حلقة العادة: دليلك إلى تكوين العادات

"إنَّنا عبارةٌ عن الأشياء التي نقوم بها مراراً وتكراراً؛ فالتميز ليس عملاً ما بحدِّ ذاته؛ وإنَّما عادة". - أرسطو (Aristotle).



لا بُدَّ أنَّك غير قادر على عدِّ المرَّات التي قلت فيها لنفسك أنَّك بدءاً من الغد لن تتناول أيِّ طعام غير صحي؛ بل ستتناول الخضروات، والأطعمة الصحية فقط، ولكنَّك لم تلتزم بذلك قطٍّ.

لماذا؟ لأنَّه في صباح اليوم التالي سيُحضِر أحد زملائك حتماً بعض الحلوى إلى المكتب، أو سيصادف ذلك اليوم عيد ميلاد أحدهم، وهنالك كعكة لذيذة في غرفة الاستراحة، ولن تفوِّت هذه الفرصة الذهبية للاستمتاع بوجبة شهية غير متوقعة.

إنَّ ما تفشل في القيام به في كلَّ مرة تقطع فيها على نفسك ذلك الوعد الفارغ بأنَّك ستبدأ حياة صحية جديدة في اليوم التالي، هو إدراك مفهوم حلقة العادة؛ لذا سوف يُسلط هذا المقال الضوء على مفهوم حلقة العادة، وكيف يمكنك استخدامها لاكتساب عادات إيجابية، ثُمَّ سيُلقي نظرةً على بعض المُحفِّزات المُحدَّدة التي قد تساعدك على تكوين العادات التي تريدها.

ما هي حلقة العادة؟

لقد شرح تشارلز دوهيج (Charles Duhigg) الصحفي والكاتب الحائز على جائزة بوليتزر (Pulitzer) بالتفصيل فكرة حلقة العادة في كتابه "قوة العادة" (The Power of Habit)؛ إذ يناقش دوهيج في هذا الكتاب العلم الكامن وراء تكوين العادات في الحياة اليومية، والأعمال التجارية، وفي المجتمع ككل.

قد تعتقد الآن أنَّك توصلت إلى طريقة سهلة لتغيير سلوكاتك، ولكنَّ الأمر ليس بهذه السهولة؛ وذلك نظراً لتعدد أنواع العادات، وتباين سلوكات كلِّ فرد، ودوافعه؛ فإنَّ احتمالات تغيير أنماط سلوك الفرد لا تُعد ولا تُحصى، ومع ذلك يوفِّر مفهوم حلقة العادة إطاراً لفهم الأسباب التي تجعلك تمارس سلوكات معينة، ويقدِّم دليلاً لاستكشاف الطرائق المختلفة التي يمكنك بواسطتها تغييرها.

تتكون عملية حلقة العادة من ثلاثة مكونات: الإشارة، والروتين، والمكافأة، ويمكن أن يساعدك فهم هذه المكونات إمَّا على التخلص من العادات السيئة أو تكوين عادات أفضل؛ لذلك يجب أن تُلقي نظرة على ما تنطوي عليه هذه المكونات.

1. الإشارة:

إشارة العادة هي أيُّ شيء يُحفِّز السلوك؛ أي قد يكون أيَّ شيء تربطه بأداء الفعل، وهذه العوامل الظرفية لها تأثير قوي في سلوكك.

على سبيل المثال، فكِّر في أول شيء تفعله كلَّ صباح عندما تستيقظ؛ هل تنظف أسنانك؟ أو تذهب إلى الحمام؟ أو ربما تُعِدُّ فنجاناً من القهوة؟ في هذه الحالات؛ فإنَّ إشارة الاستيقاظ تضع عقلك في وضع المعالجة التلقائية؛ لتتمكن من ممارسة أيِّ سلوك كنت معتاداً على القيام به.

في كلِّ مرة تسبق الإشارة السلوك سيتعزز الارتباط بينهما، ومع زيادة هذا الاتصال يُصبح السلوك متأصلاً تأصيلاً متزايداً في عقلك لدرجة أنَّك في النهاية تمارس السلوك من دون حتى التفكير فيه مرةً أخرى بعد أن تُحفَّز للقيام به.

2. الروتين:

إنَّ الروتين هو السلوك الذي تريد تغييره أو تعزيزه؛ فعلى سبيل المثال، قد ترغب في الإقلاع عن التدخين أو شرب المزيد من الماء في اليوم، فما هي العادة التي تريد اكتسابها أو التخلص منها؟

3. المكافأة:

المكافأة هي التعزيز الإيجابي الذي تحصل عليه نتيجة ممارسة هذا السلوك، وهي السبب الذي يجعل الفعل عادةً، قد تكون المكافأة أيَّ شيء يرضي رغباتك من الشعور بالراحة عند تدخين سيجارة إلى مجرد شرب الماء لإرواء عطشك.

