تعرف على أهم وسائل علاج القلق دون أدوية

يُعَدُّ القلق أحد أكثر التحديات التي تواجه الصحة العقلية والنفسية انتشاراً؛ إذ يقدِّر المعهد الوطني للصحة العقلية في الولايات المتحدة الأمريكية أنَّ نحو 20% من البالغين، قد أُصيبوا بأحد اضطرابات القلق خلال عام واحد فقط، وهذا إن دلَّ على شيء، فهو يدل على شيوع هذا المرض وأهمية التوعية المتعلقة به.



هل يمكن علاج القلق دون استخدام الأدوية؟

إنَّ عملية علاج القلق دون دواء يمكن أن يُكتب لها النجاح؛ وذلك بشرط التنسيق مع طبيب نفسي أو معالج نفسي يكون على دراية بالحالة ودرجتها، ولا بد من إجراء نقاش شفاف بخصوص العلاجات الدوائية المتاحة، وما يمكن أن تقدمه من فوائد وأضرار، ومقارنة ذلك مع حالة المريض ودرجة معاناته.

تعرف إلى أهم مباعث القلق مع الأمثلة:

غالباً ما ينجم قلق الكثير من الناس المتعلق بالمستقبل، فهو قلق من أحد المسائل الآتية:

  1. قد يكون الشخص قلقاً من موعد العمل الذي يصادف الأسبوع القادم.
  2. متوتر بشأن تحقيق الأهداف المالية السنوية للشركة التي يديرها.
  3. قلق حيال قدرته على أن يكون أباً جيداً على الرغم من عدم وجود أطفال أو حتى حمل.

ما هي المشكلة الرئيسة في القلق؟

نلاحظ من خلال الأمثلة السابقة أنَّ مشكلة القلق الأساسية تكمن في عدم قدرة الإنسان على عيش اللحظة الحالية، بدلاً من أن يكون قلق الإنسان موجهاً صوب اليوم الحالي أو ما يمكن أن يفعله بعد بضع ساعات أو دقائق عدة، فهو مشغول بما يجب عليه فعله في اليوم التالي أو في الأسبوع القادم أو بعد شهر من الآن، وكذلك القلق لا يقتصر على المستقبل، فقد يكون ناجماً عن أخطاء الماضي وإعادة استذكارها واجترارها مرة تلو أخرى.

العيش ضمن اللحظة الراهنة، من أهم طرائق علاج القلق دون أدوية:

أقنع نفسك بأنَّك إنسان تعيش في هذا اليوم، ولا يمكنك التحكم بالمستقبل أو اختراع آلة الرجوع بالزمن لتغيير أخطاء الماضي وعثراته؛ لذلك خذ كل يوم من أيامك كما هو، فهذا لا يعني ألا تكون استباقياً وتعمل على تجنب المشكلات، لكن ما نقوله لك هنا هو ألا تضع كل تركيزك على ما حدث في الماضي وما يمكن أن يحصل في المستقبل حتى تخلق القلق لنفسك دون أي مكاسب.

شاهد بالفديو: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق

دور اليقظة والتأمل في علاج القلق دون أدوية:

اليقظة والتأمل عنصران هامان لمحاربة القلق؛ وذلك بسبب موقعهما المتأصل والمتجذر في اللحظة الراهنة؛ لذا يمكنك أن تجرب اليقظة والتأمل ولو بضع دقائق في اليوم الواحد، ثم تزيد هذه المدة تدريجياً، واجعل هذا التمرين جزءاً من روتينك اليومي سواء مارستها في السرير أم في مكان العمل أم حتى على شرفة المنزل، فهو تمرين بسيط لا يحتاج إلى أدوات ولا إلى مكان محدد.

إقرأ أيضاً: 30 طريقة لممارسة اليقظة الذهنية

هل يوجد فائدة مثبتة لعلاج القلق بالتمرينات الهوائية؟

اكتشفت مراجعة منهجية وتحليل تلوي أنَّ التمرينات الهوائية، وخاصة التمرينات المكثفة التي لا يوجد متسع كبير من الراحة بينها، تفيد بشكل كبير في علاج القلق، لكن شكك العديد من النقاد في مدى صحة وموثوقية هذه المراجعة؛ وذلك بسبب التباينات الواسعة والكبيرة في نوعية التمرينات الرياضية التي تضمنتها، بالإضافة إلى حجم العينة الذي يُعَدُّ صغيراً نسبياً، وقد خلص النقاد إلى أنَّ إثبات دور هذه التمرينات في علاج القلق يحتاج إلى المزيد من الدراسات الدقيقة بحجم عينة كافٍ.

