داء "قدم يد وفم": الأسباب، والأعراض، والتشخيص، والعلاج

تنتشر الأمراض الفيروسية بين الأطفال خصوصاً نتيجة أسبابٍ عدَّة، فكما نعلم يختلط الطفل بالكثير من الأطفال سواءً في المدرسة أم الحضانة أم الحديقة وغيرها من الأماكن التي تعج بالفيروسات والجراثيم الموجودة في الطبيعة والبيئات الملوثة، والتي تنتقل إليهم عن طريق التلامس المباشر مع الأدوات الملوثة أو تناول الأطعمة الملوثة أو شرب المياه غير النظيفة أو انتقال العدوى من طفلٍ مصابٍ إلى آخرٍ وغيرها.



ومن الأمراض الفيروسية الشائعة وخاصةً عند الأطفال؛ هو مرض "قدم يد وفم" وسنتعرَّف إليه في هذا المقال.

ما هو مرض "قدم يد وفم"؟

يُعَدُّ مرض "قدم يد وفم" مرضاً يحدث نتيجة عدوى فيروسية؛ إذ يظهر على شكل آفات مؤلمة على القدمين واليدين والفم، ومن هنا جاءت تسميته بهذا الاسم، ويصيب هذا المرض الأعمار كافة ولكن ينتشر بين الأطفال أكثر، وفي أوقات الصيف وأوائل فصل الخريف.

أسباب مرض "قدم يد وفم":

السبب الرئيس والشائع لمرض "قدم يد وفم" هو أحد الفيروسات التالية:

  • "فيروس كوكساكي" Coxsackie-Virus، A6 أو A10 أو A
  • "فيروس إنتيرو" Entero-Virus، EV

وتعود هذه الفيروسات إلى فصيلة الفيروسات "البيكورناوية" Picornaviriadae وهي فيروسات إيجابية لا تملك غلافاً، وتحوي RNA وحيد السلسلة ويصنَّف من الفيروسات المعوية والأنفية، وتشمل هذه الفصيلة أيضاً فيروس شلل الأطفال والإيكو فايروس.

أعراض مرض "قدم يد وفم":

تبدأ الأعراض بالظهور بعد مرور فترة بين 3 أيام إلى 7 أيام من العدوى؛ وهي ما يسمى فترة حضانة الفيروس، وتستمر الأعراض لمدة أربعة إلى ثمانية أيام وتكون على الشكل التالي:

  • ارتفاع الحرارة.
  • ألم واحمرار في الحلق.
  • الإحساس بعدم الراحة.
  • بثور حمراء موجعة على السطوح الداخلية للخدين واللثة واللسان والحنك.
  • تقرحات مؤلمة وطفح أحمر اللون يظهر على الذراعين وراحتي الكفين والساقين وأخمص القدمين، ولكن ليس من الضروري أن يكون الطفح حاكاً دائماً.
  • الهياج والبكاء وقلة النوم عند الأطفال والرضع.
  • صعوبة وألم عند البلع.
  • غثيان.
  • انخفاض الشهية على تناول الطعام.

طريقة العدوى بمرض "قدم يد وفم":

العدوى تحدث عند دخول الفيروس إلى الجسم بالطرائق التالية:

  • عند ملامسة أو مصافحة المريض المصاب به.
  • استخدام أدوات المريض الشخصية.
  • التعرُّض إلى إفرازات المريض، كمفرزات الأنف واللعاب والبول والبراز والسوائل الخارجة من البثور والقروح.
  • التعرُّض إلى الرذاذ المنتشر من سعال المريض أو عطاسه.
  • ذروة العدوى تكون في الفترة الأولى من المرض، ولكن يستمر وجود الفيروس ضمن الجهاز الهضمي لمدةٍ تصل إلى شهر بعد التعافي؛ لذا يبقى خطر العدوى بمفرزاتِ المريض قائماً حتى بعد الشفاء.

وكما ذكرنا في البداية أنَّ المرض لا يصيب الأطفال فقط؛ وإنَّما يصيب البالغين أيضاً إذا كانت مناعتهم ضعيفةً، وفي الكثير من الأحيان يكون المريض غير عرضي، ولكنَّ هذا لا يعني أنَّ المصاب غير العرضي لا يُعدي؛ بل يستطيع نقل العدوى إلى جميع من حوله وبالأخص الأطفال.

شاهد بالفديو: 4 أسلحة لمحاربة الفيروسات

تشخيص مرض "قدم يد وفم":

يبني الطبيب تشخيصه على ثلاثة عوامل وهي؛ عمر المصاب والأعراض المتظاهرة وشكل وبنية البثور والتقرحات على الجلد والفم.

