تنظيم وإدارة العمليات في المؤسسات ودور القادة

ليس من المبالغة القول أنَّ جميع جوانب الأعمال التجارية تعتمد على تنظيم وإدارة العمليات، فهي تعبِّر عن مدى إمكانية تخطيط وتوجيه وتحفيز إنتاج السلع أو الخدمات أو كليهما؛ ولتكون قادراً على المنافسة في سوق دائم التغير، يجب أن يكون قادة العمليات قادرين على العمل بكفاءة وإنتاجية لتحقيق أقصى قدر من الأرباح، والتي هي بكل بساطة المحددات الرئيسة لبقاء الأعمال.



يمكن أن تؤثر إدارة العمليات في خدمة العملاء وجودة المنتج والخدمة والمنهجيات الوظيفية والقدرة التنافسية في السوق والتقدم التكنولوجي والربحية، وسيؤدي الفشل في إدارتها إلى خسائر أكيدة للشركات.

تشترك جميع العمليات في المؤسسات بقدر من التعقيد، ولا يمكننا الجزم بأنَّ عمليات المؤسسات نقلة بسيطة وسلسة من النقطة (أ) إلى النقطة (ب)؛ ففي الحقيقة، تعدُّ العمليات شبكة معقدة من المراحل المتداخلة والمتشابكة، وتندرج القدرة على التحكم بها تحت مصطلح "إدارة العمليات"، والذي يختلف جزئياً أو كلياً من مؤسسة إلى أخرى، ومن بيئة إلى أخرى، ومن دولة إلى أخرى.

مفهوم إدارة العمليات؟

تُعرَّف إدارة العمليات بأنَّها "مجموعة أنشطة لإدارة الموارد والإجراءات من أجل إنتاج منتجات أو خدمات أو كليهما"، وهي حيوية في جميع أنواع الأعمال التجارية، وأساسية لأي مسعىً تجاري، وتُدرَج في البداية في خطة العمل لتعمل كخارطة طريق (Road Map) بحيث يمكن لكلٍّ من المستثمرين والمؤسسين الاطلاع عليها بسهولة واكتساب فهم أفضل لجميع عمليات الشركة، مثل دور الموظفين وأهمية المعدات والعمليات اللازمة لزيادة ربحية المنظمة.

كما تشير في تعريف أكثر شمولاً إلى إدارة أفضل الممارسات التجارية من أجل تحقيق أقصى مستويات الفاعلية والكفاءة من حيث استخدام موارد الشركة، ويشمل ذلك الإدارة الواعية للمواد والآلات والتكنولوجيا والموظفين لإنتاج سلع وخدمات عالية الجودة، وتعود بالفائدة على الشركة.

للنجاح في إدارة العمليات، يجب إدارة كل هذه المكونات التي ذُكِرت في التعريف أعلاه بصورة صحيحة ومتسقة، بدءاً من مرحلة التخطيط الاستراتيجي، إلى مرحلة التنفيذ والإشراف على الإنتاج والتقييم النهائي للمنتجات والخدمات، وصولاً إلى العمل على الابتكارات المستقبلية؛ بحيث تظل الشركة مربحة وتنافسية في مجالها؛ حيث يتحمل قادة العمليات مسؤولية كبيرة في التعاطي مع الاستراتيجيات واستشراف المستقبل، بالإضافة إلى الإشراف على العمليات اليومية.

في حين أنَّ تعريف مصطلح إدارة العمليات شبه محدد في أدبيات عالم الأعمال، فإنَّ طبيعة العمليات نفسها ليست كذلك؛ فهي متغيرة على نحو كبير من مؤسسة إلى أخرى، وتساعد في تعيين أدوار ومسؤوليات واضحة للأفراد مع مجال لإدارة المخاطر والموارد والمحافظة على أفضل مسار للعمل عموماً؛ إضافة إلى ذلك، تُعدُّ إدارة العمليات بمثابة دليل آمن وموثوق يحمي المؤسسة من الفشل، بل ويضمن بقاءها في حدود ميزانيتها مع ضمان تعاون الإدارات بفاعلية لإنجاز ما هو مطلوب منها خدمة للعمليات في المؤسسة.

إقرأ أيضاً: ما هي الأدوات البديلة عن التخطيط الاستراتيجي؟

كيف تتغير العمليات من شركة إلى أخرى؟

يرى الباحثون في هذا المجال أربع متغيرات رئيسة فيما يُعرَف بـ (4V)، وربما تكون الشركة هي شركة تصنيع منتجات؛ واعتماداً على ما تنتجه، يمكن أن تكون سلسلة التوريد أطول أو أقصر؛ وبالرجوع إلى عدد العمليات التي أُتمِتت (Automation)، يمكن أن يختلف عدد الموظفين؛ فإذا كانت الشركة تبيع منتجاتها من خلال متاجر حقيقية، فستحتاج إلى مواقع مناسبة تضمن مبيعات عالية؛ بينما إذا كانت شركة افتراضية وتعمل من خلال مبدأ التجارة الإلكترونية، فستحتاج إلى برامج مناسبة ومتقدمة تكنولوجياً.

هذا ليس سوى عدد قليل من العوامل التي يمكن أن تؤثر في العمليات التجارية داخل الشركة؛ ولكن يوجد أربع متغيرات رئيسة تحكم العمليات عموماً، وهي ما تُعرَف بـ (4V)، حيث يحدد المزيج الدقيق لهذه الخصائص الأربعة في النهاية أفضل طريقة لتصميم العمليات لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة.

تُتخَذ عادةً قرارات فيما يتعلق بإدارة العمليات اعتماداً على هذه العوامل الأربعة، ومن المفيد تقديم بعض الأمثلة لتوضيح سبب أهميتها؛ فما هي؟

(4Vs):

  • حجم المنتجات والخدمات (Volume).
  • التنوع بين المنتجات والخدمات (Variety).
  • الاختلاف في الطلب (Variation).
  • الوضوح والشفافية (Visibility).

1. حجم المنتجات والخدمات (Volume):

يشير إلى العدد الفعلي للوحدات أو العناصر المنتجة، ويعدُّ ماكدونالدز مثالاً على الإنتاج أو الخدمة كبيرة الحجم؛ فهم يبيعون حرفياً ملايين السندويشات سريعة التحضير (الهامبرغر) والمواد الغذائية الأخرى ذات الصلة كل يوم حول العالم، ومن السمات المعروفة لهم أنَّ لديهم درجة عالية جداً من الاتساق في جميع منتجاتهم وتقديم خدماتهم، إضافة إلى أنَّ لديهم خطوات راسخة في إدارة العمليات؛ ممَّا يعني أنَّ بإمكانهم أن يكونوا واثقين من تكرار الإنتاج بانتظام وسرعة عالية، وبالقدر نفسه من الجودة.

تتمثل إحدى مزايا وجود حجم كبير في أنَّه عادةً ما يكون مصحوباً بعملية إنتاج بسيطة نسبياً، وتُقسَّم إلى عدد من الخطوات البسيطة، ويساعد هذا على زيادة الكفاءة من خلال التنظيم.

وعلى عكس ذلك، قد يكون أحد الأمثلة عن العمليات ذات الحجم المنخفض هو فنان ينتج عمولات وقطعاً من الأعمال الفنية حسب الطلب، والتي تكون عناصر فريدة من نوعها تُنتَج "لمرة واحدة"، ومن المحتمل أن تستغرق وقتاً طويلاً لإنتاجها، ولا يمكن تكرارها بسهولة ودقة؛ حيث تعدُّ هذه عملية كثيفة الموارد، وغالباً ما تكون طويلة الأجل.

مثال أخر على ذلك: إنتاج ساعات محدودة الإنتاج (Limited Edition)، والتي تُنتَج بصورة محدودة وجودة ودقة عالية جداً، وبطلب مسبق؛ فهي تتصف بالتفرد والخصوصية، وتحتاج إلى مهارات عالية.

2. التنوع بين المنتجات والخدمات (Variety):

يشير إلى مقدار المرونة في العمليات الكلية، ومن الأمثلة على ذلك: شركة البريد السريع التي تعلم أنَّه يتعين عليها جمع الطرود وتسليمها؛ ولكن في بداية كل يوم، يكون من غير المعروف بالضبط المكان الذي سيتعين عليهم السفر إليه.

يمكن للتنوع في كثير من الأحيان أن يزيد من التكاليف؛ ذلك لأنَّه ليس من الممكن بالضرورة أن تعرف مسبقاً إلى أي مدى يجب أن يسافر ناقل البريد السريع، ولكن يمكن تتبع مسار الطرود بالضبط.

بينما في التنوع المحدود جداً كاستخدام البريد العادي، يكون لديهم إجراء قياسي لتوصيل الطرود كافة في البلد كل يوم ضمن إجراءات محددة مسبقاً، ولكنَّ المفاضلة هي أنَّه قد يستغرق وقتاً أطول، وقد يكون من الصعب جداً تتبع الطرود بالضبط؛ لذا في هذه الحالات، يتعين على المؤسسة التي تستخدم ساعياً للبريد أن تقرر ما إذا كانت التكلفة أو الخدمة أكثر أهمية.

3. الاختلاف في الطلب (Variation):

يشير هذا عادةً إلى التغييرات في أنماط الطلب خلال فترة محددة، فعلى سبيل المثال: إنَّه لمن المرجح خلال عام أن يكون الفندق مشغولاً للغاية في أشهر الصيف، ويكون أكثر هدوءاً في أشهر الشتاء؛ وينعكس هذا على إدارة الموارد والخدمات في الفندق، مثل المطاعم والمقاهي وعدد الموظفين والخدمات اللوجستية؛ ويمكن تطبيق المبدأ نفسه على شركات الطيران، حيث يزيد الطلب على السفر خلال الإجازات.

إذا فهمت المنظمة أنماط التباين خاصتها، فيمكن أن يساعد ذلك على نحو كبير في التنبؤ بمتطلبات الموارد والتخطيط لها.

4. الوضوح والشفافية (Visibility):

يشير هذا المتغير إلى مدى قدرة رؤية المستهلكين أو العملاء للعمليات وتلمسها عن قرب؛ بحيث تكون العمليات ظاهرة أمامهم، ولديهم القدرة على الحكم عليها بالإيجاب أو السلب.

على سبيل المثال: يكون منفذ البيع بالتجزئة لمواد البناء مرئياً للغاية، ومن المحتمل أن يكون لدى العملاء تسامح قصير في انتظار المنتج أو الخدمة؛ بينما قد يكون عملاء مبيعات التجزئة عبر الإنترنت (Online) على استعداد للانتظار لبعض الوقت أو لساعات أو لأيام حتى يتسلَّمون منتجهم؛ ومع ذلك، فقد أثرت توقعات العملاء المتزايدة في تجَّار التجزئة عبر الإنترنت في السنوات الأخيرة، وهم يجدون الآن أنَّ بعض العملاء في مناطق معينة يتوقعون التسليم في اليوم نفسه، حتى وإن تطلَّب ذلك زيادة في السعر؛ ولكن كيف ينعكس ذلك على العمليات؟ لنرى ذلك في الجدول الآتي:

التأثير في العمليات

تصنيف العمليات وفقاً للمتغيرات الأربع

التأثير في العمليات

- تكرار مهمات عالِ.

- مهمات متخصصة.

- رأس مال مرتفع.

- عمليات منظمة على نحو كبير.

- انخفاض تكلفة الوحدة الإنتاجية.

مرتفع

حجم المنتجات والخدمات

(Volume)

منخفض

- تكرار مهمات قليل.

- موظفون يملكون أكثر من مَهمَّة.

- عمليات منظمة على نحو أقل

- ارتفاع تكلفة الوحدة الإنتاجية.

- محددة بدقة.

- روتينية.

- ضمن معايير صارمة.

- منظمة على نحو كبير.

- انخفاض تكلفة الوحدة الإنتاجية.

منخفض

التنوع بين المنتجات والخدمات

(Variety)

مرتفع

- عمليات مرنة.

- معقدة التركيب.

- تلبي احتياجات العملاء بدقة.

- ارتفاع تكلفة الوحدة الإنتاجية.

- استقرار الطلب.

- روتيني.

- يمكن توقعه.

- استخدام عالٍ.

- انخفاض تكلفة الوحدة الإنتاجية.

منخفض

الاختلاف في الطلب

(Variation)

مرتفع

- السعة متغيرة.

- يصعب توقع الطلب.

- مرن.

- مرتبط بالطلب والسوق.

- ارتفاع تكلفة الوحدة الإنتاجية.

- وجود فارق زمني بين الإنتاج والاستهلاك.

- ضمن معايير صارمة.

- مهارات تواصل قليلة مع العملاء.

- استخدام مكثف للعمالة.

- مركزية في الإدارة.

- انخفاض تكلفة الوحدة الإنتاجية.

منخفض

الوضوح والشفافية (Visibility)

مرتفع

- التسامح مع فترة انتظار قصيرة.

- رضا العملاء محكوم بتحقيق تصوراتهم.

- مهارات التواصل مع العملاء ضرورية.

- التنوع والاختلاف عالٍ.

- ارتفاع تكلفة الوحدة الإنتاجية.

تصنيف العمليات وفقاً للمتغيرات الأربع

تخضع العمليات أيضاً إلى التغيير مع نمو الأعمال؛ ففي حين أنَّه من الشائع في شركة صغيرة أن يتحمل شخص واحد عدداً من المسؤوليات، فإنَّ الشيء نفسه ليس مثالياً في شركة أكبر؛ إذ يجب أن تتطور العمليات التجارية جنباً إلى جنب مع المنظمة، أو ستجعل الثغرات في النظام وجودها محسوساً قريباً؛ فإذا كان يوجد الكثير من الضغط أو المسؤوليات على عاتق فرد واحد، فستكون هناك أخطاء لا مفر منها؛ ويميل هذا بدوره إلى أن يصبح تراكمياً، ويؤدي إلى مزيد من الشيء نفسه؛ ممَّا يخلق تأثير دومينو (Domino Effect) مدمر؛ والأمر متروك لجميع الإدارات لتكييف وتعديل العمليات التجارية باستمرار لمواكبة نمو الشركة.

إقرأ أيضاً: ما هي القيادة الاستراتيجية؟ وكيف تكون قائداً استراتيجياً؟

كيف تساهم العمليات في تحسين فاعلية المنظمة؟

تُعرِّف الجمعية الأمريكية للخدمات الإنسانية العامة (American Public Human Services Association -APHSA) الفاعلية التنظيمية على أنَّها "منهجية ومقاربة منهجية للتحسين المستمر لأداء المنظمة وقدرتها على الأداء وتلبية تطلعات العملاء"؛ فالمنهجية مرتبطة بهيكلية وإجراءات تنفيذ الاستراتيجية، بينما المقاربة المنهجية مرتبطة بتركيز المنظمة بأكملها عندما تتعامل مع الأداء وتحسين النتائج؛ ويمكننا من خلال العمليات تحسين فاعلية المنظمة ككل عندما ننظر إلى العمليات من المعايير التالية:

1. التقييم المستمر (Evaluation):

كما تحدثنا سابقاً؛ يعتمد تحقيق الفاعلية التنظيمية على مجموعة خطوات هي:

  • أولاً: قدرتك على إشراك القادة في فهم أهداف العمل.
  • ثانياً: تنفيذ الخطة الاستراتيجية.
  • أخيراً: دعم تلك الخطة على مستوى المؤسسة.