عندما تحاول تغيير عادة ما، فإنَّك على الأرجح تُركِّز على الروتين فقط، ولكنَّ (دوهيج) يذكر في كتابه أنَّه ما يجب أن تُركِّز عليه هو الإشارة والمكافأة، فلتغيير روتينك، عليك أن تحدِّد إجراءً ستتخذه مسبقاً، وستطبقه عندما تظهر إشارتك، وبعدها ستحصل على مكافأتك عندما تلتزم بهذا القرار.

عندما تُفكر في اتخاذ قرار بشأن إجراء معين، على سبيل المثال: إذا كنت تحاول اكتساب عادة إدارة الوقت بفاعلية بتقليل مقدار الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي، فإنَّ مُجرد قولك: "سأقضي وقتاً أقل على وسائل التواصل الاجتماعي"، لن ينجح.

بدلاً من ذلك كلَّما كنت تقضي وقتاً ضائعاً في انتظار شيء ما، مثل: طابور البقالة أو عيادة الطبيب عليك أن تُقرر أنَّك لن تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي؛ بل ستفعل شيئاً آخر محدداً، مثل قراءة كتاب ما.

فالإشارة في هذا المثال هي الانتظار، أمَّا المكافأة؛ فهي كلُّ ما تحصل عليه من متعة عند تصفح وسائل التواصل الاجتماعي؛ وهنا تُصبح فيه عملية تغيير عاداتك شخصيةً، فبينما قد يرغب شخص ما في قضاء بعض الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي لأنَّها تساعده على التفاعل مع أشخاص آخرين، وقد يتوق شخص آخر إلى الإحساس بالتجديد الذي يشعر به عند رؤية منشورات أصدقائه أو تحديثاتهم.

تُعدُّ تجربة المكافآت جزءاً هاماً من تكوين عادات جديدة؛ لأنَّ القيام بذلك سيساعدك على ممارسة السلوك المرغوب الذي يمكن أن يخدم الهدف من سلوكك الأصلي.

إذا كانت المكافأة التي تتوق إليها هي القيام بشيء جديد، فقد تكون قراءة كتاب هي المفتاح لتقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أمَّا إذا كان ما تبحث عنه هو الشعور بالتفاعل مع أشخاص آخرين، فقد يكون الإجراء الأكثر فاعليةً لإشباع رغبتك هو الاتصال بصديق أو بدء محادثة مع شخص يجلس بالقرب منك؛ لذا عليك أن تعرف ما تتوق إليه حتى تتمكن من تلبية هذه الحاجة.

إذا كنت على دراية بالإشارة التي تُحفِّز لديك سلوكاً محدداً، فبإمكانك تكوين أيِّ عادة تريدها، والتخلص من تلك التي لا تريدها؛ إذ تكمن الفكرة هنا في بناء روابط، وأنماط عصبية جديدة تتغلب على القديمة، ويمكنك الآن أن تُلقي نظرةً على بعض الأمثلة عن مُحفِّزات عادات معينة قد تؤدي إلى تكوين عادات إيجابية.

شاهد: 5 عادات يومية للأشخاص النَّاجحين

أمثلة على إشارات العادة:

توجد خمس إشارات رئيسة يمكن أن تحفِّز الروتين، وبفهمها جميعاً يمكنك معرفة أيٍّ منها ينطبق على العادة التي تعمل عليها.

فيما يأتي الإشارات الخمس:

1. الزمن:

بالعودة إلى التفكير في روتينك الصباحي؛ فإنَّ الاستيقاظ هو مُحفِّز شائع يؤدِّي عادةً إلى سلسلة من العادات، ومع ذلك هنالك أيضاً بعض إشارات الوقت، ولكنَّها أقل وضوحاً.

فكِّر في سلوكاتك اليومية يمكنك على الأرجح التعرف إلى بعض الأمور التي تفعلها في نفس الوقت من كلِّ يوم من دون التفكير في ذلك؛ ربما تأكل بعض الحلوى في العمل بعد ظهر كلِّ يوم، أو تشاهد التلفاز كلَّ ليلة قبل النوم.

إذا كانت السلوكات التي تحدِّدها سلبيةً، فعليك التفكير فيما يحدث عامة في ذلك الوقت من اليوم؛ فقد تكون مُرهَقاً، فتتناول الحلوى لرفع مستوى طاقتك، أو قد تشعر بالكسل، فتقضي وقتك في مشاهدة التلفاز بوصفه وسيلة للهروب بلا وعي من الحياة اليومية.

