دراسة جديدة تدحض أسطورة كبيرة عن السعادة

لقد غيَّر عام 2020 الاستثنائي الطريقة التي يرى الناس السعادة بها، فبعد مراجعة إحصائيات الرضا عن الحياة من عدة بلدان مختلفة، وجد بحث جديد أنَّ العمر أقل أهمية للرفاهية من الثروة والتعليم والصحة والسيطرة.



حيث أشارت دراسة جديدة أعدَّها فيليكس بيتمان (Felix Bitmann) من معهد لايبنيز للمسارات التعليمية (Leibniz Institute for Educational Trajectories) إلى أنَّ العلاقة بين الصحة العقلية والعمر والظروف أكثر تعقيداً مما أشارت إليه البحوث الإحصائية المنشورة سابقاً، إذ غالباً ما تسعى الكثير من هذه البيانات إلى تحديد العمر التقريبي الذي يبدأ فيه الناس بالشعور بمزيد من الكآبة.

طرحت الاستبيانات على مجموعة الأشخاص المُستطلَعة آراؤهم السؤال التالي: إذا أخذنا كل شيء في الحسبان، فما مدى رضاك ​​عن حياتك من جميع النواحي في هذه الأيام؟

وضح "بيتمان" ذلك في بيانٍ إعلاميٍّ قائلاً: "نظراً لأنَّ العمر (الزمني) هو الفترة الزمنية بين تاريخ الميلاد والحاضر، وأنَّ الوقت يمر بالتساوي بالنسبة إلى جميع الكائنات (على كوكب الأرض)، فلا يوجد مبرر جيد إلى إدراج أي متغيرات تضبط العامل الاجتماعي الديموغرافي عند دراسة العلاقة السببية بين العمر والرضا عن الحياة، إذ قد يؤدي إدراج هذه المتغيرات إلى تقييم متحيز".

كما أنَّ معدل التوظيف، وعدم المساواة في الدخل، وعدم المساواة بين الجنسين، ومتوسط ​​العمر المتوقع عند الولادة، أسفرت جميعها عن تأثيرات بارزة في الرضا العام. إضافة إلى ذلك، أخذ التقرير الجديد في الحسبان النسبة المئوية لمستخدمي الإنترنت في الدولة. ومع ذلك، كان السكان أكثر سعادة في المناطق التي تتمتع بإمكانية الحصول على الرعاية الصحية ومزايا التقاعد. قد يكون للعمر تأثير يَمَسُّ بالعوامل الاجتماعية والديموغرافية المذكورة أعلاه ولكنَّ "بيتمان" يرفض العكس فيما يتعلق بأي استنتاجات سببية، فقد أعرب المشاركون في التحليل الجديد الذي بذل جهداً لمعالجة جميع الظروف المعاكسة التي تقع تحت سيطرتهم باستمرار عن أعلى درجات الصحة العقلية.

شاهد بالفديو: 8 طرق لإعادة إحياء السعادة في حياتك

ذكر "بيتمان" في التقرير: "لا يزال تصنيف وشرح العلاقة السببية والوظيفية بين العمر والرضا عن الحياة - ولا سيما في سياق دولي - مسألة رئيسية مفتوحة في علم التركيبة السكانية وبحوث السعادة، ولا سيما أنَّ الجدل حول ما إذا كان يجب تضمين متغيرات التحكم الاجتماعي الديموغرافي في هذه النماذج قد حظي باهتمام كبير ويستحق مزيداً من المناقشة". تنظر المساهمة الحالية إلى الأمر نظرةً شاملة، وتحاول تصنيف البلدان إلى مجموعات أكبر، اعتماداً على شكلها الوظيفي المحدد، حيث تُبين التحليلات - باستخدام بيانات مقطعية من إحدى وثمانين دولة مع أكثر من مئة وسبعين ألف مشاركاً - وجود ثلاث مجموعات أكبر تُظهر علاقات وظيفية مميزة (تراجع خطي، وشكل U، وتراجع مع فترة شيخوخة مستقرة). يبدو أنَّ هناك ارتفاعاً في مستويات السعادة للمواطنين المتزوجين في منتصف العمر والمتخرجين من الجامعات، حيث تقدم دراسة جديدة أعدَّها ديفيد جي بلانش فلاوير (David G.Blanchflower) ثلاثة أسباب مترابطة محتملة إلى هذه النتيجة.

إقرأ أيضاً: السعادة: "الغاية التي ينشدها الجميع"، كيف نصل إليها؟

يمتلك الأشخاص الأصغر سناً طموحاتٍ رفيعة. بالطبع، هذه الطموحات تتحقق فقط لعدد قليل من المحظوظين. وبالتالي، قد يؤدي العيش في حالة مستمرة من الأحلام غير المحققة إلى تعكير المزاج. وبالمثل، لا يعيش الأشخاص التعيسون نفس المدة التي يعيشها الأشخاص الراضون عموماً. يضمن هذان العاملان أنَّ أولئك الذين يعيشون بعد منتصف العمر يضبطون توقعاتهم إلى حد كبير للوصول إلى حياة أكثر سعادة، بينما أولئك الذين لا يفعلون ذلك، يستسلمون إلى لاضطرابات.

أخيراً، يقترح هذا التقرير تحديداً وجود تأثير متناقض يرافق الشيخوخة، فكلما طال عمر الناس، زادت المآسي التي يشهدونها، مما يجعلهم أكثر امتناناً إلى الأشياء التي يمتلكونها.

توصل البحث في النهاية إلى ما يلي: "يتعلم الأفراد التكيف مع نقاط قوتهم وضعفهم، وفي منتصف العمر يُخفِّضون مستوى تطلعاتهم غير القابلة للتحقيق. ثانياً، قد يعيش الأشخاص المبتهجون فترةً أطول عادةً من الأشخاص البائسين، ويعيشون بسعادة أقل في منتصف العمر، مما يجعلهم يتتبعون جزئياً تأثير الاختيار. والثالث هو عملية المقارنة، إذ إنَّ المآسي التي رأوها في صغرهم، قد تجعلهم يقدَّرون النعم التي يمتلكونها في الوقت الحالي.

المصدر




مقالات مرتبطة