يأتي بعد ذلك تقييم مدى التقدم المحرَز في العمليات نحو تحقيق النتائج المرجوة، ولعلَّ الفائدة الكبيرة المرجوة من مراقبة وتقييم العمليات باستمرار هي القضاء على أوجه القصور مثل: نقص المواد الخام أو المخزون الزائد أو العمالة الزائدة.

على سبيل المثال: إذا كنت تمتلك أو تدير شركة تصنيع صغيرة، يمكنك تحديد فاعلية عمليات الإنتاج من خلال مراقبة عملياتك مقابل معايير الأداء، بدءاً من شراء المواد الخام إلى توزيع البضائع النهائية؛ ويمكن في بعض الحالات -خاصة في الشركات الكبيرة- أن تُناط مسؤولية مراقبة جودة وكفاءة العمليات بالمدققين الداخليين أو أقسام الجودة.

2. تحديد نطاق العمليات (Scope of Operations):

العمليات هي الأنشطة التنظيمية اليومية للعمل، والتي تخلق قيمة فريدة للمؤسسة وتحقق الأهداف الأساسية؛ حيث تلعب العمليات أدواراً مميزة تسهم في النجاح الشامل للمؤسسة، وتحدد بدقة ما يجب عمله وما لا يجب، فيخرج بالتالي من نطاقها.

يصف قاموس (Merriam-Webster) العمليات بأنَّها "أداء تنفيذ عملي أو شيء يتضمن التطبيق العملي للمبادئ أو العمليات"، ويختلف نطاق العمليات باختلاف نوع وحجم العمليات كما ذكرنا في الفقرة السابقة.

3. تحديد وجدولة الموارد (Resource Planning):

الموارد هي في الأساس المكونات المالية والبشرية والمعَدَّات والمواد التي تحتاجها لأداء أنشطة الإنتاج المرتبطة بالمؤسسة، فدور العمليات هو تحديد وجدولة الموارد التي تحتاجها العمليات لتحقيق أهداف المؤسسة، بحيث تساعد مطابقة مدخلات الموارد وأهداف الإنتاج على تحقيق الفاعلية التنظيمية؛ هذا لأنَّ القائد قادر من خلال تحديد وجدولة الموارد على تنظيم السرعة والاعتمادية والجودة والمرونة في العمليات.

4. الكفاءة كماً وكيفاً (Effectiveness):

الكفاءة هي "القدرة على أداء المهمات وفقاً لمعايير الجودة كماً وكيفاً"، حيث تسمح العمليات بتقييم وقياس القدرة التقنية والإنتاجية للموارد واستثمارها بأفضل صورة؛ فعلى سبيل المثال: رغم أنَّ وجود عدد كافٍ من الموظفين يعدُّ إجراء جيداً، ولكن ما قيمة الموظفين إذا لم يمتلكوا القدرات الكافية لأداء المهمات المكلفين بها؟

تعدُّ عوامل مثل المهارات وخبرة العمل والمؤهلات الأكاديمية ومواهب الموظفين معاييراً كيفية لا تقل أهمية عن المعايير الكمية.

5. جودة المخرجات (outcomes):

تؤثر فاعلية العمليات على كلٍّ من مخرجات الإنتاج وأداء الموظف، سواء قيست بعدد المكالمات التي أُجرِيت أم الطلبات المنفذة أم الوحدات المصنعة؛ كما لا يمكنك تحقيق مخرجات إنتاجية عالية الجودة إلَّا عندما تكون عملياتك تلبي احتياجات العملاء وقابلة للتكيف مع المتغيرات، وتُعدُّ الإجراءات التشغيلية التي تركز على إدارة علاقات العملاء وتستجيب لتطلعاتهم ضرورية في تعزيز رضا العملاء وزيادة الإنتاج.

