تمرينٌ بسيط لتعزيز الثقة بالنفس

لقد قال العالِم والفيلسوف الفرنسي "ديكارت" (Descartes) حكمته الشهيرة: "أنا أفكر إذاً أنا موجود" منذ أكثر من 300 عام، لكن هل هو مُحق؟ وهل تُحدِّد أفكارك من أنت، أم أنَّك أكثر تعقيداً من ذلك؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (ERIN FALCONER)، وتُحدِّثنا فيه عن تجربتها مع بناء الثقة بالنفس.

قد يمانع عقلك تصديق ذلك، لكن بمجرد التوقُّف عن الإنصات لشكوكك ومخاوفك ستكتشف اكتشافاً عظيماً، وقد يكون عقلك غير ناضج بعض الشيء، ويمكنه بدلاً من النمو والتعلم، أن يسلبك ذكريات مُلهِمة ويخرِّب أعظم إنجازاتك بالشكوك وانعدام الثقة بالنفس.

على الأرجح أنَّك أكثر قدرةً وجمالاً واجتماعيةً ممَّا تظن، وأيَّاً كان ما أنجزته في حياتك، فقد فعلت ذلك دون أن يتوقف عقلك عن التساؤل والتشكيك وتحليل كلَّ قرار تتخذه، ويغمرك عقلك بهذا المستوى من التشتيت والسلبية طوال الوقت، ويُخبرك أنَّك بحاجة إلى خسارة الوزن، أو تطوير بعض العادات الإيجابية الجديدة، ثم يخبرك أنَّ ذلك سيكون مُملاً وشاقاً، بعد ذلك يوعز لك بوضع خطة وربما البحث قليلاً عن هذا الموضوع، ويبدأ حينها بإقناعك أنَّك قادر على تحقيق ذلك، وربما تشعر بالأمل قليلاً، لكن بعدئذ أمام أصغر العقبات يخبرك أنَّك لا تريد تحقيق ذلك حقاً وأنَّك يجب أن تستسلم.

أحياناً يكون عقلك غريباً بعض الشيء؛ إذ يتشتت بسهولة أو ينتقدك كثيراً، فهو يعرف كلَّ ما يزعجك، ويذكِّرك به حين تكون مُحبَطاً بالفعل.

أنا موجود إذاً أنا أفكر:

إذاً هل يجب أن تثق بعقلك الغريب تماماً؟ فإن تصرَّف مرشح رئاسي بهذا القدر من الفوضى والارتباك، هل ستنتخبه؟ ليس عليك أن تُسنِد إلى عقلك مسؤولية حياتك، يتصرف العقل كما لو كان مسؤولاً عن كل شيء؛ لكنَّه في الواقع ليس مسؤولاً عن أي شيء.

أظن أنَّ "ديكارت" كان مُخطئاً، فلا يعتمد وجودك على تفكيرك فهذا يجعل العقل مسؤولاً عن الكون بأسره، لكن في الحقيقة أنت تتمتع بالعقل وتفكر لأنَّك موجود، فاعترف بذلك مهما آمنت واعتمدت على عقلك وأفكارك، وقل في نفسك: "أنا موجود إذاً أنا أفكر".

 

التفكير هو من الأشياء العديدة التي تقوم بها خلال اليوم، ووجودك لا يعتمد على أفكارك؛ إنَّما هو مجموع كلِّ الأشياء التي تفعلها، إنَّك تفكر في أثناء الاستحمام والقيادة وقيامك بأيَّة مهمة، لكن فقط لأنَّك تفكر طوال الوقت لا يعني أنَّ التفكير هو ما يُحدِّد وجودك؛ بل هذا مجرد افتراض من عقلك، فقل أنا موجود إذاً أنا أستحم، وأنا موجود إذاً أنا أحب، وأنا موجود إذاً أنا أتنفس وأشعر وأمشي وأتحدث وأبتسم وأضحك وأتحدث مع نفسي.

عندما تبدأ حديثك باعترافٍ لا مشروط بوجودك، تبعث في نفسك إحساساً قوياً بالذات، ويتكوَّن لديك أساس للثقة بالنفس أعمق من أيِّ أحكام أو معتقدات سلبية، وإذا أردت تعزيز ثقتك بنفسك، تدرب على قول "أنا" طوال يومك.

شاهد بالفيديو: 6 أسرار تمنحك الثقة بالنفس

مثال عن فائدة قول كلمة "أنا": 

عندما حضر أحد المتدربين إلى ورشة عملي للمرة الأولى، كان بالكاد يتحدث، فجلس منتبهاً، لكن متوتراً، فقد كان هزيلاً وبدا عليه عدم الارتياح، فاقترحت عليه أن يتدرب على قول كلمة "أنا" وفعل ذلك، وفي ذاك اليوم تغيَّر كلياً؛ إذ شاهدته وهو يبدأ في الانفتاح على أشخاص عديدين في ورشة العمل، وكان خجولاً جداً؛ لكنَّه بدأ بتكوين صداقات مع الناس شيئاً فشيئاً في أثناء فترات الاستراحة، وبعد ممارسة تمرين "أنا" أكر من مرة، اتَّضحت مشكلته.

تعلَّقت المشكلة في نظرته إلى نفسه، ولم يكن قد كوَّن أيَّة نظرة عن نفسه قط، لدرجة أنَّه لم يمتلك أيَّ صورة لنفسه حتى، ولم يستطع رؤية نفسه في صوره الخاصة، وفي الورشة حين بدأنا استكشاف كيفية عمل عقله، زاد انتباهه، وبدأ بصنع نظرة إلى نفسه في ذهنه وفتح له ذلك عالماً جديداً تماماً.

إقرأ أيضاً: أهم علامات التفكير السلبي

لقد كان قبل الورشة رجلاً لن تلاحظه إن جلس بجانبك في الفصل أو عَمِلَ في المكتب المجاور لمكتبك أو جلس أمامك يقرأ صحيفة الصباح، لكن لاحقاً أصبح مثيراً للاهتمام ومهتماً بمن حوله، وكانت عيناه تفيض بالحياة، فلم يَعُد وجهه شاحباً، ولقد تفاعل بحرية مع الجميع في ورشة العمل وتحدث أمام المجموعة، وهذا كشف لنا أنَّه كان ذكياً.

حتى يومنا هذا يُعدُّ تمرين "أنا" بداية جديدة في حياته، وأصبح يحب نفسه أكثر وكذلك فعل جميع أصدقائه الجدد، حتى شريكته التي لم تكن تعرفه على سابق عهده تجني الآن الفوائد التي بدأت بهذه الكلمة البسيطة.

إقرأ أيضاً: 8 خطوات لتحقيق النجاح في الحياة

في الختام:

أكثر ما أحبه في هذا التمرين هو مدى سهولة القيام به ومدى قوة النتائج؛ لذا ابدأ بممارسته اليوم وأعدك بنتائج مذهلة.




مقالات مرتبطة