فيما يشير الكثير من الأطباء والباحثين إلى دور النشاط البدني في رفع مستويات السيروتونين والإندورفين التي تساعد الإنسان على الإحساس بالتحسن العاطفي؛ وهذا ينعكس انعكاساً إيجابياً على جميع أجزاء الجسم، ونظراً لأنَّ الدماغ لا يستطيع التركيز على شيئين في الوقت نفسه، فإنَّ التمرين البدني سيبعد دماغك عن التفكير في الأمور المقلقة.

ينصح الأطباء بممارسة الرياضة لمدة ثلاثين دقيقة على الأقل لثلاثة أيام في الأسبوع، وليس بالضرورة أن يكون التمرين مجهداً أو مؤلماً؛ بل على العكس من ذلك، أي نشاط بدني يمكن أن يفي بالغرض حتى ولو كان هرولة بسيطة داخل أرجاء المنزل.

دور العلاج النفسي في علاج القلق:

يُعَدُّ العلاج النفسي أحد علاجات القلق الفعالة؛ إذ تؤكد جمعية أطباء علم النفس في الولايات المتحدة الأمريكية أنَّ العلاج النفسي قد يتفوق على العلاج الدوائي للقلق؛ وذلك لأنَّ هذا العلاج يتيح للمريض إمكانية التعبير عن قلقه والتحدث عن الأمور التي تثير في داخله هذه المشاعر؛ وهذا ما يساعده بشكل أو بآخر على اكتشاف آليات جديدة التأقلم مع هذا المرض، ووسائل للتعامل معه بطريقة تقلل من تأثيراته السلبية في الحياة المهنية والاجتماعية والشخصية.

دور العلاج المعرفي السلوكي في علاج القلق:

قد يحمل العلاج المعرفي السلوكي بعض الفوائد الهامة في علاج القلق؛ إذ يركز هذا العلاج على مساعدة مريض القلق على فهم العلاقة التي تربط ما بين أفكاره ومشاعره وسلوكاته، ومن ثم تعليم المريض وتدريبه على الطريقة الصحيحة التي يجب عليه استخدامها لتعطيل الأفكار السلبية الباعثة على القلق، والتي تقفز إلى دماغه بشكل عفوي، وكذلك تدريبه على استحداث أنماط تفكير جديدة تكون بديلة بشكل أو بآخر لطريقة التفكير القلق.

إقرأ أيضاً: العلاج المعرفي السلوكي لاضطراب القلق العام

دور النظام الغذائي في علاج القلق:

بعض الناس يجدون أنَّ إجراء بعض التغييرات حيال نظامهم الغذائي، يساهم في تقليل القلق؛ لذا قد يكون مفيداً الالتزام ببعض الخطوات الآتية:

1. التقليل من تناول الكافيين:

لا شك في أنَّ القهوة والشاي والمتة من أشهر المشروبات الغنية بالكافيين، الذي يعرف بدوره في تنشيط الدماغ والجهاز العصبي وتحفيزه؛ وهذا يجعله أكثر استعداداً للإصابة بالقلق، وخصوصاً في حال تناوله قبل النوم؛ إذ يوجد العديد من الدراسات وخاصةً التحليل المذكور آنفاً الذي أثبت وجود علاقة قوية بين الاستهلاك العالي من الكافيين وزيادة التوتر والقلق عند الطلاب.

2. تناول كميات أقل من الكحول:

على الرغم من قلة الدراسات التي أثبتت الترابط بين القلق وتناول الكحول، غير أنَّ الكثير من الأشخاص الذين يتعاطون الكحول منذ فترة لا بأس بها، وجدوا تحسناً ملحوظاً في أعراض القلق عندما توقفوا عن شرب الكحول أو قللوا من الكمية التي يشربونها.

3. وضع سجل للأطعمة:

يساعدك الاحتفاظ بسجل دقيق للأطعمة التي تناولتها على معرفة ما إذا كان القلق يتفاقم لديك بعد تناول بعض الأطعمة، وقد وجدت إحدى الدراسات وجود علاقة بين الإكثار من تناول الدهون المشبعة وارتفاع مستوى القلق العام عند البالغين، كذلك السكريات المضافة كان لها دور بالغ في مفاقمة القلق، بالإضافة إلى احتواء بعض الأطعمة على عناصر غذائية تخفف من القلق.

تقنيات مواجهة قلق الموعد النهائي وقلق الوحدة:

يوجد العديد من التقنيات التي تفيد في تخفيف التوتر والقلق؛ وذلك بحسب كل حالة وبحسب كل شخص؛ فعلى سبيل المثال، الأشخاص الذين لديهم قلق من تفويت المواعيد النهائية أو عدم إنهاء العمل في الموعد المحدد له، يجدون أنَّ وضع جدول زمني يقلل من شعورهم بالقلق.

أما الأشخاص الذين يشعرون بالقلق من وجودهم وحيدين في المنزل خلال فترة الليل، فقد يجدون الراحة في أشياء تكسر شعورهم بالوحدة، من خلال شراء كلب والقيام بتربيته وإطعامه وتدريبه، أو عبر تركيب نظام إنذار لحماية المنزل في الليل أو دعوة صديق للسكن معه في المنزل نفسه ريثما يتغلب على حالة القلق لديه.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة لتحافظ على نفسيتك وتتلّخص من التوتر والإجهاد

ما هي أهم الاستراتيجيات اليومية للتعامل مع القلق دون أدوية؟

يوجد الكثير من الاستراتيجيات اليومية التي يمكن اتباعها من أجل التعامل مع أنواع مختلفة من القلق:

  1. يمكن استخدام استراتيجية استرخاء العضلات بشكل تدريجي؛ وذلك من خلال إحداث استرخاء مستمر في مجموعات العضلات بشكل منفرد.
  2. تمرينات التنفس العميق، مثل أن تأخذ نفساً عميقاً ثم تتركه يخرج ببطء، مع عد هذه الأنفاس، ويمكن إشراك تمرينات التنفس العميق مع تمرينات التأمل.
  3. في حال كان لديك ميول للكتابة، يمكنك أن تعرض خدماتك على أحد المجلات الورقية أو الإلكترونية؛ لأنَّ ذلك له بالغ الأثر في تفريغ مشاعر القلق الموجودة في داخلك ونقلها إلى حيز آخر بعيد عنك، كما يساعدك على استثمار طاقة القلق هذه في أشياء مفيدة.
  4. يمكنك كذلك اتخاذ قرار بشراء حيوان أليف وتربيته؛ إذ تؤكد الدراسات الدور الإيجابي لتربية الحيوانات في تعزيز الصحة النفسية للإنسان، وإذا لم يكن لديك الوقت لتربية حيوان أليف، يمكنك قضاء الوقت مع أحد الحيوانات التابعة لجيرانك أو أصدقائك أو أقاربك.
  5. تفيد نشاطات الرعاية الذاتية في تخفيف عوارض القلق وتنمية مشاعر الثقة بالنفس، مثل قراءة الكتب أو الاستحمام أو تقليم الأظافر.

في الختام:

قد يعاني الأشخاص الطبيعيون من مشاعر القلق من وقت إلى آخر، وهي في الغالب قلق عابر يرتبط بمسبب معين، ويزول بزواله، لكن في حال استمر القلق لمدة أكثر من ثلاثة أسابيع أو كان شديداً لدرجة تقويض النوم أو التأثير تأثيراً كبيراً في الإنتاجية في العمل أو في العلاقات الاجتماعية، فهذا النوع من القلق هو اضطراب نفسي في أغلب الحالات، ومن ثمَّ يستدعي من صاحبه طلب المساعدة من الطبيب النفسي، وليس بالضرورة أن يكون العلاج هو الدواء؛ إذ يُعَدُّ العلاج النفسي والعلاج السلوكي علاجات هامة لا بد منها، حتى في حال استخدام الأدوية.

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة