حقيقتان عن الخوف تساعدانك على التغلب عليه

هذا المقال هو خلاصة بحث استمر لمدة 22 عاماً في كيفية التغلب على الخوف.

سأبدأ بذكر القليل عن طفولتي التي لم تكن سعيدة؛ إذ عانيت من أب مضطرب عاطفياً، ومن التنمُّر المستمر في المدرسة، فلم يكن لديَّ من يدافع عني، ولم يساعدني أحد للسيطرة على مشاعري، بل كنت أفعل هذا وحدي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "جوشوا كارترايت" (Joshua Cartwright)، ويُحدِّثنا فيه عن تقنية علاج الخوف من خلال مواجهة ما نخشاه.

عندما بلغت من العمر 19 عاماً تركت الإقامة مع أبي، لكنَّني كنت أعاني من تخبُّط في المشاعر وشعور عميق بكره الذات؛ لذلك بدأت بالبحث عن طريقة للتحكُّم بأفكاري ومشاعري، وتبيَّن لي في أثناء قراءتي أنَّ كثيراً ممَّا أقرأه كان علاجاً مؤقَّتاً، ولم أعرف ما الذي يمكن أن يساعدني حتى جرَّبته.

لقد جرَّبت كثيراً من الوسائل منها ما كان معروفاً ومنها ما كان قليل الانتشار، ومع أنَّ بعضاً منها ساعدني نوعاً ما، لكن استمر خوفي من مشاعري السلبية بقوة، لكنَّني ثابرت وحقَّقت بعض النتائج المذهلة، وسأشارك ما تعلَّمته باختصار قدر الإمكان، فلن يكون كل ما تقرأه سهل التطبيق، لكن كما يقول المثل: يتعلَّم الحكيم من تجارب غيره لا من تجاربه.

شاهد بالفيديو: كيف تتخلص من الخوف وتصبح شجاعاً؟

حقيقتان عن الخوف تساعدانك على التغلب عليه:

1. لا يمكن التخلص من الخوف تماماً:

كتبت "سوزان جيفرز" (Susan Jeffers) كتاباً بعنوان "استشعر الخوف وأقدِم على ما تخشاه" (Feel the Fear and Do it Anyway)، ويمكن وصف هذا العنوان بأنَّه نصيحة صحيحة إلى حدٍّ كبير.

الشعور بالخوف هو عملية إفراز مواد كيميائية يقوم بها الجسم بوصفها استجابة للتفكير في الشيء الذي تخاف منه، وتؤدي هذه الاستجابة إلى أعراض جسدية، مثل تقلُّص العضلات، وزيادة معدَّل التنفس، وتضيُّق المجال البصري، وتقلُّص العضلات المؤلم الناتج عن تدفق الأدرينالين.

فكان في إمكاني أن أطبِّق نصيحة "جيفرز" وأفعل ما أخشاه، لكنَّني لا أريد ذلك، واستمريت بالبحث عن طرائق للتخلُّص من مشاعر الخوف؛ لذلك كنت أقمع هذه المشاعر أو أُنكرها وأتجاهلها، وكنت أُفرِط في تناول الطعام حتى أتمكَّن من تجاهلها، وأقضي ساعات في التفكير لأكتشف الأفكار التي تؤدي إلى هذه المشاعر عسى أن أستطيع تغييرها.

لكنَّ المشكلة أنَّه لا يمكن إيقاف الأفكار بمجرد أن تبدأ، ومن المفارقات أنَّ طريقة التخلُّص من هذه الأفكار هي تجاهلها، فيروي الفيلسوف الأمريكي "غاي فاينلي" (Guy Finley) قصة رمزية عن تنين له 101 ذيل ناطق، يهزم من خلاله كل فارس يقترب منه عن طريق نفث النار عليه، ثمَّ إخباره همساً بنقطة ضعفه، فيولِّي الفارس هارباً بعدما سمعه.

يتغلَّب أحد الفرسان على التنين عندما يلقي بدرعه وسيفه جانباً ويسير بشجاعة نحو الوحش، وتبدأ النيران بالاندلاع حوله ومع ذلك يستمر بالسير نحو التنين الذي يطلق تهديداته، لكنَّ الفارس يستمر بالمشي وبالنهاية يحترق التنين.

فالمغزى من هذه القصة أنَّ مقاومتنا للمشاعر هي التي تقويها وتجعلها تتفاقم، فقد ترغب بقراءة كتاب "الشيء الوحيد الذي يعوقك" (The One Thing Holding You Back)، وهو كتاب ممتاز يطرح فكرة أساسية، وهي أنَّك إذا سمحت لنفسك بتقبُّل المشاعر التي تخشاها فسوف تجني ثلاثة فوائد:

  1. تحرر في الطاقات الإبداعية.
  2. التعرف إلى الرسالة التي كانت المشاعر تحاول إيصالها لك.
  3. مزيد من الثقة، وبذلك ستكون قادراً أكثر على التعامل مع تدفق المشاعر.

في إحدى فقرات الكتاب ترد العبارة الآتية: "المشاعر التي لم تُعالج تكرِّر نفسها وهذا ما يسبِّب المشكلات".