خطوة عمل نموذجية:

إذا كنت ترغب في تكوين عادة يومية لممارسة التأمل، فقم بذلك في نفس الوقت كلَّ يوم فرضاً من الساعة السابعة حتى الثامنة مساءً؛ ففي نهاية المطاف؛ إنَّ حلول الساعة السابعة سيُصبح الإشارة التي تدفعك إلى ممارسة التأمل من دون الحاجة إلى تذكير نفسك تذكيراً متعمداً.

2. بيئتك:

يمكن لبيئتك أن تشجعك على العادات الإيجابية أو تدفعك إلى العادات السيئة، فإذا كنت مُدخناً ربما تشعر بالحاجة إلى إشعال سيجارة في كلِّ مرة تدخل فيها سيارتك؛ ففي هذه الحالة، إنَّ وجودك في سيارتك، والاستعداد للقيادة إلى مكان ما ينشئ بيئةً تُحفِّزك على التدخين.

قد تكون المُحفِّزات البيئية أيضاً الدافع لإنشاء عادات جديدة؛ فقد أظهرت الأبحاث أنَّ تكوين عادات جديدة أسهل بكثير عندما تكون في موقع جديد؛ لأنَّك لا تتعرض لمُحفِّزات مألوفة، على سبيل المثال: كثيراً ما يُطلب من الأشخاص الذين يحاولون الإقلاع عن شرب الكحول عدم الذهاب إلى الأماكن التي يشربون فيها عادةً، وبدلاً من ذلك يجب أن يجدوا أماكن جديدة للتنزه لا تربطهم بشرب الكحول.

أحد الأسباب المحتملة لذلك هو أنَّ الإنسان يربط العادات بمواقع معينة، فلا بدَّ أنَّك تربط مكتبك بالعمل مثلما تربط مركز التسوق بشراء أشياء جديدة، وإذا كنت ترغب في تكوين عادة جديدة في مكان تزوره زيارة متكررة سيتعيّن عليك التغلب على المُحفِّز الذي خصصته سابقاً لهذه المنطقة. أمَّا تكوين عادة جديدة في مكان جديد سيوفر لك سجلاً نظيفاً؛ إذ لا يتعين عليك التغلب على المُحفِّزات التي تأصَّلت في ذهنك.

خطوة عمل نموذجية:

إن كنت تُحاول تحسين إنتاجيتك، فخصِّص أماكن مختلفة في منزلك لنشاطات مختلفة، فربما سمعت أنَّه إذا كنت تواجه مشكلة في النوم، فعليك فقط استخدام سريرك للنوم فقط، ممَّا يعني أنَّه لا ينبغي لك القراءة أو مشاهدة التلفاز أو العمل على حاسبوك المحمول في السرير؛ فبهذه الطريقة يُصبح جسمك وعقلك قادرين على ربط بيئة سريرك بالنوم فقط، وستتمكن من النوم بسهولة في الليل.

يمكنك تطبيق نفس الفكرة على القيام بالعمل، والاسترخاء، والتواصل الاجتماعي، وما إلى ذلك بواسطة الاستخدام الصارم للمناطق المختلفة في منزلك حسب الغرض المقصود منها.

3. حدث سابق:

غالباً ما تكون عاداتك استجابةً لظروف متزامنة في حياتك، فعندما يَرِّن جرس الباب، تُجيب عليه تلقائياً، وعندما تتلقى إشعار بريد إلكتروني من رب العمل تضغط عليه.

أفضل طريقة لاستخدام الأحداث السابقة لتكوين عادات إيجابية هي التدرب على تكديس العادات؛ إذ يتضمن ذلك ربط سلوك جديد بشيء معتاد بالفعل، فعلى سبيل المثال، خصِّص خمس دقائق للتأمل ريثما تجهز قهوتك الصباحية؛ فإنَّ تحويل شيء تفعله كلَّ يوم إلى مُحفِّز لعادة جديدة هو طريقة فعالة لجعل هذه العادة الجديدة ثابتة.

خطوة عمل نموذجية:

أنشئ سلسلةً من العادات التي تجتمع معاً لتكوين روتين إيجابي؛ إذ تعدُّ ممارسة روتين الصباح طريقةً رائعةً لبدء كلِّ يوم مباشرةً مع سلسلة متعاقبة من الإجراءات التي تحمل تأثيراً إيجابياً في بقية يومك.

4. حالتك العاطفية:

غالباً ما تكون حالتك العاطفية إشارة إلى العادات السيئة، ومن الأمثلة الشائعة: تناول الطعام عند الشعور بالملل أو العلاج بالتسوق عندما تكون متوتراً، على الرَّغم من أنَّ الأمر قد يكون صعباً بعض الشيء، إلا أنَّه يمكنك استخدام حالتك العاطفية لتحفيز عادة إيجابية، وقد يكون ذلك صعباً أيضاً؛ لأنَّه يتطلب منك أن تكون مُدرِكاً لأيِّ عاطفة تواجهها، ممَّا يعني أنَّه يجب أن تكون عاطفياً وواعياً في نفس الوقت، ولكنَّك عادة لا تكون على دراية بمشاعرك الأكثر حساسيةً إلا بعد انقضائها.

