دعم عملية التوظيف بالبيانات: الطريقة المُثلى للحصول على موظفين مثاليين

هل تتذكَّر تلك الرسومات التي اعتدتَ على تلوينها في طفولتك؟ تلك التي كانت مُقسَّمة إلى أجزاء يحمل كل منها رقماً يُشير إلى لون معيَّن، وبعضها كان يتطلَّب إجراء بعض العمليات الحسابية لاستنتاج الرقم المناسب، فإذا أجريتَ الحسابات بالشكل الصحيح ولوَّنت الأجزاء بما يوافق ذلك، فستحصل على لوحة رائعة مفعمة بالألوان.



أصبحت عمليات التوظيف قليلة الدقة:

تخيَّل الآن لو لوَّنت تلك الرسومات اعتماداً على حدسك وغريزتك ودون إجراء أيَّة حسابات رياضية، هل ستكون النتيجة على نفس القدر من الجمال؟ لا أظن ذلك أبداً.

ينطبق ذلك تماماً على عمليات التوظيف، ففي ظل هذا التنافس العالمي المُحتدم بين الشركات لاكتساب الموظفين الموهوبين؛ يتطلَّب الأمر إنجاز العمل بأسرع وقت، ولا يقضي مسؤولو ومديرو التوظيف سوى بضع لحظات في مراجعة السير الذاتية للمرشحين، لكن مهما كنتَ بارعاً في ذلك، سيبقى حدسك مُضلِّلاً في بعض الأحيان.

لقد نشرت مجلة "هارفرد بزنيس ريفيو" (Harvard Business Review) العام الماضي مقالاً سلَّط الضوء على فكرة هامة، وهي أنَّ البشر بارعون جداً في تحديد المتطلبات التي يحتاج إليها منصب ما، وكذلك في استنباط المعلومات من المرشحين للمنصب، ولكنَّهم سيِّئون للغاية في مقاربة هذه النتائج.

وجد المؤلفون أيضاً أنَّ خوارزميات الحاسوب البسيطة تتفوق على القرارات البشرية بنسبة لا تقل عن 25%، بصرف النظر عمَّا إذا كانت الوظيفة في مواقع تفرض التعامل مع العملاء، أم في طبقات الإدارة الوسطى، أم حتى في الجناح التنفيذي.

ومع أنَّ وجود مديري توظيف يمتلكون غريزة جيدة في اكتشاف الأفراد الموهوبين ما زال يحمل بعض الأهمية، لكن أصبح من الضروري جداً تزويدهم ببيانات موثوقة يُمكنهم الاعتماد عليها عند اتِّخاذ قراراتهم، وخصوصاً فيما يتعلق بتقييم المرشحين وفرزهم وتوظيفهم؛ وذلك لأنَّ الإنسان ببساطة ليس مُهيَّأً لاتِّخاذ القرار دون اللجوء إلى البيانات الضرورية.

شاهد بالفديو: 6 نصائح لتوظيف أفضل موظف ممكن

تجميع البيانات في مصدر واحد:

إنَّ أول ما يجب عليك تحقيقه لكي تصل إلى جودة توظيف عالية هو تجميع البيانات في مصدر واحد، وهذا الدمج ليس بالأمر السهل؛ لأنَّ متخصصي الموارد البشرية وجذب المواهب يعتمدون اليوم على مجموعة واسعة ومتنوعة من الأنظمة؛ بوصفها نظام معلومات الموارد البشرية، ونظام تتبُّع طلبات التوظيف، ونظام تخطيط موارد المؤسسة، ونظام إدارة العلاقة مع العملاء وغيرها من الأنظمة التي يستخدمونها لإدارة موظفيهم الموهوبين الذين هم الأساس الأهم في الشركة.

تُزوِّد هذه الأنظمة الشركات ببيانات عن كل ما يتعلق بالموظفين؛ بدءاً بالمعلومات الديموغرافية العامة مثل تاريخ الميلاد، إلى وسائل جذب المرشحين، ومن سجل التعويضات والمزايا إلى تقييمات أداء الموظفين.

يزداد حجم بيانات الموارد البشرية التي تولدها الشركات يوماً بعد يوم، فقد تستخدم الشركات الكبيرة ما يزيد عن 10 تطبيقات مختلفة لتوليد البيانات في أقسام الموارد البشرية، وفي الشركات متعددة الجنسيات توجد العشرات من أنظمة الموارد البشرية المختلفة، التي تُغطي مناطق جغرافية ووظائف متنوعة، ولكنَّها منفصلة عن الإدارة الرئيسة للشركة.

من الواضح أنَّ الحل هو دمج البيانات التي يتضمنها نظام اكتساب المواهب في نظام معلومات الموارد البشرية للشركة وتحليلهما معاً، والعكس صحيح، ويمكن القيام بذلك في حزمة متكاملة مخصصة لإدارة كلا النوعين من البيانات في وقت واحد، أو يمكن أن يتم ذلك باستخدام برنامج مخصص لدمج البيانات وإدارتها في كل قسم وحده، والذي يُوحِّد لاحقاً البيانات الناتجة من كل قسم في حزمة واحدة.

أصبحت القوى العاملة اليوم أكثر عالميةً وتنقلاً وتنوعاً؛ لذلك من الهام جداً أن تكون جميع هذه الأنظمة قادرة على التآزر والتعاون، ومرة أخرى تحتاج إلى مصدر واحد للبيانات من شأنه أن يدعم المبادرات لإعداد تقارير الموارد البشرية وتحليلات المواهب، وهو ما تم الحديث عنه مطولاً في برنامج "#تي تشات" (#Tchat) على موقع "تالنت كالتشر دوت كوم" (Talentcutlure.com) مع "جين فيليبس كيركوود" (Jen Phillips Kirkwood) سفيرة شركة "إي دي بي" (ADP) للتحليلات والابتكار.

إقرأ أيضاً: عقلية الموارد البشرية

تُعزِّز البيانات قدراتنا:

من خلال السماح لبيانات طلبات التوظيف بالمرور دون عائق بين جميع أنظمة الأعمال الهامة هذه، ستتعزز قدرتك على:

  • تأمين مجموعة ضخمة من المرشحين الموهوبين.
  • تكوين رؤية طويلة الأمد عن القوة العاملة لديك.
  • جمع بيانات قابلة للتنفيذ مباشرةً.
  • توفير الوقت والموارد على مسؤولي ومديري التوظيف.
  • توحيد البيانات ومزامنتها بين جميع أنظمة الموارد البشرية.

لم يَعُد المتخصصون في اكتساب المواهب اليوم يهتمون فقط بتوظيف المرشحين الموهوبين بأسرع وقت؛ بل عليهم أيضاً إيجاد طرائق لرفع جودة التوظيف؛ إذ إنَّ توحيد كل هذه البيانات يُتيح إجراء تحسينات في فاعلية التوظيف في جميع أنحاء المنظمة؛ وهذا يؤثر إيجابياً في الجودة الإجمالية للتوظيف وفي نهاية المطاف في أداء الشركة.

تُعَدُّ "أفانيد" (Avanade) شركةً تقنية تساعد العملاء وزبائِنهم على تحقيق نتائج باستخدام تقنيات من شركة "مايكروسوفت"، وقد أجرت دراسات متطورة جداً عن جودة إجراءات التوظيف التي تستخدمها الشركات حالياً.

ابتكرت "أفانيد" منهجية يمكنها تقييم مقابلات التوظيف في جميع أنحاء العالم، التي تقيس الكفاءات والسلوكات والقدرة التقنية والملاءمة الثقافية في مجموعات القوى العاملة الحالية؛ وسيؤدي ذلك إلى تحسُّن في عمليات التوظيف الجديدة ويساعد على الحد من استقالة الموظفين خلال عامهم الأول.

إقرأ أيضاً: كيف نحقق التنوع في التوظيف؟

جودة تحليلات التوظيف:

تطلَّبت تحليلات جودة التوظيف التي أجرتها الشركة نقاطاً متعددة لجمع البيانات، التي تساعدهم على إجراء الحسابات وتقديم تعديلات مستمرة لضمان جودة الموظفين الجدد، ويتضمن ذلك:

  • متوسط ​​تقييم الأداء للموظفين الجدد في السنة الأولى.
  • النسبة المئوية لما حققه الموظفون مما هو مُتوقَّع منهم في السنة الأولى.
  • إجراء مديري التوظيف استطلاعاً سنوياً للجودة الإجمالية للموظفين الجدد.
  • النسبة المئوية للاحتفاظ بالموظفين خلال السنة الأولى.

إنَّ جودة التوظيف العالية هي أسمى ما تسعى إليه كل عمليات التعيين والتوظيف، وهي ما يطمح إلى تحقيقه جميع الفائزين بجوائز تجربة المرشح.

لقد أجرت مؤخراً "أميليا ميريل" (Amelia Merril)، رئيسة استراتيجية الموارد البشرية في شركة "آر إم إس" (RMS) للتحليل، والفائزة بجائزة تجربة المرشح "كاندي" (CandE) أربع مرات، عرضاً تقديمياً في أول ورشة عمل على الإطلاق عن تجربة المرشحين تحت عنوان "كاندي 101" (CandE 101).

وقالت فيه بكل وضوح: "عليك أن تختار؛ إمَّا أن تلتزم بتجربة المرشح التزاماً كاملاً أو لا تلتزم بها إطلاقاً، ولا تُساوم على جودة التوظيف"، وبالطبع لا توجد طريقة أفضل لتضمن جودة عملية التوظيف من استخدام أنظمة الموارد البشرية الموحدة، وبيانات التعيين والتوظيف الرئيسة، وتحليلات المواهب.

شاهد بالفديو: 6 مهارات يبحث عنها أصحاب العمل عند اختيار الموظفين

يكفي الاعتماد على البيانات:

إحدى الطرائق الممتازة لتحديد جودة عمليات التوظيف في شركتك هي مراقبة معدل استقالة الموظفين الجدد خلال عامهم الأول؛ فغالباً ما تُشير المعدلات العالية خلال فترة زمنية معينة إلى ضعف في عمليات إيجاد أفضل المرشحين أو الاختيار بينهم أو تهيئتهم وإعدادهم، أو مزيجاً من جميع هذه العمليات.

يتعلق الأمر في النهاية بدقتك في تتبع مصادر الحصول على المرشحين الجدد، وقياس الأداء والكفاءات، ومعدل استقالة الموظفين ومعدل الاحتفاظ بهم، والتنوع والشمول، وإمكانات التطوير والقيادة؛ لذلك أَجرِ الحسابات المطلوبة، فجودة موظفيك العالية هي ما يخلق الشركة المثالية.

المصدر




مقالات مرتبطة