ما هي التقنيات الحديثة المستخدمة في كأس العالم لأول مرة؟
ساعدت التقنيات الحديثة المستخدمة في كأس العالم في قطر لأول مرة على تعزيز متعة المشاهدة وتحقيق الاندماج والتفاعل بين الجماهير واللاعبين كليهما، إضافة إلى حسم القرارات الحرجة باستخدام التكنولوجيا، ولقد تضمنت هذه التقنيات:
1. تقنية الكرة الذكية:
تأتي الكرة الذكية مزودة بحساسات في داخلها، مما يجعل كل من المسؤولين والحكام المساعدين "فار" (VAR) في حالة اطلاع دائم وعلى اتصال مباشر، وهذا يُسهِّل عملية الكشف عن حالات التسلل التي قد لا تستطيع رؤيتها من خلال العين المجردة.
أطلقت شركة "أديداس" في شهر آذار العام الجاري الكرة الذكية لتستخدمها لأول مرة في تاريخ بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر، وجاء ذلك حصيلة التعاون مع كل من الجهات الآتية: الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" وشركة "كينيكسون" (KINEXON) الرائدة في شبكات الاستشعار والحوسبة المتطورة، وقد أطلق على هذا المنتج الثوري مسمى "نظام أديداس للإيقاف" (Adidas Suspension System)؛ لكونه يمد حكام حالات التسلل ببيانات فورية تلقائياً وبدقة عالية قد تصل حتى 500 مرة في الثانية، في كل مرة يلمس فيها اللاعب الكرة بيده.
يُذكر أنَّ تلك التقنية ثمرة عمل شركة "فيفا" وشركائها في "أديداس" لثلاث سنوات من البحث والاختبار والتدقيق، حرصاً منهم على توفير أفضل تجربة في عالم كرة القدم، ولكل من الحكام والفِرق واللاعبين وللجماهير في بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر هذا العام، هذا بحسب ما أفاد مدير تقنية كرة القدم والابتكار في "فيفا" "يوهانس هولزمولر".
2. تقنية التسلل شبه الآلي:
ظهرت تقنية التسلل شبه الآلي فيما مضى عام 2018؛ إذ أدخلت نظام الحكم المساعد (VAR) إلى لعبة كرة القدم؛ بهدف توفير المساعدة للحكام على الكشف عن حالات التسلل وبعض اللقطات الجدلية بما يتضمن: ضربات الجزاء أو طرد اللاعبين، من خلال شاشات وُضِعت في الملعب.
لكن واجهت تلك التقنية انتقادات لاذعة كثيرة على الرَّغم من الميزات الكبيرة التي وفرتها للحكام؛ لأسباب كثيرة تتضمن الوقت المستغرق والتأخير الطويل عندما تفحص حالات التسلل، إضافة إلى سوء تقدير الخطوط واختيار أجزاء الجسم المتسللة، واختيار الوقت الصحيح في احتساب التسلل.
بناء على ذلك عمد الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" على صقل خبراته لحل هذه المعضلة فأدخل نظاماً حديثاً، يطلق عليه مُسمَّى "تقنية التسلل شبه الآلي" (Semi Automated Offside Technology)، وأبرز أهداف هذا النظام المستحدث هو إيجاد حلول للمشكلتين الآتيتين:
- أولاً: عدم القدرة على تحديد اللحظة الدقيقة المناسبة التي يلمس بها اللاعب الكرة في أثناء تمريرها؛ نتيجة معدل الإطارات التي تُستخدم في الكاميرات التي يبلغ عددها 50 "إطاراً في الثانية" (FPS).
- ثانياً: تحديد النقطة الأبعد بين الخصمين، التي ستقوم برصد حالة التسلل.
لذا اعتُمد في تقنية التسلل شبه الآلي لحل المشكلتين كليهما على تقنيات الذكاء الصناعي الذي يستطيع اتخاذ القرار بنفسه دون تدخُّل العامل البشري؛ لتُستخدم بوصفها وسيلة لمساعدة "الفار" على اتخاذ القرارات بسرعة في ثوان بعد حدوث الحادثة، وتُبلَّغ الساحة بالحُكْم النهائي بسرعة عبر تحديد الموقع النسبي للاعبين تلقائياً في لحظة تمرير الكرة؛ إذ إنَّها قادرة على تحديد اللحظة التي يلمس فيها اللاعب الكرة عند تمريرها تمريراً دقيقاً.
تستطيع شرح مبدأ عمل هذه التقنية ببساطة بوجود 12 كاميرا مثبَّتة في أسفل سقف ملاعب المونديال، ومهمتها تتبع حركة الكرة ومراقبة اللاعبين وتموضع أجزاء أجسامهم في 29 نقطة؛ إذ تؤثِّر تلك الأجزاء في التسلل بما يتضمن الركبة والقدم والصدر والرأس وغير ذلك باستثناء اليدين والمرفقين.
بعد ذلك تُدمج تلك البيانات الملتقطة مع حساسات الكرة، وبناء على ذلك تستطيع تقنيات الذكاء الاصطناعي تحديد موقع اللاعب بدقة عالية في لحظة تمرير الكرة، ثم تُقارَن مع لاعب الخصم، لتُتخذ عملية القرار الصحيح بسرعة.
3. تقنية تبريد الملاعب:
جاءت تقنية "التبريد المبتكرة" (Advanced Cooling Tech) لتلافي الأجواء الخليجية الدافئة؛ فقطر منطقة ذات درجات حرارة مرتفعة، مما يؤثِّر في أداء اللاعبين سلباً؛ وبذلك تكون دولة قطر أول دولة في العالم تبرِّد الملاعب المُخصَّصة لبطولة كأس العالم.
أدار هذا المشروع "د.سعود الغني" الذي يعمل أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة قطر، وقد اعتمد على إيجاد علاقة إيجابية بين المناخ وأرض الملعب؛ إذ بُرِّد الملعب المفتوح من خلال خلق فقاعة مناخية داخله ليُحافَظ على درجة حرارته، بحسب ما أفاد "د. سعود" أنَّ أكبر الصعوبات التي واجهتهم هي منع تسرب الهواء الدافئ إلى داخل الملعب، فتبرز هنا أهمية تصميم المنطقة أو الفتحة التي تربط بين الفقاعة المناخية الصغيرة بالمناخ الكلي الخارجي، وقد اعتُمد في أثناء الدراسة والبحث على نماذج مصغرة من الملاعب وُضِعت داخل نفق هوائي بظروف مناخية تحاكي الواقع.
كما اعتمد فريق العمل على أجزاء محدَّدة من الملعب شملت الساحة حيث يوجد اللاعبون والمدرجات ويوجد الجماهير بهدف توفير التكاليف؛ فقام الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي بتمويل ذلك المشروع، وبدأ فريق العمل بتوزيع المبردات على امتداد الملعب، وهي فوهات بحجم كرة القدم تقوم بضخ الهواء البارد باتجاه اللاعبين، ومخارج صغيرة تحت مقاعد الجماهير، فيُوزَّع الهواء على مستوى الكاحل.
4. تقنية "بونوكل":
تساعد تقنية "بونوكل" على جعل المشجعين المكفوفين الذين يعانون إعاقة بصرية يتمتعون بأفضل تجربة؛ إذ تُعدُّ تقنية "بونوكل" (Bonocle) أول منصة ترفيهية في العالم تعمل وفق نظام "بريل" وهو نظام كتابة للمكفوفين؛ إذ إنَّ هذه التقنية تحتوي على التقنيات المساعدة كلها لضعيفي البصر كي يستطيعوا الوصول إلى المحتوى الرقمي.
يُذكر أنَّ تلك التسهيلات لن تقتصر على مرافق الملعب فقط؛ إنَّما ستنتشر واسعاً؛ إذ توفر أكبر قدر ممكن من السهولة في التنقل، وتُعدُّ شركة "بونوكل" من أهم الشركات الناشئة المحلية في كأس العالم، والتي اعتمدتها إحدى المنشآت الأساسية في تنظيم البطولة لعام 2022 في قطر.
كما وفَّر المنظمون تقنيات أخرى منها:
5. تقنية "فيلكس بالم" (Feelix Palm):
تعمل تقنية "فيلكس بالم" بالنبضات الكهربائية باستخدام أجهزة اتصال تعتمد على اللمس في نقل الرسائل.
في الختام:
نستطيع القول إنَّ التقنيات الحديثة المستخدمة لأول مرة في كأس العالم جعلت من البطولة الحدث الأول والأقوى على مستوى الشرق الأوسط والعالم كله لم يحدث مسبقاً.
أضف تعليقاً