إذا استطعتَ تعلُّم كيفية إدراك مشاعرك في وقتها الحقيقي، فإنَّ إحدى الطرائق الجيدة التي تُساعدك على استخدام حالتك العاطفية بوصفها محفزاً لعادة إيجابية هي ممارسة الامتنان كلَّما شعرت بالغضب أو الإحباط؛ نظراً لكثرة الجدل في الآونة الأخيرة المتعلق باستخدام الامتنان للمساعدة على عيش حياة أكثر سعادة، يحاول أشخاص عديدون دمج هذه العادة دمجاً كبيراً في روتينهم اليومي؛ إذ يمكنك التفكير أكثر في الأشياء التي تُشعرك بالامتنان إذا استطعت إدراك الإشارة العاطفية لكي تُحرض على هذه الممارسة.

خطوة عمل نموذجية:

ابتكر استراتيجيةً يمكنك استخدامها بوصفها استجابة للشعور بالتوتر في المستقبل، مثل التنفس العميق أو ممارسة المشي لتصفية ذهنك بدلاً من اللجوء إلى العادات الضارة مثل التدخين أو الإفراط في تناول الطعام.

شاهد أيضاً: 6 عادات مسائية يقوم بها الشخص الناجح يوميّاً

5. الأشخاص الآخرون:

هل سمعت بفكرة أنَّك متوسط ​​الأشخاص الخمسة الذين تقضي معهم معظم الوقت؟ قد لا تُدرك مدى تأثير الآخرين في سلوكك، لكن فكَّر في كيفية تصرفك أمام رب العمل مقابل تصرفك أمام أصدقائك، فوجودهم يُؤثِّر كثيراً في تصرفاتك.

وجدت إحدى الدراسات أنَّه من بين الأشقاء البالغين إذا أُصيب أحدهم بالسمنة، فإنَّ فرص إخوته في الإصابة بالسمنة تزداد أيضاً بنسبة 40%، وإنَّ الزواج من شخص يعاني من السمنة يزيد من احتمالية إصابتك بالسمنة بنسبة 37%؛ لذا ضع ذلك دائماً في حسبانك، وبدلاً من السماح لأصدقائك، وعائلتك أن يكونوا إشارة للعادات السلبية، استخدمهم بوصفهم مُحفِّزاً للأفعال الإيجابية بوعيك لهذا النمط من السلوكات.

خطوة عمل نموذجية:

عندما تخرج لتناول العشاء مع الأصدقاء، ولكنَّك تحاول إنقاص وزنك، خطط لسلوكك في وقت مبكر؛ اطَّلع على قائمة المطعم المختار قبل الخروج، واختر ما ستطلبه؛ إذ سيساعد وضع هذه الخطة على منع عادات الطعام لدى أصدقائك من التأثير في اختياراتك.

أفكار أخيرةٌ عن حلقة العادة:

الرسالة التي يجب أن تستخلصها هنا هي أنَّه يمكنك القضاء على أيِّ عادة غير مرغوب فيها عن طريق تغيير روتينك في أيِّ حلقة من العادات حتى مع الحفاظ على الإشارات والمكافآت المعتادة حفاظاً مشابهاً.

إن كنت ترغب في تكوين عادة جديدة؛ فإنَّك بحاجة فقط إلى تحديد إشارة من شأنها أن تُحفِّز روتينك الجديد، وتذكَّر أنَّ تجربة مجموعة متنوعة من المكافآت يمكن أن يساعدك على اكتشاف الفراغ الذي تحاول ملأه في كلِّ عادة، إذا فهمت ذلك يمكنك استبدال عاداتك القديمة بعادات جديدة مع الاحتفاظ بالمكافأة التي تتوق إليها.

سيعترض طريقك كثيراً من العقبات، وستواجه لحظات إغراء يصعب مقاومتها، لكن في كلِّ مرة تنجح فيها في إكمال حلقة العادات التي تريدها ستسمح بترسيخ تلك الروابط في عقلك أكثر فأكثر، ممَّا سيقودك في النهاية إلى ممارسة السلوكات الإيجابية التي حددتها من دون وعي.

إقرأ أيضاً: 8 عادات إيجابيّة يجب أن تقوم بها في الصباح الباكر

جزء كبير من عملية تحسين الذات هو إدراك غرائزك، وأفكارك، وسلوكاتك؛ فإذا تمكنت من تحديد المُحفِّزات، والمكافآت التي تحيط بالروتين الذي تريد تغييره، فإنَّك على طريق النجاح في سعيك إلى تكوين عادات جديدة.

المصدر




مقالات مرتبطة