خطوات تهيئة الطفل لدوام أول يوم في المدرسة

تُعَدُّ تربية الطفل تلك العملية الهامة التي تبدأ منذ ولادته وحتى وصوله إلى سن البلوغ من أصعب المهام التي يقوم بها الإنسان، ولكنَّها الأمتع على الإطلاق في الوقت ذاته، ففي كل مرحلة من مراحل النمو نتعلم من الطفل كما يتعلم منا الكثير من الأشياء، وكل مرحلة من مراحل حياته لا تقل أهمية عن سابقتها، فقد يعتقد بعض الناس أنَّهم سيرتاحون في التعامل مع ابنهم عند تخطيه لمرحلة الطفولة، ولكنَّ مرحلة المراهقة لا تقل أهمية عن الطفولة، ومهمة الأهل في كل مرحلة من المراحل هي الدعم النفسي والمعنوي الذي يساعد الطفل على بناء شخصيته وتطوير ثقته بنفسه وبقدراته ليصبح قادراً على الاعتماد على ذاته فقط في خوض مختلف التجارب الجديدة وفي مواجهة مصاعب الحياة.



لأنَّ ذهاب الطفل إلى المدرسة لأول مرة يُعَدُّ تجربة جديدة سوف تستمر لسنوات عديدة فقد ينتابه الخوف أو القلق حولها؛ فلا بد من تهيئته سابقاً لها وخاصةً إن كان الطفل الأول في المنزل ولم يسمع سابقاً عن قصص المدرسة من إخوته، حينها تُعَدُّ المدرسة مكاناً غامضاً بالنسبة إليه، لذلك سنوضح لكم في مقالنا الحالي كيفية التعامل مع الطفل وتهيئته للذهاب في يومه الأول إلى المدرسة بحماسة بعيداً عن القلق المرتبط بابتعاده عن أهله وخاصةً والدته لساعات عدة صباحاً والمرتبط أيضاً بالاستيقاظ باكراً إن لم يكن معتاداً على ذلك.

خطوات تهيئة الطفل لدوام أول يوم في المدرسة:

أول يوم في المدرسة للطفل من أهم الأيام بالنسبة إلى سنه وأصعبها إن لم تتم تهيئته جيداً، حتى إنَّه قد يمتنع عن الذهاب في الصباح، لذلك لا بد من تهيئته مسبقاً والخطوات الآتية تساعد الأهل على ذلك:

1. الانتباه إلى طريقة الحديث عن المدرسة:

تؤدي طريقة الحديث عن المدرسة أمام الطفل دوراً كبيراً في الصورة التي تتشكل في ذهنه عنها، فبعض الأمهات يتحدثن أمام الطفل عن سعادتهن في التخلص من الطفل لساعات عدة يومياً بعد تشكيله عائقاً في وجه إنهاء مهامهن المتراكمة، أو تخبر الأم طفلها أنَّ المدرسة لن تسمح له بالتحرك كما يريد؛ بل يتم عقابه إن تحرك أو تكلم في أثناء تلقي الدرس، أو قد يعطي أحد أفراد العائلة رأيه السلبي بهذه المدرسة أو المدارس عموماً في البلاد وعن الخدمات التي لا تعجبه، فكل ما سبق يُشعر الطفل بأنَّه ذاهب إلى مكان سيئ جداً.

2. الجلوس مع الطفل والتحدث إليه:

من الضروري الجلوس مع الطفل والتحدث عن المدرسة وإخباره أنَّه سيتعلم أشياء جديدة وسيقابل الكثير من الأطفال، ومن ثمَّ سيكون لديه الكثير من الأصدقاء وسيلعبون معاً، ولا ضرر من جعله يشاهد بعض المقاطع المصورة المخصصة للأطفال التي تتحدث عن المدارس ليرى الأجواء التي تنتظره.

يُفضَّل أيضاً قراءة الكتب والقصص التي تتعلق بالمدرسة والأحداث الطريفة بين الأطفال فيتحمس ليعيش هذه الأحداث، إضافة إلى ذلك من الضروري معرفة ما يدور في ذهنه من أفكار وتخيلات ومخاوف، فقد تكون لديه صورة خاطئة كوَّنها نتيجة سماع أحدهم يتحدث عن المدرسة وخاصةً إن كان لديه أخ أكبر منه يحدثه عما يحدث في المدرسة كي يتم تصحيح الأفكار الخاطئة وتوضيح الأمور المبهمة بالنسبة إليه.

3. اختيار المدرسة:

عندما يكون باستطاعة الأهل اختيار المدرسة التي سيتلقى طفلهم التعليم فيها، من الأفضل اختيار مدرسة قريبة؛ وذلك لأنَّ المسافة التي سيقطعها الطفل في الذهاب إلى مدرسته والإياب يجب أن تكون قصيرة كي لا يصاب بالنفور من الذهاب إلى المدرسة ويشعر بالاستياء والكره لهذه التجربة الجديدة.

شاهد بالفيديو: 7 معايير أساسية لاختيار المدرسة الأنسب لطفلك

4. تحضير مستلزمات المدرسة:

يقوم الكثير من الآباء بشراء ما يلزم للطفل من أدوات مدرسية دون اصطحابه لكونهم على دراية تامة بما سيحتاجه في السنة الأولى له في المدرسة، ولكنَّ هذا التصرف يقلل كثيراً من حماسة الطفل، فالأفضل أن يُصطحَب الطفل إلى السوق وتُشترى الأشياء التي يحتاجها من أقلام ودفاتر وحقيبة بناءً على رغبته دون إظهار الضجر أو الاستياء له إن استغرق الأمر وقتاً، فيجب على الأهل أن يعطوه الكثير من الوقت كي يختار ما يعجبه، كما يمكن تحضير غرفته كتجهيز ركن مخصص للدراسة؛ إذ يتم شراء طاولة وكرسي مريح له ووضع بعض الملصقات التي تشجع على الدراسة على الحائط.

5. تهيئة أفراد العائلة جميعاً لليوم الأول في مدرسة:

يجب على الأهل تهيئة الطفل للمدرسة قبل موعدها بفترة زمنية لا تقل عن أسبوعين ليتم تنظيم حياته، ويشمل ذلك تنظيم مواعيد الخلود إلى النوم والاستيقاظ صباحاً ومواعيد تناول الفطور، فإن لم تتم تهيئة الطفل مسبقاً فسيجد صعوبة كبيرة في الاستيقاظ في أول يوم في المدرسة، والتصرف الصحيح هو أن تتم تهيئة الأسرة بأكملها كي لا يشعر الطفل وكأنَّه معاقب أو على الأقل التظاهر أمامه بأنَّ الجميع ذاهب إلى النوم في الوقت نفسه.

6. اصطحاب الطفل إلى المدرسة:

يُفضَّل ألا يكون أول يوم في المدرسة للأطفال اليوم الذي يتم فيه التعرُّف إلى المدرسة وغرفة الصف والمعلم؛ إنَّما يفضل اصطحابه مسبقاً إلى المدرسة قبل بدء الدوام الرسمي وتعريفه إلى غرفة الصف وإلى المرافق في المدرسة والتعرف إلى المعلمات والمعلمين إن أمكن ذلك؛ كي يخفف ذلك من رهاب أول يوم في المدرسة، لكن من الهام عدم التحدث عن عيوب الطفل أو ظروفه الخاصة على مسمعه بهدف توصية المعلمين فيه، فهذا يشعره بالحرج ويقلل من ثقته بنفسه، والأفضل إن كانت لديه ظروف خاصة التحدث إلى المعلم دون علم الطفل بذلك.

7. عدم توصية أحد فيه:

قد يكون له إخوة أكبر منه في المدرسة ذاتها أو أقرباء أو غير ذلك فتقوم الأم بتكليفهم بالانتباه إليه وملازمته، لكن بخلاف اعتقادها فهذا التصرف لا يساعد على تقوية شخصيته؛ إنَّما يتسبب بتخويفه مما ينتظره في المدرسة؛ لذا يجب تركه ليتعرف بنفسه إلى المدرسة.

8. تجهيز بعض الأشياء اللذيذة:

يمكن التجهيز في اليوم السابق للاحتفاء بعودته في اليوم الأول للمدرسة، ويُفضَّل أن يشارك الطفل في التجهيز؛ إذ يتم تحضير الأكلات التي يحبها كي تزداد حماسته لإتمام يومه الأول كما يرغب والداه دون خوف.

9. عدم التعاطف الشديد معه:

من الضروري أن يشعر الطفل أنَّ ذهابه إلى المدرسة وابتعاده لساعات عدة يومياً عن المنزل أمر طبيعي وسيخوض الجميع هذه التجربة، فمن الخطأ البكاء أمامه أو المبالغة في الأحضان والتقبيل وخاصةً قبل ذهابه صباحاً إلى المدرسة، فهذا الأمر يثير مشاعره ويصبح من الصعب إقناعه بجمال المدرسة ومتعتها.

10. مساعدته على اكتساب صداقات:

من خلال الحرص على توفير بيئة اجتماعية له عن طريق مساعدته على التعرف إلى أطفال من سنه من خلال تقرُّب الأهل من المعارف والأصدقاء والجيران ممن لديهم أطفال بنفس سنه، وعند إخبار الطفل لأهله أنَّه يحب اللعب مع طفل ما لا يجب انتقاد أصدقائه انتقاداً مباشراً وإجباره على التقرب من أطفال بعينهم، إضافة إلى عدم مقارنته بطفل آخر؛ بل تقبُّله كما هو ومساعدته على إظهار أفضل ما لديه دائماً.

إضافة إلى ذلك فإنَّ اصطحاب الطفل إلى بعض النشاطات الاجتماعية يساعد على تنمية شخصيته وتعزيز قدرته على اكتساب الصداقات حتى عندما يكون في عمر صغير، وإن كان الطفل يتحدث باستمرار عن مشكلات في اللعب مع أطفال آخرين يجب عليك مراقبة ما يحدث لمعرفة الخلل الموجود ومعالجته.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح تُساعد طفلك للذهاب إلى المدرسة بدون خوف

11. مرافقته في اليوم الأول إلى المدرسة:

لأنَّ وجود الأم أو الأب إلى جانبه يُعَدُّ دعماً معنوياً لا يمكن لشخص آخر في الحياة تقديمه، فتقل بذلك مشاعر القلق والتوتر والخوف وتزداد ثقته بنفسه ليدخل إلى صفه بكل حماسة، كما أنَّ انتظار أحد الأبوين له أمام باب المدرسة عند الخروج في اليوم الأول يُشعره بالسعادة والامتنان كثيراً وخاصةً إن كان يحمل له شيئاً يحبه كالشوكولاتة أو غيرها، ويقتصر ذلك على اليوم الأول فإن اعتاد على ذلك فقد يصبح قليل الثقة بالنفس أو مغروراً، فيقع الأهل في مشكلة.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لتسهيل رحلة الأطفال الذين يبدؤون المدرسة أول مرة

في الختام:

أول يوم مدرسة للأطفال كان وما زال يوماً هاماً يجب التخطيط له جيداً وتهيئة الطفل له مسبقاً؛ وذلك للتقليل من الخوف والقلق المتعلق بالمرحلة الجديدة من حياته التي سيبتعد فيها عن أهله ومنزله لساعات عدة يومياً، وتهيئة الطفل هي من واجبات الأهل في الدرجة الأولى فحتى إن كانت المدرسة جميلة والمدرسون لطفاء قد لا يتأقلم بسهولة إن لم يكن محضَّراً جيداً لهذا اليوم.

من أهم خطوات تهيئة الطفل لليوم الأول في المدرسة الانتباه إلى طريقة الحديث عن مدرسته، فلا يجب التحدث بسلبية أو إظهار الحزن لابتعاده أو حتى الفرح، كما يجب على الأهل السماح له باختيار أدواته بنفسه، واصطحابه مسبقاً إلى مكان المدرسة للتعرف إليها، والسماح له بتكوين صداقات من محيط العائلة لتصبح شخصيته أقوى، لكن من الضروري عدم توصية شخص ما بالانتباه إليه على مسامعه سواء معلميه أم إخوته أم أي شخص من أقربائه، فذلك يُشعره بالإحراج والخجل كثيراً، كما يجب على أحد الأبوين إيصاله إلى المدرسة في اليوم الأول وعدم المبالغة في توديعه ليحافظ على الشعور بالراحة والاطمئنان طيلة يومه الأول في المدرسة.




مقالات مرتبطة