ما هي أدوار قائد العمليات في تنظيم وإدارة العمليات؟

يظهر هنا الدور الجوهري لقائد العمليات؛ فإدارة العمليات هي مجال من مجالات الأعمال التي تنطوي على إدارة عمليات الأعمال لضمان الكفاءة في تنفيذ المشاريع، ويعني هذا أنَّ الفرد المسؤول عن القسم سيُطلَب منه أداء وظائف استراتيجية مختلفة، وتتضمن بعض الوظائف ما يأتي:

1. تصميم المنتج وجودته (Product Design and Quality):

يتضمن تصميم المنتج إنشاء منتج قابل للبيع للمستهلك النهائي، وينطوي على توليد أفكار جديدة أو التوسع في الأفكار الحالية في عملية تؤدي إلى إنتاج منتجات جديدة.

تتمثل مسؤولية قائد العمليات في ضمان أنَّ المنتجات المباعة للمستهلكين تلبي احتياجاتهم، فضلاً عن اتجاهات السوق؛ وعادة ما يهتم المستهلكون بجودة المنتج أكثر من اهتمامهم بالكمية، ويجب على المنظمة إنشاء أنظمة جودة تضمن أنَّ المنتجات المنتَجة تلبي احتياجات المستهلك.

2. استشراف المستقبل (Forecasting):

يتضمن استشراف المستقبل التنبؤ بالأحداث التي ستحدث في المستقبل بناءً على البيانات السابقة، وأحد أهم المجالات التي يتعين على قائد العمليات توقعها هو مقدار طلب المستهلك على منتجات الشركة في المستقبل القريب والبعيد، حيث يعتمد القائد على البيانات السابقة والحالية من أجل اتجاهات السوق لاستيعاب منتجات الشركة لتحديد الاتجاهات المستقبلية للاستهلاك، وتساعد هذه التوقعات الشركة على معرفة حجم المنتجات اللازمة لتلبية طلب السوق.

إقرأ أيضاً: استشراف المستقبل والفجوة الاستراتيجية للقادة

3. إدارة سلاسل التوريد (Supply Chain Management):

تتضمن إدارة سلاسل التوريد إدارة عملية الإنتاج بدءاً من المواد الخام، ووصولاً إلى المنتج النهائي؛ حيث تبدأ الإدارة من الإنتاج والشحن والتوزيع وتسليم المنتجات.

يدير قائد العمليات عملية سلاسل التوريد من خلال المحافظة على إدارة المخزون، والتأكد من عملية الإنتاج والتوزيع والمبيعات، وتزويد الموردين بالاحتياجات المطلوبة للعمليات من أجل الحصول على السلع المطلوبة بأسعار معقولة؛ وستؤدي عملية سلسلة التوريد المدارة على نحو صحيح إلى عملية إنتاج فعالة، وتكاليف عامة منخفضة، وتسليم المنتجات في الوقت المناسب للمستهلكين.

4. إدارة التسليم (Delivery Management):

قائد العمليات مسؤول عن إدارة التسليم، إذ يضمن القائد تسليم البضائع للمستهلك في الوقت المناسب، ويجب عليه المتابعة مع المستهلكين للتأكد من أنَّ البضائع المستلمة مطابقة لما طلبوه، وأنَّها تلبي احتياجاتهم؛ فإذا كان العميل غير راضٍ عن المنتج أو كان يشكو من عيوب معينة في المنتج، على قائد العمليات أن يدوِّن الملاحظات والشكاوي ويرسلها إلى الأقسام ذات الصلة.

ما هي أهم مهارات المطلوبة من قائد العمليات من أجل تحقيق فاعلية عالية في المنظمة؟

على عكس أقسام التسويق أو المالية حيث يكون المديرون مسؤولين عن أقسامهم، فإنَّ إدارة العمليات هي دور متعدد الأقسام، حيث يفترض المدير مجموعة من المسؤوليات عبر تخصصات متعددة؛ ولتحقيق النجاح، يجب أن يمتلك قائد العمليات المهارات الآتية:

1. القدرات التنظيمية:

تشير القدرات التنظيمية إلى قدرة مدير العمليات على التركيز على مشاريع مختلفة دون تشتيت انتباهه بسبب العمليات العديدة؛ إذ يجب أن يكون مدير العمليات قادراً على تخطيط وتنفيذ ومراقبة كل مشروع حتى النهاية دون فقدان التركيز.

إذا لم يكن المدير منظماً، فسوف تتراكم المهمات غير المكتملة، وتضيع المستندات الهامة في العملية، ويُنفَق معظم الوقت في العثور على المستندات المفقودة التي يمكن الوصول إليها بسهولة إذا كان المدير منظماً.

يمكن أن تزيد مهارات التنظيم الجيد من كفاءة الإنتاج وتساعد المدير على توفير الوقت والجهد واستثمار أفضل للطاقات، ويمكن الاستعانة بمساعد إداري لتنظيم العمل، بالإضافة إلى برامج حاسوبية متقدمة.

2. التنسيق:

يحتاج قائد العمليات إلى تنسيق جيد وامتلاك الخيوط كافة وإدارتها على نحو منسق، وذلك من خلال معرفة كيفية دمج الموارد والأنشطة والوقت لضمان الاستخدام السليم للموارد من أجل تحقيق أهداف المنظمة.

يتضمن التنسيق تنفيذ أنشطة محددة في وقت واحد مع القدرة على الانتقال بين الأنشطة بسهولة، كما يتضمن أيضاً التعامل مع الطوارئ كالانقطاعات والعقبات والأزمات، والعودة بكفاءة إلى الوظائف الروتينية العادية بعد أي انقطاع بكفاءة وقوة.

3. مهارات التعامل مع الأفراد:

تتضمن معظم مسؤوليات قائد العمليات التعامل مع الأفراد، والذي هو جوهر القيادة ولبها الأصيل؛ مما يعني أنَّه يجب عليه معرفة كيفية التواصل أفقياً (مع الموظفين والزملاء)، ورأسياً (مع أصحاب المصلحة وأعضاء الإدارة العليا)؛ كما يجب أن يعرف كيفية إدارة الخطوط الدقيقة مع الزملاء الآخرين من خلال معرفة كيفية التواصل والإصغاء والارتباط بهم على المستويات المهنية والشخصية.

نظراً إلى أن بيئات العمل مكونة من أشخاص من ثقافات متنوعة، يحتاج مدير العمليات إلى إظهار التسامح والتفاهم مع الآخرين؛ وإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون القائد قادراً على حل النزاعات، والتوسط بين المتنازعين من الموظفين، وتسهيل الوصول إلى حلول مُرضِية للطرفين.

4. خبرة في التكنولوجيا:

هذا من المتطلبات الحديثة جداً؛ ففي هذا العصر الذي يتسم بالتقدم السريع في التقنيات، يحتاج قائد العمليات إلى أن يكون لديه اطلاع موسع على التكنولوجيا من أجل أن يكون في وضع يسمح له بتصميم عمليات تتسم بالكفاءة والمتوافقة مع التكنولوجيا الحديثة.

لقد أصبحت المنظمات الحديثة تعتمد اعتماداً متزايداً على التكنولوجيا من أجل الحصول على ميزة تنافسية في السوق، ويعني هذا أنَّ معظم العمليات التي تُجرَى يدوياً يجب أن تنتقل إلى العمليات الآلية الأكثر كفاءة (Automation)؛ فعندما يكون قائد العمليات على دراية بأحدث الابتكارات في صناعة التكنولوجيا، يمكنه استخدام الابتكارات لتحسين العمليات الداخلية.

إقرأ أيضاً: إدارة النزاع: كيف تحول النزاعات إلى فرص؟

توصية هامة:

لا يستطيع قائد العمليات أن يعمل لوحده؛ فهو بحاجة إلى جميع الإدارات الأخرى تعاوناً وتنسيقاً ومساندة؛ فمهارات التعامل مع الأشخاص هي أساس عمل قائد العمليات، ومعايشة القائد للموظفين والإشراف عليهم ومتابعتهم وتحفيزهم من أهم مهاراته وأدواره.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7




مقالات مرتبطة