لقد قرأ لعدة سنوات، ومارس العمليات التي تُدرَّس في المدرسة لتحديد أسباب ذلك وإيجاد العلاج، ومع ذلك لم يكن راضياً في نهاية دراساته عن نتائج تدريبه، وأبلغ مدير المدرسة بأنَّه سيغادر.
رحلة المعرفة:
التحق سيد في وقت لاحق بمركز آخر للتعلم مصمماً على إيجاد العلاج، ومرةً أخرى كرَّس نفسه بجد لإتقان الممارسات والعلاجات التي تُدرس في المدرسة، وحالما غادر انضم إلى الخريجين الممارسين الآخرين، وقرروا معاً تحسين مهاراتهم لعلاج الحالة بممارسة ما تعلموه على أنفسهم لتجربة النتائج تجربة مباشرة.
قاموا بتعديل نظامهم الغذائي على مدى سنوات، ومارسوا عادات تكييف بدنية وعقلية شديدة تعلموها في تدريبهم، ولقد جربوا الاختلافات في برامجهم لفهم كلِّ ما تعلموه وإتقانه، وعندها استنتجوا أنَّهم سيتقنون ممارستهم وسيتمكنون من مساعدة الآخرين.
لكن كما تقول القصة هذا العمل قد فشل في تحقيق النتيجة المرجوة التي كان سيد يبحث عنها، لقد أدرك أنَّه إذا كان سيحقق ما يريد، فسيتعين عليه طرح السؤال وحده والعثور على الإجابة.
البحث عن طريقة:
وصل سيد ذات يوم بعد سنوات من الدراسة الفردية في لحظة من البصيرة الواضحة إلى الإجابة التي كان يبحث عنها، ولقد فهم أنَّ مصدر المعاناة العاطفية كلِّها يكمن في وجود الأفكار التي تؤثر تأثيراً مباشراً في الحالة العاطفية للفرد، ولقد رأى أنَّ الأفكار نفسها كانت عبارة عن "أجسام"، ويمكن للمواد ذات الشكل أن تؤثِّر تأثيراً مباشراً في السلامة الداخلية للفرد.
ثمة مثال عن هذا الأمر؛ وهو إذا كان لدينا كوب مملوء بالماء بكامله، وأسقطنا فيه حجرة، فإنَّها ستزيح كمية من الماء تساوي كتلتها؛ ومن ثمَّ ستتغير حالة الماء، وبمجرد إزالة الحجرة يمكن ملء المساحة الفارغة التي خلفتها الحجرة في الكوب بالماء مرة أخرى لإعادة الكوب إلى حالته الأصلية من التوازن.
المبادئ الأربعة:
أدى ذلك الأمر إلى تحقيق سيد إنجازه الأول؛ وهو أنَّ البؤس أو المعاناة العاطفية هي ظاهرة تحدث طبيعياً، وهي موجودة دائماً؛ إنَّها تنتج عن وجود "جسم فكري" مزاح لا يوازن الحالة الطبيعية للعقل.
ثانياً: أشار إلى أنَّ أصل إزاحة الأجسام الفكرية، يمكن أن يكون سببه مصدراً خارجياً مثل حدث أو شخص أو حالة بيئية مفروضة على الفرد، وبالمثل يمكن أن يكون سببه حالة إزاحة داخلية لـ "جسم فكري" أُنشئ داخل عقل الفرد.
ثالثاً: تبين أنَّه يمكن معالجة المعاناة العاطفية بنتائج دائمة إذا طُبِّقت العمليات الصحيحة لاستعادة التوازن والسلامة.
رابعاً: طوَّر سيد برنامجاً متميزاً للممارسات "الصحيحة" لنقل الفرد من حالة البؤس والمعاناة العاطفية إلى حالة السلامة العاطفية أو العقلية.
شاهد بالفديو: 7 مبادئ لاستعادة التوازن في الحياة
مدرسة جديدة للممارسة:
طوَّر سيد أيضاً مثل المدارس التي درس فيها لأول مرة تفسيراً بديلاً أصلياً لسبب المعاناة، ودوَّن طريقة "صحيحة" لتصحيحها، ومع ذلك، فإنَّ الطريقة الجديدة لم تثبت بعد في المواقف العملية، ولقد فهم أنَّه سيتعين عليه إخضاع نتائجه لمراجعة الأقران و"التجارب السريرية"؛ وذلك لتحديد ما إذا كان قد وجد طريقة أفضل لعلاج حالة المعاناة العاطفية أو لا.
التقى سيد عند عودته من بحثه الفردي بمجموعة من أقرانه السابقين الذين درس معهم قبل سنوات، وقد تردد بعضهم - كما توقع - في الاستماع للنتائج التي توصل إليها، وهذا أمر شائع للأشخاص الذين يعملون في أيَّة تجارة أو عمل أو مهنة تتعارض مع العرف، وقد أصبح سيد بالنسبة إليهم دخيلاً وغريباً عن المهنة وتقاليدها.
بدأ أقرانه - مع ذلك - في قبول عمله، ودخلوا في التدريب بشغف ليصبحوا ممارسين محترفين في المدرسة الجديدة التي أسسها، ولقد روَّجوا بقوة للنظام الجديد للسلامة، وقد ازدهر فعلاً، وفي النهاية تعرَّف مئات وآلاف الأشخاص بأساليب المدرسة الجديدة وممارساتها، وسعى الطلاب الجدد إلى التعلم وليصبحوا ممارسين مدربين.
ازدهرت المدرسة الجديدة لسنوات عديدة بتوجيه من مؤسسها، الذي لاحظ أنَّه بينما أنجز ما أراد أن يفعله قبل عقود من حياته، فإنَّ مساهمته سوف تتلاشى في النهاية مثل ابتكارات عديدة سابقة في قصة التاريخ إضافة إليه هو وطلابه.
لكن توجد بعض الأعمال التي يكون مقدر لها أن تدوم أكثر من الأشخاص الأصليين الذين صنعوها لسبب ما، وتؤثِّر في الناس في الأجيال القادمة، مثل أولئك الذين جربوا العمل في الزمن الذي ظهر فيه، وما أطلق عليه التاريخ اسم الجودة الدائمة للحرفية، أو "التميز في التنفيذ" موجود في كلِّ تجارة وعمل ومهنة في العالم.
في الختام:
عندما يؤثِّر العمل؛ أي النتيجة النهائية التي غالباً ما تستغرق آلاف الساعات طيلة السنوات لإنتاجها بشكل ملموس في تجربة حياة أولئك الذين يتعاملون معه بصرف النظر عن المكان أو الوقت، فهي تُعدُّ حينئذ أمراً نادراً.
أضف تعليقاً