عادةً أعراض هذا المرض سهلة ويُعَدُّ سهل التشخيص؛ وذلك بسبب الشكل المتميز للبثور وتوضعها على اليد والقدم والفم معاً، ولكن يكمن التشخيص الدقيق بأخذ مسحةٍ من البلعوم الفموي لزرعها ومعرفة نوع الفيروس، وفحص عينةِ برازٍ للهدف نفسه وتحليل تعداد دموي عام CBC لملاحظة أي تغيرٍ في الصيغة؛ كزيادة تعداد الكريات البيض والخلايا اللمفاوية وارتفاع قيمة ال CRP البروتين التفاعلي سي C-Reactive Protein.

علاج مرض "قدم يد وفم":

هذا النوع من الإنتانات الفيروسية ليس له علاج نوعي كمضادٍ فيروسيٍ خاصٍ به، وغالباً ما يُشفى منه المصاب دون علاج يذكر، ولكن يصف الطبيب بعض الأدوية لتخفيف الأعراض كالإيبوبروفين والباراسيتامول كخافضات حرارةٍ ومسكنات ألم، وبعض المراهم المضادة للحكة لتهدئة التهيج في التقرحات والبثور، بالإضافة إلى الستريبسلز الذي يخفف من ألم الحلق ويعمل على تهدئته، وكذلك يُنصَح باتباع الأساليب التالية:

  • تجنُّب خدش البثور والتقرحات كي لا تترك ندبةً ولتخفيف خطر العدوى.
  • شرب الكثير من السوائل الباردة لدورها في تهدئة آلام القروح الفموية ومنع حدوث الجفاف.
  • تجنُّب تناول الأطعمة المبهَّرة والمالحة والحامضة؛ كي لا تزيد تهيج القروح داخل الفم.
  • استعمال الغسول الفموي ومسكنات الألم الموضعية لتخفيف آلام القروح الفموية.
  • المضمضة بالماء الدافئ والملح بعد كل وجبة يُهدئ ويخفف من آلام الحلق أيضاً.

الوقاية وضبط العدوى من مرض "قدم يد وفم":

للوقاية من مرض "قدم يد وفم" وأي مرض آخر يرجى اتباع النصائح التالية:

  • اغسل يديك لمدة 20 ثانية على الأقل بعد لمس المصاب وأدواته ومفرزاتهِ وخاصةً الأطفال بعد تغيير الحفاضات واستخدام المرحاض.
  • عقِّم ونظِّف بشكل دوري الأماكن التي يلعب بها الأطفال والمراحيض وأماكن تغيير الحفاضات وأماكن الطعام في الحضانات والمنازل.
  • تخلَّص من الحفاضات بشكل آمن واغسل الملابس بشكل دوري.
  • علِّم الطفل أساليب النظافة كغسل اليدين بعد استخدام المرحاض وقبل الطعام وعدم وضع أي شيء داخل الفم، وعدم استعمال أدوات الآخرين أو إعارة أدواته الشخصية لأحد.
  • علِّم الطفل وضع منديلٍ عند السعال والعطاس أو استخدام كم سترته.
  • طبِّق العزل الصحي لأي طفلٍ لضبط العدوى ومنع انتشارها ولا تسمح لهم بالذهاب إلى المدرسة أو الحضانة طيلة فترة مرضه.
إقرأ أيضاً: 6 نصائح لحماية طفلك من الأمراض المعدية في المدرسة

مضاعفات مرض "قدم يد وفم":

نتيجة التقرحات الفموية والتهاب الحلق وصعوبة البلع والألم وفقدان الشهية وقلة تناول السوائل؛ يُخاف من حدوث الجفاف ويُعَدُّ من أكثر المضاعفات شيوعاً في مرض "قدم يد وفم"، ويُدارك هذا الأمر قبل حدوثه عن طريق إجبار الطفل على ارتشاف السوائل الباردة كل حين؛ كي لا نصل إلى ضرورة تسريب سوائل وريدية في حال زادت حدة الجفاف.

عادة هذه العدوى لا تحتاج إلى علاج وتُشفى بعد أيامٍ عدَّة، وتترافق كما قلنا مع بعض الأعراض كارتفاع الحرارة والتقرحات الجلدية والفموية، ولكن من الممكن حدوث أحد المضاعفات التالية على الرغم من ندرتها وهي:

  • الالتهاب السحائي الفيروسي: وهو عدوى تصيب الأغشية السحائية المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي.
  • التهاب المخ: ويُعَدُّ هذا الالتهاب ذا إنذار سيئ وخطر على الحياة.