إقرأ أيضاً: تعرّف على أنواع الخوف وأهم طرق السيطرة عليه

2. عندما تشعر بالخوف فليس بالضرورة أنَّ ما تخاف منه حقيقي:

كما يقول فاينلي: "الشعور بالخوف حقيقي، لكنَّ السبب الذي يجعلك تخاف غالباً ما يكون وهماً"، إذ ستشعر بالخوف لا محالة، لكنَّ الأفكار التي مفادها بأنَّ كارثة ستحدث لا يجب أن تصدِّقها.

يؤكد "هنري كلاود" (Henry Cloud) مؤلِّف كتاب "لا أعذار" (No Excuses)، أنَّ المخاوف إمَّا أن تكون حقيقية، مثل الخوف من حادث سيارة على الطريق السريع، أو مخاوف لا أساس لها من الصحة، وهي التي غالباً ما تتعلَّق بالمخاوف الاجتماعية، مثل الخوف من الحديث أمام مجموعة من الناس معتقداً أنَّهم سيضحكون عليك وستذوب في ملابسك من شدة الخجل.

أمَّا "روبرت رينجر" (Robert Ringer) مؤلِّف كتاب "عاداتٌ وتصرفات تمنحك المليون دولار" (Million Dollar Habits and Action) يقول: "لا أصدِّق ما تخبرني به حواسي".

كما يناقش فكرة الخوف ويقسِّم المخاوف إلى حقيقية ووهمية، ويقترح أن تُختبر المخاوف لمعرفة ما إذا كانت حقيقية، ويقول إنَّنا في معظم الحالات نجد أنَّ ما نخاف منه ليس سوى وهماً، ويقول "فاينلي" مخاطباً الخوف: "اتبعني أريد أن أكتشف هذا الموقف على حقيقته دون الاعتماد على تفسيرك".

فثمَّة جزء أساسي من ذاتنا يشوِّه لنا صورة الواقع ويحاول حمايتنا والحفاظ على سلامتنا من خلال إقناعنا بأنَّه لا يمكن التكيُّف مع الأوضاع الجديدة، فمن الصعب التخلُّص من المخاوف، لكن أيضاً لا يمكنك أن تثق بالهواجس والشكوك التي تراودك دوماً.

تهدف آليات الدفاع الفيزيولوجية والسيكولوجية إلى حماية حياتنا، وهذا ما يجب أن تضعه في الحسبان عندما تقرِّر ما هي المخاوف الواقعية؛ إذ تنتج معظم المخاوف من هذه الآليات، بمعنى أنَّ عقلك يحقِّق الغاية في حمايتك من خلال تقليل حماستك، وإدراك هذه الحقيقة يعني بلوغ مستوىً عالٍ من الحكمة عندما تفهم أنَّ عقلك وجسدك يعوقانك عن فعل الأشياء الجديدة.

تذكَّر هذا دائماً، سبب الشعور بالخوف هو الرغبة في إبقائك آمناً، ومن هنا منشأ الأفكار والتصورات التي تجعلك تظنُّ أنَّك في خطر.

فالأفكار التي تُملي عليك الاستجابات الدفاعية من هرب وتجنُّب وغيرها، تهدف إلى حمايتك، ووسيلتها في ذلك إنشاء تصورات؛ لذلك فإنَّ الجزء الذي يسبِّب لك المشكلة هو نفسه الجزء الذي يحاول إخبارك بما يجب عليك فعله لتفادي المشكلة.

هذا التناقض يشبه الاستماع لنصيحة مدخِّن يخبرك بضرورة الابتعاد عن التدخين من أجل الحفاظ على الصحة، ومن هنا نفهم أنَّ إذعان الشخص لمخاوفه، يشبه اللجوء إلى شخص سبَّب لك المشكلة من أجل أن يقدِّم لك حلاً؛ فإنَّ فهم هذا التناقض وإدراك أنَّه ينبغي لك تجاهل معظم مخاوفك، يجعلك تتحرَّر من كثير من القيود.

هل يمكننا التخلص من الخوف تماماً؟

قد تظنُّ أنَّه من المستحيل التخلُّص تماماً من الخوف، لكن عندما تبدأ بإدراك أنَّ خوفك غالباً ما يكون وهماً، فسيبدأ تلقائياً بالتضاؤل، وعند حدوثه ستكون قادراً على التعامل معه بديناميكية وستكون مسيطراً على زمام الأمور.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح للتغلب على الخوف من الفشل

وسائل أُخرى للتعامل مع الخوف:

يمكن أن ينجح العلاج بالطاقة، كما أنَّ الخضوع للعلاج المعرفي السلوكي يمكن أن يساعدك على اكتشاف كثير من المعتقدات الخاطئة لديك والتي هي أساساً مصدر الخوف.

لكن أقوى طريقة وُجِدت حتى الآن هي عدم الإذعان للخوف، بل الإقدام على ما نخشاه، ومن ثمَّ ستجد أنَّ المخاوف تتلاشى، فقبول فكرة أنَّ الخوف طبيعي هو بحد ذاته قوة.

المصدر




مقالات مرتبطة