكلٍ غير رسمي، ولكن التركيز في السنوات الأخيرة بدأ ينصبُّ على بناء العلاقات بشكلٍ منهجي مع أصدقاء المهنة ومع أصدقاء الأصدقاء. يصف "مالكولم جلادويل" (Malcolm Gladwell) في كتابه "نقطة التحول" (The Tipping Point) الشخص الذي يعرف العديد من الأشخاص الآخرين بـ "الواصل"، كما يقرُّ بفضل هؤلاء الـ "واصلين" في تسهيل تفاعلات الناس بعضهم مع بعضهم الآخر. يساعد هؤلاء "الموصلون" الأشخاص الآخرين على الحصول على ما يحتاجون إليه من خلال ربط الأشخاص بعضهم مع بعضهم الآخر سواءٌ من خلال تقديم للمعلومات المرتبطة بالعمل، أو توفير فرص عمل، أو تقديم اقتراح بالذهاب إلى مطعمٍ ما، أو اقتراح كتابٍ مفيد، وبهذه الطريقة أيضاً يمكنك أنت أن تبني شبكة العلاقات المهنية الخاصة بك. سيزدهر عملك إذا نجحت في بناء صورةٍ مهنيةٍ لنفسك من خلال التواصل الشخصي، و الكتابي، والكلامي، ومن خلال مظهرك وحضورك.

 

المصدر: هنا




مقالات مرتبطة