خطوات للتخلص من الأفكار السلبية

أريد أن أسألك سؤالاً، كم ساعة تفكِّر خلال اليوم؟ قد تجيب: "لم أفكِّر في ذلك أبداً"، وهذا يدفعني إلى التساؤل، أنت تفكِّر طوال الوقت، ومع ذلك لا تفكِّر أبداً في مقدار الوقت الذي تقضيه في التفكير، ويبدو ذلك كأنَّه إدمان بالنسبة إليَّ؛ لأنَّني مدمن على التفكير أيضاً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في التوقف عن التفكير الزائد والتخلُّص من الأفكار السلبية.

  1. عندما أتناول الكثير من الطعام، يمكنني أن أقول: "أنا أفرط في تناول الطعام؛ لذا أنا أحتاج إلى تناول كميات أقل".
  2. عندما أعمل كثيراً، يمكنني أن أقول: "أشعر بالإرهاق، وأنا أحتاج إلى التوقف عن العمل".
  3. عندما أشرب الكثير، أستطيع أن أقول: "أريد أن أتوقف، أحتاج فقط إلى زجاجة ماء".

عندما أفكِّر كثيراً، لا أستطيع أن أقول: "أنا أفكِّر كثيراً" وأحتاج إلى نهج مختلف لإزالة الأفكار السلبية من عقلي، فالمشكلة هي أنَّنا لا نعدُّ الإفراط في التفكير مشكلة، فعندما يقول شخص ما إنَّ الإفراط في التفكير أمر سيئ، نفترض غالباً أنَّ الأفكار السلبية فقط هي الخاطئة، وبهذا التعريف، هذا يعني تلقائياً أنَّ الأفكار الإيجابية جيدة.

هذا هو خطأ التفكير الذي فعلته في الماضي، وسأخبرك لماذا من الخطأ افتراض أنَّ الأفكار الإيجابية جيدة، لكن لنتحدث أولاً عن الفرق بين الأفكار الإيجابية والأفكار السلبية.

الفرق بين الأفكار الإيجابية والأفكار السلبية:

أظنُّ أنَّ معظمنا يتفق على أنَّ الأفكار السلبية مرتبطة بما يأتي:

  1. القلق.
  2. الشكوى.
  3. الغضب.
  4. الشعور بالأسف على نفسك.
  5. لوم الآخرين.

يمكننا أيضاً أن نتفق على أنَّ الأفكار الآتية تعدُّ إيجابية:

  1. محاولة حل المشكلات.
  2. الدراسة.
  3. فهم المعلومات.
  4. التخطيط.
  5. التصور.
  6. وضع الأهداف.

ما تقوله معظم نصائح المساعدة الذاتية يجب التخلُّص من الأفكار السلبية وتعزيز الأفكار الإيجابية، وعندما تفكِّر في الأمر تبدو أنَّها نصيحة جيدة، فبعد كل شيء الأفكار السلبية تجعل حياتنا أسوأ، والأفكار الإيجابية يجب أن تجعل حياتنا أفضل، أليس كذلك؟

أتمنَّى لو كان ذلك صحيحاً، فالحقيقة هي أنَّك عندما تُفرط في التفكير يُستنزَف عقلك ويتبلَّد، وتصيبك ضبابية التفكير وتتخذ قراراتٍ سيئة.

شاهد بالفيديو: تعرّف على آلية مواجهة الأفكار السلبية لعيش حياة إيجابية وسعيدة

أنت لست أفكارك:

حياة الإنسان هي نتاج أفكاره، وقد عبَّر عن ذلك الإمبراطور الروماني "ماركوس أوريليوس" (Marcus Aurelius) في كتابه "تأملات" (Meditations) بأفضل طريقة: "حياتنا هي ما تصنعه أفكارنا".

تحدِّد جودة أفكارنا شكل حياتنا وما نحن عليه؛ إذ يفترض معظمنا أنَّنا نتاج أفكارنا، فنقول دائماً: "حسناً، لا يسعني إلا التفكير في هذه الأشياء، فهذا أنا"، لكن لا، هذا ليس أنت؛ إذ يمكنك تحديد الأفكار التي عليك تجاهلها في عقلك، وأحب الطريقة التي عبَّر بها المعلم الألماني "إيكهارت تول" (Eckhart Tolle) في كتابه "قوة الآن" (The Power Of Now): "بداية الحرية هي إدراك أنَّك لست ملكٌ لأفكارك".