العلاجات الطبيعية لمرض "قدم يد وفم":

توجد العديد من الأساليب الطبيعية التقليدية التي أفادت تجربتها في التسريع من الشفاء وتخفيف أعراض مرض قدم يد وفم ومنها:

  • الزيوت: للزيوت المختلفة فوائد كثيرة كزيت الزيتون وزيت السمسم وجوز الهند الغنيَّين بمضادات الأكسدة والفيتامينات الهامة للجسم؛ إذ تُستعمَل في هذا المرض عن طريق دهنها على التقرحات داخل الفم وتُترَك لبضع دقائق ثم تُبصَق، وتكرر هذه العملية كل يوم.
  • زيت السمك: بما يحتويه من عناصر مفيدةٍ وعلى رأسها الأوميغا 3 وفيتامين A,D,E وقدرته على صد الجراثيم والفيروسات، ويتناوله الطفل بمزجه مع العصائر أو الحليب لتقبل طعمه.
  • حليب جوز الهند: إنَّ حليب جوز الهند غني بمضادات الأكسدة والكثير من الفيتامينات والمعادن التي تقوي المناعة وحمض اللوريك المعروف بقدرته على مواجهة الفيروسات، ويُعطَى للطفل بارداً ليخفف من التهيج في فمه ويمنحه شعوراً بالراحة.
  • زيت زهرة اللافندر: يُعَدُّ مضاداً طبيعياً للفيروسات وله خواص مطهرة ومهدئة تجعل الطفل يسترخي وينام بشكلٍ جيدٍ؛ وذلك عن طريق إضافته إلى مياه استحمامه أو رشه كملطف جو في الغرفة.
  • العرقسوس: استُعمِل العرقسوس قديماً في الطب العربي لقدرته على تغليف البلعوم والمريء والمعدة بغلافٍ مخاطيٍ؛ وهذا يساعد على تهدئة التهيج في التقرحات داخل الفم، بالإضافة إلى أنَّه استُعمِل كعلاجٍ للإنتانات الفيروسية المختلفة لاحتوائه على مادة الترايتيربينويد المقوية للمناعة.
  • زيت الليمون: هو زيت يشبه زيت زهرة اللافندر، ويُعَدُّ مغذياً ومرطباً ممتازاً للبشرة ومضاداً للفيروسات ويمكن تطبيقه موضعياً على التقرحات والبثور بمزجه مع أنواع أخرى من الزيوت كزيت الزيتون وغيره.
  • استخدام أملاح الإبسوم: تُستَعمل أملاح الإبسوم بإضافتها إلى ماء استحمام الطفل وتعمل على تخفيف الحكة والتهيج في البثور والتقرحات الجلدية وتسريع عملية الشفاء، ومن الممكن إضافة زيت الليمون أو اللافندر مع الأملاح إلى المياه لزيادة شعور الطفل بالراحة والاسترخاء.
  • المضمضة والغرغرة بالماء المالح: تعليم الطفل على المضمضة والغرغرة بالماء الدافئ والملح بوضع كأس من الماء الدافئ وإضافة نصف ملعقة صغيرة من ملح الطعام إليها؛ إذ إنَّ للمياه المالحة قدرة على التعقيم وتخفيف الالتهاب والألم وتسريع عملية الشفاء.
  • تناول الثوم: يقي تناول الثوم بانتظامٍ من أكثر من 70 مرضاً لما له من فوائدٍ في تقوية جهاز المناعة وغناه بالفيتامينات ومضادات الأكسدة ونسب عالية من مركبات الكبريت؛ لذا يمتاز بقدرته على صد الجراثيم والفيروسات، ويُعرَف أيضاً بأنَّه عبارة عن صادٍ حيويٍ طبيعيٍ ويجب ألَّا يخلو طعام الطفل منه؛ إذ إنَّ تناوله سيمده بالقدرة على مواجهة أمراض كثيرة والتصدي لها.
  • شاي الزنجبيل بالعسل: يتضمَّن الزنجبيل الكثير من العناصر التي تقي من الإنتانات وتعزز صحة القلب والمناعة؛ إذ يُعَدُّ شاي الزنجبيل بالعسل ذا تأثيرٍ مُرخٍ ومهدئٍ للألم، ويمكن للطفل تناوله بعد غلي الزنجبيل مع الماء وتبريده وإضافة العسل إليه.

خلاصة الموضوع أنَّ مرض "قدم يد وفم" ليس من الأمراض الخطيرة ومعظم حالاته لا تحتاج إلى أي علاج؛ وإنَّما من الممكن فقط تخفيف الأعراض وتسكينها بطرائق عدَّة كما ذكرنا آنفاً، ومع اتِّباع أساليب الوقاية والحذر في التعامل مع المصابين وتعليم الأطفال وسائل النظافة الشخصية، ستضبط حلقة العدوى.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة