تفسير سورة الواقعة

القرآن الكريم هو الكتاب المعجز عند المسلمين، وهم يؤمنون به ويعظِّمونه على أنَّه كلام الله المحفوظ بين السطور وفي الصدور من كل تزييف أو مس، وقد أُنزل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وذلك للبيان، ولكل آية تفسير وقيم ترشدنا إليها، وسنتحدث من بين جميع سور القرآن الكريم في مقالنا هذا عن سورة الواقعة.



لذا تابع معنا إذا كنت ترغب بمعرفة تفسيرها، إضافة إلى تفسير سورة الواقعة للأطفال.

تفسير سورة الواقعة:

جاءت سورة الواقعة لتذكرنا باليوم الآخر ولتأكده لنا ولتثبت بداخلنا الإيمان به؛ لأنَّ وقوعه حق وقائم لا محالة، كما أنَّ الله تعالى ذكر فيها بعض مظاهر قوته وعظمته، فكل ما ورد فيها يدعونا للتمسك بعبادته، فجاءت السورة لبيان عظمته وحكمته، كما بينت لنا أنَّ التسليم والإيمان المطلق بقدرة الرحمن هو من أركان الإيمان، ومن مميزات هذه السورة هو سهولة تفسير سورة الواقعة للأطفال، فمعانيها واضحة ومن الممكن للطفل أن يفهمها ويتقبلها.

إليكم تفسير مفصل لآياتها، لذا تابعوا معنا.

تفسير الآيات الثلاث الأولى:

إذا قامت الساعة ليس هناك تكذيب لقيامها، فهي رافعة لأناس في الجنة وخافضة لأناس في النار، لذا على الإنسان أن يتعظ ويبتعد عن أعمال الشر، ويتقِ الله ويخشى عذاب الآخرة.

تفسير الآيات من الآية الرابعة حتى السادسة:

إذا تحركت الأرض حركة كبيرة، وصارت الجبال هباءً، وجعلتها غباراً متطايراً في الجو، فهنا يبين لنا الله سبحانه وتعالى عظمة ذلك اليوم، والذي تهتز به الأرض وتتحرك به الجبال، فليس من ناج سوى المؤمنين أصحاب الأعمال الخيرة الذين يتقون الله في كل شيء.

شرح الآيات من الآية السابعة حتى التاسعة:

خلقناكم أيُّها الناس من ثلاثة أصناف؛ فأسياد المنزلة الرفيعة والعالية هم أصحاب اليمين، وأسياد الشمال هم ذوات المنزلة الرديئة، كما ذكر لنا الله تعالى أنَّ السابقون إلى فعل الخير في الحياة الدنيا هم أصحاب المنزلة العالية في الآخرة، فهم أصحاب الجنة المقربون لله تعالى وأكد على هذا في الآيات من 10 إلى 12.

شرح الآية الثالثة عشر حتى السادسة عشر من سورة الواقعة:

ذكر لنا الله تعالى أنَّ كثيراً من الناس يدخلون الجنة، ولكن القليل من يتنعم على أسرة من ذهب، وهم جالسون عليها أمام بعضهم، فقد منَّ على أولئك سبحانه وتعالى بجنات النعيم، لما كانت أعمالهم ونواياهم حسنة في الدنيا، فلهم ما يشتهون في الآخرة.

تفسير الآيتين 17 و18 في سورة الواقعة:

يقوم بخدمتهم رجلان لا يكبران ولا يهرمان يطعمونهم ويسقونهم بكؤوس وأباريق وأقداح من خمر، لا تتفل منها رؤوسهم، فهو شراب من الجنة لا يشربه إلى من تبوَّأ منزلتها واستحق دخولها. 

شرح الآية من 20 وحتى 24:

يقدم الرجلان لأصحاب الجنة كل ما تشتهي أنفسهم من فاكهة، وما ترغب أنفسهم من لحوم، كما لهم نساء جميلات ذوات عيون واسعة مثل اللؤلؤ وذلك تكريماً لأعمالهم الصالحة في الدنيا.

تفسير الآية من 25 حتى 34 من سورة الواقعة:

تبين لنا الآيات أنَّ المسلمين في الجنة لا يسمعون الباطل؛ بل يستمعون إلى الأقوال الخالية من العيوب، وإلى القرآن الكريم بصوت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

أعاد لنا الله تعالى ذكر أصحاب اليمين، وأكد لنا على مكانتهم المرتفعة والعظيمة، فهم في مكان لا شوك فيه، ويحمل الموز المتراكم فوق بعضه ومكان يحتوي على الظل الدائم والماء الذي لا ينقص أو ينقطع، والفاكهة التي لا تنفد ولا يمنعهم عنها أحد، ولهم أسرة خاصة لهم ترفع فراشهم.

شاهد بالفديو: فضل قراءة القرآن الكريم

شرح الآيات من 35 وحتى 44 في سورة الواقعة:

نساء أهل الجنة نشؤوا بطريقة عكس نشأة نساء الأرض، فهم كاملات لا تقبلن الفناء محبات لأزواجهن، خلقهن الله من سن واحدة هم فقط لأصحاب اليمين.

توضح لنا الآيات وجود كثير من الجماعات الأولين، وكثير من الآخرين، وما يفصل بينهم هو أعمالهم الدنيوية التي تحكم حياتهم في الآخرة.

ذكرت الآيات سوء حال أهل الشمال، فلهم ريح حارة تأخذ بأنفاسهم آتية من ريح جهنم، وماء مغلي حار، ودخان كثير السواد، غير مرغوب النظر.

تفسير الآيات من 46 حتى الآية 55:

بينت لنا الآيات أنَّ أهل الشمال كانوا عاصين لأوامر الله تعالى ومشركين فيه، وكانوا يتداولون الكلام ويشوهون كلام الله ويخالفونه بكل قواهم، وهم بذلك خاسرون نادمون في الآخرة، فقد قال لهم ربهم أيُّها الرسول: إنَّ الأولين والآخرين يجتمعون بيوم واحد وبوقت محدد وهو يوم القيامة.

المكذبون لوعود الله ووعيده والضالون عن طريق الهدى سوف يأكلون من أقبح الشجر وهو شجر الزقوم، ويملؤون منها بطونهم لشدة جوعهم، ويشربون من ماء لا يروي الظمآن من شدة حرارته، ويشربونه كإبل عطشان لا يروى لداء يصيبه.

إقرأ أيضاً: من أعمال القلوب في الإسلام

شرح الآيات من الآية 56 حتى 67

يبين الله أنَّ هذا العذاب الذي يذوقوه الكفار هو ما أعد لهم ليوم القيامة، فهو خالقكم أيُّها الناس، ولم تكونوا شيئاً فهلَّ صدقتم يوم البعث، أفلا ترون النطفة التي تلقونها في بطون نسائكم، فهل أنتم الذين تخلقون ذلك البشري أم نحن؟

يوضح عز وجل للكفار أنَّه وحده الذي بيَّن لهم الموت، وهو غير عاجز أن يغير خلقهم يوم القيامة، وهو الذي خلق صفاتهم بما لا يعلمون، كما علموا أنَّ الله هو الذي أنشأ أول نشأة لهم وأنَّهم لم يكونوا شيئاً، فليتذكروا مرة ثانية قدرة الله تعالى على إنشائهم.

يبين سبحانه وتعالى قدرته على إنبات الزرع، ولو شاء الله لجعل ذلك الزرع هشيماً لا يمكن تناوله كطعام، ومن ثم بدأتُم تتعجبون بما أنزل على زرعكم، وبدأتُم بالقول إنَّكم الخاسرون والمحرومون من الرزق.

تفسير آيات سورة الواقعة من الآية من 68 وحتى 79:

انظروا إلى الماء الذي تشربونه لتحيوا به، فهل أنتم الذين أنزلتموه من السماء إلى الأرض؟ أم نحن الذين أنزلناه رحمةً لكم؟

لو أردنا أنزلنا هذا الماء من السحاب شديد الملوحة، فلا يستفيد منه لا شارب ولا زرع، فاشكروا ربكم على الماء العذب المُنزَل عليكم لينفعكم.

فهل رأيتم النيران التي توقدونها؟ وهل أنتم الذين وجدتم شجرها الذي تقدحون منه النار أم نحن الذين وجدناها لكم؟

نحن جعلنا هذه النار التي توقدونها تذكيراً لكم بنار جهنم؛ لذلك سبِّح أيها النبي، فالله تعالى هو العظيم وكامل المواصفات وكثير الخير والإحسان.

أسقط الله تعالى لنا مساقط النجوم عند غروبها في السماء، وأقسم بأنَّكم لو تعلمون شأنه العظيم، فإنَّ هذا الكتاب الذي أُنزِل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم لقرآن عظيم كثير المنافع، وشديد الخير، وفائض بالعلم، فهذا الكتاب مصون عند الملائكة، ومخفي عن أعين الخلق، فلا يمسه إلَّا الملائكة المطهرون من كافة الذنوب، ولا يمسه أيضاً إلا كل طاهر من الشرك والحدث.

الآيات من 80 وحتى 82:

القرآن الكريم منزل من عند الله تعالى، فهو الحق الذي لا ريب فيه، فهل أنتم أيُّها المشركون مكذِّبون لذلك الكتاب، وتجعلون شرككم هذا معصية لنعم الله تعالى عليكم وتكذبون بها؟

شاهد بالفديو: عبارات وأقوال رائعة عن الإيمان

شرح الآيات 83 وحتى نهاية السورة:

هل تستطيعون عندما يأتيكم الموت، وأنتم حاضرون أن تتمسكوا بأرواحكم وتمنعوها من الخروج من أجسادكم؟ لن تستطيعوا فنحن بملائكتنا أقرب إليه منكم، ولكن أنتم لا تشاهدونها، وهنا يخاطب الله تعالى المشركين الضالين.

فهل بإمكانكم إعادة الروح إلى الجسد إن كنتم غير مجزيين، أو إن كنتم صادقين؟ لن ترجعوها، فإذا كان الميت من المقربين لله تعالى فله الفرج عند موته والرحمة بما تشتهي نفسه، وله جنات النعيم في الآخرة.

الميت إذا كان من الصالحين وأصحاب اليمين، فيقال له عند موته سلامة لك، لأنَّك من أصحاب اليمين، وإذا كان الميت من المكذبين في الدنيا والآخرة وضالاً عن الهداية وطريق الرشد، فله من نار جهنم ضيافة خاصة به من ماء مغلي ونار تحرقه، وعذاب شديد يناله وهذا ما بينته لنا الآيات من 92 وحتى 94.

بينت لنا أنَّ ما قصه علينا الرسول حق لا ريب فيه، فعليك أيُّها الرسول أن تسبح باسم ربك، وتبتعد عمَّا يقولونه الكافرون والظالمون لأنفسهم.

إقرأ أيضاً: ما الفرق بين المسلم والمؤمن في القرآن الكريم؟

ما هي الدروس المستفادة من سورة الواقعة؟

  • تبثُّ سورة الواقعة الرضى والقناعة في النفس البشرية، كما أنَّها تزرع في داخلنا الإيمان وترشدنا للحفاظ على السنن الإسلامية والقيم الأخلاقية التي أُمِرنا بها.
  • التعليم في الدنيا والآخرة: تبين لنا سورة الواقعة نهاية النفس البشرية ولحظة بداية حياة الآخرة.
  • التذكير باليوم الآخر: يتذكر الإنسان اليوم الآخر، لذلك يهتم بالعمل للآخرة.
  • بيان مظاهر قدرة الله تعالى: تبين لنا الآية الكريمة قدرة واستطاعة الله تعالى في الكون.
  • بث الرضى والقناعة في النفس البشرية: يتذكر المسلم أنَّ الدنيا زائلة وكل ما فيها فانٍ، فتبث بروحه القناعة والرضى بما قسمه الله تعالى.
  • المحافظة على السير في منهج التعاليم الإسلامية وهذه سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
  • تزيل الهموم وتبعد الفقر وترشدنا إلى الطريق الصواب والهداية.

في الختام:

أتمنى أن يكون ما قدمناه نال إعجابكم، وقدم لكم الفائدة المرجوة.




مقالات مرتبطة