تقليل التوتر من خلال التركيز على الأساسيات

التوتر لديه القدرة على تدمير حتى أفضل ثقافات الشركات؛ فمهما تبذل من جهدٍ لتعزيز بيئة عمل إيجابية، عندما يكون الموظفون مرهَقين، فإنَّهم سرعان ما يترضون للاحتراق الوظيفي، ومن ثمَّ تكون النتيجة: تباطؤ الإنتاجية، وازدياد احتمال الاستقالة.



لسوء الحظ، لا يتوقف هذا الخلل التنظيمي عند هذا الحد، فعندما تزداد الأخبار عن مستويات التوتر العالية في شركتك، لن يرغب المرشَّحون المستقبليون في العمل مع الشركة في المستقبل.

من المغري البحث عن أي تغييرات جديدة يمكنك إجراؤها في الشركة لوقف انتشار عدم المشاركة وانحلال الثقافة، ومع ذلك، فإنَّ تقديم عدد كبير من الحلول الجيدة في وقت واحد لن يؤدي إلَّا إلى زيادة الارتباك الناتج عن انهيار ثقافة الشركة بسبب التوتر؛ ولهذا من الهام العودة باستمرار إلى الأساسيات؛ إذ سيضمن التذكير الحازم، وفي نفس الوقت اللطيف، بقيم الشركة أنَّ ثقافة شركتك يمكنها تحمُّل حتى أكثر المواقف صعوبةً.

لذا ركِّز على هذه الأساسيات الثلاثة لجعل ثقافتك التنظيمية استثنائية:

1. تعزيز مهمَّة الشركة وقيمها:

عندما يتمكَّن الموظفون من ربط كل ما يفعلونه بمهمَّة الشركة والأهداف العامَّة، فمن غير المرجَّح أن يتعرَّضوا للتوتر، وبدلاً من ذلك، يشعرون بالقدرة على التغلُّب على النكسات من خلال التركيز على كيفية استخدام مهاراتهم وخبراتهم لمصلحةٍ أكبر.

أفاد 44% من 600 موظف شملهم استطلاع الرضى الوظيفي والمشاركة من "جمعية إدارة الموارد البشرية" (Society for Human Resource Management): أنَّ ثقافة الشركة العامة وقيم الشركة هامَّة جداً بالنسبة إليهم، وذكر 43% من المستطلعين أنَّه من الهام جداً أن يروا جدوى عملهم.

إنَّ المعرفة قوَّة؛ إذ يريد الموظفون معرفة ما هو متوقَّع منهم بالضبط، فهم لا يريدون التخمين أو المخاطرة بارتكاب الأخطاء؛ وذلك لأنَّهم غير متأكدين من فائدة المهمَّة للشركة، ومن اللافت للنظر أنَّ تقرير اتجاهات وإحصاءات ثقافة شركة "كلتشر كيو" (CultureIQ) كشف أنَّ 88% من 28371 مهني شملهم الاستطلاع، قالوا إنَّهم يفهمون ما الذي يحدِّد النجاح لأدوارهم.

إنَّ أفضل طريقة للموظفين لاكتساب فهم قوي لمهمَّة الشركة، وكيف يدعم دورهم وعملهم هذه القيم دعماً مباشراً، هو ضمان توافق الأهداف؛ لذا ابذل جهداً لتحديد الأهداف الفردية للموظفين وربطها بأهداف الشركة، ومن الضروري لنجاح كل من الموظف والشركة، إدراك أنَّ الأهداف تتغيَّر مع مرور الوقت، ويجب أن تكون هذه المناقشات والتغذية الراجعة مستمرة؛ فعندما يُنجِز الموظفون الأهداف المحدَّدة لهم، أجرِ محادثةً عن الخطوات الآتية المناسبة التي ستتحدَّاهم ليكونوا في حالة من التحسين المستمر.

يجب عليك أيضاً أن تُشجِّع الموظفين على تحميل أنفسهم وزملائهم في العمل وقادتهم المسؤولية عن دعم قيم الشركة ورسالتها، والعمل على تحقيق أهداف مفيدة للطرفين.

شاهد بالفيديو: 6 اقتراحات للتعامل مع التوتر

2. التحقق من سلامة بيئة العمل:

يريد الموظفون القيام بدورهم للمساهمة في ثقافة مكان العمل الإيجابية، وأهم عنصر في رعاية مكان عمل إيجابي، هو التأكُّد من شعور أعضاء الفريق بالأمان في بيئة عملهم؛ فمن الواضح أنَّ الموظفين يجب أن يكونوا في مأمنٍ جسدياً من التهديدات البيئية وكذلك من المعاملة المهينة، ومع ذلك، يمكن تحقيق السلامة من خلال إنشاء مكان عمل؛ إذ يمكن لأعضاء الفريق أن يشعروا بالراحة والانفتاح لتنبيه القيادة عندما يشعرون بالتوتر، خاصةً بسبب شيء ما، فعندما يكون الموظفون مرتاحين في مكان عملهم، يتواصلون تواصلاً أفضل مع زملاء العمل والشركة ككل.

تتضمَّن بعض الطرائق السهلة لمساعدة الموظفين على الشعور براحة أكبر في العمل السماح لهم بالاحتفاظ بالأشياء الشخصية في العمل، مثل الحلي والصور والنباتات، التي بدورها تساعدهم على التخلُّص من التوتر، وتشجيع مساحات العمل النظيفة والمنظمة، وتوفير أماكن للاسترخاء واللياقة البدنية خلال اليوم.

توفِّر شركة الاستشارات الرقمية "أومني غون" (Omnigon) للموظفين جلسات تدليك مجانية داخل المكتب، وتقوم شركة الخدمات اللوجستية "تراكس تكنولوجيز" (Trax Technologies) بجدولة نشاطٍ لأعضاء الفريق ودروس التأمُّل طوال اليوم.

بعيداً عن الأجواء، ابحث عن طرائق لمساعدة الموظفين على الشعور بالراحة عند مشاركة الأفكار التي تعمل على تحسين ثقافة مكان العمل؛ إذ إنَّ أنجح الشركات تضع قيمة عالية للتعاون؛ على سبيل المثال، شركة "نايك" (Nike) من المعروف أنَّها تجمع ما يصل إلى 50 متخصصاً في مجالات مختلفة، مثل التدريب على الأداء، والميكانيكا الحيوية، والأزياء؛ وذلك لتطوير حذاء واحد.

وبالمثل، بالنسبة إلى جلسات التصوير الخاصة بالملابس، تجمع شركة "كوول" (Kohl) فرقاً مكوَّنة من 40 فرداً أو أكثر، ومن ذلك أولئك الذين لديهم مهارات في النجارة والتصميم الفني ومستحضرات التجميل والتسويق وغير ذلك؛ إذ يضيف كل موظف عنصراً فريداً يفيد المشاريع، وعندما تُشجَّعُ الآراء وتُقدَّر من قِبل أعضاء الفريق، تكون النتيجة النهائية مُنتَجاً شاملاً أو عرضاً تقديمياً مع الحد الأدنى من الضغط على أي موظف، وبدلاً من ذلك، يمكن لجميع الموظفين التركيز على المشاركة في النجاح.

إقرأ أيضاً: سلبيات وإيجابيات التوتر والانفعال!

3. جعل الموظفين يركزون على ما يفعلونه تركيزاً أفضل:

لتحقيق هذه الغاية، وضِّح أنَّه عندما يكون كل موظف خبيراً فيما يفعله، لا يُتوقَّع منه حل المشكلات خارج نطاق مسؤولياته، فهو ليس مسؤولاً عن استكمال عمل أي شخص آخر في الوقت المحدد، أو إصلاح أي مشكلات كبيرة قد تظهر للشركة؛ إذ يُحدِث الموظفون التأثير الأكبر من خلال التركيز على ما يفعلونه تركيزاً أفضل، لكن هذا لا يعني أنَّه لا يمكنهم تقديم اقتراحات للتحسين في مجالات أخرى.

لذا للحفاظ على مشاركة الموظفين، أنشِئ مجموعات تركيز يمكنهم المشاركة فيها للتأكُّد من أنَّهم يوجِّهون طاقتهم نحو شيء يمكنهم التأثير فيه تأثيراً إيجابياً، والمفتاح هو تمكين الموظفين من المشاركة من خلال التركيز على أن يكونوا جزءاً قيماً من الثقافة.

عندما يؤدي كل فرد دوره بنجاح، لن يكون هناك الكثير من التوتر؛ إذ لا يمكنك منع التوتر من التأثير في مكان عملك، لكن يمكنك منع تعطيل ثقافة الشركة من خلال التركيز على نقاط قوة الموظفين، وتمكينهم من التفوُّق في وظائفهم، والتواصل بوضوح مع مهمَّة الشركة وقيمها، وكيفية ارتباطها بقيمة كل موظف.

المصدر




مقالات مرتبطة