فالطريقة الوحيدة للتوقف عن تعريف نفسك بأفكارك هي التوقف عن متابعتها؛ لذا قرِّر بدلاً من ذلك أن تعيش اللحظة الراهنة وما فيها من أحداث دون أن تُتعب نفسك بالتفكير فيما هو آتٍ.

كيف تعيش في اللحظة الحالية؟

التفكير أداة، وبدلاً من استخدام هذه الأداة طوال الـ 16 أو 17 ساعة التي تكون فيها مستيقظاً، استخدمها فقط عندما تحتاجها، وإليك فيما يأتي عملية مكونةً من أربع خطوات استخدمتها للتوقف عن التفكير الزائد:

1. رفع مستوى وعيك طوال اليوم:

حاول أن تُدرك دائماً أنَّ الكثير من التفكير يفسد الهدف.

إقرأ أيضاً: 10 أفكار سلبية تراودنا جميعاً، فكيف يمكننا استبدالها؟

2. عندما ترفع من مستوى الوعي، ابدأ فوراً في مراقبة أفكارك:

عندما تبدأ بالتفكير، حاول ألا تُتابع أفكارك، راقب فقط كيف تبدأ عملية التفكير، وعندما تفعل ذلك ستتوقف تلقائياً عن الإفراط في التفكير.

3. احصر تفكيرك على اللحظات المحدَّدة التي تحتاج إليها فحسب:

على سبيل المثال، عندما ترغب في تحديد أولوياتك اليومية، حاول تخصيص وقت محدَّد للتفكير فيها، فقد يستغرق ذلك 5 دقائق يمكنك استثمارها استثماراً جيداً لمتابعة أفكارك، أو استثمار وقت كتابة اليوميات للتفكير فيما تكتبه؛ إذ إنَّنا نحاول تجنُّب التفكير المستمر، فنحن لا نريد أن نتحول إلى فلاسفة.

إقرأ أيضاً: كيف تتخلص من الأفكار السلبية إلى الأبد؟

4. الاستمتاع بحياتك:

اترك كل أفكارك عن الأمس وغداً، فبصرف النظر عن مقدار ما تريد تحقيقه في المستقبل، وبصرف النظر عن مقدار معاناتك في الماضي، انظر بعين التقدير إلى حياتك واستمتع بها.

ليست هنالك حاجة إلى أن أخبرك كم هو رائع أن تكون على قيد الحياة وأن تستمتع بكل لحظة تعيشها، لكن هذا لا يعني أنَّني أقول لك: "استمتع بغسل الأطباق"، فهذا ليس أسلوبي، أنا لا أستطيع أن أخدع نفسي هكذا، لكن أحاول أن أستمتع باللحظة الحالية بطريقة مختلفة؛ لذا أتجاهل كل فكرة تمر في ذهني، فبينما أفعل شيئاً لا أحبه حقاً كغسل الأطباق، أفعل ذلك دون تفكير.

لكن، عندما أقوم بمهامٍ أو نشاطاتٍ أحبها حقاً، أحاول الاستمتاع بها قدر الإمكان، وأُعطي كامل اهتمامي للحظة التي أعيشها، سواء كنت أستمع إلى الموسيقى، أم أشاهد فيلماً، أم أقضي وقتي مع العائلة والأصدقاء، ولا أفكِّر في أهدافي أو في إخفاقاتي أو حتى فيما عليَّ فعله في اليوم التالي.

أنا هنا في هذه اللحظة بالذات، تماماً مثل اللحظة التي تستغرقها أنت الآن في قراءة هذه الكلمات، فما ذهب، ذهب إلى الأبد؛ لذا حاول أن تُدرك ذلك على مستوى أعمق، ولن تجرؤ أبداً على مغادرة الحاضر.

المصدر




مقالات مرتبطة